ما أهمية التوغل الأوكراني في كورسك الروسية؟

كييف تعرّضت للإعاقة بسبب الخطوط الحمراء الخيالية التي وضعتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن

جندي أوكراني داخل ناقلة مدرَّعة في منطقة سومي الأوكرانية على الحدود مع روسيا (أ.ب)
جندي أوكراني داخل ناقلة مدرَّعة في منطقة سومي الأوكرانية على الحدود مع روسيا (أ.ب)
TT

ما أهمية التوغل الأوكراني في كورسك الروسية؟

جندي أوكراني داخل ناقلة مدرَّعة في منطقة سومي الأوكرانية على الحدود مع روسيا (أ.ب)
جندي أوكراني داخل ناقلة مدرَّعة في منطقة سومي الأوكرانية على الحدود مع روسيا (أ.ب)

قال المحلل السياسي الكندي أندريس كاسيكامب إن أوكرانيا كانت في حاجة إلى أخذ زمام المبادرة وتغيير سير الأحداث. فقد كان الخطاب السائد هو حرب استنزاف بلا أمل، حيث كان الجانب الروسي الأكبر يقضي على المدافعين ببطء ويتقدم إلى الأمام. وكان الضغط يتزايد على أوكرانيا للتخلي عن الأرض مقابل السلام؛ وهو ما كان سيعني مكافأة المعتدي وتشجيع العدوان المستقبلي.

وقال الدكتور أندريس كاسيكامب، أستاذ التاريخ في كلية مونك للشؤون العالمية والسياسة العامة بجامعة تورنتو والمدير السابق لمعهد السياسة الخارجية الإستوني، في تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية إن أوكرانيا تعرّضت للإعاقة بسبب الخطوط الروسية الحمراء الخيالية التي وضعتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.

شاحنات عسكرية روسية متضررة بسبب قصف القوات الأوكرانية منطقة كورسك (أ.ب)

أولاً، بتقديم أنظمة الصواريخ عالية الحركة (هيمارس)، ثم الدبابات ومقاتلات «إف - 16»، والآن أنظمة الصواريخ التكتيكية بعيدة المدى (اتاكمز). وبعد الكثير من التهديد الهستيري، وعندما تراجعت الولايات المتحدة عن موقفها على مضض، تجاهل الكرملين الأمر واعتبره الوضع الطبيعي الجديد.

ويرى كاسيكامب، كما جاء في تحقيق الوكالة الألمانية، أن عقيدة روسيا المتمثلة في اللجوء إلى الأسلحة النووية حال التعرض لخطر وجودي، لم تحركها سيطرة القوات الأوكرانية على مساحة كبيرة من منطقة كورسك غرب روسيا. وقد لوّح بوتين بالتهديد النووي بالفعل في بداية الحرب، لكنه تراجع منذ بدء التوغل الأوكراني في كورسك. وقد كان أمراً صادماً للمراقبين الغربيين ألا تهتم القيادة الروسية بمصير أرضها وشعبها.

مواطنون روس نازحون من منطقة كورسك يتلقون مساعدات من السلطات الروسية (إ.ب.أ)

ويبدو أن روسيا تهتم باحتلال الأراضي الأوكرانية أكثر من اهتمامها بحماية أراضيها. ويقول كاسيكامب إن أحد أهم أهداف الهجوم على كورسك هو حث الإدارة الأميركية على التخلي عن إدارة التصعيد من خلال الردع الذاتي؛ وهو ما تسبب في إطالة الحرب وسمح لروسيا بالقضاء على الأرواح والبنية التحتية في أوكرانيا والإفلات من العقاب. ولم تفرض الكثير من الدول الأوروبية أي قيود على استخدام الأسلحة التي زوّدت أوكرانيا بها، ما عدا احترام قوانين الحرب التي تسمح بضرب أهداف عسكرية في أي مكان على أراضي المعتدي.

صورة مأخوذة من مقطع فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية في 18 أغسطس 2024 تظهر جنوداً روساً يطلقون النار باتجاه مواقع أوكرانية بمكان غير معلوم بالقرب من منطقة الحدود الروسية - الأوكرانية بمنطقة كورسك في روسيا (أ.ب)

والسلوك المنطقي، وبالتأكيد الفعال من حيث التكلفة، هو أن تطلق النار على رامي السهام بدلاً من أن تطلق النار على السهام نفسها.

ووفقاً للرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، كانت عملية كورسك خطوة لإقامة منطقة عازلة، حيث إن القتال على أرض العدو أفضل من تعرّض أرضك للتدمير.

لكن لم ينجح التوغل في استدراج القوات الروسية بعيداً عن جبهة دونيتسك، حيث لا تزال تمارس ضغطاً هائلاً، لكنه أوضح أن روسيا غير مستعدة لحماية أراضيها. وفي الوقت نفسه، تقوم أوكرانيا بشنّ هجمات جريئة بمسيّرات طويلة المدى ضد قواعد جوية ومصافي نفط ومراكز لوجيستية في روسيا؛ وهو ما يجعل الحرب ظاهرة للمواطنين الروس العاديين وتؤثر على حياتهم.

وقال كاسيكامب إن السؤال المهم، هو متى ستبدأ هذه النكسات المذهلة في التأثير على الروس. وتاريخياً، انهارت الأنظمة الروسية التي كانت تبدو مستقرة بشكل غير متوقع بسبب هزيمة عسكرية: وقد أدت حرب القرم إلى تحرير العبيد، وأدت الحرب الروسية - اليابانية إلى اندلاع ثورة 1905، وتسببت الحرب العالمية الأولى في الإطاحة بالقيصر، وبدأ التوسع الزائد بأفغانستان في تفكيك اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية.

رجل إطفاء يطفئ سيارة بعد قصف حديث من غارة أوكرانية في بيلغورود (أ.ف.ب)

وأشار كاسيكامب إلى أنه بعد فشل خطته الأولية للسيطرة سريعاً على كييف، تحول بوتين إلى العمل على الصمود أكثر من الغرب، حيث كان متأكداً أن الاستقطاب الداخلي والمشكلات الاقتصادية والصراع في الشرق الأوسط، سيضعف عزم الغرب. وقد كان أكثر نجاحاً في هذا الجانب من ساحة المعركة. وينتظر بوتين الانتخابات الرئاسية الأميركية، وحتى إذا خسر المرشح الجمهوري دونالد ترمب، فإن انعدام الثقة المتزايد والتوترات الداخلية تفيد موسكو.

بالإضافة إلى ذلك، بوتين لديه أصدقاء بين قادة دول الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، مثل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ورئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو، وهو يستخدم أيضاً تياري اليمين المتطرف واليسار المتطرف لتقويض الحكومات في دول مثل فرنسا وألمانيا.

وأكد كاسيكامب أن قدرة أوكرانيا على النجاح تعتمد على إقناع الإدارة الأميركية بتغيير نهجها الذي يتسم بالحذر الزائد ورفع القيود. وقد فشلت كل الحجج حتى الآن لتحريك الرئيس جو بايدن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، وهكذا فإن الغزو المضاد الجريء من جانب أوكرانيا هو مقامرة يائسة لإظهار جدارة قضيتهم بحقائق على الأرض.

واختتم كاسيكامب تقريره بالقول إن إدارة بايدن تحتاج إلى إدراك أن انتصار أوكرانيا يعزز المصالح الأميركية، ولكن إذا سمحت لروسيا بالسيطرة على الأراضي الأوكرانية، فإن خصوم الولايات المتحدة في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك في آسيا، سيكتسبون جرأة وشجاعة. وستكون تكلفة دعم أوكرانيا بشكل كامل الآن أقل من تكلفة الدفاع عن حلفاء «ناتو» باستخدام قوات أميركية في وقت لاحق.


مقالات ذات صلة

موسكو تبلور مذكرة تفاهم لوقف النار بـ«سرِّية» وتتوقع نقاشات صعبة حولها

أوروبا أجرى ترمب وبوتين 3 مكالمات هاتفية منذ يناير 2025 (أ.ف.ب) play-circle

موسكو تبلور مذكرة تفاهم لوقف النار بـ«سرِّية» وتتوقع نقاشات صعبة حولها

تبلور موسكو مذكرة تفاهم لوقف النار بـ«سرِّية» وتتوقع نقاشات صعبة حولها، فيما يزور بوتين كورسك، وهناك مؤشرات على ضغط عسكري يواكب المفاوضات.

رائد جبر (موسكو)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (يسار) ونظيره الأرميني أرارات ميرزويان خلال مؤتمر صحافي يوم 21 مايو 2025 (د.ب.أ)

لافروف: حرب أوكرانيا تؤخّر تسليم الأسلحة لأرمينيا

تجد موسكو صعوبة في تزويد حليفتها التقليدية يريفان بالأسلحة بسبب حرب أوكرانيا، بحسب ما أفاد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (يريفان)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في القصر الكبير بالكرملين 10 مايو 2025 (رويترز)

الكرملين: يتم العمل على مذكرة التفاهم بين روسيا وأوكرانيا بشكل سري

أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، الأربعاء، أن معظم العمل على مذكرة التفاهم بين روسيا وأوكرانيا «يتم بشكل سري، ولا ينبغي أن يكون مفتوحاً للجمهور».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا عناصر شرطة يعملون بالقرب من جثة النائب الأوكراني السابق أندريه بورتنوف بعد أن قُتل بالرصاص أمام مدرسة أطفاله في بوسويلو دي ألاركون بالقرب من مدريد (أ.ف.ب) play-circle 00:33

مقتل مسؤول أوكراني سابق مقرّب من روسيا بإطلاق نار قرب مدريد

قُتل أندريه بورتنوف، النائب والمساعد السابق لكبير موظفي الرئاسة الأوكرانية في عهد فيكتور يانوكوفيتش المقرب من روسيا، بإطلاق نار عليه.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أوروبا مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي تتحدث إلى الصحافيين في كوبنهاغن (رويترز)

«الأوروبي» يقر الحزمة الـ17 من العقوبات على روسيا

تبنَّى الاتحاد الأوروبي، أمس (الثلاثاء)، عقوبات جديدة ضد روسيا لعدم موافقة موسكو على هدنة في أوكرانيا. وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، كايا كالاس.

إيلي يوسف (واشنطن)

جماعة «الإخوان المسلمين» في مرمى السلطات الفرنسية

الرئيس إيمانويل ماكرون عازم على محاربة الإسلام السياسي في فرنسا ويبدو في الصورة متحدثاً في منتدى استثماري يوم 19 مايو (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون عازم على محاربة الإسلام السياسي في فرنسا ويبدو في الصورة متحدثاً في منتدى استثماري يوم 19 مايو (أ.ف.ب)
TT

جماعة «الإخوان المسلمين» في مرمى السلطات الفرنسية

الرئيس إيمانويل ماكرون عازم على محاربة الإسلام السياسي في فرنسا ويبدو في الصورة متحدثاً في منتدى استثماري يوم 19 مايو (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون عازم على محاربة الإسلام السياسي في فرنسا ويبدو في الصورة متحدثاً في منتدى استثماري يوم 19 مايو (أ.ف.ب)

أمر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء، الحكومة بوضع مقترحات للتعامل مع تأثير جماعة «الإخوان المسلمين» وانتشار «الإسلام السياسي» في فرنسا، بحسب ما أفاد الإليزيه. وجاء إعلان الرئاسة الفرنسية بعدما ترأس ماكرون اجتماعاً أمنياً لدراسة تقرير يحذّر من «الإخوان المسلمين»، ويقول إن الجماعة تشكّل «تهديداً للتماسك الوطني» في فرنسا.

وأفاد قصر الإليزيه: «نظراً إلى أهمية المسألة وخطورة الوقائع التي تم التحقق منها، طلب من الحكومة وضع مقترحات ستجري دراستها في اجتماع مجلس الدفاع المقبل مطلع يونيو (حزيران)».

ومنذ أن نشرت صحيفة «لو فيغارو» مقاطع من التقرير الذي أعدّه موظفان رفيعا المستوى؛ أحدهما دبلوماسي، عبأت الوسائل الإعلامية إمكاناتها وركزت برامجها الخاصة على تشريح الخطر الذي يمثله «الإخوان المسلمون». وتم التكليف بالتقرير العام الماضي، وقام على مجموعة واسعة من المقابلات في فرنسا وخارجها، وعلى دراسة معمقة لجماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتهم في مصر في النصف الأول من القرن الماضي. وبقي قسم من التقرير سرياً. وبينما ستكون بعض التدابير التي ستعلن عنها الحكومة الفرنسية عامة، سيبقى بعضها الآخر طي الكتمان. ولأن رأس الدولة الفرنسية قد عدّت أنه يتسم بطابع الخطورة والإلحاح، فقد دعا رئيس الجمهورية لاجتماع لـ«مجلس الدفاع والأمن القوميين»، الأربعاء.

دور روتايو

واستبق الإليزيه الاجتماع بعرض تقييمي للتقرير، وما يمثله، وكيف يتعين النظر إليه. والنقطة الرئيسية التي ركزت عليها المصادر الرئاسية أن اجتماع مجلس الدفاع والأمن يندرج في سياق الخطاب الذي ألقاه الرئيس ماكرون، في مدينة «ليه مورو» في 2 أكتوبر (تشرين الأول) 2020، حول «الانفصالية الإسلاموية»، الذي فتح الباب لاستصدار قانون في العام الذي تلاه تحت عنوان: «مبادئ وقيم الجمهورية الفرنسية».

وزير الداخلية برونو روتايو (يسار) إلى جانب الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي الثلاثاء (أ.ف.ب)

ثمة ملاحظة جديرة بالتسجيل، وتتناول السياق الذي يحصل فيه التحرّك الرسمي ضد الإخوان المسلمين، والمتمثل بكون برونو روتايو، المعروف بتشدده في مسائل الهجرة ومحاربة كل ما يمس بمبدأ العلمانية، يشغل وزارة الداخلية، التي هي في أساس طلب التقرير. وفاز روتايو فاز، الأحد الماضي، بتفوّق برئاسة حزب «الجمهوريون» اليميني، متغلباً على منافسه لوران فوكييز، الوزير والرئيس السابق للحزب والرئيس الحالي لمجموعة نواب الحزب في البرلمان. ووفّر هذا الفوز لروتايو وزناً سياسياً إضافياً داخل الحزب، ولكن أيضاً داخل الحكومة التي يشارك فيها اليمين، والذي يوفر لها الأكثرية النسبية في الجمعية الوطنية. لكن استعجال ماكرون لاجتماع مجلس الدفاع يعكس نوعاً من «التناغم» في التعاطي مع هذا الملف، واستجابة لتحول الرأي العام الفرنسي، بوضوح، نحو اليمين ولكن أيضاً اليمين المتطرف.

«تهديد حقيقي»

بداية، يستعجل مُعدّا التقرير إلى تأكيد أنه «لا تتوافر أي وثيقة حديثة تُظهر وجود نية (الإخوان المسلمين) لإقامة دولة إسلامية في فرنسا أو لتطبيق الشريعة فيها». بيد أن التقرير يرى أن «الإخوان المسلمين» يمثلون «تهديداً حقيقياً». وكتب مُعدّا التقرير ما حرفيته: «إن هذا التهديد، وحتى في غياب اللجوء إلى تحركات عنيفة، يولد خطر المساس بنسيج الجمعيات وبالمؤسسات الجمهورية (..) وبشكل أوسع بالتلاحم الوطني».

وأشار التقرير إلى «الطابع الهدام للمشروع» الذي يعتمده «الإخوان المسلمون»، وعملهم «على المدى الطويل للتوصل تدريجياً إلى تعديلات للقواعد المحلية أو الوطنية، ولا سيما تلك المتعلقة بالعلمانية والمساواة بين الرجال والنساء».

لكن، رغم ما سبق، فإن هيمنة الجماعة على المساجد وأماكن العبادة غير موجودة. وإذ عدّ التقرير أن منظمة «مسلمو فرنسا» ترفع راية الإخوان، فإنها لا تُمثّل سوى 7 في المائة من أصل 2700 مسجد ومكان عبادة على الأراضي الفرنسية كافة.

ويرصد التقرير أولويات «الجماعة» للتأثير، وأولها القطاع التعليمي والتربوي، وثانيها شبكات التواصل الاجتماعي، وثالثها دينامية العمل الخيري مع التزام استراتيجية «إضفاء الشرعية والاحترام الرامية إلى تغيير تدريجي للقوانين المحلية والوطنية المطبقة على السكان، وخاصةً ما يتعلق منها بالنظام القانوني للعلمانية والمساواة بين الجنسين».

ورغم ضعف أعدادها، فإن المساجد وأماكن الصلاة التابعة للجماعة تسعى إلى إنشاء «أنظمة بيئية إسلامية» تتكوّن من «دروس تعليم القرآن»، و«جمعيات خيرية»، و«ثقافية»، و«محلات مجتمعية» و«أنشطة رياضية».

وتُقدم هذه الخدمات في «أحياء ذات أغلبية مسلمة تعاني عادةً من الفقر»، حيث «تُلبي احتياجات السكان»، ومع «توطد هذه المنظومات»، تبدأ «معايير اجتماعية» مثل ارتداء «الحجاب»، و«إطلاق اللحية» بالانتشار وفرض نفسها، حسب وصف التقرير.

ردّ فعل الجماعة

إزاء ما سبق، ونظراً للضجة الواسعة التي أوجدها التقرير، سارعت جمعية «مسلمو فرنسا»، التي يصفها التقرير بأنها «الفرع الوطني لجماعة الإخوان المسلمين في فرنسا»، إلى إصدار بيان، الأربعاء، تُندّد فيه بـ«اتهامات لا أساس لها من الصحة (بحقها)». وأضاف البيان: «هذا التصور الآيديولوجي لا يعكس لا واقعنا المؤسسي ولا عملنا الميداني». مؤكدة «تمسكها بقيم الجمهورية».

وزير الداخلية برونو روتايو (يمين) مع لوران فوكييز منافسه على رئاسة حزب «الجمهوريون» اليمين التقليدي الذي هزمه في الانتخابات الداخلية للحزب يوم 20 مايو (أ.ف.ب)

وانتقدت ما سمّته «الخلط، حتى وإن كان غير متعمد، بين الإسلام والإسلام السياسي والتطرف، الذي لا يُعدّ خطيراً فحسب، بل ويأتي بنتائج عكسية على الجمهورية نفسها».

وفي السياق عينه، عبّر المجلس الفرنسي للديانة عن «قلقه العميق إزاء الانحرافات المحتملة واستغلال المعطيات التي تم الكشف عنها». وأكد المجلس في بيان أن «مكافحة التطرف الذي يتستر بالإسلام (...) هي في صميم أولوياتنا». لكنه أشار إلى أن «غياب تعريفات واضحة للمفاهيم» المستخدمة في التقرير، «يُبقي على حالة من الالتباس الضار»، مضيفاً أن «عدداً كبيراً من المواطنين المسلمين يشعرون اليوم بأنهم لم يعودوا بمنأى عن الشك الدائم».

إجراءات ومقترحات

بعكس ما كان متوقعاً، لم تصدر عن «مجلس الدفاع» أي قرارات. لكن ما تسرب عن الإليزيه أن ماكرون يريد الاستعجال في معالجة موضوع «الإسلام السياسي»، ومحاربة تغلغله في المجتمع الفرنسي.

وقرّر ماكرون، نظراً «لأهمية الموضوع وخطورة الوقائع المثبتة»، نشر التقرير في اليومين المقبلين، علماً أنه أصبح متوافراً في الوسطين السياسي والإعلامي. كذلك طلب ماكرون من وزرائه تقديم مقترحات جديدة ستتم دراستها في اجتماع مقبل لمجلس الدفاع في مطلع شهر يونيو (حزيران).

بالمقابل، فقد أعلن روتايو في مجلس الشيوخ، عقب انتهاء اجتماع الإليزيه، أن «ما يتعين اقتراحه في الأسابيع أو الأشهر المقبلة هو تحسين تنظيم الدولة، من خلال وجود مسؤول فعلي في مجال الاستخبارات، ونيابة إدارية تابعة لوزارة الداخلية لتولي مهام الحل والمنع الإداري». وأضاف أن العمل ضد الشبكات المالية أمر «أساسي»، لكنه أقر بأن «هناك ثغرات في النظام». كما تحدّث أخيراً عن «استراتيجية توعية موجهة للجمهور العام»، عادّاً أنه «من الضروري تدريب الموظفين العموميين والمنتخبين المحليين».

وكان التقرير قد قدم ستة مقترحات؛ أولها العمل على «فهم التهديد بشكل أفضل» لمحاربة الإسلام السياسي بفاعلية أكبر. وثانيها، تطوير العلوم الإسلامية لمحاربة «استراتيجية أسلمة المعرفة». وثالث المقترحات فهم واقع وتطلعات المسلمين في فرنسا والاستجابة لها، ورابعها تعزيز تعليم اللغة العربية في المدارس الرسمية. وخامسها الاعتراف بالدولة الفلسطينية لتخفيف الشعور بـ«الإسلاموفوبيا الرسمية»، وأخيراً تعديل قوانين الدفن المتبعة بخصوص المسلمين.