لاكروا يستهجن «الانقسامات» في مجلس الأمن حيال «القبعات الزرق»

في الذكرى الـ75 لتأسيس عمليات السلام التابعة للأمم المتحدة

جنود في مركز تدريب لقوات حفظ السلام في الباراغواي في 26 فبراير 2015 (أ.ف.ب)
جنود في مركز تدريب لقوات حفظ السلام في الباراغواي في 26 فبراير 2015 (أ.ف.ب)
TT

لاكروا يستهجن «الانقسامات» في مجلس الأمن حيال «القبعات الزرق»

جنود في مركز تدريب لقوات حفظ السلام في الباراغواي في 26 فبراير 2015 (أ.ف.ب)
جنود في مركز تدريب لقوات حفظ السلام في الباراغواي في 26 فبراير 2015 (أ.ف.ب)

استهجن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام لدى المنظمة الدولية «الانقسامات» بين القوى الكبرى في مجلس الأمن، التي تضعف قوات حفظ السلام، وذلك في مناسبة مرور 75 عاماً على تأسيسها الاثنين المقبل. في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية في نيويورك، يشيد جان - بيار لاكروا وكيل الأمم المتحدة منذ 2017، بـ«اللائحة الطويلة» للدول، وخصوصاً في أفريقيا التي استفادت، بحسب قوله، من «مليون رجل وامرأة خدموا تحت راية الأمم المتحدة» منذ 1948. في كل 29 مايو (أيار)، يُحتفَل بـ«اليوم العالمي للقبعات الزرق لدى الأمم المتحدة» الذي أعلنته الجمعية العمومية في 2002؛ لأنه في 29 مايو 1948 أنشأ مجلس الأمن الدولي أول عملية لحفظ السلام، وهي «هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة في الشرق الأوسط» (أونوست).

هذا العام، بسبب عطلة نهاية الأسبوع الطويلة في الولايات المتحدة في مناسبة «يوم الذكرى»، احتفلت الأمم المتحدة الخميس بالذكرى الـ75 لتأسيس قوات حفظ السلام، وخصوصاً في ذكرى «3800 عنصر قُتلوا أثناء خدمتهم السلام» منذ 1948. وأضاف جان - بيار لاكروا «اليوم نعاني من حقيقة أن دولنا الأعضاء منقسمة» بعد 80 عاماً تقريباً على إنشاء الأمم المتحدة عند نهاية الحرب العالمية الثانية، وفي حين يواجه مجلس الأمن الدولي شللاً منذ عشر سنوات على الأقل بسبب العداء بين الولايات المتحدة، وروسيا والصين. على الرغم من أن المجلس يجدد بانتظام مهام بعثات حفظ السلام، فإن دبلوماسي الأمم المتحدة يطالب بـ«المزيد من الوحدة بين الدول الأعضاء لكي يتمكنوا من التأثير بطريقة نشطة وموحدة على تطبيق اتفاقات السلام والعمليات السياسية». وأسف هذا السفير الفرنسي السابق البالغ من العمر 63 عاماً لأن الأمم المتحدة تواجه الآن المزيد من «الصعوبات في بلوغ الأهداف النهائية لحفظ السلام: الانتشار ودعم تنفيذ اتفاق سلام ثم المغادرة تدريجياً». هناك حالياً 12 عملية لحفظ السلام في العالم، لبنان، ومالي، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وقبرص، والهند وباكستان بين دول أخرى.

وقال لاكروا إن «لائحة الدول التي استعادت الاستقرار طويلة»، مشيراً إلى ساحل العاج، وليبيريا، وسيراليون، وأنغولا وكمبوديا في تسعينات القرن الماضي والألفية الجديدة. لكنه يقول إن «المجتمع الدولي كان آنذاك أكثر وحدة والعمليات السياسية في تلك الدول كانت تطبق بدعم نشط وموحد من دولنا الأعضاء». يمكن أن تكون بعثات حفظ السلام، وهي مكلفة وتثير جدلاً متزايداً، لا سيما في إفريقيا، محفوفة بالمخاطر عسكرياً ودبلوماسياً مثل بعثة إرساء الاستقرار في مالي (مينوسما). في هذا البلد الواقع بمنطقة الساحل، غادر العسكريون الفرنسيون المشاركون في عملية برخان عام 2022 بضغط من المجلس العسكري المعارض لوجودهم رغم نفيه ذلك، واستدعى المرتزقة الروس من مجموعة فاغنر. ألمانيا، أكبر مساهم في هذه القوة مع ألف عنصر، أكدت في مطلع مايو سحب قواتها بحلول سنة. مع إجمالي 12 ألف عنصر حفظ سلام تم نشرهم، مُنيت بعثة الأمم المتحدة هذه بأشد الخسائر المسجلة في العالم لدى البعثات في السنوات الماضية. منذ تأسيسها في 2013، قتل 185 من عناصرها في أعمال معادية. بالتالي، هل بعثة الأمم المتحدة في مالي مهددة؟ يرد جان - بيار لاكروا «لا أعتقد ذلك»، مشدداً على «العلاقات المنتظمة والشفافة مع السلطات المالية» و«مظاهر دعم مينوسما في بعض مناطق» مالي. يرى المسؤول الأممي أن «الغالبية الكبرى من الدول» المجاورة والأعضاء الـ15 في مجلس الأمن «يعتبرون أن مينوسما تواصل لعب دور مهم، سواء كان دعم العملية السياسية والانتقالية أو حماية المدنيين».


مقالات ذات صلة

السودان في مواجهة إحدى أسوأ المجاعات في العالم

شمال افريقيا رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)

السودان في مواجهة إحدى أسوأ المجاعات في العالم

في الوقت الذي يتجه فيه السودان صوب المجاعة، يمنع جيشه شاحنات الأمم المتحدة من جلب كميات هائلة من الغذاء إلى البلاد عبر معبر «أدري» الحدودي الحيوي مع تشاد.

ديكلان والش (نيويورك)
بيئة غوتيريش يحذر من أن البشرية ضحية وباء الحرارة الشديدة (أ.ف.ب)

غوتيريش يحذر من أن البشرية ضحية «وباء من الحرارة الشديدة»

حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم الخميس من أن البشرية ضحية «وباء من الحرارة الشديدة»، داعياً إلى اتخاذ إجراءات للحد من تأثيرات موجات الحر.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم العربي الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

قالت الإمارات إنها ترحب ببيان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بشأن التوصل إلى اتفاق بين الأطراف اليمنية حول الخطوط الجوية والقطاع المصرفي.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
آسيا الشيخة حسينة باكية بين مرافقيها لدى تفقدها محطة المترو التي لحقت بها أضرار كبيرة خلال الاحتجاجات في دكا (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تطالب بالتحقيق في «قمع» المظاهرات ببنغلاديش

دعت الأمم المتحدة الخميس بنغلاديش إلى الكشف فوراً عن تفاصيل قمع المظاهرات الأسبوع الماضي وسط تقارير عن «أعمال عنف مروعة».

«الشرق الأوسط» (دكا)
آسيا المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك (رويترز)

الأمم المتحدة: 26 قتيلاً جراء هجمات على قرى في بابوا غينيا الجديدة

قالت الأمم المتحدة إن هجمات عنيفة استهدفت 3 قرى نائية في شمال بابوا غينيا الجديدة، أسفرت عن مقتل 26 شخصاً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

حريق غابات ضخم يجبر آلافاً على مغادرة منازلهم في كاليفورنيا (صور)

رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
TT

حريق غابات ضخم يجبر آلافاً على مغادرة منازلهم في كاليفورنيا (صور)

رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

اضطر نحو 4 آلاف شخص إلى مغادرة منازلهم في كاليفورنيا جراء حريق ضخم وعنيف كان يواصل تمدده بشكل خطير، (الجمعة)، على الرغم من تدخل 1700 من عناصر الإطفاء، ما يثير قلق السلطات.

ودمر حريق «بارك فاير» أكثر من 720 كيلومتراً مربعاً من الغابات و134 مبنى منذ اندلاعه بعد ظهر الأربعاء، في شمال الولاية التي يطلق عليها «غولدن ستايت».

عربة محاطة بألسنة اللهب في ولاية كاليفورنيا (أ.ف.ب)

وأعلنت إدارة الغابات والحماية من الحرائق في كاليفورنيا عدم السيطرة على الحريق، وأن نسبة «احتوائه 0 في المائة».

ويتمدّد الحريق بسرعة رجل يمشي، في منطقة ريفية تقع على بعد ثلاث ساعات بالسيارة شمال شرقي سان فرانسيسكو.

وأفاد مصور في «وكالة الصحافة» بأن الحريق يولّد عموداً هائلاً من الدخان الأسود، كبيراً جداً لدرجة أنه يشبه السحب خلال العواصف الشديدة في الغرب الأميركي.

وأعلن حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم، مساء (الجمعة)، حالة الطوارئ في مقاطعتين مهددتين بالحرائق، بهدف تسريع إجراءات السلطات.

جانب من حريق الغابات في كاليفورنيا (أ.ف.ب)

وأجبرت النيران أربعة آلاف شخص على إخلاء قريتي كوهاسيت وفوريست رانش، بعد تمدّد النيران إلى بلدة تشيكو الصغيرة.

وتقع بلدة تشيكو على بعد نحو 20 كلم إلى الغرب من بلدة بارادايز التي دمّرها في عام 2018 حريق غابات قضى فيه 85 شخصاً، وكان الحريق الأكثر حصداً للأرواح في تاريخ كاليفورنيا. والمنطقة حالياً في حالة تأهب، ويستعد سكانها لأي احتمال.

وقال كوري هونيا، عمدة مقاطعة بوتي، مساء الخميس، للسكان: «عليكم أن تكونوا مستعدين للمغادرة». وأضاف: «إذا تمدّد الحريق. لا أستطيع أن أعدكم أو أضمن لكم أننا قادرون على إنقاذ حياتكم».

«سوريالي»

وشدّد هونيا، الجمعة، خلال مؤتمر صحافي جديد، على أن «الوضع متغيّر»، مذكراً بأن الحريق «اجتاز» قرية كوهاسيت خلال الليل.

وتحدّث سكان لوسائل إعلام محلية عن فرارهم الصعب من النيران عبر الطريق الوحيد في الغابات الذي يمكن سلوكه في المنطقة، حيث بالكاد اخترقت إنارة مصابيحهم الأمامية الدخان الأسود. وقال نيكو شيلتون لصحيفة «ساكرامنتو بي» إنه «كان من المقلق بالطبع معرفة أن هذا هو السبيل الوحيد للخروج». وقالت جوليا ياربو، التي دمرت النيران منزلها، عبر قناة «سي بي إس»: «أنا في حالة صدمة. الأمر سوريالي».

وترى السلطات أن الحريق سببه إجرامي. وتم توقيف رجل يبلغ 42 عاماً، صباح الخميس، يشتبه بأنه أشعل الحريق «بعدما شوهد رجل مجهول يدفع سيارة تشتعل فيها النيران» إلى موقع قريب من المكان الذي اندلع فيه الحريق، وفق بيان للمدعي العام في مقاطعة بوتي مايك رامزي.

تظهر مركبة مشتعلة بينما يستمر حريق بارك في الاشتعال بالقرب من باينز كريك في مقاطعة تيهاما غير المدمجة - كاليفورنيا (أ.ف.ب)

وميدانياً، أُرسلت تعزيزات من عدة مناطق في كاليفورنيا. وأصدرت الأرصاد الجوية الوطنية، الجمعة، إنذاراً باللون الأحمر، بسبب رياح قوية قد تعزز تمدد الحريق.

وقال مسؤول جهاز الإطفاء بيلي سي، الجمعة، بشأن الحريق: «نشهد تصاعداً هائلاً في الشمال». وأكد أن عمّال الإطفاء يبذلون ما في وسعهم، ويركزون جهودهم على حماية المناطق المأهولة.

وقال: «نأمل أن تتحسن الظروف الجوية بشكل ملحوظ بدءاً من نهاية هذا الأسبوع، مع انخفاض درجات الحرارة وزيادة الرطوبة النسبية، ما سيسمح لنا بالوصول بسهولة أكبر إلى مكان (الحريق) نفسه، بدلاً من البقاء في موقف دفاعي».

«أرقام قياسية»

وقال دانييل سوين، المتخصص في ظواهر الطقس المتطرفة في جامعة كاليفورنيا، مساء الخميس: «إنه فعلاً أول حريق خلال السنوات الأخيرة في كاليفورنيا يمكنني أن أصفه بأنه غير عادي، وهذا ليس بالأمر الجيد».

وقارن الخبير هذا الحريق الضخم بالحرائق التي دمرت كاليفورنيا في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وكانت من بين الأسوأ في تاريخ هذه الولاية الأميركية الغربية.

استمرار حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

وأضاف: «الخبر السار الوحيد هو أنه لا توجد مدن رئيسية في المسار المباشر للحريق»، مقدراً أن يستمر الحريق «لأسابيع أو حتى أشهر».

وبعد فصلي شتاء ممطرين، يشهد الغرب الأميركي منذ يونيو (حزيران) موجات حر أدت إلى جفاف الغطاء النباتي، ما يساعد على انتشار النيران.

وقال الخبير: «حطمنا أرقاماً قياسية (في درجات الحرارة)، وذلك في منطقة واسعة جداً، تمتد من شمال غربي المكسيك إلى غرب كندا».

وتشتعل حالياً مئات الحرائق في كل أنحاء المنطقة، لا سيما في ولاية أوريغون وفي كندا.

ويقول علماء إن موجات الحرّ المتكررة دليل على ظاهرة الاحتباس الحراري المرتبطة بتغير المناخ الناجم عن اعتماد البشرية على الوقود الأحفوري.