اليمين المتطرف يتصدر نتائج الانتخابات الفرنسية

التكتلات السياسية تتحضر للحسم في 7 يوليو.... وسيناريوهان للمستقبل

رئيس «التجمع الوطني (اليمين المتطرف)» لدى وصوله إلى مقر الحزب في باريس الأحد (رويترز)
رئيس «التجمع الوطني (اليمين المتطرف)» لدى وصوله إلى مقر الحزب في باريس الأحد (رويترز)
TT

اليمين المتطرف يتصدر نتائج الانتخابات الفرنسية

رئيس «التجمع الوطني (اليمين المتطرف)» لدى وصوله إلى مقر الحزب في باريس الأحد (رويترز)
رئيس «التجمع الوطني (اليمين المتطرف)» لدى وصوله إلى مقر الحزب في باريس الأحد (رويترز)

تصدّر اليمين الفرنسي المتطرّف بقيادة جوردان بارديلا، الأحد، بفارق كبير، نتائج الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية التاريخية في فرنسا، وقد يصل إلى الحكم لأول مرة في ظل «الجمهورية الخامسة»، وفق تقديرات أولى لمراكز استطلاع الرأي.

وبحصوله على ما بين 34.2 و34.5 في المائة من الأصوات، تقدّم «التجمع الوطني» وحلفاؤه على تحالف اليسار (الجبهة الشعبية الوطنية) الذي حصد ما بين 28.5 و29.1 في المائة من الأصوات، فيما حل معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون ثالثاً (20.5 إلى 21.5 في المائة) في هذا الاقتراع الذي شهد مشاركة كثيفة. أما الجمهوريون (يمين) الذين لم يتحالفوا مع اليمين المتطرف، فنالوا 10 في المائة.

وتشير التوقعات الأولى لعدد المقاعد في «الجمعية الوطنية (البرلمان)» إلى أن «التجمع الوطني» وحلفاءه سيحصدون «غالبية نسبية كبيرة» وربما «غالبية مطلقة» بعد الدورة الثانية المقررة الأحد المقبل.

«تحالف واسع»

وقال ماكرون في تصريح مكتوب وزّع على وسائل الإعلام مساء الأحد: «في مواجهة (التجمع الوطني)؛ إنه الآن وقت تحالف واسع يكون بوضوح ديمقراطياً وجمهورياً في الدورة الثانية». وأشاد بـ«المشاركة الكبيرة التي تُظهر أهمّية هذا الاقتراع بالنسبة إلى جميع مواطنينا وإرادة توضيح الوضع السياسي»، مضيفاً أن «خيارهم الديمقراطي يلزمنا»، وذلك بعدما جمع رؤساء أحزاب يمين الوسط الذين يحكم معهم منذ 2017.

بدوره، حضّ رئيس الوزراء الفرنسي، غابريال أتال، الناخبين، الأحد، على عدم إعطاء اليمين المتطرّف ولو «صوتاً واحداً» في الجولة الثانية من الانتخابات العامة. وقال أتال إن «اليمين المتطرف على أبواب السلطة»، محذراً بأن الحزب قد يحقق غالبية مطلقة. وأضاف: «هدفنا واضح: منع حزب (التجمع الوطني) من الفوز في الجولة الثانية. يجب ألّا يذهب أيّ صوت إلى حزب (التجمع الوطني)».

زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن لدى وصولها إلى مقر حزب «التجمع الوطني» في باريس الأحد (رويترز)

من جهتها، أكّدت زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبن، أنّ «معسكر ماكرون تم محوه عملياً»، معلنة إعادة انتخابها من الدورة الأولى في دائرتها؛ با دو كاليه، بشمال البلاد.

ورفض حزب الجمهوريين (يمين محافظ)، الذي حصل على نحو 10 في المائة من الأصوات في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية في فرنسا؛ وفق أولى التقديرات، دعوة ناخبيه إلى التصويت ضد «التجمع الوطني» اليميني المتطرف في الدورة الثانية. وقالت قيادة الحزب في بيان: «حيث لن نكون موجودين في الدورة الثانية، وبالنظر إلى أن الناخبين أحرار في خيارهم، فلن نُصدر تعليمات وطنية، وسنترك الفرنسيين يعبّرون استناداً إلى ضمائرهم». وعدّ النائب الأوروبي عن الجمهوريين فرنسوا كزافييه بيلامي أن «الخطر الذي يهدّد بلادنا اليوم هو اليسار المتطرّف».

وفي معسكر اليسار، أعلن المدافعون عن البيئة والاشتراكيون والشيوعيون أنهم سينسحبون إذا كان ثمة مرشح آخر في موقع أفضل للحؤول دون فوز «التجمع الوطني». وصب موقف رئيس كتلة اليسار الراديكالي، جان لوك ميلانشون، في التوجه نفسه عبر إعلانه انسحاب مرشحي اليسار الذين احتلوا المركز الثالث الأحد. ورأى ميلانشون أن نتائج الانتخابات تشكل «هزيمة ثقيلة لا تقبل الجدل» للرئيس ماكرون، وقال: «التزاماً بمبادئنا ومواقفنا الثابتة في كل الانتخابات السابقة (...) نسحب ترشيحنا؛ لأننا لم نحتل سوى المرتبة الثالثة». وصرح النائب الأوروبي عن اليسار رافاييل غلوكسمان: «أمامنا 7 أيام لتجنيب فرنسا كارثة».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته بمدينة لي توكيه بشمال البلاد السبت (أ.ف.ب)

سيناريوهان

ومع إحرازه أفضل نتيجة في تاريخه في الدورة الأولى من انتخابات تشريعية، فلدى «التجمع الوطني» أمل كبير في الحصول على «غالبية نسبية» أو «مطلقة» في 7 يوليو (تموز) الحالي.

وفي حال أصبح رئيسه جوردان بارديلا رئيساً للوزراء، فستكون أول مرة منذ الحرب العالمية الثانية تحكم فيها حكومة منبثقة من اليمين المتطرف فرنسا. لكن رئيس «التجمع الوطني» سبق أن أعلن أنه لن يقبل بهذا المنصب إلا إذا نال حزبه «الغالبية المطلقة». وكرر بارديلا الأحد بعد صدور أولى التقديرات أنه يريد أن يكون «رئيساً للوزراء لجميع الفرنسيين»، مشدداً على أن «الشعب الفرنسي أصدر حكماً واضحاً». وسيفضي الأمر إلى تعايش غير مسبوق بين ماكرون؛ الرئيس الحامل للمشروع الأوروبي، وحكومة أكثر عداء للاتحاد الأوروبي.

والسيناريو الثاني الممكن هو «جمعية وطنية (برلمان)» متعثرة من دون إمكان نسج تحالفات في ظل استقطاب كبير بين الأطراف؛ الأمر الذي يهدد بإغراق فرنسا في المجهول.

وفي ختام اليوم الانتخابي الذي شهد إقبالاً كثيفاً على مكاتب الاقتراع، توقعت مراكز الاستطلاع ألا تقل نسبة المشاركة عن 65 في المائة.

وفي مكاتب الاقتراع، لم يُخفِ عدد كبير من الناخبين قلقهم حيال هذه الانتخابات المبكرة. وقالت روكسان لوبران (40 عاماً) في بوردو (جنوبي غرب): «أود أن أستعيد الهدوء؛ لأن كل شيء اتخذ منحى مقلقاً منذ الانتخابات الأوروبية». وقال الشرطي كريستوف (22 عاماً) في سان إتيان إنه قلق بشدة حيال انتخابات «ستؤدي إلى مزيد من الانقسام في صفوف الشعب».


مقالات ذات صلة

بايدن: اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» سيدخل حيز التنفيذ صباح الغد

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

بايدن: اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» سيدخل حيز التنفيذ صباح الغد

أكّد الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم (الثلاثاء) على أن التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان «نبأ سار وبداية جديدة للبنان».

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)

تحليل إخباري الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

لبنان: الأوراق المتاحة لفرنسا للرد على إسرائيل لإزاحتها من مساعي الحل ولجنة الإشراف على وقف النار .

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في ريو دي جانيرو (د.ب.أ)

ماكرون يندد بموقف روسيا «التصعيدي» إزاء أوكرانيا ويدعو بوتين «للتعقّل»

ندّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، بموقف روسيا «التصعيدي» في الحرب في أوكرانيا، داعياً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى «التعقّل».

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بوينس أيرس (أ.ف.ب)

ماكرون: بوتين «لا يريد السلام» في أوكرانيا

أوضح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين «لا يريد السلام» مع كييف و«ليس مستعداً للتفاوض».

«الشرق الأوسط» (بوينس أيرس)

«مجموعة السبع» لـ«حل دبلوماسي» في لبنان

وزير خارجية إيطاليا أنطونيو تاياني في مؤتمر صحافي بختام أعمال اجتماع وزراء «مجموعة السبع» في فيوجي الثلاثاء (أ.ف.ب)
وزير خارجية إيطاليا أنطونيو تاياني في مؤتمر صحافي بختام أعمال اجتماع وزراء «مجموعة السبع» في فيوجي الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

«مجموعة السبع» لـ«حل دبلوماسي» في لبنان

وزير خارجية إيطاليا أنطونيو تاياني في مؤتمر صحافي بختام أعمال اجتماع وزراء «مجموعة السبع» في فيوجي الثلاثاء (أ.ف.ب)
وزير خارجية إيطاليا أنطونيو تاياني في مؤتمر صحافي بختام أعمال اجتماع وزراء «مجموعة السبع» في فيوجي الثلاثاء (أ.ف.ب)

انشغل وزراء خارجية «مجموعة السبع»، في اجتماعهم في فيوجي بإيطاليا، بأوضاع لبنان وروسيا وغزة وبمذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأعرب الوزراء في بيان ختامي، الثلاثاء، عن دعمهم «لوقف فوري لإطلاق النار» في لبنان، مؤكدين أن «الوقت حان للتوصل إلى حل دبلوماسي».

وقالوا: «ندعم المفاوضات الجارية من أجل وقف فوري لإطلاق النار بين إسرائيل و(حزب الله)». وأضافوا: «حان الوقت للتوصل إلى حل دبلوماسي، ونرحب بالجهود الدبلوماسية المبذولة في هذا الاتجاه».

روسيا

أدان الوزراء «بأشد العبارات الخطاب النووي غير المسؤول والتهديدي لروسيا، وكذلك موقفها القائم على الترهيب الاستراتيجي»، مشيرين إلى أن «دعمهم وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها واستقلالها سيبقى ثابتاً».

واستخدمت روسيا على الأراضي الأوكرانية صاروخاً باليستياً متوسط المدى (يصل إلى 5500 كيلومتر)، صُمّم ليحمل رأساً نووياً، وأدانت كييف إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات.

وجاء ذلك في أعقاب ضربتين نفذتهما أوكرانيا على الأراضي الروسية بصواريخ «أتاكمز» الأميركية، وصواريخ «ستورم شادو» البريطانية، وهي أسلحة يصل مداها إلى نحو 300 كيلومتر.

نتنياهو وغزة

أعلن وزراء الخارجية أن دول المجموعة ستفي بالتزاماتها «الخاصة» فيما يتعلق بمذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية بحق نتنياهو.

وزراء خارجية «مجموعة السبع» خلال اجتماعهم في فيوجي الثلاثاء (إ.ب.أ)

وقالوا في البيان الختامي: «نؤكد مجدداً التزامنا بالقانون الإنساني الدولي، وسنفي بالتزاماتنا الخاصة. ونؤكد أنه لا يمكن أن يكون هناك تكافؤ بين حركة (حماس) الإرهابية ودولة إسرائيل».

وحثوا الحكومة الإسرائيلية «على احترام التزاماتها الدولية والوفاء بمسؤوليتها لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية الشاملة والسريعة والآمنة ودون عوائق»، إلى قطاع غزّة، الذي «يشهد عدداً مأساوياً ومستمراً بالارتفاع للقتلى».

وورد في البيان الختامي أن «الوضع في غزّة قد أدى إلى بلوغ مستويات غير مسبوقة من انعدام الأمن الغذائي؛ ما أثر في جزء كبير من السكان، خصوصاً في الشمال».

وشدد البيان على أن «ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني، يمثل أولوية، إلى جانب ضمان الأمن أيضاً»، وذلك «بشكل يتم فيه تسليم المساعدات فعلياً إلى الفئات الأكثر ضعفًا».

وقال الوزراء: «نستنكر بشدة تصاعد أعمال العنف التي يمارسها المستوطنون المتطرفون ضد الفلسطينيين؛ ما يقوض الأمن والاستقرار في الضفة الغربية، ويهدد آفاق السلام الدائم».

وأعربوا عن دعمهم «الأونروا» لأداء مهمتها بفاعلية، وأكدوا الدور الحيوي الذي تلعبه.

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك

كانت السعودية قد أكدت، الاثنين، أهمية تعزيز الشراكات المتعددة لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، مشددة في الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول «مجموعة السبع» (G7) مع نظرائهم من بعض الدول العربية، على ضرورة تحمُّل المجتمع الدولي مسؤولياته، والتحرك من أجل وقف فوري لإطلاق النار، وضمان إيصال المساعدات دون قيود والعمل على تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة عبر حل الدولتين.

جاء الموقف السعودي في كلمة لوزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان تطرق خلالها للمستجدات في غزة ولبنان خلال مشاركته في الجلسة الموسعة للاجتماع، مؤكداً في الوقت نفسه، ضرورة خفض التصعيد في لبنان واحترام سيادته، بالإضافة إلى الحاجة الملحة للتوصل لحل دائم للأزمة في السودان، وإنهاء المعاناة الإنسانية فيه.

وعُقدت الجلسة التي حملت عنوان «معاً لاستقرار الشرق الأوسط»، بمشاركة الأردن، والإمارات، وقطر، ومصر، وأحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية. بينما بحث الأمير فيصل بن فرحان مع أنطونيو تاياني، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الإيطالي، في لقاء ثنائي على هامش مشاركته في الجلسة الموسعة للاجتماع الوزاري، العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تنميتها في مختلف المجالات، إضافة إلى مناقشة القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

ولاحقاً، بحث وزير الخارجية السعودي مع نظيرته الكندية ميلاني جولي العلاقات الثنائية بين البلدين، وناقشا آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة بشأنها.

حضر اللقاءين الأمير فيصل بن سطام بن عبد العزيز سفير السعودية لدى إيطاليا.