شولتس يدعو إلى استثناء اليمين المتطرف من التحالفات بعد الانتخابات في ألمانيا

المستشار الألماني يصف نتائج الانتخابات بـ«المريرة»

المستشار الألماني أولاف شولتس (د.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس (د.ب.أ)
TT

شولتس يدعو إلى استثناء اليمين المتطرف من التحالفات بعد الانتخابات في ألمانيا

المستشار الألماني أولاف شولتس (د.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس (د.ب.أ)

حضّ المستشار الألماني، أولاف شولتس، الأحزاب الرئيسية، اليوم (الاثنين)، على الوقوف في وجه «حزب البديل من أجل ألمانيا» المتطرّف، بعدما حقق الحزب مكاسب تاريخية في انتخابات محلية نُظّمت في مقاطعتين بالشرق.

وقال شولتس على «فيسبوك» إن هناك «دعوة الآن لجميع الأحزاب الديمقراطية إلى تشكيل حكومات مستقرة من دون متطرّفين يمينيين» في مقاطعتَي تورينغن وساكسونيا، واصفاً نتائج الأحد بأنها «مقلقة».

ويبرز اليمين المتطرف بوصفه لاعباً رئيسياً في ألمانيا بعد نتائجه القياسية في اقتراعين إقليميين شرق البلاد، مما زاد من إضعاف ائتلاف يسار الوسط بزعامة أولاف شولتس قبل عام من الانتخابات البرلمانية.

ووصف شولتس نتائج الانتخابات في ولايتي تورينغن وساكسونيا بأنها «مريرة». وفي الوقت نفسه، أعرب المستشار عن ارتياحه لأن «التوقعات المتشائمة» التي كانت تشير إلى احتمال سقوط حزبه «الاشتراكي الديمقراطي» تحت عتبة الخمسة في المائة (المؤهلة للتمثيل في البرلمان) لم تتحقق.

وجاء في أول رد فعل من المستشار على النتائج، التي نشرها شولتس؛ بصفته نائباً في البرلمان الاتحادي، على «إنستغرام»، القول: «نتائج الانتخابات يوم الأحد مريرة؛ حتى بالنسبة إلينا. ومع ذلك، فإن (الحزب الاشتراكي) تماسك. لقد نفذنا معاً حملة انتخابية جيدة وواضحة». وأضاف: «يتضح من ذلك أن النضال يؤتي ثماره. الآن يجب علينا الاستمرار في العمل من أجل جذب مزيد من الدعم والتأييد».

يذكر أن «الحزب الاشتراكي» حصل في الانتخابات البرلمانية في ولايتي ساكسونيا وتورينغن شرق ألمانيا على 7.3 في المائة و6.1 في المائة على التوالي، وهي أسوأ نتيجة يسجلها الحزب منذ عام 1990، كما تعدّ النتيجة في تورينغن هي الأسوأ على الإطلاق لـ«الحزب الاشتراكي» في أي انتخابات برلمانية محلية، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية». وأشار شولتس إلى أن ما يقلقه على نحو خاص هي النتائج التي حققها حزب «البديل من أجل ألمانيا» في ساكسونيا وتورينغن؛ حيث حصل الحزب؛ المصنف من الاستخبارات الداخلية على أنه «يميني متطرف»، على أكثر من 30 في المائة من الأصوات في كلتا الولايتين. وقال شولتس: «لا يمكن ولا ينبغي لبلادنا أن تعتاد ذلك. (حزب البديل) يضر بألمانيا؛ فهو يضعف الاقتصاد، ويفرق المجتمع، ويدمر سمعة بلادنا. يتعين الآن على جميع الأحزاب الديمقراطية أن تعمل على تشكيل حكومات مستقرة دون وجود لليمينيين المتطرفين».

وجاء رد فعل المستشار على نتائج الانتخابات هذه المرة أسرع مما كانت عليه الحال بعد هزيمة «الحزب الاشتراكي» في انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة حيث كان الحزب حصل على 13.9 في المائة فقط من الأصوات مسجلاً بذلك أسوأ نتيجة له في انتخابات على المستوى الوطني منذ 130 عاماً. في ذلك الوقت، أدلى شولتس بتصريحاته في اليوم التالي؛ فقط بعد أن طلب منه ذلك خلال مؤتمر صحافي مع ضيف من الخارج؛ الأمر الذي قوبل بانتقادات من داخل «الحزب الاشتراكي». ويبدو أن نشر شولتس رد فعله الآن بصفته نائباً في البرلمان الاتحادي يعود إلى عَدِّ الانتخابات والحملات الانتخابية شؤوناً حزبية.

وكان تينو كروبالا، الرئيس المشارك لـ«حزب البديل من أجل ألمانيا» المناهض للمهاجرين والمعروف بمواقفه المؤيدة لروسيا والذي حقق انتصاراً غير مسبوق أمس (الأحد)، حذر بأنه «لن تكون هناك سياسة من دون (حزب البديل من أجل ألمانيا)»، وفق ما أفادت به «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأصبح «حزب البديل من أجل ألمانيا» القوة السياسية الرائدة في تورينغن، وحل ثانياً خلف المحافظين في ساكسونيا، وهما ولايتان من ولايات جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة.


مقالات ذات صلة

السوداني والمالكي... حرب باردة وأكثر

تحقيقات وقضايا السوداني والمالكي... حرب باردة وأكثر

السوداني والمالكي... حرب باردة وأكثر

تدور حرب باردة بين نوري المالكي ومحمد شياع السوداني. يتحرك الاثنان بسرعة نحو حلبة الانتخابات المقبلة. هناك، سيكون الصراع مؤذياً ومفتوحاً.

علي السراي (لندن)
الخليج السفير الجزائري شريف وليد يدشن عملية اقتراع الانتخابات الرئاسية في السفارة بالرياض (الشرق الأوسط)

انطلاق عمليات الاقتراع للانتخابات الرئاسية الجزائرية للجالية بالرياض

انطلقت الاثنين عمليات الاقتراع للانتخابات الرئاسية الجزائرية لرعايا البلاد المسجلين على القوائم الانتخابية للدائرة الانتخابية بالرياض.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
شمال افريقيا صورة واحدة للمرشحين الثلاثة للانتخابات الجزائرية (الشرق الأوسط)

الجزائر تقر تدابير خاصة لتأمين الانتخابات الرئاسية

غلق كل الأسواق الأسبوعية بكل أنواعها، بالإضافة إلى منع سير مركبات نقل مواد البناء، وصهاريج الوقود، وتأجيل كل التظاهرات الرياضية والثقافية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رجل الأعمال التونسي والنائب السابق المرشح للانتخابات الرئاسية العياشي زمال (لقطة من فيديو)

توقيف مرشح للرئاسة التونسية بشبهة تزوير التزكيات

تتهم المعارضة هيئة الانتخابات، بقطع الطريق أمام شخصيات معارضة من خلال وضع شروط مشددة للترشح للرئاسة

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا رجل الأعمال التونسي والنائب السابق المرشح للانتخابات الرئاسية العياشي زمال (لقطة من فيديو)

توقيف المرشح الرئاسي التونسي العياشي زمال

قال عضو في حملة المرشح الرئاسي التونسي العياشي زمال، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن الشرطة ألقت القبض عليه.

«الشرق الأوسط» (تونس)

جدل في النمسا بسبب إجازة قتل الذئاب

تتمتع الذئاب في دول الاتحاد الأوروبي بحماية صارمة بموجب معاهدة بيرن (أ.ف.ب)
تتمتع الذئاب في دول الاتحاد الأوروبي بحماية صارمة بموجب معاهدة بيرن (أ.ف.ب)
TT

جدل في النمسا بسبب إجازة قتل الذئاب

تتمتع الذئاب في دول الاتحاد الأوروبي بحماية صارمة بموجب معاهدة بيرن (أ.ف.ب)
تتمتع الذئاب في دول الاتحاد الأوروبي بحماية صارمة بموجب معاهدة بيرن (أ.ف.ب)

تثير هجمات الذئاب مخاوف مربّي الماشية في النمسا، ويفضّل بعضهم، على غرار ريناتي بيلز، تجنّب تكرار تجربة الليلة «الكابوسية» من خلال الكفّ عن اقتناء الحيوانات، ما دفع السلطات إلى إجازة إطلاق النار عليها وقتلها، وسط استياء أنصار حماية البيئة.

وقالت هذه المزارعة النشيطة البالغة 55 عاماً التي تحيط الغابات بإسطبلها في منطقة أربسباخ (شمال شرقي النمسا) حيث باتت توجد أربعة قطعان من الذئاب «لقد فقدت في العام المنصرم نعجتين وحملين».

وأوضحت وهي تعرض لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» صوراً لحيواناتها مضرجة بالدماء بعد تعرضها لعضات شديدة حتّمت إنهاء حياتها بالقتل الرحيم، أن تربية الأغنام «تتطلب الكثير من العمل، ولم تعد مربحةً». وأضافت «الأهم أنني لم أعد أرغب في هذا العمل على الإطلاق».

ويُسجّل وجود للذئاب راهناً في 23 من دول الاتحاد الأوروبي حيث تتمتع «بحماية صارمة» بموجب معاهدة بيرن، وتتفاوت المواقف من تكاثر أعداد هذه الحيوانات المنتمية إلى فصيلة الكلبيات، مع أنها كانت انقرضت في القرن التاسع عشر.

وفي النمسا، بدأت تعود تدريجياً منذ عام 2009. ونظراً إلى كونها لا تواجه أي مقاومة، زاد عددها في السنوات الأخيرة من 80 عام 2022 إلى 104 هذه السنة.

مناطق «خالية من الذئاب»

شغلت هذه القضية خلال الصيف الصحف الشعبية وشبكات التواصل الاجتماعي في الدولة التي تضم أراضيها جزءاً من جبال الألب، مما أثار قلقاً.

وعدّدَ غيرهارد فالنت الذي تعرّض قطيعه للهجوم أيضاً على بُعد بضعة كيلومترات من أربسباخ، الأضرار الناجمة عن عودة الحيوان المفترس، ومنها مثلاً فقدان الأرض قيمتها العقارية، وتَحَوُّل الأبقار إلى عدوانية.

وأفاد الرجل الستينيّ بأن «مزارع عائلية» في المنطقة «توقفت عن العمل»، وأسس فالنت جمعية تدعو إلى «تنظيم أعداد الذئاب» في كل منطقة «يقيم فيها البشر ويعملون»، حيث الطبيعة ليست برّية بل تحفل بأنشطة الرعي.

حتى أن الرحلات المدرسية ألغِيَت، وباتت الحافلة توصِل التلاميذ إلى منازلهم طوال عام بعد وقوع حادث.

وقال فالنت «نريد أن يتمكن أطفالنا من اللعب مجدداً في الغابة» وأن «تظل المنطقة جذّابة للسياح».

حماية عفى عليها الزمن

وأعطى فالنت أمثلة عن مناطق عدة في الجنوب والغرب حيث أثمر السماح بإطلاق النار على الذئاب منذ عام 2022 في الحدّ بشكل كبير من الهجمات.

وفي كارينثيا على وجه الخصوص، يسود اقتناع بأنه ما مِن حل آخر.

وأشار نائب حاكم المنطقة مارتن غروبر إلى التمكن من «القضاء على 13 ذئباً». لكنه رأى أن وضع حواجز «مستحيل» بسبب التضاريس الوعرة. واعتبر أن ذلك سيكون بمثابة «إهدار للمال العام».

ورأى أن إحصاء 20300 ذئب في الاتحاد الأوروبي العام الفائت يُظهر أن هذا النوع ليس مهدداً، داعياً إلى خفض مستوى الحماية الذي «عفى عليه الزمن».

وفي خريف عام 2023، دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أيضاً إلى تعديل النظام في مواجهة «الخطر الحقيقي» الذي تشكله قطعان الذئاب.

إلا أن دعاة حماية الحياة البرية ينظرون إلى المسألة من زاوية مختلفة. وطعن عدد من الجمعيات في المراسيم التي تجيز إطلاق النار على الذئاب، وفي يوليو (تموز)، اعتبر القضاء الأوروبي أنه ليس لدى النمسا ما يكفي من الذئاب لقتلها جماعياً، وينبغي عليها اتخاذ تدابير مناسبة.

حكايات

تشكّل النمسا التي يبلغ عدد سكانها 9.1 مليون نسمة حالة خاصة في هذا المجال، إذ تقع في وسط أوروبا، وهي نقطة التقاء لثلاث مجموعات كانت كل منها حتى الآن معزولة عن الأخرى، إحداها في جبال الألب والثانية من البلقان والثالثة من السهول الشرقية.

ولاحظت مديرة مركز وولف للعلوم ماريان هيبرلين أن هذه الذئاب «تمكنت من النجاة من الصيد الكثيف» قبل قرن أو أكثر، «وهي اليوم في طور الانتشار بفضل الحماية»، وبدأت بالالتقاء.

وفي هذا المركز التابع لجامعة الطب البيطري في فيينا والذي يوصف بأنه فريد من نوعه في العالم ويقع على بعد ساعتين من أربسباخ، يمتلك الباحثون عشرة ذئاب و13 كلباً، يمكنهم مقارنتها لفهم عملية التدجين.

وأضافت العالِمَة أن المركز يساهم أيضاً في «تعريف عامة الناس بالذئاب ولكن بطريقة محايدة، من دون تجميل صورة الحيوان أو إعطاء فكرة سيئة عنها».

وذكّرت بأن «الخوف من الذئب يعود إلى زمن بعيد من التاريخ»، والاحتكاكات بين هذه الحيوانات والبشر كانت موجودة باستمرار، وشكّلت مادة لـ«الحكايات» التي تُسرَد للأطفال.