أزمة حدودية بانتظار الولايات المتحدة

نفاد صلاحية «المادة 42» يمهد لتدفق المهاجرين باتجاه الأراضي الأميركية

حارسا حدود أميركيان يعاينان سلماً خلّفه مهاجرون وراءهم عند معبر هيدالغو بالمكسيك في 4 مايو الحالي (أ.ب)
حارسا حدود أميركيان يعاينان سلماً خلّفه مهاجرون وراءهم عند معبر هيدالغو بالمكسيك في 4 مايو الحالي (أ.ب)
TT

أزمة حدودية بانتظار الولايات المتحدة

حارسا حدود أميركيان يعاينان سلماً خلّفه مهاجرون وراءهم عند معبر هيدالغو بالمكسيك في 4 مايو الحالي (أ.ب)
حارسا حدود أميركيان يعاينان سلماً خلّفه مهاجرون وراءهم عند معبر هيدالغو بالمكسيك في 4 مايو الحالي (أ.ب)

يحتدم الجدل مجدداً في الولايات المتحدة حول أمن الحدود والهجرة غير الشرعية؛ فمع قرب انتهاء صلاحية المادة 42 هذا الأسبوع، التي أعطت الإدارة الأميركية صلاحيات واسعة للحد من تدفق المهاجرين على الحدود الأميركية - المكسيكية جراء تفشي فيروس «كورونا»، دق الجمهوريون ناقوس الخطر محذرين من موجة من المهاجرين، وتأزم الوضع على الحدود.

وتعرضت الإدارة لنيران صديقة من السيناتورة المستقلة كريستين سينما عن ولاية أريزونا الحدودية، والتي كانت في السابق عضواً في الحزب الديمقراطي؛ إذ اتهمت سينما البيت الأبيض بعدم الجاهزية لمواجهة أزمة الحدود المرتقبة، وعدم مشاركة المعلومات المرتبطة بعدد المهاجرين الموجودين حالياً على الحدود.

وبطبيعة الحال، تصدى وزير الأمن القومي أليخاندرو مايوركاس، الذي يتعرض هو بدوره لهجمات مكثفة من الجمهوريين، لهذه الاتهامات، مؤكداً أن الإدارة على أتم الاستعداد لمواجهة أي تداعيات مرتبطة بانتهاء مهلة العمل بالمادة 42.

وأشار مايوركاس في مقابلة مع شبكة «سي بي إس» إلى أن «الإدارة مستعدة، فنحن استعددنا لهذا منذ فترة، وقد حاولنا إنهاء المادة 42 وصدتنا المحاكم، كما أننا أسسنا مركزاً للمعلومات يتواصل مباشرة مع المسؤولين المحليين».

«حائط الحدود»

إلاّ أن الجمهوريين الذين أعربوا في أكثر من مناسبة عن عدم ثقتهم بوزير الأمن القومي في ملف الهجرة، يسعون إلى إلزام الإدارة بسياسة هجرة أكثر تشدداً للحد من تدفق المهاجرين، فطرحوا مشروع قانون يغيّر من قوانين اللجوء السياسي في الولايات المتحدة، ويلزم إدارة بايدن باستئناف بناء «حائط الحدود» مع المكسيك الذي روّج له الرئيس السابق دونالد ترمب.

لكن البيت الأبيض يعارض أي مشاريع من هذا القبيل، ويؤكد في بيان أن أي قانون من هذا النوع سوف يؤدي إلى «المزيد من الهجرة غير الشرعية من خلال سد طرق الحماية القانونية، وسوف يؤذي قيم أمتنا الأساسية والتزاماتنا الدولية، ويساعد المستبدين حول العالم».

وتابع البيان الذي علّق على الجهود الرامية للحد من اللجوء السياسي أنه «بدلاً من توفير الموارد للمزيد من التقنيات الأمنية على الحدود وللمسؤولين عن ملفات اللجوء والقضاة، هذه المشاريع سوف تهدر أموال دافع الضرائب الأميركي على حائط غير فعّال لا يستطيع حتى التصدي للعواصف ولا لشبكات تهريب إجرامية متطورة».

وعلى الرغم من هذه التأكيدات من البيت الأبيض، فإن الإدارة الأميركية تعلم جيداً أن ملف الهجرة وأمن الحدود سوف يتصدر الحملات الانتخابية في موسم انتخابي حامٍ؛ لهذا أرسل بايدن 1500 عنصر من القوات الأميركية «بشكل مؤقت» إلى الحدود الأميركية - المكسيكية تحسباً لانتهاء العمل بالمادة 42 يوم الخميس في الـ11 من الشهر الحالي.

مهاجرون ضُبطوا على الحدود الأميركية - المكسيكية (أ.ب)

وقدّر المسؤولون الأميركيون وجود أكثر من 200 ألف مهاجر على الحدود في شهر مارس (آذار)، على أن يزيد هذا العدد بشكل كبير مع انتهاء العمل بالمادة 42.

ويقول هؤلاء إن ما بين 12 ألفاً إلى 35 ألف شخص موجودون حالياً في مدن مكسيكية حدودية بانتظار يوم الخميس لقطع الحدود.

وكان نائب الرئيس الأميركي السابق مايك بنس قد حذّر إدارة بايدن من السماح بوقف العمل بالمادة 42 قائلاً بلهجة قاتمة: «العاصفة قادمة. وإرسال 1500 جندي إلى الحدود لن يوقفها».

المادة 42 هي مادة قانونية بدأ العمل بها بشكل استثنائي في مارس 2020 خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب تقضي بطرد طالبي اللجوء الذين يعبرون الحدود مع المكسيك بشكل غير قانوني، بسبب التدابير الصحية الطارئة للحد من انتشار فيروس (كوفيد - 19).

وتتناقض المادة مع القانون الأميركي الذي يسمح بدخول مؤقت لطالبي اللجوء إلى الولايات المتحدة حتى يجري البت في طلباتهم، فتمنع المهاجرين من طلب اللجوء على الحدود، كما لا تسمح لهم بالبقاء في الأراضي الأميركية بانتظار حسم قضيتهم.

ويجري ترحيل هؤلاء الى المكسيك حيث ينتظرون قرار طلبات لجوئهم المقدمة للسلطات الأميركية. وبعد نفاد مهلة المادة 42، ستلجأ إدارة بايدن إلى استخدام المادة 8 لترحيل أي شخص يصل إلى الحدود بشكل غير شرعي، ومنعه من العودة إلى الولايات المتحدة لمدة 5 سنوات.


مقالات ذات صلة

ترمب يختار داعمة شرسة لإسرائيل مندوبة في الأمم المتحدة

الولايات المتحدة​ ستيفانيك وترمب في نيوهامشير 19 يناير 2024 (أ.ف.ب)

ترمب يختار داعمة شرسة لإسرائيل مندوبة في الأمم المتحدة

بدأ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب تشكيل فريقه الذي سيحيط به في البيت الأبيض، فطلب من النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك أن تتسلّم منصب مندوبة بالأمم المتحدة.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مهاجرون يستمعون إلى التوجيهات قبل عبور الحدود من المكسيك إلى إل باسو بولاية تكساس الأميركية (أ.ف.ب)

الهجرة غير الشرعية تتراجع مع ارتفاع حدة الخطاب الانتخابي الأميركي

تبدو ضفاف نهر يفصل بين المكسيك وأميركا شبه مهجورة، وغدت ملاجئ مخصصة للمهاجرين شبه خاوية، بعد أن كانت مكتظة سابقاً، نتيجة سياسات أميركية للهجرة باتت أكثر صرامة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ هاريس وبايدن في المؤتمر الحزبي الديمقراطي في 19 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

هاريس وبايدن: وجهان لعملة واحدة؟

يستعرض تقرير واشنطن، ثمرة التعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق»، مواقف هاريس الفعلية في ملفات السياسة الداخلية والخارجية وما إذا كانت ستصبح امتدادا لسياسات بايدن.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ هاريس وترمب خلال المناظرة في 10 سبتمبر 2024 (أ.ب)

هل نجحت المناظرة الرئاسية في إقناع الناخبين المترددين؟

مواجهة نارية جمعت بين مرشحة الديمقراطيين كامالا هاريس ومنافسها الجمهوري دونالد ترمب؛ سعيا من خلالها لاستقطاب أصوات الناخبين المترددين... فهل نجحا في ذلك؟

رنا أبتر (واشنطن)
أميركا اللاتينية عناصر من الشرطة المكسيكية  (أرشيفية - رويترز)

سيارة تصدم قافلة مهاجرين في المكسيك وتقتل 3 أشخاص

صدمت سيارة قافلة مهاجرين كانت متّجهة نحو الولايات المتحدة على طريق سريع في جنوب المكسيك ما أسفر عن مقتل 3 أشخاص بينهم فتاة، وفق ما أفادت به السلطات.

«الشرق الأوسط» (مكسيكو)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

TT

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)
تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)

ترمب «رمز للسلام وقاهر الحروب»، هكذا صوّر الرئيس المنتخب نفسه في حملته الانتخابية التي مهّدت لولايته الثانية في البيت الأبيض. فالرئيس الـ47 انتزع الفوز من منافسته الديمقراطية، بانياً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية وهي على مشارف عامها الثالث.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، خطط ترمب لإنهاء النزاعات، ودلالات اختياره وجوهاً معيّنة في إدارته لديها مواقف متناقضة بعض الأحيان في ملفات السياسة الخارجية.

التصعيد في المنطقة

دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

تعهّد الرئيس الأميركي المنتخب بإنهاء الحروب ووقف التصعيد المستمر في المنطقة. ومع استمرار الحرب في غزة ولبنان، تعتبر دانا ستراول، نائبة وزير الدفاع سابقاً لشؤون الشرق الأوسط ومديرة الأبحاث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أنه لا يزال من المبكّر قراءة المشهد في إدارة ترمب المستقبلية، مشيرة إلى أن الرئيس المنتخب «وعد بإحلال سلام في منطقة لم تنعم بالسلام أبداً». وتقول ستراول: «دونالد ترمب يعد بإحلال السلام في المنطقة من جهة، لكنه يعد من جهة أخرى بالدعم القاطع لإسرائيل. وهذا يُعدّ مشكلةً حقيقية؛ لأن من الأمور التي يجب أن تحصل لتحقيق السلام إعطاء الأولوية للمدنيين الفلسطينيين في غزة، والمدنيين اللبنانيين في لبنان، والحرص على وصول المساعدات الإنسانية لهؤلاء وتوفير الأمن لهم وما يحتاجون إليه من قادتهم. لكن ذلك سيتطلّب قرارات صعبة في إسرائيل. والسؤال الأكبر برأيي هو ما إذا كان دونالد ترمب يستطيع دفع هؤلاء القادة على الاتفاق هذه المرة، وهم لم يتفقوا أبداً في السابق».

ويتحدث كيفن بارون، الصحافي المختص بالشؤون العسكرية والمدير التحريري السابق في «Politico Live»، عن تحديات كثيرة يواجهها فريق ترمب الذي اختاره لقيادة السياسة الخارجية، مشيراً إلى أنه مؤلّف من «مزيج من التقليديين الذين يرغبون في علاقات قديمة الطراز مع الشرق الأوسط والقادة هناك، وبين من هم أكثر تقدماً ويبحثون عن مهاجمة إيران، والرد بالمثل وتغيير الديناميكية التي برأيهم كانت لينة جداً خلال السنوات الأربع الماضية تحت جو بايدن».

ويتساءل بارون: «هل ستتمكن هاتان المجموعتان من الالتقاء في الوسط؟» ويعطي بارون مثالاً «معرقلاً للسلام» في فريق ترمب، وهو السفير الأميركي المعيّن في إسرائيل، مايك هاكابي، الداعم بشدة لتل أبيب والرافض للاعتراف بالضفة الغربية وحقوق الفلسطينيين. ويقول بارون: «إن تعيين مايك هاكابي مثال جيد هنا، فهو داعم قوي لدولة إسرائيل مهما كلّف الأمر. لكنه يدعمها من وجهة نظر معينة؛ فهو مسيحي قومي وهو جزء من حركة متنامية ومجموعة من الأميركيين المسيحيين الذين يشعرون بأن وجود علاقة قوية مع دولة إسرائيل اليهودية أفضل من عدم وجودها لأسباب دينية».

ترمب والسفير المعين في إسرائيل مايك هاكابي خلال حدث انتخابي في بنسلفانيا 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وهنا يسلّط ريتشارد لوبارون، السفير الأميركي السابق إلى الكويت ونائب مدير البعثة الأميركية إلى تل أبيب سابقاً وكبير الباحثين في معهد «ذي أتلانتيك»، الضوء على سياسة الرؤساء الأميركيين بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط، مذكراً بأنهم لا يريدون تورطاً عميقاً في المنطقة. ويتحدث عن ترمب بشكل خاص فيقول: «ترمب لم يُنتخب من قبل أشخاص يهتمون بالشرق الأوسط، بل انتخبه الأشخاص الذين يرغبون بجعل أميركا عظيمة مجدداً، وهذه وجهة نظر انعزالية. لذا أعتقد أنه سيضغط للتوصل إلى حلول تخرج الولايات المتحدة من مستوى تورطها الحالي في الشرق الأوسط، لا أعتقد أنه سيكون متعاطفاً مع التورط في صراعات كبرى، وسيرغب بالحفاظ على أسعار منخفضة للنفط بسبب تأثير ذلك على الداخل. لكنه سيفاجأ على غرار معظم الرؤساء الأميركيين بقدرة الشرق الأوسط على جذبهم إلى داخله رغم جهود البقاء بعيداً».

ترمب يعتمر قبعة تحمل شعار «اجعل أميركا عظيمة مجدداً» (أ.ف.ب)

وتوافق ستراول مع مقاربة الانعزالية في فريق ترمب، مشيرة إلى وجود وجوه كثيرة ضمن فريقه من الداعمين للانعزالية الذين يسعون للتركيز على الوضع الداخلي و«جعل أميركا عظيمة مجدداً»، وأن هؤلاء سيعملون على تقليص الدور العسكري للولايات المتحدة حول العالم، ومنح دولارات دافعي الضرائب الأميركيين لأي بلد.

لكن ستراول تُذكّر في الوقت نفسه بأن العامل المشترك في فريق ترمب الذي اختاره، هو أنه «يريد من الفريق المحيط به أن يفكّر فيه هو وفي ما يريده». وتفسر قائلة: «ما نعلمه من رئاسته الأولى هو أن ما يريده أو ما يفكّر به قد يتغير من يوم إلى آخر، ومن ساعة إلى أخرى. هذا النوع من الغموض عادة ما لا يكون جيداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وبالنسبة إلى الحلفاء والشركاء في أماكن مثل الشرق الأوسط، وهي أماكن نريد التعاون معها. فهم يطلبون قيادة أميركية يمكن الاتكال عليها ومستقرة. وبرأيي، استناداً إلى الفريق الذي يتم تشكيله حتى الآن، حيث يقوم أناس مختلفون بقول أشياء مختلفة وعقد اجتماعات مختلفة، فإنه من غير الواضح إن كانوا سيتمكنون في الواقع من العمل بعضهم مع بعض».

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

وضمن الحديث عن حلول واستراتيجيات في المنطقة، يعرب لوبارون عن تشاؤمه من فرص التوصل إلى حلّ الدولتين، مُرجّحاً أن تقوم إسرائيل «بضم الأراضي المحتلة والضفة الغربية بموافقة أميركية، أو حتى من دونها». ويضيف السفير السابق: «هناك أيضاً احتمال استمرار وجود انقسام في إسرائيل حول هذه القضايا، وسنضطر إلى التدخل بسبب علاقتنا. أعتقد أن هناك مسائل وجودية بحتة ينبغي أن تواجهها إسرائيل حول ماذا تريد أن تصبح بعد 5 إلى 10 سنوات، أو حتى بعد 20 أو 50 سنة. هل تريد أن تصبح دولة ديمقراطية؟ أو أن تكون متورطة في صراع إلى الأبد في الشرق الأوسط؟ أو هل تريد التوصل إلى سلام حقيقي يحترم الآمال الفلسطينية؟».

ويُفسر لوبارون أسباب استمرار الحرب في لبنان وغزة فيقول: «من الأسباب المحزنة لاستمرار الحرب في لبنان وفي غزة أن نتنياهو لا يمكنه الاستغناء عن الحرب، وهذه إحدى مشاكل علاقته مع ترمب. فترمب لا يريد الحرب، لكن نتنياهو يحتاج إليها وسيكون من المثير للاهتمام مشاهدة كيف سيقوم الاثنان على الاتفاق خلال الـ6 أشهر أو السنة المقبلة. لكن لحظة الحساب قادمة في إسرائيل، وهي تأجلت بسبب النزاع. سيكون لها نتائج كبيرة، وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى إن كان ترمب سيقرر اللعب في السياسة الإسرائيلية المحلية كما فعل نتنياهو في السياسة المحلية الأميركية».

إيران وسياسة الضغط القصوى

تعهد ترمب باستعادة سياسة الضغط القصوى مع إيران (أ.ف.ب)

تلعب إيران دوراً بارزاً في التصعيد في المنطقة، ومع استعداد ترمب لتسلُّم الرئاسة في العشرين من يناير (كانون الثاني)، تزداد التساؤلات حول ما إذا كان سيعود إلى سياسة الضغط القصوى التي اعتمد عليها في إدارته الأولى. وهنا يتساءل بارون: «ترمب يعد بالانسحاب من الحروب الخارجية بينما يخوض حروباً خارجية فيما يتعلق بإيران». ويضيف: «إذن، ماذا يعني الضغط الأقصى على الإيرانيين؟ أتوقع أموراً مثل دعم نتنياهو وإسرائيل بالكامل حين يقومون بهجمات في لبنان وغيره من دون أي انتقاد، ومن دون أي قيود. قد يعني أيضاً القتال في أماكن مثل سوريا والعراق ومناطق أخرى لم نسمع عنها كثيراً علناً».

وهنا تشدد ستراول على أن سياسة الضغط القصوى هي «نشاط»، وليس هدفاً، وتفسر قائلة: «ما لم نره بعد من فريق ترمب هو تحديد أو عرض الهدف المثالي: هل الهدف احتواء البرنامج النووي الذي تم الاستثمار فيه بشكل كبير؟ هل الهدف التراجع عن هذا البرنامج أو تفكيكه أو القضاء عليه؟ هل الهدف صد دعم إيراني للإرهاب؟ لتحقيق ذلك، سيحتاج إلى أكثر من سياسة ضغط قصوى، وسيحتاج للتعاون مع حلفاء وشركاء أي أنه سينبغي أن يبذل جهوداً دبلوماسية، لأن الأمر لا يتعلّق فقط بما يمكن أن نقوم به عسكرياً، فسيتوجب عليه أن يرغب بإقامة حوار مع النظام في طهران على بعض النقاط».

الحرب الروسية - الأوكرانية

ترمب يصافح بوتين في مؤتمر صحافي في هلسنكي 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

من الوعود التي أطلقها ترمب إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية في 24 ساعة. ويصف لوبارون الوضع الحالي بمثابة «رقصة بين بوتين وترمب للوصول إلى طريقة لإنهاء هذا النزاع». وأوضح: «لقد انضم زيلينسكي إلى تلك الرقصة مؤخراً. يجب أن نتذكر أن هذين الخصمين قد أرهقتهما الحرب، لا يمكنهما العثور على المزيد من العناصر من شعبهم للقتال، كما يريان أن تسلُّم ترمب الرئاسة سيضع حدوداً على الفترة التي يستطيعان فيها الاستمرار بهذه الحرب». ويرجّح السفير السابق أن تنتهي الحرب «بحل دبلوماسي غير مناسب وغير مرض لن يسعد أياً من الأطراف، على غرار كل الحلول الدبلوماسية. وهذا سيشكل نقطة يعلن فيها ترمب عن نجاحه ليقول: لقد أنهيت الحرب في أوكرانيا».

ويشير بارون إلى رفع إدارة بايدن الحظر عن أوكرانيا لاستعمال الأسلحة الأميركية في روسيا، فيقول إن «ما تغيّر هو أن ترمب فاز بالانتخابات، وهناك فترة شهرين سيسعى بايدن خلالهما لتقديم كل ما بوسعه إلى أوكرانيا؛ لأن الأمور ستتغير في 20 يناير عندما يتولى ترمب منصبه». ويضيف: «إذن، الفكرة هي التوفير لأوكرانيا أكبر قدر من الدفاعات الآن لكي ينتقلوا إلى طاولة المفاوضات».

وتوافق ستراول مع هذا التقييم قائلة: «إن هذا التصعيد الذي يجري حالياً هو فرصة لكل من الطرفين لكي يعززا موقفهما قبل تنصيب دونالد ترمب، الذي بدوره صرّح بأنه سيطالب أن ينضم الجميع إلى طاولة المفاوضات. وسيعمل على تقليل سلطة التفاوض الأوكرانية عبر التهديد بإيقاف المساعدات العسكرية».