رأى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن الولايات المتحدة هي أقوى اليوم اقتصادياً ودبلوماسياً وعسكرياً مما كانت عليه منذ 3 أعوام، مؤكداً أهمية القيادة الأميركية حول العالم، وضرورة التعاون مع الحلفاء، بينما حذر في جلسة استماع عقدتها لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ من الخطر المتنامي للصين التي «تسعى إلى التفوق عسكرياً واقتصادياً وجيوسياسياً» متحدية النظام العالمي، على حد تعبيره. وأشار بلينكن إلى «الاعتداء الروسي على أوكرانيا» مشيراً إلى أنه بمثابة اعتداء على مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ودعا الكونغرس إلى الاستمرار بدعم كييف.
أتى كلام وزير الخارجية خلال جلسة استماع هي الأولى له أمام الكونغرس ضمن سلسلة من جلسات الاستماع التي سيحضرها هذا الأسبوع في المجلس التشريعي لمساءلته حول موازنة وزارة الخارجية لعام 2025.
هذا، وقد وجه كبير الجمهوريين في اللجنة السيناتور جيم ريش انتقادات حادة لسياسة إدارة بايدن الخارجية مشيراً إلى أن موازنة عام 2025 عكست غياباً في جدية البيت الأبيض للتعامل مع الأزمات الخارجية، وانتقد غياب استراتيجية طويلة الأمد مع أوكرانيا.
من جانب آخر، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إنه نظراً لعدم وجود ما يكفي من أنظمة الدفاع الجوي في أوكرانيا، فإنها تناشد «الشركاء الدوليين في جميع أنحاء العالم بإمداد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي ليس لحماية المدن الكبيرة فحسب، بل لحماية البنية التحتية أيضاً»، مضيفة أنه حتى في أيام الربيع الدافئة، هناك اضطرار لخفض إمدادات الكهرباء في أوكرانيا؛ لأن محطات الطاقة المركزية التي تعمل بالفحم تعرضت لهجمات مستهدفة.
وأكّدت بيربوك خلال زيارة مفاجئة لكييف، الثلاثاء، أن أوكرانيا «تحتاج بشكل عاجل» إلى مزيد من أنظمة الدفاع الجوي لمواجهة القصف الروسي على منطقة خاركيف بشمال شرقي البلد. ووصلت بيربوك إلى أوكرانيا بعد هجوم ليلي جديد بمسيّرات متفجرة على خاركيف ومناطق أوكرانية أخرى.
وقالت الوزيرة الألمانية، الثلاثاء، بعد وصولها في قطار مسائي إلى العاصمة الأوكرانية: «تدهور الوضع في أوكرانيا مجدداً بشكل كبير مع الغارات الجوية الروسية الكثيفة على المنشآت المدنية والهجوم الروسي الوحشي في منطقة خاركيف». وأضافت أن أوكرانيا «تحتاج بشكل عاجل إلى تعزيز دفاعها الجوي» من أجل حمايتها من «وابل الصواريخ والمسيّرات الروسية».
وعندما سئلت عما تعنيه لها شخصياً رؤية الدمار، أجابت الوزيرة: «مثل هذه الأماكن مؤلمة، حيث نرى النية الاستراتيجية المستهدفة للجيش الروسي لتدمير البنية التحتية المدنية على وجه التحديد»، مضيفة أن الحياة الطبيعية السلمية للناس العاديين في أوكرانيا «لا يمكن أن تستمر كالمعتاد، حتى لو لم يكن هناك إنذار بغارة جوية، لأن شرايين الحياة مثل إمدادات الطاقة تتعرض لهجمات متعمدة».
اتهمت وزيرة الخارجية الألمانية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بممارسة إرهاب ضد البنية التحتية والسكان المدنيين في أوكرانيا. وقالت بيربوك، الثلاثاء، خلال زيارة لإحدى كبرى محطات الطاقة في أوكرانيا: «يُظهر استمرار هذا الإرهاب على البنية التحتية بعد هذا الشتاء أن الرئيس الروسي يريد تدمير البلد، ويريد تدمير حياة المواطنين هنا». وأطلع وزير الطاقة الأوكراني هيرمان هالوشينكو الوزيرة الألمانية على نقص إمدادات الطاقة خلال تفقد محطة طاقة دُمرت في هجوم صاروخي روسي. وقال هالوشينكو، كما نقلت عنه «وكالة الأنباء الألمانية»، إن روسيا أطلقت إجمالاً 11 صاروخاً أسقط منها الدفاع الجوي الأوكراني 6 فقط، لأنه لم يكن هناك مزيد من الصواريخ المتاحة.
وأضافت الوزيرة: «علينا الآن أن نحشد كل قوانا حتى تتمكن أوكرانيا من البقاء (...)، وحتى لا تقف قوات بوتين قريباً على حدودنا». وذكرت بيربوك أن المبادرة العالمية التي أطلقتها مع وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس من أجل ضمان مزيد من أنظمة الدفاع الجوي لأوكرانيا جمعت ما يقرب من مليار يورو لتوفير دعم إضافي للقوات الجوية الأوكرانية، وقالت: «ونحن نعمل بشكل مكثف لضمان المزيد»، موضحة أنه يجرى التحقق من كل الإمكانات المتاحة، مشيرة إلى أن ألمانيا قدمت في إطار ذلك وحدة نظام دفاعي جوي إضافية من طراز «باتريوت».
واضطُرت بيربوك إلى إلغاء زيارة كان مخططاً لها إلى خاركيف بسبب الهجمات الروسية. وكانت الوزيرة قد زارت المدينة التي تعرضت لهجوم شديد من القوات الروسية في بداية الحرب، في يناير (كانون الثاني) 2023. وقبل وقت قصير من زيارة بيربوك، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مجدداً الحاجة الملحة لتوريد أنظمة دفاع جوي ومقاتلات غربية إلى بلاده، وقال مساء الاثنين: «للأسف، العالم الحر يفتقر إلى السرعة في التعامل مع هاتين القضيتين».
وقد طلب زيلينسكي مراراً تسليم نظامين إضافيين للدفاع الجوي من طراز «باتريوت» لحماية خاركيف. ووفق تقارير، تمتلك أوكرانيا 3 وحدات من أنظمة الدفاع الجوي القوية أميركية الصنع. وقدمت ألمانيا اثنتين منها، ووعدت الحكومة الألمانية مؤخراً بوحدة ثالثة. أما وحدة «باتريوت» الأخرى النشطة حالياً في أوكرانيا فتأتي من الولايات المتحدة. وتدرس واشنطن تسليم وحدة أخرى. ولم تكلَّل محاولات ألمانيا لتدبير أنظمة «باتريوت» من دول شريكة في أوروبا أو من خارج القارة بالنجاح حتى الآن.
وفي تعقيب على ما أدلت به بيربوك، رأى الكرملين أن تزويد الحلفاء الغربيين لأوكرانيا بأسلحة إضافية لن يغيّر الواقع الميداني. وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف: «حتى ذلك لن يتيح للقوات المسلحة الأوكرانية أن تبدّل بشكل ما من دينامية الجبهات».
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد أعرب في مقابلة حصرية مع «وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، عن خشيته من أن يكون الهجوم البري الذي بدأته روسيا في منطقة خاركيف بشمال شرقي البلاد، بمثابة تمهيد لهجوم أوسع نطاقاً في الشمال والشرق.
والثلاثاء، قال حاكم خاركيف المعيّن من قبل السلطات الروسية فيتالي غانتشيف إن قوات موسكو باتت تسيطر على نحو نصف مدينة فوفتشانسك القريبة من الحدود الروسية.
وأوضح في تصريحات للتلفزيون الرسمي الروسي أن المدينة التي كان عدد سكانها يناهز 17 ألفاً قبل بدء الحرب، باتت المحور الأساسي للمعارك. وأضاف غانتشيف: «رجالنا يسيطرون على نحو 40 في المائة من المدينة. لقد اخترقوا الدفاعات (الأوكرانية) بشكل عميق، وأبعدوا العدو بقدر الإمكان»، مشيراً إلى أن «الجزء الشمالي من المدينة جرى تحريره بالكامل».