الحكومة الألمانية تتعهّد كشف ملابسات هجوم ماغدبورغ

بعد انتقادات حادّة لـ«تجاهلها» تحذيرات متكررة

سيدة تضع زهوراً تكريماً لأرواح ضحايا هجوم الدهس بسيارة في سوق الميلاد بألمانيا (أ.ف.ب)
سيدة تضع زهوراً تكريماً لأرواح ضحايا هجوم الدهس بسيارة في سوق الميلاد بألمانيا (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الألمانية تتعهّد كشف ملابسات هجوم ماغدبورغ

سيدة تضع زهوراً تكريماً لأرواح ضحايا هجوم الدهس بسيارة في سوق الميلاد بألمانيا (أ.ف.ب)
سيدة تضع زهوراً تكريماً لأرواح ضحايا هجوم الدهس بسيارة في سوق الميلاد بألمانيا (أ.ف.ب)

تعهّدت الحكومة الألمانية فتح تحقيق لكشف ما إذا كان بإمكان أجهزة الاستخبارات منع وقوع الهجوم الذي تعرّضت له سوق الميلاد في ماغدبورغ، مساء الجمعة، وأسفر عن مقتل 5 أشخاص، وجرح أكثر من 200. وقالت وزيرة الداخلية نانسي فيزر، في تصريحات لـ«بيلد أم زونتاغ»، إن «السلطات المكلّفة التحقيق ستوضح ملابسات الحادثة كلّها»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وتواجه السلطات الألمانية سيل انتقادات بـ«تجاهل» تحذيرات، خصوصاً بعدما تبيّن أن السلطات السعودية نبّهتها من تطرّف الجاني، المدعو طالب العبد المحسن، أكثر من مرّة.

وكان مصدر سعودي قد قال لوكالة «رويترز»، السبت، إن السعودية حذرت السلطات الألمانية من المشتبه به بعد أن عبّر عن آراء متطرفة على منصة «إكس» تهدد السلام والأمن. بينما قال مصدر أمني ألماني للوكالة نفسها إن السلطات السعودية أرسلت تنبيهات عدة بخصوص عبد المحسن في عامي 2023 و2024، وتم نقلها إلى الجهات الأمنية المختصة.

مؤشرات خطرة

وأمر قاضٍ، الأحد، بالحبس الاحتياطي للمشتبه به لحين المحاكمة، بعد أن وجَّه إليه الادعاء اتهامات بقتل 5 أشخاص، وعدة تهم بالشروع في القتل والإيذاء الجسدي الخطير.

ومنذ مساء الجمعة، تُوجّه تساؤلات من كلّ حدب وصوب حول الدوافع التي دفعت المشتبه به، وهو طبيب هارب من السعودية حيث كان مطلوباً على ذمة قضايا جنائية، ويقيم في ألمانيا منذ عقدين، إلى ارتكاب الهجوم، في ظلّ تجاهل مؤشّرات خطرة كثيرة بدرت منه خلال السنوات الأخيرة في ألمانيا. وسألت صحيفة «بيلد» الأكثر رواجاً في البلد في افتتاحية نُشرت، الأحد، «لماذا؟». بينما أفادت مجلّة «دير شبيغل» بأن الاستخبارات السعودية وجّهت قبل سنة تنبيهاً إلى نظرائها الألمان بشأن العبد المحسن، على خلفية تغريدات هدّد فيها ألمانيا. وبقي ذاك التنبيه حبراً على ورق، في حين كان الرجل يكثّف الخطابات المشحونة بنظريات المؤامرة، والمعبّرة عن كراهيته للإسلام، وإعجابه بحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرّف.

أثار هجوم الدهس في ماغدبورغ صدمة في ألمانيا قبل أيام من أعياد الميلاد (رويترز)

وفي أغسطس (آب) الماضي، كتب على حسابه في «إكس»: «هل من سبيل إلى العدالة في ألمانيا من دون تفجير سفارة ألمانية أو ذبح مواطنين ألمان عشوائياً؟ أبحث عن هذا السبيل السلمي منذ يناير (كانون الثاني) 2019، ولم أجده بعد». وفي عام 2013، فُرضت عليه غرامة في روستوك «للإخلال بالأمن العام» و«التهديد بارتكاب جرائم». والعام الماضي، قيّمت الشرطة الألمانية «الخطر» الذي قد يشكّله، وخلصت إلى أنه لا يمثّل «خطراً معيّناً»، بحسب ما أوردت صحيفة «دي فيلت»، الأحد. وعشيّة الهجوم، تجاهل الطبيب النفسي السعودي استدعاءً قضائياً في برلين على خلفية تنديد صاخب في مركز للشرطة رفض تسجيل شكواه، وفق وسائل إعلام ألمانية.

«حاول التوصل لمكان السفير السعودي»

موظفو الإطفاء ينضمّون لتكريم أرواح ضحايا الهجوم (أ.ف.ب)

وكشف مصدر للزميلة «إندبندنت عربية» أن منفِّذ هجوم ماغدبورغ عرض مكافأة للحصول على معلومات عن مكان السفير السعودي لدى ألمانيا. وأضاف المصدر أن العبد المحسن سبق أن عرض «مكافأة وقدرها 10 آلاف ريال سعودي (نحو 2662 يورو) لمن يدلي بمعلومات عن إقامة السفير السعودي لدى ألمانيا». وأشار المصدر إلى أن المتهم «طلب تحديد موقع السفير ووقت وجوده، فما كان من السفارة السعودية إلا أن أبلغت السلطات الألمانية التي لم تتعامل بجدية مع الأمر»، حسب قوله.

وأدانت السعودية حادث الدهس معبِّرةً عن تضامنها مع الشعب الألماني وأُسَر الضحايا. وبينما قال مصدر سعودي لوكالة «رويترز»، إنَّ السعودية حذَّرت السلطات الألمانية من المشتبه به، بعد أن نشر آراءً متطرفة في حسابه على «إكس»، أكَّد مصدر أمني ألماني أنَّ السلطات السعودية أرسلت تحذيرات عدة في عامي 2023 و2024.

«عجز الحكومة»

في مؤشّر إضافي يدل على الضغوط التي تتعرّض لها حكومة المستشار أولاف شولتس قبل شهرين من انتخابات تشريعية مبكرة، في أواخر فبراير (شباط)، تواجه وزيرة الداخلية جلسة استجواب تبدأ في 30 ديسمبر (كانون الأول) حول أوجه الخلل التي يحتمل أن تكون قد تسببت في وقوع الهجوم. وستستجوبها مع مسؤولين رفيعي المستوى، لجنة الرقابة البرلمانية ولجنة الشؤون الداخلية في مجلس النواب الألماني (بوندستاغ)، وفق ما أفاد به مصدر برلماني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويدعم المكتب الفيدرالي للشرطة الجنائية تحقيقات تجريها سلطات ولاية ساكسونيا - أنهالت، وعاصمتها ماغدبورغ في شرق ألمانيا، بحسب وزيرة الداخلية.

من جهتها، قالت أليس فايدل، زعيمة اليمين المتطرّف في ألمانيا، إن «عجز الإدارة الذي سمح بواقعة ماغدبورغ يتركنا في حالة صدمة». وطالب حزبها «البديل من أجل ألمانيا» بجلسة استثنائية في مجلس النواب حول الوضع الأمني «الكارثي» في البلد. والأمر سيان بالنسبة إلى اليسار الراديكالي، الذي طالبت زعيمته ساره فاغنكنشت بتفسيرات بعد «تجاهل هذا العدد الكبير من التحذيرات». وفي نهاية الأسبوع، تقاطر المسؤولون الألمان إلى موقع الحادثة في ماغدبورغ، حيث قضى في الهجوم صبيّ في التاسعة و4 نساء تتراوح أعمارهن بين 45 و75 سنة، وأصيب أكثر من مئتي شخص بجروح.وحصيلة الضحايا مرشّحة للارتفاع، إذ إن حوالي أربعين شخصاً يعانون إصابات خطرة.


مقالات ذات صلة

إسقاط دعوى القتل الخطأ ضد الممثل أليك بالدوين

يوميات الشرق الممثل أليك بالدوين (أ.ف.ب)

إسقاط دعوى القتل الخطأ ضد الممثل أليك بالدوين

انتهت أمس (الاثنين) قضية جنائية في نيو مكسيكو ضد الممثل أليك بالدوين، تتعلق بإطلاق نار أسقط قتيلة في موقع تصوير فيلمه «راست» عام 2021.

«الشرق الأوسط» (سانتا في)
المشرق العربي رجل يتنفس عبر قناع أكسجين بينما يتلقى آخر العلاج بعد ما وصفه عمال إنقاذ بأنه هجوم مشتبه بالغاز في بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب بسوريا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

الكشف عن «ضغوط» مارسها نظام الأسد لتغيير شهادات طبيبين حول هجوم كيماوي في سوريا

روى طبيبان وممرض من مدينة دوما قرب دمشق، الضغوط التي تعرضوا لها من نظام الأسد من أجل إنكار معاينتهم أعراضاً تؤشر إلى قصف بسلاح كيماوي.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ مشاهد للرجل المطلوب من إدارة شرطة نيويورك والمتهم بقتل امرأة أضرم فيها النيران أثناء نومها في مترو الأنفاق بنيويورك (رويترز)

مقتل امرأة بعد أن أضرم رجل النار فيها أثناء نومها بمترو نيويورك

ألقت شرطة نيويورك القبض على رجل قالت إنه أضرم النار في امرأة كانت تبدو نائمة بأحد قطارات مترو الأنفاق في المدينة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الولايات المتحدة​ سيارات الشرطة في مقاطعة ساكرامنتو الأميركية (صفحة الشرطة على «فيسبوك»)

الشرطة الأميركية تلقي القبض على أب قطع رأس طفله

قالت السلطات في شمال ولاية كاليفورنيا الأميركية إنها ألقت القبض على رجل يشتبه في قيامه بقطع رأس ابنه البالغ من العمر عاماً واحداً.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)
يوميات الشرق شخص يحمل هاتف «آيفون» الجديد (أ.ب)

بريطانية تطارد لصين سرقا هاتفها لمسافة كيلومترين... وتستعيده دون مساعدة الشرطة

استعادت امرأة بريطانية هاتفها الجوال بعد أن ركضت لمسافة كيلومترين تقريباً لمطاردة لصين سرقا الجهاز في شارع مزدحم بشمال لندن.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إدانة 5 أشخاص في أعمال عنف ضد مشجعين إسرائيليين شهدتها أمستردام

في هذه الصورة المأخوذة من مقطع فيديو يقف رجال الشرطة حراساً وسط أنصار فريق مكابي تل أبيب في ساحة دام في أمستردام بهولندا يوم 7 نوفمبر 2024 (أ.ب)
في هذه الصورة المأخوذة من مقطع فيديو يقف رجال الشرطة حراساً وسط أنصار فريق مكابي تل أبيب في ساحة دام في أمستردام بهولندا يوم 7 نوفمبر 2024 (أ.ب)
TT

إدانة 5 أشخاص في أعمال عنف ضد مشجعين إسرائيليين شهدتها أمستردام

في هذه الصورة المأخوذة من مقطع فيديو يقف رجال الشرطة حراساً وسط أنصار فريق مكابي تل أبيب في ساحة دام في أمستردام بهولندا يوم 7 نوفمبر 2024 (أ.ب)
في هذه الصورة المأخوذة من مقطع فيديو يقف رجال الشرطة حراساً وسط أنصار فريق مكابي تل أبيب في ساحة دام في أمستردام بهولندا يوم 7 نوفمبر 2024 (أ.ب)

دانت محكمة هولندية، اليوم (الثلاثاء)، 5 رجال لضلوعهم في أعمال عنف تعرّض لها مشجّعو كرة قدم إسرائيليون، وقعت الشهر الماضي في أمستردام، أحدثت صدمةً في العالم، وأثارت اتهامات بمعاداة السامية.

ودانتهم محكمة أمستردام بمجموعة من الجرائم، من ركل مشجعي فريق مكابي تل أبيب في الشارع، إلى التحريض على العنف في مجموعات الدردشة.

وكانت أشد عقوبة هي السجن 6 أشهر صدرت بحق رجل أُشير إليه باسم صفا، وبتهمة «العنف ضد أشخاص عدة».

تعرّض مشجعو مكابي تل أبيب لهجمات «الكر والفر» في الساعات الأولى من الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) بعد مباراة بالدوري الأوروبي أمام أياكس أمستردام.

في هذه الصورة المأخوذة من مقطع فيديو تُرافقُ الشرطة أنصار فريق مكابي تل أبيب إلى محطة المترو التي تقودهم إلى ملعب أياكس بعد أن سار مؤيدون للفلسطينيين بالقرب من الملعب في أمستردام بهولندا يوم الخميس 7 نوفمبر 2024 (أ.ب)

وانتشرت صور أعمال العنف التي تسبَّبت بنقل 5 مشجعين إلى المستشفى، وأثارت ردود فعل غاضبة خاصة في إسرائيل.

وكان أخطر ملف قيد النظر، الثلاثاء، يتعلق بصفا، الذي قال المدعون إنه لعب «دوراً قيادياً» في أعمال العنف.

وشاهدت المحكمة صوراً لصفا وهو يركل شخصاً على الأرض ويطارد أهدافاً، ويوجِّه لكمات لأشخاص في الرأس والجسد.

ورأت النيابة العامة أنه «في هذه الحالة لا أدلة على وجود رابط منظم ونية إرهابية، ولم يأتِ العنف بدافع معاداة السامية. أتى العنف بسبب الوضع في غزة وليس بدافع معاداة السامية».

وأفادت الشرطة بأن التوتر كان على أشده حتى قبل بدء المباراة، فقد ردَّد مشجعون إسرائيليون شعارات مناهضة للعرب، وخربوا سيارة أجرة وأحرقوا علماً فلسطينياً.