بريطانيا تعتزم الإسراع في ترحيل المهاجرين غير القانونيين

مهاجرون يصلون إلى ميناء دوفر على متن سفينة تابعة لقوات الحدود بعد أن تم إنقاذهم أثناء محاولتهم عبور القناة الإنجليزية في دوفر ببريطانيا في 24 أغسطس 2022 (رويترز)
مهاجرون يصلون إلى ميناء دوفر على متن سفينة تابعة لقوات الحدود بعد أن تم إنقاذهم أثناء محاولتهم عبور القناة الإنجليزية في دوفر ببريطانيا في 24 أغسطس 2022 (رويترز)
TT

بريطانيا تعتزم الإسراع في ترحيل المهاجرين غير القانونيين

مهاجرون يصلون إلى ميناء دوفر على متن سفينة تابعة لقوات الحدود بعد أن تم إنقاذهم أثناء محاولتهم عبور القناة الإنجليزية في دوفر ببريطانيا في 24 أغسطس 2022 (رويترز)
مهاجرون يصلون إلى ميناء دوفر على متن سفينة تابعة لقوات الحدود بعد أن تم إنقاذهم أثناء محاولتهم عبور القناة الإنجليزية في دوفر ببريطانيا في 24 أغسطس 2022 (رويترز)

أعلنت الحكومة البريطانية، اليوم (الاثنين)، عن «برنامج جاد» لإعادة المهاجرين غير المصرح لهم بالبقاء في المملكة المتحدة إلى بلدانهم الأصلية، بدلاً من خطة الحكومة السابقة بترحيلهم إلى رواندا، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

تحاول بريطانيا منذ سنوات الحد من الهجرة غير الشرعية، لا سيما وصول المهاجرين عبر بحر المانش على متن قوارب مطاطية، لكن تعرّضت سياسة الغالبية المحافظة السابقة لانتقادات واسعة النطاق وجّهتها جمعيات لمساعدة طالبي اللجوء وهيئات دولية وأوروبية عديدة.

وأكد رئيس الوزراء العمّالي الجديد كير ستارمر، فور وصوله إلى السلطة، التخلي عن مشروع ترحيل المهاجرين إلى رواندا المثير للجدل، الذي أُطلق في عام 2022 لكنه لم ينفّذ، معتقداً أنه «مات ودُفن» حتى قبل أن يبدأ.

وبدلاً من ذلك، تعهد بمعالجة قضية الهجرة «بإنسانية»، وأعلن أنه يريد تسريع معالجة ملفات طالبي اللجوء مع تشديد مكافحة عصابات المهربين بهدف «تعزيز» الحدود.

وقالت وزيرة الداخلية إيفيت كوبر، الاثنين، عارضة تفاصيل هذه الإجراءات في مجلس العموم: «سنستبدل (خطة ترحيل المهاجرين إلى رواندا) ونتبع برنامجاً جدياً للعودة وإنفاذ القانون».

ونددت بالمشروع الذي كلف دافعي الضرائب البريطانيين «700 مليون جنيه إسترليني» (830 مليون يورو).

وقالت: «استبدلنا على الفور الرحلات المُجَدْولة إلى رواندا ونعتزم إطلاق رحلات لإعادة الأشخاص الذين ليس لهم الحق في البقاء (في بريطانيا) إلى بلدهم الأصلي».

وأضافت أنها طلبت من أجهزة وزارتها «تكثيف عمليات المراقبة هذا الصيف، لاستهداف العمل غير القانوني في القطاعات ذات المخاطر العالية».

وتعتزم لندن أيضاً تعزيز تعاونها مع جيرانها الأوروبيين لمكافحة «أسباب» الهجرة «لا سيما من خلال عملية روما» وهو برنامج للتعاون بين الدول التي ينطلق منها المهاجرون والدول التي يقصدونها، أُطلق العام الماضي برعاية رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.

وأعلنت بريطانيا، الأسبوع الماضي، رغبتها في تخصيص 84 مليون جنيه إسترليني (99 مليون يورو) مساعدات تنموية لشمال أفريقيا والشرق الأوسط.

وحذرت إيفيت كوبر قائلة: «علينا أن نتحرك قبل وصول القوارب بفترة طويلة» إلى فرنسا لنقل المهاجرين.

وبهدف الحد من الهجرة النظامية، أعلن كير ستارمر، الاثنين، إطلاق وكالة تهدف إلى تحسين التدريب للاستجابة للنقص الهائل في العمالة الذي يؤثر على قطاعات معينة.


مقالات ذات صلة

مقتل 40 شخصاً بحريق في قارب للمهاجرين قبالة سواحل هايتي

أميركا اللاتينية نقل جثمان شخص في بور أو برنس توفي بمرض السل في 9 يوليو 2024 (إ.ب.أ)

مقتل 40 شخصاً بحريق في قارب للمهاجرين قبالة سواحل هايتي

اندلع حريق في قارب للمهاجرين قبالة سواحل هايتي؛ ما أسفر عن مقتل 40 شخصاً على الأقل، وإصابة آخرين، في مأساة توضح حجم الأزمة في البلد الفقير.

«الشرق الأوسط» (بور أو برنس)
شمال افريقيا رانيا المشاط خلال لقاء وفد الاتحاد الأوروبي (مجلس الوزراء المصري)

مصر والاتحاد الأوروبي ينسقان لمجابهة «الهجرة غير الشرعية»

تنسق مصر والاتحاد الأوروبي لمجابهة «الهجرة غير الشرعية»، عبر برامج تعليمية وآليات حماية اجتماعية للشباب والأسر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا ستارمر مع الرئيس الأوكراني (إ.ب.أ)

كير ستارمر يستقبل قادة أوروبا لبحث ملفَي الأمن والهجرة ويحثّهم على مساعدة أوكرانيا

ستارمر يحثّ الزعماء الأوروبيين على والوقوف بثبات لدعم أوكرانيا ومواجهة «أزمة» الهجرة غير الشرعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا فعاليات الجولة الرابعة رفيعة المستوى حول الهجرة بين مصر والاتحاد الأوروبي (الخارجية المصرية)

محادثات مصرية - أوروبية لتعزيز مكافحة «الهجرة غير النظامية»

بهدف تعزيز جهود مكافحة «الهجرة غير النظامية» إلى أوروبا، استضافت العاصمة المصرية القاهرة، فعاليات الحوار الرفيع المستوى حول الهجرة بين مصر والاتحاد الأوروبي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا من تصويت البرلمان الفنلندي لصالح إقرار قانون يمنح حرس الحدود سلطة منع عبور طالبي اللجوء من روسيا (د.ب.أ)

فنلندا تقرّ قانوناً يمنع قدوم المهاجرين عبر روسيا

أقر البرلمان الفنلندي، الجمعة، قانوناً يمنح حرس الحدود سلطة منع عبور طالبي اللجوء من روسيا بعد وصول أكثر من 1300 شخص إلى البلاد؛ ما اضطر هلسنكي لإغلاق حدودها.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)

السلطات الفرنسية تراهن على «الأولمبياد» لقلب صفحة الانتخابات

الرئيس إيمانويل ماكرون يحمل صينيته لدى زيارته الصباحية لمطعم القرية الأولمبية الاثنين (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون يحمل صينيته لدى زيارته الصباحية لمطعم القرية الأولمبية الاثنين (رويترز)
TT

السلطات الفرنسية تراهن على «الأولمبياد» لقلب صفحة الانتخابات

الرئيس إيمانويل ماكرون يحمل صينيته لدى زيارته الصباحية لمطعم القرية الأولمبية الاثنين (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون يحمل صينيته لدى زيارته الصباحية لمطعم القرية الأولمبية الاثنين (رويترز)

«لا صوت يعلو فوق صوت الألعاب الأولمبية»، هكذا يمكن تلخيص الوضع العام الذي يغلّف حياة الفرنسيين، خصوصاً الباريسيين، في الأيام الأخيرة ومع اقتراب «يوم الحسم» الذي تنطلق معه «الأولمبياد». والبداية ستكون مع الحفل الافتتاحي الاستثنائي ليل الجمعة ــ السبت، ثم انطلاق الألعاب في اليوم التالي بمشاركة 206 بعثات أولمبية تمثّل الغالبية الساحقة من بلدان العالم، وأكثر من 11300 رياضي، فباريس تنتظر هذا الحدث العالمي منذ مائة عام؛ إذ إنها نظّمت دورة الألعاب للمرة الثانية في تاريخها عام 1924، بدءاً من الخامس من يوليو (تموز)، وبحضور 46 بعثة عالمية، و40 ألف مشاهد، في ملعب يسمى «استاد كولومب». ومنذ ذلك التاريخ تغيّرت الأمور كثيراً، وزاد الاهتمام العالمي والشعبي بها، إلى درجة أنها تحوّلت إلى مادة تَخاصُم بين الدول للفوز بتنظيمها، رغم كُلفتها العالية (6.5 مليار يورو بالنسبة لفرنسا)، لكن مردودها السياسي والسياحي والرياضي والثقافي والترويجي يتفوق غالباً على كُلفتها.

رياضيون في القرية الأولمبية الواقعة في ضاحية سان دوني على مدخل باريس الشمالي الاثنين (أ.ف.ب)

وتراهن السلطات الفرنسية تحديداً على الأثر الإيجابي للألعاب الأولمبية؛ لانتشال ضاحية سان دوني، التي بُنِيت ضمن محيطها «القرية الأولمبية»، من فقرها وعُزلتها، ومن الصورة السيئة التي تعكسها. وشدّد ماكرون، مفتتِحاً، صباح الاثنين، مركزَي الشرطة والإطفاء في القرية المذكورة، على أهمية الإنجاز الذي جاء «ثمرة عمل ضخم أحدث تغييراً في البلاد، خصوصاً في منطقة سين - سان - دوني»، ووعد بالعودة إلى المنطقة عينها «لرؤية الإرث، ولمعاينة ما تغيّر» في حياة الناس.

رئيس اللجنة الأولمبية العالمية توماس باخ متحدثاً إلى الصحافة في الإليزيه (أ.ف.ب)

مردود الهدنة الأولمبية

ليس مفاجئاً أن يكون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكثر الفرنسيين، مواطنين ومسؤولين، سعادةً بقرب انطلاق هذه الألعاب في باريس، وعدد من المدن الفرنسية الكبرى، فماكرون يراهن عليها لقلب صفحة الصخب السياسي في البلاد، وأجواء الانتخابات البرلمانية المتوترة التي تسبَّب بها شخصياً، والتي خسرها وحزبه لصالح تحالف اليسار والخضر تحت راية «الجبهة الشعبية الجديدة». إلا أن ائتلاف الوسط، متحالفاً مع اليمين التقليدي نجح في إعادة انتخاب رئيسته السابقة يائيل براون ــ بيفيه لولاية ثانية، وتفرّد برئاسة 6 لجان نيابية من أصل 8، ما خفّف من وقع الهزيمة.

وبعد أكثر من أسبوعين على الجولة الثانية للانتخابات، ما زال ماكرون في الإليزيه، ورئيسة البرلمان متربّعة على سُدّته، وحكومة غابرييل أتال، رغم استقالتها، تُسيّر الشؤون العادية وكأن لا شيء تغيّر منذ الانتخابات، لا، بل إن ماكرون استعاد «بعض الأوكسجين» الذي فقده مع خسارة الانتخابات، وهو يطرح نفسه ليس طرفاً ولكن حَكماً بين المجموعات السياسية الرئيسية التي يتشكّل منها البرلمان الجديد.

في الزيارة التي قام بها، صباح الاثنين، إلى «القرية الأولمبية»، التي شُيّدت في ضاحية سان دوني، الواقعة على مدخل باريس الشمالي، والتي تُعدّ من أكثر الضواحي فقراً وتنوعاً ديموغرافياً، حرص ماكرون على التعبير عن سعادته قائلاً: «فرنسا فخورة جداً باستقبال هذه الألعاب، شكراً من أعماق القلب؛ للسماح لنا باستضافة العالم».

وبينما تدور تساؤلات عن مدى جاهزية السلطات المسؤولة والبنى المعنية بالألعاب استضافةً وتنظيماً وحمايةً، أكّد ماكرون أن بلاده جاهزة، وستكون جاهزة طيلة فترة الألعاب»، ولم تَفُته الإشارة إلى رغبته في أن توفر الألعاب «هدنة أولمبية وسياسية»؛ لأنها ستكون «في قلب حياة البلاد، والعالم سيكون في فرنسا بفضلها».

ويريد الرئيس الفرنسي استعادة التقليد الذي كان متَّبعاً في بداية الألعاب الأولمبية لدى الإغريق (اليونان)، عندما كانت تتوقف الحروب والنزاعات طيلة فترة الألعاب، ولا شك أن الرئيس الفرنسي يريد أن تبرد الحماوة السياسية التي عرفها البرلمان من تبادل اتهامات علنية، ومن مساومات سياسية وراء الأبواب المغلقة، التي أعادت - إلى حد بعيد - إنتاج السلطة كما كانت عليه قبل حل البرلمان.

وفي أي حال، يقوم رهان ماكرون والحكومة على الأجواء الاحتفالية الأولمبية لينسى الناس السياسة، ما يتزامن مع العطلة الصيفية، وإغلاق البرلمان أبوابه حتى بداية سبتمبر (أيلول)، والفرصة الحكومية الشهر القادم، ما يذكّر بما كان يُطرح من حلول للأزمات الشعبية في روما: «الخبز وألعاب السيرك».

وزيرة الرياضة أماليا عوديا ــ كاستيرا ورئيس لجنة باريس 2024 للألعاب الأولمبية والبارالمبية توني أستانغيه (روتيرز)

أولى المناوشات السياسية

منذ اقتراب موعد الألعاب طُرح موضوع مشاركة الرياضيين الإسرائيليين على المستويَين الفرنسي والأولمبي، وفي الحالتين، وبعكس النهج الذي اتُّبع مع الرياضيين من روسيا وبيلاروسيا، الذين مُنعوا من المشاركة في الحفل الافتتاحي، بقيت مشاركة الوفد الرياضي الإسرائيلي قائمةً رغم الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي زادت أعداد ضحاياها على 38 ألف قتيل، وعشرات الآلاف من الجرحى والمفقودين.

ويوم السبت الماضي، وبمناسبة تجمّع حاشد لدعم الفلسطينيين، قال النائب عن منطقة سان دوني، المنتمي إلى حزب «فرنسا الأبية» اليساري المتشدّد، إن «الوفد الإسرائيلي غير مرحَّب به في باريس، والرياضيين الإسرائيليين غير مرحَّب بهم في الألعاب الأولمبية في باريس»، داعياً إلى «التعبئة» حول هذا الحدث.

وأضاف النائب بورت، في حديث لصحيفة «لو باريزيان» لاحقاً: «يجب على الدبلوماسيين الفرنسيين الضغط على اللجنة الأولمبية الدولية لمنع رفع العلم الإسرائيلي وعزف النشيد، كما هو الحال بالنسبة لروسيا»، على خلفية حرب أوكرانيا، مضيفاً: «حان الوقت لإنهاء المعايير المزدوجة».

كانت هذه العبارات كافيةً لإثارة موجة من الانتقادات ضد النائب بورت وحزبه. وسارع وزير الداخلية جيرالد دارمانان إلى التصويب على بورت بقوله إن أقواله «تجعل من الرياضيين الإسرائيليين هدفاً»، وهو ما سبقه إليه رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا يوناتان عارفي، الذي كتب، الأحد، على منصة «إكس»: «النائب بورت كان يصوّب نحو الرياضيين الإسرائيليين»، مذكراً بما حصل في ميونيخ عام 1972.

وقال دارمانان إن «الشرطة الفرنسية ستقوم بتوفير الحماية الأمنية بشكل تام للبعثة الإسرائيلية طيلة 24 ساعة في اليوم»، بمن في ذلك الحكام والرياضيون. ومن جانبه أعلن وزير الخارجية ستيفان سيجورنيه، الذي غاب طويلاً عن الدبلوماسية منذ حلّ البرلمان؛ كونه ما زال يرأس حزب «معاً من أجل الجمهورية» الرئاسي، الاثنين، من بروكسيل، إن «البعثة الإسرائيلية مرحَّب بها في فرنسا من أجل الألعاب الأولمبية»، مؤكداً أنه سيتواصل مع نظيره الإسرائيلي؛ «لطمأنته بالنسبة لأمن البعثة الإسرائيلية» خلال تواجدها على الأراضي الفرنسية.

وذهب عمدة مدينة نيس المتوسطية كريستيان أستروزي، المنتمي إلى حزب «الجمهوريون» اليميني، إلى المطالبة بحل حزب «فرنسا الأبية»، الذي انتُخبت على لائحته الأوروبية نائبة في البرلمان الأوروبي المحامية الفلسطينية ــ الفرنسية ريما حسن، المعروفة بمقارعتها لأنصار إسرائيل في فرنسا.

بيد أن هذه الاتهامات للنائب بروت دفعت المنسق العام لحزبه للدفاع عنه.

وقال مانويل بومبار: «إنني أعبّر عن دعمي للنائب بورت إزاء حملة الحقد التي يتعرض لها»، مضيفاً أنه «إزاء انتهاكات الحكومة الإسرائيلية المتكررة للقانون الدولي، من المشروع أن تطلب مشاركة الرياضيين الإسرائيليين تحت راية محايدة (أي غير العلم الإسرائيلي)، كما هو الحال مع الرياضيين الروس بسبب حرب أوكرانيا.

أما النائب إيمريك كارون، المنتمي إلى الحزب نفسه، فقد اعتبر الجدل المثار «غير مشرّف»، وأضاف: «إن العلَم الإسرائيلي الملطّخ بدم الغزاويين الأبرياء لا يجب أن يخفق في باريس هذا الصيف». ووصف الحملة ضد النائب بورت بأنها «من فِعل الداعمين العاديين للحكومة الإسرائيلية مرتكِبة المجازر، والمسؤولة عن مقتل عشرات الآلاف من الضحايا في غزة منذ 9 أشهر، خصوصاً من المدنيين وتحديداً الأطفال»، وندّد آخرون بـ«ازدواجية المعايير» في التعامل، وبغضّ النظر عما ترتكبه إسرائيل.

انتشار أمني في باريس قبل انطلاق الألعاب الأولمبية (رويترز)

التحدي الجوي

إذا كان التحدي الأمني يُعدّ الأكثر خطورة بالنسبة للسلطات الفرنسية التي عبّأت الآلاف من رجال الشرطة والدرك والمخابرات، وما لا يقل عن 18 ألف رجل من القوات المسلحة، فضلاً عن استعانتها ببعثات أمنية من 16 بلداً، بما في ذلك من العالم العربي، فإن الخطر الأكبر تراه في توفير الحماية الجوية للحفل الافتتاحي، الذي سيحصل ليل الجمعة ــ السبت، وسيمتد لـ6 كيلومترات على نهر السين، الذي يقسم باريس لقسمين شمالاً وجنوباً.

ويؤكد المنظّمون أنه سيكون الأضخم في التاريخ، حيث سينطلق من جسر أوسترليتز شرقاً، وحتى جسر إيينا غرباً (أوسترليتز وإيينا هما اسما معركتين رئيسيتين ربحتهما جيوش الإمبراطور نابوليون بونابرت) بداية القرن التاسع عشر.

وعمد سلاح الجو إلى تنظيم «مظلّة واقية» فوق باريس، وفوق المواقع التي ستشهد مباريات رياضية، فضلاً عن القرية الأولمبية والمواقع الأساسية الأخرى. وبالطبع، ووفق وزارة الدفاع، فإن الوسائل المعبّأة تشمل الطوّافات والطائرات القتالية والرادارات والمسيّرات...، وذلك في إطار خطة متكاملة مع إدارة الطيران المدني.

وفي هذا السياق، فإنه سيتم إغلاق الأجواء في دائرة قطرها 150 كلم (ما يشكّل المطارات الرئيسية كافةً التابعة لباريس)، بدءاً من الساعة السادسة والنصف، وحتى منتصف الليل (أي حتى بعد انتهاء الحفل الافتتاحي). وعملياً يعني القرار أن كافة الطائرات التجارية والسياحية ستبقى على مدرجاتها في مطارات رواسي ــ شارل ديغول وأورلي وبوفيه ولوبورجيه، ويمس القرار 500 عملية إقلاع وهبوط في المطارات الأربعة، أما الرحلات الواصلة إليها بعد الساعة السادسة والنصف، فسيتم تحويلها إلى مطارات أخرى في فرنسا.

أما بالنسبة للمسيّرات، فقد تم إيجاد مركز تنسيق في قاعدة «فيلاكوبليه»، ومهمته القضاء بكل الوسائل المتاحة على أي تهديد يمكن أن تشكّله أية مسيّرة، سواءً كانت مثلاً حاملةً لعلَم من الأعلام، أو مفخّخة. وعُلم أن مجموعة كبيرة من القناصة الذين تقوم مهمتهم على إسقاط هذه المسيّرات سيتم نشرهم إلى جانب وسائل الدفاع الجوي التقليدية.

وأفادت معلومات دفاعية بأن باريس كانت تراهن على استخدام النظام المتقدّم الذي تنتجه شركة «طاليس»، بالاشتراك مع شركة «سوبرا ــ ستيريا»، إلا أن التأخير الذي ألمّ به دفَعها إلى اللجوء إلى نظام قديم يسمى «ميلاد»، وإلى استئجار أو استعارة أنظمة أخرى من طراز «باسالت»، من إنتاج بريطاني.

كذلك ستكون مهمة الجيش مراقبة ومنع «المسيّرات البحرية»، انطلاقاً من المراقبة الجوية من جهة، والأرضية من خلال عناصر منتشرة بموازاة نهر السين. كذلك سيستعين الجيش بغوّاصي الفرقة الهندسية الثالثة المتخصّصة بعمليات التدخل، فضلاً عن اللجوء إلى الكلاب البوليسية.