بايدن يراهن على سياسته الاقتصادية لدعم حملته للبقاء في البيت الأبيض

الرئيس الأميركي جو بايدن متحدثاً من البيت الأبيض بواشنطن في 26 يونيو 2023 (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن متحدثاً من البيت الأبيض بواشنطن في 26 يونيو 2023 (رويترز)
TT

بايدن يراهن على سياسته الاقتصادية لدعم حملته للبقاء في البيت الأبيض

الرئيس الأميركي جو بايدن متحدثاً من البيت الأبيض بواشنطن في 26 يونيو 2023 (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن متحدثاً من البيت الأبيض بواشنطن في 26 يونيو 2023 (رويترز)

يراهن الرئيس الأميركي جو بايدن على أدائه الاقتصادي لإعطاء دفع لحملته للبقاء في البيت الأبيض في انتخابات العام المقبل، عارضا على الناخبين هذا الأسبوع ما حققته سياسته التي أطلق عليها تسمية «بايدنوميكس»، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

بعدما ورث بايدن اقتصادا منهكا بفعل تبعات وباء كوفيد ثم التضخم الحاد وتعثر سلاسل الإمداد، واجه صعوبة في حصد تأييد الأميركيين.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة «إيه بي سي نيوز» وصحيفة «واشنطن بوست» ونشرت نتائجه في مايو (أيار)، أن سلف بايدن الجمهوري دونالد ترمب الذي شهدت ولايته عددا من الفضائح والذي يرجح أن يكون خصمه في السباق إلى البيت الأبيض، يتصدر بفارق 18 نقطة مئوية حول مسألة من تولّى الاقتصاد بصورة أفضل.

ويعتقد البيت الأبيض أن بإمكان بايدن تغيير الوضع لصالحه بتركيزه على سياسته الاقتصادية في خطاب يلقيه الأربعاء في شيكاغو ويطلق فيه عبارة «بايدنوميكس»، على ما أوضحت مساعدة المتحدثة باسم البيت الأبيض أوليفيا دالتون للصحافيين.

وقالت إن هذه التسمية «هي كلمة اليوم، كلمة الأسبوع، كلمة الشهر، كلمة العام هنا في البيت الأبيض».

وتذكر تسمية «بايدنوميكس» ولو بصورة عكسية بتسمية «ريغانوميكس» نسبة إلى السياسة الاقتصادية المثيرة للجدل التي انتهجها الرئيس الجمهوري الأسبق رونالد ريغان في الثمانينات ونسب إليها البعض الازدهار الذي عاشته الولايات المتحدة بفعل مبدأ «توزيع الثروات من الأعلى إلى الأسفل» الذي قامت عليه، غير أنها تواجه انتقادات لإعطائها الأفضلية للأثرياء والشركات الكبرى، معتبرة أن ازدهارها سينعكس في نهاية المطاف على الجميع.

وأفاد البيت الأبيض بأن بايدن يعتزم طي صفحة «ريغانوميكس».

وأوضحت لايل براينارد مديرة المجلس الوطني الاقتصادي للصحافيين أن الرئيس «رفض الاقتصاد العمودي، النظرية القائلة بأن التخفيضات الضريبية في الأعلى سوف تنعكس إلى الأسفل، أن كل ما نحتاج إليه هو ألّا تقف الحكومة في الطريق».

وقالت دالتون إن بايدن سيركز على عكس ذلك على «القناعة بأن الاقتصاد ينمو حين تنمو الطبقة الوسطى».

الاستثمار لجذب الاستثمارات

ويؤكد بايدن أن الخطط الحكومية الضخمة والباهظة التي طبقها خلال ولايته الأولى حتى الآن ستحفز النمو الاقتصادي على المدى البعيد، ما يؤدي إلى إنعاش قطاع التصنيع في الولايات المتحدة وينهض بالطبقات الأقل ثراء في البلد.

وليست هذه حجة اقتصادية فحسب، بل قد تشكل خريطة طريق للفوز في الانتخابات التي يتوقع أن تشهد معركة شرسة بين الديمقراطيين والجمهوريين حول عدد ضئيل من الولايات المتأرجحة.

وما يعزز حجج بايدن في توجهه إلى الناخبين هو القائمة اللافتة من الانتصارات التشريعية التي حققها في السنتين الأخيرتين.

فالقوانين الكبرى التي أقرها الكونغرس ضخت قدرا تاريخيا من الأموال في تكنولوجيا الاقتصاد الأخضر وقطاع أشباه الموصلات، كما رصد ما لا يقل عن 550 مليار دولار لخطة واسعة لترميم البنى التحتية من طرقات وجسور وغيرها في البلد.

وقالت براينارد إن نظرية تقطير الثروات بصورة تنازلية الموروثة من عهد ريغان أدت إلى انهيار مدن صناعية أميركية بسبب نقل الشركات مراكز إنتاجها والتخلي عن تطوير البنى التحتية بصورة طموحة.

في المقابل، فإن سياسة بايدن الصناعية تستخدم بحسب براينارد التمويل الحكومي كحافز لإحداث «فورة إنفاق في القطاع الخاص على تطوير النشاط التصنيعي».

ولفتت إلى التمويل لتوسيع شبكة الإنترنت العريض النطاق إلى كل زاوية من الولايات المتحدة، وهو مشروع يذكر على حد قولها ببرنامج مد الكهرباء الذي طبقه الرئيس فرانكلين روزفلت في ثلاثينات القرن العشرين لتطوير البلد.

غير أن المشكلة التي يصطدم بها بايدن هي أن إنجازاته الاقتصادية لا تنعكس مكاسب سياسية لدى الناخبين.

وتظهر استطلاعات الرأي أن الأميركيين قلما ينسبون إليه الفضل في تدني معدل البطالة وفي الازدهار الاقتصادي. فإن كان التضخم في تراجع بطيء إنما متواصل منذ 11 شهرا على التوالي، فإنه يبقى في طليعة هواجس الناخبين.

وقالت دالتون إن الأميركيين سينظرون إلى الوضع بصورة مختلفة حين تظهر أخيرا ثمار البرامج التي طبقها بايدن.

وأضافت: «إننا نرى استثمارات خاصة تعود إلى البلد، نرى ملايين الوظائف المستحدثة. حان الوقت الآن مع كل هذه الإنجازات، ليحمل الرئيس هذه الرسالة إلى الشعب الأميركي ويؤكد أن هذا ما تحققه سياسة بايدنوميكس».


مقالات ذات صلة

بايدن سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا يوم الاثنين

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

بايدن سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا يوم الاثنين

كشفت صحيفة «بوليتيكو» أن الرئيس الأميركي سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا، يوم الاثنين، حيث سيدعم تحديد فترات ولاية القضاة وقواعد أخلاقية قابلة للتنفيذ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن في المكتب البيضوي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

بايدن يأمر بـ«حماية» اللبنانيين من الإبعاد عن أميركا

أمر الرئيس جو بايدن بحماية اللبنانيين الموجودين على الأراضي الأميركية من خطر الإبعاد مدة تصل إلى 18 شهراً، فيما يؤثر على زهاء 12 ألف شخص، بينهم 1700 طالب.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ غيّرت حملة ترمب استراتيجيتها لمواجهة هاريس (أ.ف.ب)

هاريس توحّد صفوف الديمقراطيين وتستعد لمواجهة «حتمية» مع ترمب

نجحت حملة كامالا هاريس في توحيد صفوف حزبها وحشد دعم واسع، لكن هل يستمر حماس الناخبين الديمقراطيين تجاهها؟ وما حظوظها في الفوز على دونالد ترمب؟

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في الغرفة الشرقية من البيت الأبيض في واشنطن في 5 أبريل 2022 (أ.ف.ب)

هاريس تقترب من انتزاع الترشيح الديمقراطي بعد تأييد أوباما

حظيت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، على تأييد الرئيس الأسبق باراك أوباما لتكون مرشحة الحزب الديمقراطي لخوض سباق الرئاسة.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)

ترمب لن يناظر هاريس قبل تثبيت الحزب الديمقراطي ترشيحها رسمياً

أعلنت الحملة الانتخابية لدونالد ترمب أن الرئيس الأميركي السابق يرفض في الوقت الراهن تحديد أيّ جدول زمني لمناظرة منافسته الديمقراطية المفترضة كامالا هاريس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

جمهوريون يتساءلون عمّا إذا كان اختيار ترمب لفانس ملائماً

جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)
جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

جمهوريون يتساءلون عمّا إذا كان اختيار ترمب لفانس ملائماً

جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)
جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)

لم تمض سوى أيام، على اختيار السيناتور عن ولاية أوهايو، جيمس دي فانس، نائباً للمرشح الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب، على بطاقة السباق الرئاسي، حتى بدأت الاعتراضات تتصاعد عن احتمال أن يكون هذا الاختيار خاطئاً؛ فقد أعرب العديد من أعضاء الحزب الجمهوري عن استيائهم منه، بعد انتشار مقاطع فيديو قديمة وثقت انتقاده من وصفهن بـ«نساء القطط»، في إشارة إلى نساء الحزب الديمقراطي. ونشرت العديد من الصحف الأميركية، بينها مجلة «بوليتيكو» وصحيفة «نيويورك تايمز»، تصريحات مسؤولين جمهوريين، ورسائل بريد إلكتروني ونصية، تشير إلى تحولاته السياسية من خصم قوي لترمب إلى نائب له، وتحولاته «الثقافية» بعد تأييده الحظر الذي فرضته ولاية أركنساس عام 2021 على الرعاية الصحية للمتحولين جنسياً.

نساء القطط

تقول مجلة «بوليتيكو»، إن فانس واجه أسبوعاً صعباً بعد انتشار تصريحات قديمة، يصف فيها نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، وديمقراطيات أخريات بأنهن «نساء قطط بلا أطفال»، ويقترح أن الآباء يجب أن «يتمتعوا بسلطة سياسية أكبر» ممن لا أطفال لهم.

دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في كارولاينا الشمالية (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأضافت المجلة أن جمهوريين أعلنوا عن إحباطهم وقلقهم من تلك التصريحات (الحديثة نسبياً)، من بينهم المعلق المحافظ بن شابيرو الذي تساءل عما إذا كان يجب على ترمب اختيار فانس، قائلاً: «إذا كانت هناك آلة زمن، وإذا عاد الوقت أسبوعين إلى الوراء، فهل كان ترمب سيختار جي دي فانس مرة أخرى؟ أشك في ذلك».

وتساءل جمهوريون آخرون عما إذا كانت حملة ترمب قد توقعت حقاً الموجة العارمة من التعليقات القديمة للسيناتور فانس، وعمّا إذا كان انسحاب الرئيس الديمقراطي جو بايدن من السباق، وحلول كامالا هاريس شبه المؤكد على بطاقة السباق، من شأنه أن يغير اختيار ترمب له؟

وقال الاستراتيجي الجمهوري من ولاية ويسكونسن، بيل مكوشين: «من بين الأشخاص الذين تم ذكرهم بوصفهم مرشحين محتملين لتولي منصب نائب ترمب، كان فانس أكبر مخاطرة، لأنه لم يتم اختباره على المستوى الوطني من قبل». وأضاف: «سنرى خلال الأيام الـ100 المقبلة كيف سيصمد تحت الأضواء الساطعة في الحملة الانتخابية».

دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في كارولاينا الشمالية (أرشيفية - أ.ب)

لا يوجد جمهوري يدعمه

قال أحد أعضاء مجلس النواب الجمهوريين إن هذه المخاوف لم تأت فقط من المنتقدين، متسائلاً: «اعثر لي على مسؤول منتخب علناً في مجلس الشيوخ يدعم جي دي فانس، غير السيناتور مايك لي».

وتأتي هذه التعليقات، فيما حملة هاريس تحطم أرقاماً قياسية في جمع التبرعات، وتقدمها في استطلاعات الرأي، مزيلة تفوق ترمب السابق. وفي ردها على تعليقات فانس، أصدرت حملة هاريس بياناً بعنوان «يوم سعيد للتلقيح الاصطناعي للجميع باستثناء جيه دي فانس».

ومنذ أن بدأت هاريس حملتها الانتخابية، بدأ الديمقراطيون في شن هجمات على فانس، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن هذه الهجمات بدأت تؤثر عليه. وقال محلل شبكة «سي إن إن»، هاري إنتن، إن فانس «حصل على نسبة تأييد (سالب 5 في المائة) في استطلاعات الرأي، وهو أقل من أي مرشح لمنصب نائب الرئيس في التاريخ».

وكانت شعبية فانس أقل بنحو 3 نقاط مئوية في استطلاعين للرأي أصدرتهما هذا الأسبوع صحيفة «نيويورك تايمز/كلية سيينا»، والإذاعة الوطنية «إن بي آر» مع «بي بي إس نيوز/ كلية ماريست»، حيث وجد الأخير أن 28 في المائة من الناخبين المسجلين لديهم وجهة نظر إيجابية لفانس، بينما نظر إليه 31 في المائة بشكل سلبي، و41 في المائة غير متأكدين أو لم يسمعوا عنه.

جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)

المعركة تغيرت

يقول خبراء إن اختيار فانس جاء خلال مرحلة مختلفة تماماً من السباق الرئاسي، حين كانت المنافسة بين بايدن وترمب قبل أسبوع واحد فقط، كوسيلة لتنشيط قاعدة كانت بالفعل موحدة بقوة خلف ترمب بدلاً من استقطاب أي دوائر انتخابية جديدة.

وقال جوشوا نوفوتني، وهو استراتيجي جمهوري: «لم يكن فانس اختياراً سياسياً. لم يتم اختياره للحصول على أفضلية في بعض المجالات، بل تم اختياره كشخص يثق به ترمب، ويريد أن يخدم معه».

ورغم ذلك، يصر ترمب على أنه «لا يشعر بأي ندم» على اختياره لفانس. وقال لشبكة «فوكس نيوز»، الخميس، إنه لم يكن ليختار بشكل مختلف، حتى لو كان يعلم أن هاريس ستكون هي مرشحة الديمقراطيين.

ويخشى الجمهوريون من أن يؤدي التركيز على سجل فانس وتعليقاته اليمينية المتشددة، تجاه قضايا الإجهاض والمرأة والجندر والمتحولين جنسياً، إلى حرمانهم، ليس فقط من الفوز في انتخابات الرئاسة، بل خسارة سباقات مهمة في مجلسي الشيوخ والنواب أيضاً. وغني عن الذِّكْر أن المعارك الانتخابية تدور على الفوز فيما يسمى بالولايات المتأرجحة، وغالبيتها تضم ناخبين لا يحملون توجهات اجتماعية متشددة، وقد لا يكفي تحريضهم على قضايا الاقتصاد وأمن الحدود، للفوز بأصواتهم.