ترمب يأمر بنشر غواصتين نوويتين رداً على ميدفيديف والكرملين يقلل من أهمية الخطوة

آلية أميركية أطلسية جديدة لتوريد المساعدات لأوكرانيا

صورة غير مؤرخة من القيادة المركزية الأميركية لغواصة أميركية من طراز أوهايو تعمل بالطاقة النووية (أ.ف.ب)
صورة غير مؤرخة من القيادة المركزية الأميركية لغواصة أميركية من طراز أوهايو تعمل بالطاقة النووية (أ.ف.ب)
TT

ترمب يأمر بنشر غواصتين نوويتين رداً على ميدفيديف والكرملين يقلل من أهمية الخطوة

صورة غير مؤرخة من القيادة المركزية الأميركية لغواصة أميركية من طراز أوهايو تعمل بالطاقة النووية (أ.ف.ب)
صورة غير مؤرخة من القيادة المركزية الأميركية لغواصة أميركية من طراز أوهايو تعمل بالطاقة النووية (أ.ف.ب)

يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، تشديد لهجته من روسيا، بعد تغيير موقفه من حربها المستمرة على أوكرانيا. ويوم الجمعة، صعد ترمب من تهديداته، حيث أمر بنشر غواصتين نوويتين في مناطق «مناسبة»، رداً على تهديدات الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف، الذي وصفه في اليوم السابق بالرئيس «الفاشل» ودخل معه في هجمات وتعليقات سليطة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وذكر ترمب، في منشور على منصة «تروث سوشيال»: «أمرتُ بنشر غواصتين نوويتين في المناطق المناسبة لأن «تصريحات ميدفيديف الاستفزازية للغاية» دفعته إلى إرسال الغواصات «فقط في حال كانت هذه التصريحات الحمقاء والمثيرة للمشاعر هي أكثر من ذلك». وأضاف متوجاً تبادلاً مكثفاً للاتهامات بين الرجلين، اللذين لطالما كانا على خلاف: «الكلمات مهمة جداً، وغالباً ما يمكن أن تؤدي إلى عواقب غير مقصودة، آمل ألا تكون هذه من تلك الحالات».

أسطول الغواصات الروسية في المحيط الهادئ (أ.ف.ب)

وكان ميدفيديف قد طالب ترمب بأن «يتذكر امتلاك موسكو قدرات نووية تعود إلى الحقبة السوفياتية، التي توجد لديها بصفتها الملاذ الأخير». وطلب في منشور على تطبيق «تلغرام» من ترمب أن يتخيل مسلسل «الموتى السائرون»، وهو مسلسل تلفزيوني عن نهاية العالم.

وحث ميدفيديف ترمب، قائلاً إنه إذا كانت تعليقات رئيس روسي سابق قد تُسبب «رد فعل عصبياً» من الرئيس الأميركي، فإن روسيا مُحقة في التعامل مع المفاوضات مع أوكرانيا بشروطها الخاصة. وأضاف، بخصوص «الاقتصاد الميت» للهند وروسيا و«الدخول في منطقة خطرة»: «حسناً، فليتذكر (ترمب)... مدى خطورة اليد الميتة الشهيرة»، في إشارة إلى برنامج يوم القيامة الروسي الذي يتمتع بالقدرة على شن هجوم نووي مضاد تلقائياً.

حماية للشعب الأميركي!

وبعد ساعات من نشر المنشور على مواقع التواصل الاجتماعي، قال ترمب إنه نشر الغواصات لأن «تهديد» ميدفيديف كان غير مناسب. وقال ترمب بعد ظهر يوم الجمعة في أثناء مغادرته البيت الأبيض متوجهاً إلى نادي الغولف الخاص به في نيوجيرسي، لقضاء عطلة نهاية الأسبوع: «لقد وُجّه تهديد... لذا علينا توخي الحذر الشديد». وأضاف: «سنحمي شعبنا». وأضاف ترمب: «عندما تتحدث عن (الأسلحة) النووية، علينا أن نكون مستعدين، ونحن مستعدون تماماً».

و لم يكشف عن الوجهة المحددة للغواصتين، إذ أشار ترمب فقط في منشوره إلى «مناطق مناسبة»، مضيفاً: «الكلمات مهمة للغاية، وقد تؤدي لعواقب غير مقصودة، وآمل ألا تكون هذه إحدى تلك الحالات».

وحذَّر ميدفيديف، يوم الاثنين الماضي، من أن «تهديدات» ترمب تدفع نحو حرب مع بلاده لا بين روسيا وأوكرانيا. وقال إن على الرئيس الأميركي أن يدرك أن روسيا «ليست إسرائيل، ولا حتى إيران».

ودفع منشور ترمب المسؤولين والمحللين إلى التسرع في تقييم أهمية نشر الغواصات. وأشارت وكالة أنباء «ريا نوفوستي» الروسية، إلى أن الروس يسعون إلى توضيح من واشنطن بشأن تصرفات ترمب ونياته. وقالت الوكالة يوم الجمعة إنها أرسلت استفسارات إلى البيت الأبيض والبنتاغون والقيادة المركزية الأميركية ومجلس الأمن القومي، لكنها لم تتلقَّ أي رد.

صورة للرئيسين الأميركي والروسي (رويترز)

ووصف محللون أمنيون خطوة ترمب بأنها تصعيد كلامي ضد موسكو، لكن ليس بالضرورة أن يكون تصعيداً عسكرياً، نظراً لأن الولايات المتحدة لديها بالفعل غواصات تعمل بالطاقة النووية منتشرة وقادرة على ضرب روسيا.

وامتنعت البحرية الأميركية ووزارة الدفاع عن التعليق على تصريحات ترمب أو على ما إذا كان قد تم تحريك الغواصات. ومن النادر جداً أن يناقش الجيش الأميركي نشر الغواصات الأميركية ومواقعها نظراً لمهمتها الحساسة في الردع النووي.

موسكو تقلل من خطوة ترمب

غير أن سياسيين وخبراء مقربين من الكرملين، قللوا من أهمية نشر الغواصتين النوويتين بالقرب من روسيا. وقال الجنرال السابق بسلاح الجو ونائب الرئيس الحالي لمجلس النواب (الدوما) ليونيد إيفيلف لوكالة «تاس» الروسية للأنباء، السبت، إن الغواصتين «لا تمثلان تهديداً جديداً»، مضيفاً أن روسيا تدرك بشكل كامل مثل تلك المناورات العسكرية الأميركية. وأيد فيكتور فودولاتسكي، وهو نائب آخر، هذا الرأي، واصفاً أي محاولة لترويع روسيا بأنها عبثية، مشيراً إلى أسطولها الضخم من الغواصات النووية.

ويدرس الرئيس الأميركي حالياً فرض عقوبات ثانوية على روسيا، وهي عقوبات تستهدف عملياً الدول التي تشتري من موسكو النفط تحديداً، وذلك بهدف تجفيف هذا المصدر الأساسي لإيرادات المجهود الحربي الروسي. واستهدف الهند بتعريفات إضافية من جراء شرائها النفط والسلاح الروسي. غير أن نيودلهي أعلنت السبت أنها ستواصل استيراد النفط من روسيا، الذي يمثل أكثر من 35 في المائة من وارداتها النفطية.

الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ديمتري ميدفيديف (أرشيفية - أ.ب)

ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، السبت، أن مسؤولين في الهند قالوا إنهم سيواصلون شراء النفط من روسيا على الرغم من تهديد الرئيس ترمب بفرض عقوبات على من يشترون النفط الروسي.

وذكر تقرير «نيويورك تايمز» أن اثنين من كبار المسؤولين في الهند قالا إنه ليس هناك أي تغيير في السياسة. ونقل التقرير عن أحدهما قوله إن الحكومة الهندية «لم تُصدر أي توجيهات لشركات النفط» لخفض الواردات من روسيا.

وهدد ترمب في 14 يوليو (تموز) بفرض رسوم جمركية بنسبة 100 في المائة على الدول التي تشتري النفط الروسي ما لم تتوصل موسكو إلى اتفاق سلام رئيسي مع أوكرانيا. وتُعدّ روسيا المورد الرئيسي للهند.

وكان ترمب قد أعلن بعد عودته إلى السلطة في يناير (كانون الثاني)، استعداده للتفاوض مع الرئيس الروسي وحاول التقارب معه، وانتقد المساعدات الضخمة التي قدّمتها واشنطن لكييف في عهد سلفه جو بايدن. كما وجه انتقادات حادة للرئيس الأوكراني فولوديمر زيلينسكي في البيت الأبيض، واصفاً إياه بأنه يخوض حرباً بلا أوراق في يديه، وأوقف مرات عدة شحنات الأسلحة وتقديم المعلومات الاستخبارية لكييف. لكنّ عدم تجاوب بوتين على النحو الذي يريده ترمب مع مبادراته أثار «خيبة أمل» الرئيس الأميركي، خصوصاً لعدم موافقة الرئيس الروسي على وقف لإطلاق النار تطمح إليه كييف وواشنطن.

ويوم الخميس، صرّح وزير الخارجية ماركو روبيو في مقابلة إذاعية، بأن كبار المسؤولين الأميركيين كانوا على اتصال بنظرائهم الروس هذا الأسبوع، لكنهم لم يُحرزوا «أي تقدم» في تأمين وقف إطلاق النار.

وفي الأسابيع الأخيرة أعادت إدارة ترمب تسليم شحنات الأسلحة المتبقية من إدارة بايدن، وعقدت اتفاقاً جديداً مع حلفاء الناتو لتقديم المساعدات لأوكرانيا. وقال ترمب الشهر الماضي إن الولايات المتحدة ستزود أوكرانيا بأسلحة سيدفع ثمنها الحلفاء الأوروبيون، لكنه لم يشِر إلى طريقة لإتمام ذلك.

بوتين مع حليفه لوكاشينكو وجولة حدودية قريباً من فنلندا (أ.ب)

آلية جديدة لدعم أوكرانيا

ونقلت وكالة «رويترز» عن 3 مصادر مطلعة، أن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي يعملان على نهج جديد لتزويد أوكرانيا بالأسلحة باستخدام أموال من دول الحلف، لدفع تكلفة شراء الأسلحة الأميركية أو نقلها. وأشارت المصادر إلى أن دول حلف شمال الأطلسي وأوكرانيا والولايات المتحدة تعمل على وضع آلية جديدة، تركز على تزويد كييف بأسلحة أميركية مدرجة على قائمة متطلبات أوكرانيا ذات الأولوية. وستُعطي أوكرانيا الأولوية للأسلحة التي تحتاج إليها ضمن دفعات تبلغ قيمتها نحو 500 مليون دولار، على أن تتفاوض دول الحلف فيما بينها بتنسيق من الأمين العام مارك روته، لتحديد من سيتبرع أو يموّل الأسلحة المدرجة على القائمة. ولم يتضح الإطار الزمني الذي تطمح دول الحلف لتوفير الأسلحة خلاله.

وقال مسؤول أوروبي رفض الكشف عن هويته، إن دول الحلف تأمل عبر هذه الآلية توفير أسلحة بقيمة 10 مليارات دولار لأوكرانيا. لكن لم يتضح الإطار الزمني الذي تطمح دول الحلف لتوفير الأسلحة خلاله.

وأضاف المسؤول الأوروبي: «هذا هو خط البداية، وهو هدف طموح نعمل على تحقيقه. نحن على هذا المسار حالياً، وندعم هذا الطموح. نحن بحاجة إلى هذا الحجم من الدعم».

من جهته، أوضح مسؤول عسكري كبير في حلف شمال الأطلسي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن المبادرة «جهد تطوعي ينسقه حلف شمال الأطلسي، ويشجع جميع الحلفاء على المشاركة فيه». ولفت المسؤول إلى أن الخطة الجديدة تتضمن حساباً جارياً للحلف، يوافق عليه القائد العسكري الأعلى للحلف، حيث يمكن للحلفاء إيداع الأموال لشراء أسلحة لأوكرانيا.

وأحجم الحلف عن التعليق. ولم يرد البيت الأبيض ولا وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ولا السفارة الأوكرانية في واشنطن على التقارير.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع المستشار الألماني فريدريتش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في لاهاي في قمة الناتو في 24 يونيو (د.ب.أ)

وتواصل القوات الروسية تقدمها تدريجياً في أوكرانيا وتسيطر حالياً على خمس أراضي البلاد. وقالت وزارة الدفاع في موسكو، السبت، إن القوات الروسية سيطرت على قرية أوليكساندرو كالينوف في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا. وأضافت الوزارة أن «قوات الشمال» حسنت وضعها التكتيكي في جبهات القتال. لكن من الصعب التأكد من صحة التقارير الميدانية بشكل مستقل.

بدورها، قالت أوكرانيا إنها شنت مجدداً هجمات واسعة النطاق بطائرات مسيّرة على مناطق روسية ليل الجمعة - السبت، مما أدى إلى وقوع انفجارات في منشآت معالجة النفط، بحسب تقارير مواقع التواصل الاجتماعي. وأكدت السلطات في منطقتي سامارا وريازان المتضررة وقوع هجمات بطائرات مسيّرة، وقالت إن الحطام من المسيّرات التي تم اعتراضها ضرب مواقع صناعية، رغم عدم ورود تقارير رسمية عن وقوع أضرار أو إصابات.

جنود أوكرانيون يشاركون في تدريب على استخدام أنظمة «الباتريوت» بموقع غير مُحدّد بألمانيا يوم 11 يونيو (رويترز)

وأظهر مقطع مصور مزعوم نشر على مواقع التواصل الاجتماعي انفجاراً هائلاً في منشأة نفط بالقرب من مدينة سامارا المطلة على نهر فولجا. وبسبب تهديد الطائرات المسيّرة، علقت السلطات في منطقة سامارا الرحلات الجوية في المطار المحلي. وفي ريازان، يبدو أنه تم قصف منشأة نفط أخرى. وأكد الحاكم بافيل مالكوف وقوع هجوم ولكن رفض تقديم المزيد من التفاصيل، وحث الناس على عدم مشاركة صور من شأنها أن تساعد العدو. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الدفاعات الجوية اعترضت أو دمرت 112 مسيّرة عبر ثماني مناطق روسية وشبه جزيرة القرم.


مقالات ذات صلة

تساؤلات حول مبادرة ماكرون باستئناف الحوار مع بوتين

تحليل إخباري الرئيسان الروسي والفرنسي في لقاء سابق (إ.ب.أ)

تساؤلات حول مبادرة ماكرون باستئناف الحوار مع بوتين

أثارت مبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون بالعودة إلى الحوار مع الرئيس بوتين الكثير من علامات الاستفهام في أوكرانيا والاتحاد الأوروبي.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا (أ.ف.ب)

الملجأ المضاد للإشعاعات بمحطّة تشيرنوبيل النووية قد ينهار بضربة روسية

قد تؤدّي ضربة روسية إلى انهيار الملجأ المضاد للإشعاعات داخل محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا رجال إطفاء يعملون على إخماد حريق جراء قصف روسي على مرفأ في منطقة أوديسا الأوكرانية الثلاثاء (إ.ب.أ)

حرب أوكرانيا... مفاوضات على حافة الاختبار

تقف حرب أوكرانيا عند مفترق حساس: مفاوضات مكثفة لكنها غير حاسمة، واقتصاد روسي يواجه ضغوطاً غير مسبوقة، وتحذيرات أميركية من الوقوع في وهم «السلام السريع».

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا صورة للواء الآلي الرابع والعشرين التابع للقوات المسلحة الأوكرانية في 22 ديسمبر 2025 تُظهر الدمار الذي لحق بمدينة كوستيانتينيفكا في منطقة دونيتسك بأوكرانيا (إ.ب.أ)

الجيش الأوكراني ينسحب من مدينة سيفرسك في شرق البلاد

أعلن الجيش الأوكراني انسحابه من بلدة سيفرسك، شرق البلاد، بعدما كانت القوات الروسية أعلنت في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي السيطرة عليها.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)

زيلينسكي: المفاوضات الجارية يمكن أن تغير الوضع جذرياً

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، إن المفاوضات الجارية حالياً بشأن الحرب الروسية - الأوكرانية يمكن أن تُحدِث تغييراً جذرياً في الوضع.

«الشرق الأوسط» (كييف)

بريطانيا: إدانة رجلين بالتآمر لقتل مئات اليهود مع تصاعد المخاوف من «داعش»

صورة التقطتها كاميرا مراقبة لوليد سعداوي وعمار حسين في مدينة دوفر الساحلية جنوب شرقي إنجلترا (رويترز)
صورة التقطتها كاميرا مراقبة لوليد سعداوي وعمار حسين في مدينة دوفر الساحلية جنوب شرقي إنجلترا (رويترز)
TT

بريطانيا: إدانة رجلين بالتآمر لقتل مئات اليهود مع تصاعد المخاوف من «داعش»

صورة التقطتها كاميرا مراقبة لوليد سعداوي وعمار حسين في مدينة دوفر الساحلية جنوب شرقي إنجلترا (رويترز)
صورة التقطتها كاميرا مراقبة لوليد سعداوي وعمار حسين في مدينة دوفر الساحلية جنوب شرقي إنجلترا (رويترز)

أُدين رجلان، اليوم (الثلاثاء)، بالتآمر لقتل المئات من أفراد الجالية اليهودية في إنجلترا بهجوم مسلح مستوحى من ​هجمات تنظيم «داعش»، ويقول محققون إنه هجوم مخطط ويُظهر الخطر المتجدد الذي يمثله التنظيم المسلح.

وقالت الشرطة والمدعون العامون إن وليد سعداوي (38 عاماً) وعمار حسين (52 عاماً) متطرفان أرادا استخدام أسلحة نارية آلية لقتل أكبر عدد ممكن من اليهود في محيط مدينة مانشستر.

وقال روبرت بوتس، مساعد رئيس الشرطة والمسؤول عن شرطة مكافحة الإرهاب في شمال غربي إنجلترا، إنه لو نُفذت خططهما لكان الهجوم «من أكثر الهجمات الإرهابية المميتة في تاريخ بريطانيا إن لم يكن أكثرها فتكاً».

تأتي إدانتهما ⁠بعد أيام من إطلاق نار جماعي خلال احتفال بعيد الحانوكا ‌على شاطئ بونداي في سيدني ‍والذي أودى بحياة ‍15 شخصاً.

وقال تنظيم «داعش» إن الهجوم ‍الأسترالي «مصدر فخر». وعلى الرغم من أن التنظيم المتشدد لم يعلن مسؤوليته عن الهجوم، فقد أثار تعليقه هذا مخاوف من زيادة العنف الذي ينفذه متطرفون.

أسلحة ضُبطت لدى وليد سعداوي (رويترز)

ورغم أن ​«داعش» لم يعد يشكل التهديد نفسه الذي كان يمثله قبل عقد حين سيطر ⁠على مناطق واسعة في العراق وسوريا، فإن مسؤولي الأمن الأوروبيين يحذرون من أن التنظيم والجماعات التابعة لتنظيم «القاعدة» تسعى مجدداً لتصدير العنف إلى الدول الأخرى وتحريض مهاجمين محتملين عبر الإنترنت.

وقالت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر، الأسبوع الماضي: «يمكنك أن ترى مؤشرات على أن بعض تلك التهديدات الإرهابية بدأت تنمو من جديد وتزداد».

وقال المدعون العامون البريطانيون لهيئة المحلفين إن سعداوي وحسين «اعتنقا آراء» تنظيم «داعش» وكانا على استعداد للمخاطرة بحياتهما من أجل أن يصبحا «شهيدين».


تساؤلات حول مبادرة ماكرون باستئناف الحوار مع بوتين

الرئيسان الروسي والفرنسي في لقاء سابق (إ.ب.أ)
الرئيسان الروسي والفرنسي في لقاء سابق (إ.ب.أ)
TT

تساؤلات حول مبادرة ماكرون باستئناف الحوار مع بوتين

الرئيسان الروسي والفرنسي في لقاء سابق (إ.ب.أ)
الرئيسان الروسي والفرنسي في لقاء سابق (إ.ب.أ)

يعود آخر اتصال هاتفي بين الرئيس الفرنسي ونظيره الروسي بمبادرة من الأول إلى يوم الثلاثاء في 1 يوليو (تموز) الماضي. وقتها، أفاد قصر الإليزيه بأن الاتصال دام أكثر من ساعتين، وتركز بشكل خاص على الملف النووي الإيراني، وذلك بعد أيام قليلة على الضربات الإسرائيلية والأميركية التي استهدفت المنشآت النووية والخبراء وأعضاء في القيادات العسكرية الإيرانية.

لكن الاتصال تطرق أيضاً للحرب في أوكرانيا. ووفق الإليزيه، فقد كان أشبه بـ«حوار طرشان» للتمايز العميق في مقاربة الطرفين. ورغم ذلك، أفاد بيان الإليزيه بأن ماكرون وبوتين «قررا استكمال التواصل بينهما حول هذه النقطة».

كان ماكرون الوحيد بين القادة الغربيين، باستثناء الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الذي كسر قاعدة فرض العزلة الدبلوماسية على بوتين رغم أنه، في العامين الأخيرين، سعى لتزعم الجناح المتشدد في التعاطي مع روسيا، إن لجهة فرض العقوبات المالية والاقتصادية عليها، أو في دعم أوكرانيا مالياً وعسكرياً، أو في الدعوة إلى إنشاء «تحالف الراغبين» في إرسال وحدات عسكرية ترابط على الأراضي الأوكرانية لـ«ردع» روسيا عن مهاجمة جارتها أوكرانيا بعد التوصل إلى اتفاق لوقف الأعمال العدائية.

كذلك، سعى ماكرون ليكون «مرجعاً» للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي دعاه إلى باريس ثلاث مرات في الآونة الأخيرة ووقَّع معه «مذكرة تفاهم» لتزويد أوكرانيا بمائة طائرة مقاتلة من طراز «رافال» من الجيل الرابع.

الرئيس الأركاني فولوديمير زيلينسكي محاطاً في برلين بقادة أوروبيين وبأمين عام الحلف الأطلسي والمفاوضين الأميركيين في ملف الحرب الأوكرانية 15 ديسمبر (إ.ب.أ)

يغرّد خارج السرب الأوروبي

مرة أخرى، يغرّد ماكرون خارج السرب الأوروبي. ففي المؤتمر الصحافي، الذي عقده عقب انتهاء القمة الأوروبية الأخيرة في بروكسل التي أقرَّت قرضاً لأوكرانيا قيمته 90 مليار يورو، فاجأ ماكرون جميع الحاضرين بدعوته إلى معاودة الحوار المباشر مع بوتين. وبرر دعوته بقوله: «أرى أن هناك أشخاصاً يتحدثون إلى فلاديمير بوتين؛ لذا أعتقد أنه من مصلحتنا نحن الأوروبيين والأوكرانيين إيجاد إطار لإعادة فتح هذه المناقشة بشكل رسمي وإلا سنظل نناقش الأمور فيما بيننا، بينما يتفاوض المفاوضون وحدهم مع الروس. وهذا ليس مثالياً».

وكان ماكرون يشير إلى الرئيس الأميركي الذي لا يجد غضاضة في الاجتماع مع بوتين وجهاً لوجه كما حصل في ألاسكا، أو التواصل معه هاتفياً أكثر من مرة. وجاء الرد من الرئيس الروسي سريعاً؛ إذ قال يوم الأحد، بمناسبة مؤتمره الصحافي السنوي، إنه «مستعد للحوار» مع ماكرون. لذا؛ سارعت مصادر الرئاسة الفرنسية إلى القول إنه «من المرحّب به أن يمنح الكرملين موافقته العلنية على هذه المبادرة. سننظر خلال الأيام المقبلة في أفضل طريقة للمضي قدماً».

ولأن مبادرة ماكرون جاءت مفاجئة، فإن مصادر الإليزيه حرصت على الرد سلفاً على أي انتقادات بتأكيدها أن «أي نقاش مع موسكو سيتم بكل شفافية» مع زيلينسكي ومع الأوروبيين، وأن هدفها يظل التوصل إلى «سلام متين ودائم» للأوكرانيين. وفي معرض تبريره غياب الحوار مع ورسيا، قال قصر الإليزيه: «إن غزو أوكرانيا وإصرار الرئيس بوتين على الحرب وضعا حداً لأي إمكانية للحوار خلال السنوات الثلاث الماضية». أما توقيت استئنافه، فإنه سيحصل بمجرد أن تتضح ملامح وقفٍ لإطلاق النار و(انطلاق) مفاوضات سلام، (عندها) يصبح من المفيد مجدداً التحدث إلى بوتين».

الرئيس الأوكراني وجهاً لوجه مع الرئيسين الأميركي والفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني في البيت الأبيض 18 أغسطس (أ.ب)

مبررات مبادرة ماكرون

تقول مصادر ديبلوماسية أوروبية في باريس إن مبادرة ماكرون تعكس، وإن جاءت متأخرة، قلقاً فرنسياً - أوروبياً مما هو جارٍ على صعيد الوساطة التي تتفرد الولايات المتحدة بين روسيا وأوكرانيا. ورغم نجاح الأوروبيين في حجز مقعد لهم في الأسابيع الأخيرة، فإنهم يستشعرون رغبة أميركية في استبعادهم عنها. ثم جاء كلام ترمب لموقع «أطلنتيكو» الأسبوع الماضي صادماً؛ إذ قال فيه إن الأوروبيين «يتحدثون كثيراً ولا يفعلون شيئاً، والدليل أن الحرب ما زالت قائمة...». كذلك، نددت تولسي غابارد، مديرة المخابرات الوطنية الأميركية بالأوروبيين وذلك في تغريدة على منصة «إكس» الأسبوع الماضي أيضاً؛ إذ اتهمتهم واتهمت الحلف الأطلسي بـ«تصعيد الحرب وسعيهم لاجتذاب الولايات المتحدة في نزاع مباشر مع روسيا». وإضافة إلى ما سبق، تتساءل المصادر المشار إليها: «لماذا لا يحق للأوروبيين أن يتناقشوا مع بوتين، خصوصاً أنهم هم من يتحمل عبء الحرب من خلال دعم كييف بينما قطعت واشنطن عنها المساعدات عنها» لتضيف أن مصير الحرب يمس أمن وسلامة دول الاتحاد الأوروبي والقارة القديمة بشكل عام؛ ولذا من الضروري والمهم أن يكون هناك حوار مباشر وليس بالواسطة مع بوتين.

لم تنزل مبادرة ماكرون برداً وسلاماً على شركائه في الاتحاد الأوروبي، لا على زيلينسكي ولا على المستشار الألماني الذي يريد أن يلعب دور الزعيم الأوروبي في مواجهة روسيا. واكتفى شتيفن ماير، نائب الناطق باسم الحكومة الألمانية، بالقول إن الحكومة «أٌحيطت علماً» بمبادرة ماكرون، مضيفاً أنه «لا توجد مخاوف من تصدع الوحدة الأوروبية بسبب هذا الملف».

ماكرون ونابليون بونابرت

يؤخذ على ماكرون أمران أساسيان: الأول، تغير نهجه من السعي لممارسة أقصى الضغوط على روسيا وبوتين إلى الانتقال إلى الحوار معه مع وجود كثير من التحفظات حول ما يمكن أن يحصل عليه ولم يحصل عليه المفاوض الأميركي؛ والآخر، أن ماكرون كسر الجدار الأوروبي والعزلة الدبلوماسية المُحكمة التي أقيمت حول بوتين؛ فهو بمبادرته يوفر له الفرصة للعب على الانقسامات الداخلية الأوروبية وعلى افتراق الرؤى مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي ببروكسل عقب انتهاء القمة الأوروبية حيث أعلن انفتاحه على محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)

وكتبت صحيفة «لو موند» في عددها ليوم الاثنين، أن زيلينسكي اعترف بأن ماكرون ناقش معه مبادرته، وأنه أبدى تحفظات بشأنها. كذلك نقلت عن دبلوماسي أوروبي قوله: «الجميع في أوروبا يدرك أنه سيتعيّن في يومٍ ما التحدث إلى بوتين، ولا سيما إذا ما فشلت الوساطة الأميركية. أما ما سيكون معقداً، فهو مسألة الإطار الأنسب لإجراء هذه المناقشات، هل يكون ذلك ضمن صيغة (الترويكا الأوروبية) أم في إطار أوسع». وتضم «الترويكا» فرنسا وألمانيا وبريطانيا. ويعني هذا التساؤل ما إذا كان ماكرون سيتحدث باسم فرنسا أم أنه سينال تفويضاً من زيلينسكي ومن نظرائه الأوروبيين للتحدث باسمهم؟

لا شك أن هناك تنافساً بين قادة «الترويكا» الثلاثة وإن بقي مضمراً. وفي أي حال، يبدو من المبكر التكهن بما قد يحصل في الأيام والأسابيع المقبلة، وما ستكون عليه الصيغة التي يريدها بوتين الذي لم يتردد، في مؤتمره الصحافي الأخير عن وصف القادة الأوروبيين بـ«صغار الخنازير». أما الصحافة الروسية، فإنها لا تتردد بتذكير ماكرون بالهزيمة التي ألحقتها روسيا القيصرية بالإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت الذي غزا روسيا عام 1812، حيث خسر جيشه الجرار وكانت تلك المغامرة بداية سقوطه.


رئيس وزراء غرينلاند: مصير الإقليم يُحسم على أراضيه

رجل يمر بجوار تمثال لهانز إيغيده الذي اضطلع بدور مهم في تاريخ غرينلاند ويبدو العلم الدنماركي (رويترز)
رجل يمر بجوار تمثال لهانز إيغيده الذي اضطلع بدور مهم في تاريخ غرينلاند ويبدو العلم الدنماركي (رويترز)
TT

رئيس وزراء غرينلاند: مصير الإقليم يُحسم على أراضيه

رجل يمر بجوار تمثال لهانز إيغيده الذي اضطلع بدور مهم في تاريخ غرينلاند ويبدو العلم الدنماركي (رويترز)
رجل يمر بجوار تمثال لهانز إيغيده الذي اضطلع بدور مهم في تاريخ غرينلاند ويبدو العلم الدنماركي (رويترز)

أكد رئيس وزراء غرينلاند، الثلاثاء، أن القرارات المتعلقة بمستقبل الجزيرة تُتَّخذ على أراضيها، وذلك ردّاً على محاولات الرئيس الأميركي دونالد ترمب المتكررة لضمّ هذا الإقليم الدنماركي المتمتع بحكم ذاتي.

وكتب ينس فريدريك نيلسن، عبر «فيسبوك»: «غرينلاند بلدنا. قراراتنا تُتَّخذ هنا». وأعرب عن «حزن» بعد سماعه ترمب يُكرر رغبته في السيطرة على غرينلاند.

وكان ترمب كرّر، الاثنين، أنّ بلاده «بحاجة» إلى غرينلاند؛ لضمان أمنها في مواجهة الصين وروسيا. وسبق له أن أدلى بهذا التصريح بعد انتخابه رئيساً للولايات المتحدة.

وقال نيلسن: «هذه الكلمات تختزل بلدنا في مسألة أمن وسلطة. هذه ليست نظرتنا إلى أنفسنا، ولا يمكن ولا يجوز أن تُوصف حالتنا في غرينلاند بهذه الطريقة».

وشكر شعب غرينلاند على ردّ فعله «الهادئ والراقي». وأعرب عن امتنانه لدعم عدد كبير من الدول، مضيفاً: «هذا الدعم يؤكد أننا لسنا وحدنا هنا على أرضنا».

في غضون ذلك، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن غرينلاند «ملك لشعبها» وأن «الدنمارك هي ضامنتها». وكتب عبر منصة «إكس»: «أضمّ صوتي إلى أصوات الأوروبيين لأعرب عن تضامننا الكامل».