من هو فريدريش ميرتس الذي يتجه لتولي منصب المستشار الألماني؟

فريدريش ميرتس زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي خلال مؤتمر صحافي في مقر الحزب في برلين... 24 فبراير 2025 (أ.ب)
فريدريش ميرتس زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي خلال مؤتمر صحافي في مقر الحزب في برلين... 24 فبراير 2025 (أ.ب)
TT

من هو فريدريش ميرتس الذي يتجه لتولي منصب المستشار الألماني؟

فريدريش ميرتس زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي خلال مؤتمر صحافي في مقر الحزب في برلين... 24 فبراير 2025 (أ.ب)
فريدريش ميرتس زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي خلال مؤتمر صحافي في مقر الحزب في برلين... 24 فبراير 2025 (أ.ب)

تعهد فريدريش ميرتس، الذي يتجه ليصبح المستشار العاشر لألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية بعد الانتخابات المبكرة التي شهدتها البلاد الأحد، بإعطاء الوحدة الأوروبية وأمن القارة الأولوية في الوقت الذي تتصارع فيه أوروبا مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجديدة وأمام استمرار حرب روسيا على أوكرانيا.

ستكون مهمة ميرتس معقدة بسبب الحاجة إلى تشكيل ائتلاف مع الديمقراطيين الاجتماعيين من يسار الوسط بقيادة المستشار المنتهية ولايته أولاف شولتس. وتعهد ميرتس مراراً بعدم العمل مع حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف المناهض للهجرة على الرغم من احتلال هذا الحزب المركز الثاني في الانتخابات الألمانية الأخيرة، وفق تقرير لوكالة «أسوشييتد برس».

زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني فريدريش ميرتس (الثالث يسار) خلال تهنئته من قبل قادة الحزب خلال اجتماع في مقر الحزب في برلين... في 24 فبراير 2025 بعد يوم واحد من الانتخابات الفيدرالية الألمانية (أ.ف.ب)

ويرأس ميرتس الزعيم المحافظ البالغ من العمر 69 عاماً كتلة الاتحاد من يمين الوسط، والتي فازت في الانتخابات الوطنية في ألمانيا بنسبة 28.5 في المائة من الأصوات.

وقال لأنصاره بعد فوزه ليلة الأحد: «أنا أيضاً مدرك لحجم المهمة التي تنتظرنا الآن. العالم الخارجي لا ينتظرنا، ولا ينتظر محادثات ومفاوضات ائتلافية مطولة».

تأخر وصول ميرتس، المحامي من حيث المهنة، إلى المنصب الأعلى في ألمانيا. فقد شهد صعوده السياسي عرقلة من المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، بل إن ميرتس أدار ظهره للسياسة النشطة لعدة سنوات أيضاً. وعلى الرغم من خبرته السياسية، فإن ميرتس يتجه إلى منصب المستشارية دون أن يكون قد خدم في الحكومة الألمانية من قبل.

فريدريش ميرتس (يسار) إلى جانب المستشارة الألمانية حينها أنجيلا ميركل (د.ب.أ - أرشيفية)

المنافسة مع ميركل

وصفت ميركل ميرتس بأنه متحدث لامع وأثنت على رغبته في القيادة، رغم أنها اعترفت بأن هذه الرغبة كانت مشكلة في علاقتهما.

كتبت ميركل في مذكّراتها «الحرية» متحدثة عن ميرتس: «نحن في نفس العمر تقريباً... لقد نشأنا بشكل مختلف تماماً، وكان ذلك بمثابة فرصة أكثر من كونه عقبة... لكن كانت هناك مشكلة واحدة، منذ البداية: كلانا أراد أن يكون الرئيس».

مارس ميرتس القانون وترأس مجلس الإشراف على فرع شركة «بلاك روك» للاستثمار في ألمانيا. سافر كثيراً لأغراض العمل إلى الولايات المتحدة والصين، رغم أنه لم يعش خارج ألمانيا أبداً.

قال فولكر ريسينغ، الذي كتب السيرة المنشورة مؤخراً بعنوان «فريدريش ميرتس: طريقه إلى السلطة»: «قد يكون فريدريش ميرتس المستشار الأكثر دولية (اتجاه دولي) الذي حظيت به ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية - إذا أصبح مستشاراً».

«يعتمد ميرتس على المبادرة الشخصية، وحرية الفرد، والإبداع والدافع، وفقط بشكل ثانوي (يعتمد) على الدولة»، بحسب الكاتب ريسينغ.

المستشار الألماني أولاف شولتس (يسار) ورئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني فريدريش ميرتس خلال برنامج حواري تلفزيوني ليلة الانتخابات... في برلين 23 فبراير 2025 (إ.ب.أ)

العودة السياسية

بدأ فريدريش ميرتس عودته السياسية بعد تنحي أنجيلا ميركل عن منصب زعيمة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في عام 2018 وإعلانها أنها لن تسعى لولاية خامسة كمستشارة. ومع ذلك، فقد هزمه بفارق ضئيل المرشحون الوسطيون الذين يشبهون ميركل في تصويتات قيادة الحزب في عام 2018 وأوائل عام 2021.

أصر ميرتس على تولي رئاسة حزبه وانتُخب زعيماً للحزب في المحاولة الثالثة، بعد هزيمة يمين الوسط أمام المستشار الحالي أولاف شولتس في انتخابات ألمانيا عام 2021. عزز ميرتس سلطته من خلال توليه أيضاً منصب زعيم المجموعة البرلمانية للاتحاد الديمقراطي المسيحي.

وفقاً لريسينغ، فإن «طريقة ميرتس في ممارسة السياسة ليست تجنب المواجهة بأي ثمن. بدلاً من ذلك، يحافظ على وجهة نظر مفادها أن قدراً معيناً من الاستفزاز يمكن أن يؤدي إلى إثارة نقاش حقيقي وربما تطور حقيقي في الحركة».

خلال الحملة الانتخابية، تعهد ميرتس بجعل الاقتصاد الألماني المريض قوياً وتعهّد الحد من الهجرة غير النظامية.

مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض وتصاعد التوترات حول سبل إنهاء النزاع في أوكرانيا، قال ميرتس بعد فوزه بالانتخابات الألمانية، وهو الذي دعم منذ فترة طويلة علاقة قوية عبر الأطلسي، إن أولويته القصوى هي توحيد أوروبا في مواجهة التحديات الآتية من الولايات المتحدة وروسيا.

وقال لمؤيديه: «ليس لدي أي أوهام على الإطلاق بشأن ما تقوم به أميركا... نحن تحت ضغط هائل... أولويتي المطلقة الآن هي حقاً خلق الوحدة في أوروبا».

وسيكون ميرتس تحت ضغوط للمساعدة في حل بعض المشاكل الأكثر إلحاحاً في أوروبا، وفقاً لفولفغانغ ميركل، المحلل السياسي من مركز برلين للعلوم الاجتماعية.

صورة مركبة تظهر زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ في ألمانيا والمرشح لمنصب المستشار فريدريش ميرتس والزعيمة المشاركة لحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف أليس فايدل في برنامج حواري تلفزيوني ليلة الانتخابات... برلين 23 فبراير 2025 (رويترز)

المغازلة مع أقصى اليمين؟

وضع ميرتس تشديد قوانين الهجرة في ألمانيا في طليعة الحملة الانتخابية بعد أن قتل مهاجر شخصين في هجوم بسكين في مدينة أشافنبورغ البافارية (جنوب ألمانيا) الشهر الماضي.

قدّم ميرتس اقتراحاً غير ملزم أمام البرلمان، يدعو إلى إعادة المزيد من المهاجرين إلى حدود ألمانيا. تمت الموافقة على الاقتراح بفارق ضئيل بفضل أصوات حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

دفع هذا الاقتراح خصومه إلى اتهام ميرتس بكسر المحرمات من خلال العمل المزعوم مع حزب «البديل من أجل ألمانيا».

ومنذ ذلك الحين، نزل مئات الآلاف إلى الشوارع للاحتجاج ضد اقتراح ميرتس وصعود اليمين المتطرف.

أصر ميرتس على أنه لم يرتكب أي خطأ ولم يعمل أبداً مع حزب «البديل لأجل ألمانيا»، كما تعهد مراراً بعدم العمل «أبداً» مع هذا الحزب إذا أصبح مستشاراً.

رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني فريدريش ميرتس يتحدث في مؤتمر صحافي بعد اجتماع قيادة الحزب في المقر الرئيسي للحزب في برلين... 24 فبراير 2025 (إ.ب.أ)

جذور في ألمانيا الريفية

يمثل ميرتس منطقته الريفية في البرلمان الألماني - وهي منطقة حيث الناس «واقعيون إلى حد ما، وربما متحفظون بعض الشيء»، كما قال ريسينغ الذي أضاف: «هذا ما شكّل ميرتس: الحياة الريفية».

كسياسي، دافع ميرتس دائماً عن القيم المحافظة وأكد أهمية الأسرة.

التقى زوجته شارلوت، التي تعمل الآن قاضية، أثناء دراسته للقانون. وللزوجين ثلاثة أبناء بالغين.

انضم ميرتس إلى حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في عام 1972 وانتخب لعضوية البرلمان الأوروبي في عام 1989. انضم لأول مرة إلى البرلمان الألماني في عام 1994.

زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس يتحدث في مقر الحزب بعد الإعلان عن نتائج استطلاعات الرأي للانتخابات العامة لعام 2025 في برلين ... 23 فبراير 2025 (رويترز)

في مقعد الطيار

ميرتس طيار شغوف بهوايته علناً، يطير أحياناً بطائرته الصغيرة من منزله في منطقة زاورلاند في غرب ألمانيا إلى برلين في وقت مبكر من صباح الاثنين.

تمسك ميرتس بالطيران، على الرغم من ساعات العمل الطويلة التي فرضتها عليه وظيفته كزعيم للمعارضة والانتقادات العرضية التي وُجهت إليه بأنه يمارس هواية رجل ثري.

قال الكاتب ريسينغ: «عندما تتحدث إلى ميرتس عن الطيران، تلتمع عيناه. يقول (ميرتس) إنك عندما تكون فوق السحاب، فهذه هي الحرية».


مقالات ذات صلة

مكسيم شعيا... في شقاء القمم يعرف الإنسان نفسه

يوميات الشرق الوصول لا يستحق منالَه إلا حين يُدفَع ثمنه بالتعب والوجع (حساب مكسيم شعيا الشخصي)

مكسيم شعيا... في شقاء القمم يعرف الإنسان نفسه

كلما غاصت قدما مكسيم شعيا في متر من الثلج، تذكّر أنَّ الوصول لا يستحق منالَه إلا حين يُدفَع ثمنه بالتعب والعرق والوجع. فالرحلات الشاقة وحدها تهبُ المرء ما يبقى.

فاطمة عبد الله (بيروت)
أوروبا هتلر خلال عرض عسكري في روما عام 1941 (أرشيفية - رويترز)

ملفات المخابرات السوفياتية تكشف لأول مرة اللحظات الأخيرة من حياة هتلر

يصادف يوم 30 أبريل مرور 80 عاماً بالضبط على وفاة صاحب أكثر الحروب دموية في تاريخ البشرية

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق وفق دوائر الفاتيكان تضمّ مكتبة البابا فرنسيس الموسيقية أكثر من 2000 أسطوانة (موقع الفاتيكان)

عاشق الموسيقى والأدب والسينما والكرة... البابا فرنسيس متعدّد الهوايات

لن يذكر التاريخ البابا فرنسيس أنه رسول محبة وأخوّة فحسب، بل أيضاً موسوعة متعدّدة الاهتمامات الثقافية؛ من الموسيقى إلى الأدب وليس انتهاءً بالسينما.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق وصل الخبر قاسياً: صبحي عطري يُغادر الحياة فجأة (مواقع التواصل)

كأنّ الحياة أُسقِطت من الشاشة فجأة… صبحي عطري يُغادر بهدوء موجِع

شكَّل رحيل صبحي عطري المُفاجئ تذكيراً قاسياً للجميع بأنّ الحياة قصيرة، وأنّ لحظات السعادة والفرح يجب أن نعيشها بصدق وأمانة، لأننا لا نعلم متى قد يدهمنا الفراق.

فاطمة عبد الله (بيروت)
العالم البابا فرنسيس (أ.ف.ب)

أقوال لا تُنسى للبابا فرنسيس

بعد إعلان الفاتيكان وفاة البابا فرنسيس عن عمر ناهز 88 عاماً اليوم (الاثنين)... تسرد «رويترز» مجموعة من أشهر أقواله.

«الشرق الأوسط» (روما)

توقعات بمفاوضات روسية ــ أوكرانية صعبة

الرئيس ماكرون (الثاني من اليسار) في كييف وإلى جانبه الرئيس زيلينسكي ثم رئيس الوزراء البريطاني ستارمر ونظيره البولندي تاسك وإلى يمينه المستشار الألماني ميرتس يوم 10 مايو (إ.ب.أ)
الرئيس ماكرون (الثاني من اليسار) في كييف وإلى جانبه الرئيس زيلينسكي ثم رئيس الوزراء البريطاني ستارمر ونظيره البولندي تاسك وإلى يمينه المستشار الألماني ميرتس يوم 10 مايو (إ.ب.أ)
TT

توقعات بمفاوضات روسية ــ أوكرانية صعبة

الرئيس ماكرون (الثاني من اليسار) في كييف وإلى جانبه الرئيس زيلينسكي ثم رئيس الوزراء البريطاني ستارمر ونظيره البولندي تاسك وإلى يمينه المستشار الألماني ميرتس يوم 10 مايو (إ.ب.أ)
الرئيس ماكرون (الثاني من اليسار) في كييف وإلى جانبه الرئيس زيلينسكي ثم رئيس الوزراء البريطاني ستارمر ونظيره البولندي تاسك وإلى يمينه المستشار الألماني ميرتس يوم 10 مايو (إ.ب.أ)

ساد الغموض حول مشاركة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المفاوضات الروسية - الأوكرانية التي يفترض أن تنطلق في مدينة إسطنبول، اليوم (الخميس)، وسط توقعات بأنها ستكون صعبة.

ولم تعلن الرئاسة الروسية، حتى أمس، رسمياً، عن تركيبة ومستوى الوفد الروسي المشارك، كما لم يؤكد الكرملين احتمال توجه بوتين إلى إسطنبول للقاء نظيره التركي رجب طيب إردوغان، وكذلك للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي لمح إلى احتمال توجهه إلى تركيا في حال تأكد حضور نظيره الروسي.

وتحدثت تسريبات في موسكو عن أن وزير الخارجية سيرغي لافروف، ومساعد الرئيس الروسي لشؤون السياسة الدولية يوري أوشاكوف، قد يكونان على رأس الوفد الروسي.

ورأت أوساط روسية أن جولة المفاوضات ستكون صعبة ومعقدة للغاية. فيما عقد خبراء مقارنات بين الوضع الحالي والوضع في أثناء جولة المفاوضات السابقة، علماً بأن روسيا كانت قد أعلنت أنها مستعدة لاستئناف المفاوضات من حيث توقفت في تلك الفترة، لكن مع مراعاة «التغيرات الميدانية».

وصدقت دول الاتحاد الأوروبي، أمس، على الجولة الـ17 من العقوبات على روسيا. وقالت إن العقوبات الجديدة تهدف لتعزيز الإجراءات ضد ما يطلق عليه «أسطول الظل الروسي».