ما السيناريوهات التي قد يواجهها ماكرون في انتخابات البرلمان الفرنسي؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مركز اقتراع قبل الإدلاء بصوته في انتخابات البرلمان الأوروبي في لو توكيه، شمال فرنسا 9 يونيو 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مركز اقتراع قبل الإدلاء بصوته في انتخابات البرلمان الأوروبي في لو توكيه، شمال فرنسا 9 يونيو 2024 (أ.ف.ب)
TT

ما السيناريوهات التي قد يواجهها ماكرون في انتخابات البرلمان الفرنسي؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مركز اقتراع قبل الإدلاء بصوته في انتخابات البرلمان الأوروبي في لو توكيه، شمال فرنسا 9 يونيو 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مركز اقتراع قبل الإدلاء بصوته في انتخابات البرلمان الأوروبي في لو توكيه، شمال فرنسا 9 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

ستجري الانتخابات التشريعية الفرنسية في الثلاثين من يونيو (حزيران) الجاري والسابع من يوليو (تموز) المقبل، وتنطوي على سيناريوهات عديدة قد يواجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أبرزها قد يشكل تحدياً كبيراً لما تبقى له من الولاية الرئاسية.

السيناريو المفضل لماكرون: الحصول على أغلبية

هذه الانتخابات عالية المخاطر بشكل خاص بالنسبة لمعسكر ماكرون، الذي يعرّض مقاعده الـ250 في الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي) للخطر، وفق تقرير لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، اليوم (الثلاثاء) 11 يونيو 2024. فمنذ الانتخابات التشريعية في يونيو 2022، حصل أنصار ماكرون على أغلبية نسبية فقط، بعدما فشلوا في الحصول على 289 مقعداً اللازمة للأغلبية المطلقة.

فمن خلال حلّه الجمعية الوطنية – مساء الأحد الماضي 9 يونيو - ودعوته الناخبين إلى صناديق الاقتراع في وقت مبكر، خاطر ماكرون بإضعاف موقفه أكثر في الجمعية الوطنية.

ويتعين على أنصار الرئيس، الحصول على المقاعد الـ289 اللازمة لينالوا لأغلبية المطلقة في البرلمان.

هذا السيناريو الذي إذا تحقق، سيمكّن ماكرون من إعادة تشكيل الائتلاف الرئاسي في ظل أغلبية موالية له، حسب «لوفيغارو».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال توديع الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير في مطار بيلغارد في ليموج، فرنسا 10 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

أما إذا حقق معسكر الرئيس أغلبية نسبية، فسيكون أمام سيناريو شبيه بسيناريو نتائج انتخابات 2022 التشريعية، بحيث سيغرق الائتلاف الرئاسي مجدداً في مسألة «تأمين الأغلبية». ومثال على ذلك أنه خلال وجودها على رأس الأغلبية النسبية خلال الفترة القصيرة التي أمضتها في رئاسة الوزراء، كانت إليزابيث بورن (الموالية لماكرون) بحاجة دائماً إلى الوصول إلى اتفاقات على النصوص مع المعارضة لتأمين غالبية لتمرير المشاريع في المجلس، وهي مهمة معقدة دفعت رئيسة الوزراء السابقة إلى الاعتماد على الفصل 49 - 3 من الدستور خلال فترة ولايتها، وهي أداة تتيح للسلطة التنفيذية اعتماد النص دون تصويت.

إلا أن سيناريو حصول ماكرون على غالبية مطلقة أو حتى نسبية في الانتخابات التشريعية، يبدو بعيد المنال، وفقاً لمسح أجرته مؤسسة Ifop-Fiducial، إذ بحسب هذه الدراسة، فإن حزب «النهضة» (الموالي لماكرون) وحلفاءه لن يأتي إلا في المركز الثالث بترجيح حصوله على 18 في المائة فقط من أصوات الناخبين، خلف حزب «التجمع الوطني» (الجبهة الوطنية سابقاً) اليميني القومي بزعامة مارين لوبن (35 في المائة) واليسار الموحد بزعامة جان لوك ميلانشون (25 في المائة).

مارين لوبن زعيمة حزب «التجمع الوطني» الفرنسي اليميني القومي تصل إلى مقر الحزب، الاثنين 10 يونيو 2024 في باريس (أ.ب)

سيناريو فوز «التجمع الوطني»

يعتزم حزب «التجمع الوطني» اليميني القومي، الحاصل على 88 نائباً في البرلمان الأخير، الاستفادة من ديناميكياته في الانتخابات الأوروبية (حلوله في المرتبة الأولى بنسبة تخطت 31 في المائة من الأصوات) لقلب ميزان الجمعية الوطنية والفوز بالأغلبية المطلقة. وتَعزَّز أمل «التجمع الوطني»، وفق «لوفيغارو»، من خلال التحالف المُزمع مع حزب «الجمهوريون» اليميني الذي أعلن رئيسه إريك سيوتي، اليوم الثلاثاء، رغبته في التحالف مع «التجمع الوطني».

ونقلت صحيفة «لوموند» الفرنسية في تقرير لها اليوم أيضاً (11 يونيو)، عن إريك سيوتي رئيس «الجمهوريون»، قوله في مسألة التحالف مع «التجمع الوطني»: «نحن بحاجة إلى التحالف مع حزب التجمع الوطني ومرشحيه؛ تحالف يميني مع كل أولئك الذين يجدون أنفسهم في أفكار يمينية، في قيم يمينية».

ولتأكيد أهمية عقد هذا التحالف، سلط سيوتي الضوء على وجود ثلاث «كتل» متعارضة، قائلاً: «على اليسار، تحالف غير طبيعي مع المتمردين»، وكتلة «ماكرونية»، قادت البلاد إلى ما هي عليه اليوم بمزيد من العنف، ومزيد من انعدام الأمن، و«كتلة الحقوق، الكتلة الوطنية». وأضاف: «حزب الجمهوريين أضعف من أن يواجه (بمفرده) الكتلتين الأكثر خطورة». ويرى سيوتي أن حزبه يحتاج إلى هذا الاتفاق مع «التجمع الوطني» للحفاظ على تمثيله في الجمعية الوطنية.

في حال نجاح سيناريو فوز تحالف يميني بين «التجمع الوطني» و«الجمهوريون» في الانتخابات التشريعية، ستكون النتيجة مرحلة جديدة في ولاية ماكرون هي «التعايش الرابع» في تاريخ الجمهورية الخامسة. إذ سيتم، عبر الجمعية الوطنية اختيار رئيس حكومة معارض للرئيس الفرنسي، وفق تقرير «لوفيغارو».

والتعايش هو عندما يكون رئيس الجمهورية الفرنسي ورئيس حكومته من كتلتين متعارضتين.

هذه الفرضية سبق أن نظرت فيها مارين لوبن زعيمة «التجمع الوطني» التي أكدت رغبتها في إرسال مرشحها جوردان بارديلا إلى ماتينيون (بصفته رئيساً للوزراء) في حال حصولها على أغلبية في الانتخابات التشريعية.

صورة مدمجة تم إنشاؤها في 11 يونيو 2024 تظهر جوردان بارديلا (يسار) رئيس حزب التجمع الوطني الفرنسي اليميني القومي الذي تتزعمه مارين لوبن، وإريك سيوتي رئيس حزب «الجمهوريون» (أ.ف.ب)

سيناريو فوز كتلة اليسار

سيناريو آخر محتمل هو وصول اليسار إلى السلطة، علماً أنه مصمم على تسمية «مرشحين منفردين» في «كل دائرة انتخابية» في الجولة الأولى من انتخابات البرلمان.

متحدة تحت راية «الجبهة الشعبية» بزعامة جان لوك ميلانشون، اختارت الأحزاب اليسارية: «فرنسا الأبية» والحزب الاشتراكي وحزب «البيئة» (حزب الخضر)، والحزب الشيوعي الفرنسي التغلب على خلافاتها لزيادة فرصها في الفوز. وفي حال فوز اليسار بالأغلبية البرلمانية، فسيكون الرئيس الفرنسي أمام مرحلة «تعايش» في هذه الحالة أيضاً، ولكن مع رئيس وزراء يساري معارض له.

ويبقى هذا السيناريو صعب التحقيق نتيجة ترجيح حصول اليسار في آخر الاستطلاعات على نحو 25 في المائة فقط من الأصوات في الانتخابات (إحصاء مؤسسة Ifop-Fiducial).

مؤسس الحزب اليساري «فرنسا الأبية» جان لوك ميلانشون يخرج من مركز الاقتراع للإدلاء بصوته في انتخابات البرلمان الأوروبي في أحد مراكز الاقتراع في باريس، في 9 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

سيناريو استقالة ماكرون

في حالة هزيمة المعسكر الرئاسي، يبقى احتمال أن يستقيل إيمانويل ماكرون من رئاسة الجمهورية الفرنسية قائماً، حسب «لوفيغارو». قرارٌ إذا اتخذه ماكرون، من شأنه أن يؤدي إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

سيتم بعد ذلك ضمان الرئاسة المؤقتة من جانب رئيس مجلس الشيوخ، في هذه الحالة سيكون جيرار لارشيه من حزب «الجمهوريون» رئيساً مؤقتاً، في حين ستبقى الجمعية الوطنية المنتخبة حديثاً في مكانها. ويمكن لرئيس الدولة الجديد بعد ذلك أن يقرر ما إذا كان سيدعو إلى انتخابات تشريعية جديدة أم لا. وإذا قرر الرئيس الجديد حل الجمعية الوطنية (البرلمان) والدعوة لانتخابات تشريعية جديدة، فإنه يتوجب عليه انتظار مرور عام واحد على الأقل من تاريخ حل إيمانويل ماكرون للبرلمان قبل أيام قليلة، ليتمكن من حل البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية باكرة.

وقد صرّحت رئاسة الجمهورية لمجلة «لوفيغارو» Figaro Magazine، اليوم (الثلاثاء)، لأنها تنفي فرضية استقالة ماكرون في حال هزيمة معسكره في الانتخابات التشريعية.


مقالات ذات صلة

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

أوروبا أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

قرر الاشتراكيون الديمقراطيون دعم أولاف شولتس رغم عدم تحسن حظوظ الحزب، الذي تظهر استطلاعات الرأي حصوله على نحو 15 في المائة فقط من نوايا التصويت.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)

مجموعة السبع: الآن الوقت المناسب لوقف إطلاق النار في لبنان

وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تتحدث في مؤتمر صحافي في ختام اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع (د.ب.أ)
وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تتحدث في مؤتمر صحافي في ختام اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع (د.ب.أ)
TT

مجموعة السبع: الآن الوقت المناسب لوقف إطلاق النار في لبنان

وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تتحدث في مؤتمر صحافي في ختام اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع (د.ب.أ)
وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تتحدث في مؤتمر صحافي في ختام اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع (د.ب.أ)

أعرب وزراء خارجية مجموعة السبع الثلاثاء عن دعمهم «لوقف فوري لإطلاق النار» في لبنان، معتبرين أن «الوقت حان للتوصل إلى حل دبلوماسي».

وقالوا في بيان ختامي صدر بعد اجتماعهم قرب روما: «ندعم المفاوضات الجارية من أجل وقف فوري لإطلاق النار بين إسرائيل و(حزب الله)».

وأضافوا: «حان الوقت للتوصل إلى حل دبلوماسي، ونرحب بالجهود الدبلوماسية المبذولة في هذا الاتجاه».

«فرصة»

من جهته، قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، اليوم (الثلاثاء)، إن «فرصة» تتاح أمام احتمال التوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان وإنه يأمل أن تغتنم الأطراف المعنية هذه الفرصة.
وكان بارو يتحدث في اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في إيطاليا.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن إسرائيل مستعدة فيما يبدو للموافقة على خطة اقترحتها الولايات المتحدة وفرنسا لوقف إطلاق النار مع جماعة «حزب الله» اللبنانية اليوم الثلاثاء.

اتفاق وشيك

وأعلن وزراء خارجية مجموعة السبع موقفهم بينما يجتمع مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي بعد ظهر الثلاثاء لبحث وقف إطلاق النار في لبنان حيث تخوض إسرائيل حربا مع «حزب الله».

وتحدثت الولايات المتحدة عن اتفاق وشيك، لكنها دعت إلى الحذر.

وفي وقت تتكثف الجهود الدبلوماسية، كثفت إسرائيل قصفها على الضاحية الجنوبية لبيروت التي استهدفتها مجددا الثلاثاء بعد إصدار تعليمات إخلاء.

وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية أن الغارات الإسرائيلية على لبنان الاثنين أوقعت 31 قتيلا.

وحذر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الثلاثاء من أن أي خرق لاتفاق وقف إطلاق النار المحتمل مثل إعادة التسلح في الجنوب سيدفع الدولة العبرية إلى التصرف «بحزم».

وقال كاتس لمبعوثة الأمم المتحدة جينين هينيس بلاسخارت في تل أبيب الثلاثاء: «إذا لم تتصرفوا، فسنفعل ذلك بحزم شديد»، بحسب بيان صادر عن مكتبه.