في أول ظهور له في حملة انتخابية بصفته مرشحا مُعلنا، تباهى حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس بإنجازاته على صعيد الهجرة والوباء والاقتصاد، مهاجما الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري الأبرز للسباق الرئاسي المقبل دونالد ترمب.
وفي خطاب ألقاه أمام حشد في ولاية أيوا، قال ديسانتيس إنه يمثل جوهر الحزب وإنه ليس خاسرا، في إشارة إلى ترمب. في الواقع، لم يذكر حاكم فلوريدا الأربعيني، الرئيس السابق بالاسم، لكن الجميع كان مدركا أن ترمب هو المستهدف. فقد تطرّق ديسانتيس إلى العديد من المواقف التي تميزه عن الرئيس السابق، وتحدث عن إغلاق الحدود، وكيف أنه كان سيطرد الدكتور أنتوني فاوتشي في أثناء فترة الوباء، مصعدا خطابه بالقول إن رغبة المحافظين لا يمكن أن تتحقق من دون فوز مرشحهم الفعلي.
وقال ديسانتيس في واحدة من الضربات الخفية ضد ترمب: «لقد كنت أستمع إلى هؤلاء السياسيين وهم يتحدثون عن تأمين الحدود لسنوات وسنوات. يمكنني أن أخبركم، إذا كنت رئيسا، فسيكون هذا هو الوقت الذي ننهي فيه هذه القضية». وفي تعليق آخر، قال إن «القيادة لا تتعلق بالترفيه... ولا يتعلق الأمر ببناء علامة تجارية... الأمر يتعلق بتحقيق النتائج».
حملة متعثرة
كانت مقدمة خطابه، سياسية بامتياز؛ حيث انتقد تعامل الرئيس بايدن مع توافد المهاجرين إلى الحدود، وتفشي مخدر الفنتانيل، وأداء الاقتصاد، والدين الوطني، والطاقة، والتعاطي مع الصين، ولقاحات كورونا. لكن مع تصدّر ترمب، الذي يعقد بدوره لقاءات انتخابية في ولاية أيوا، استطلاعات الرأي بفارق كبير، فإن التحديات التي يواجهها ديسانتيس في السباق الجمهوري كبيرة. كما أن قدرته على استمالة الناخبين ليست محسومة، مع اضطراره لاعتناق مواقف قريبة من اهتمامات ترمب وحركته السياسية، ما يهدد صدقيته في أن يكون هو المرشح البديل للجمهوريين.
كان للإطلاق الخجول لحملة ديسانتيس على «تويتر» تأثير مضاعف على تراجع أسهمه. أما ترمب، فيستفيد من تردد منافسيه في توجه سهامهم إليه مباشرة.
صدارة ترمب
حذّر العديد من المراقبين والاستراتيجيين الجمهوريين من احتمال انهيار حملة «لا لترمب» داخل الحزب. وأشاروا إلى نهاية «اللعبة التمهيدية الرئاسية» لدى الجمهوريين، في ظل استطلاعات الرأي الرسمية والوطنية المبكرة، التي تشير إلى الجهة التي ينبغي تعزيز دعمها، أي حملة ترمب. وقال هؤلاء إن قيادات كبيرة قد تتدخل لإبلاغ المرشحين المتأخرين بأن الوقت قد حان للانسحاب، إذا لم يكن البديل الأقوى لترمب متوفرا.
ومن علامات قوته الفريدة في الحزب الجمهوري، أن منافسيه الأقل حظا يفضلون مهاجمة ديسانتيس مباشرة. وفي تصريحات الأسبوع الماضي، استهدفت حاكمة ولاية ساوث كارولينا السابقة نيكي هالي ديسانتيس، مقلدة ترمب حتى في أسلوب حديثه وإيماءات يديه. أما حاكم ولاية نيوجيرسي السابق، كريس كريستي، الذي يستعد الثلاثاء المقبل لإعلان ترشحه رسميا لانتخابات الرئاسة، والذي بنى حملته على مهاجمة ترمب، لم يوفر ديسانتيس من هجماته. ويرى البعض أن كريستي قد يكون يخاطر بـ«الانتحار سياسيا»، عندما يقف على خشبة المسرح لتبرير ترشحه ضد ترمب. ويرى ترمب أن ديسانتيس أضعف اليوم مما كان عليه في أي وقت منذ منتصف العام الماضي، وأن الآخرين بالكاد يكونون كذلك. لا بل يعتقد أن ديسانتيس سوف يتنحى في أي وقت قريب، حتى ولو قام بجمع مبالغ تبرعات كبيرة. بالنسبة له، فإن زيادة عدد المرشحين، ليست أكثر من مجرد جرعة دعم إضافية، لسياسي لعب لسنوات وفقا لقواعد، لم تتح لأي مرشح آخر. فقد أصبح أكثر تحصينا من ردود الفعل السلبية، على الفضائح الكبيرة والصغيرة، التي من شأنها أن تطيح أي مرشح آخر. فمهاجمة ديسانتيس، تعد اعترافا من معارضي ترمب، عن مدى ضآلة اهتمام الجمهوريين الآخرين في السباق به، وتشير إلى الأخطار التي يواجهها حاكم فلوريدا من هؤلاء المرشحين، الذين قد يبرمون صفقة مع ترمب للبقاء في السباق، وتقسيم الأصوات مقابل بعض الوعود، كمنصب نائب الرئيس أو غيره من المناصب الأخرى.