روسيا أمام الأمم المتحدة لتوضيح مصير أطفال أوكرانيين رحّلتهم بالقوة

موسكو تؤكد أن هدفها حماية الأطفال من المعارك الدائرة (أرشيفية - رويترز)
موسكو تؤكد أن هدفها حماية الأطفال من المعارك الدائرة (أرشيفية - رويترز)
TT

روسيا أمام الأمم المتحدة لتوضيح مصير أطفال أوكرانيين رحّلتهم بالقوة

موسكو تؤكد أن هدفها حماية الأطفال من المعارك الدائرة (أرشيفية - رويترز)
موسكو تؤكد أن هدفها حماية الأطفال من المعارك الدائرة (أرشيفية - رويترز)

تنظر لجنة تابعة للأمم المتحدة، اليوم (الاثنين)، في سجل روسيا في أوكرانيا سعياً لاستيضاح مصير أطفال أوكرانيين تتهمها كييف بنقلهم قسراً إلى الأراضي الروسية منذ بدء هجومها على البلد المجاور في فبراير (شباط) 2022، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتبحث «لجنة حقوق الطفل» المؤلفة من 18 خبيراً مستقلاً، هذه المسألة على مدى يومين في سياق مراجعة دورية لسجل روسيا.

وأرسل الخبراء قبل أشهر قائمة بالمسائل التي يودون طرحها على موسكو، ومن ضمنها مسألة «إجلاء» أطفال أوكرانيين إلى روسيا أو مناطق سيطرة موسكو في أوكرانيا. وهم يودون بهذا الصدد معرفة عدد الأطفال المعنيين بهذا الترحيل و«التدابير المتخذة لحماية حق هؤلاء الأطفال في الحفاظ على هويتهم بما في ذلك جنسيتهم».

وتقدر أوكرانيا عدد الأطفال الذين أُرسلوا بالقوة إلى روسيا بعشرين ألفاً. وأعادت السلطات الروسية نحو 400 طفل فقط حتى الآن.

وتؤكد موسكو أن هدفها حماية الأطفال من المعارك. وأشارت العام الماضي في ردها الخطي للجنة والذي أبلغته الأمم المتحدة إلى الصحافيين الخميس الماضي، إلى أن «إعادة توطين الأطفال الذين تم إجلاؤهم تجري بناء على طلبهم بشكل أولي وبموافقتهم».

ولا توضح الوثيقة عدد الأطفال المعنيين، لكنها تذكر أن «بين الذين تم إجلاؤهم بصورة خاصة أطفالاً كانوا يعيشون في مؤسسات عامة للأيتام وأطفالاً محرومين من حماية ذويهم (نحو ألفي شخص بالإجمال)»، ومن ضمنهم «أطفال يحملون الجنسية الأوكرانية».

كما تفيد الوثيقة استناداً إلى أرقام وزارة الداخلية الروسية بأن «46886 طفلاً أوكرانياً اكتسبوا الجنسية الروسية خلال الفترة الممتدة من الأول من أبريل (نيسان) 2022 إلى 30 يونيو (حزيران) 2023».

آلية دولية

وتأمل كاتيرينا راشيفسكا الخبيرة القانونية لدى «المركز الإقليمي لحقوق الإنسان في أوكرانيا» أن تدعو اللجنة إلى إنشاء «آلية قانونية دولية» تسمح بالتعرف على هويات الأطفال وإعادتهم.

وأوضحت للوكالة أن «آلية عودة الأطفال الأوكرانيين ليست اليوم سوى آلية متقطعة للغاية».

وتابعت أنه بالوتيرة التي تسير عليها الأمور حالياً «نحتاج إلى تسعين عاماً لإعادة الأطفال الأوكرانيين الذين تم التعرف عليهم فقط»، داعية الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إصدار قرار بإنشاء مثل هذه الآلية.

وشددت على أن «الأسرة الدولية مستعدة للقيام بشيء ما، لكن عليها التحرك بصورة أسرع بكثير».

كما سيتم بحث العديد من المسائل الأخرى خلال الجلسة التي تبدأ في الساعة 15:00 (14:00 ت.غ)، بحسب قائمة النقاط التي وضعتها اللجنة في سبع صفحات.

وتعتزم اللجنة بصورة خاصة استجواب الوفد الروسي بشأن التدابير المتخذة لإزالة العقبات أمام ممارسة الأطفال حقهم في حرية التجمع والتثبت من عدم معاقبتهم لمشاركتهم في مظاهرات ولا سيما في تحركات ضد الحرب.

وأبدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تقرير وجهته إلى لجنة حقوق الطفل، مخاوفها حيال تمكين الأطفال من ممارسة حرية التعبير والحق في الاستعلام والحقوق المرتبطة بالنوع الاجتماعي والتوجه الجنسي.

وقالت رايتشل دينبر المديرة المساعدة لقسم أوروبا وآسيا الوسطى في «هيومن رايتس ووتش» للوكالة: «ثمة مروحة واسعة من المسائل المرتبطة بحقوق الطفل في روسيا يمكن النظر فيها».

وأوضحت: «لا نركز سوى على ثلاث منها لنظهر أن قمع الحقوق في روسيا بصورة عامة له تبعات على حقوق الطفل»، مشيرة على سبيل المثال إلى احتمال تعرضهم لـ«أعمال انتقامية» في حال انتقادهم الغزو الروسي لأوكرانيا.

«تدهور عام» في حقوق الإنسان

كما ستبحث اللجنة بصورة عامة مسألة احتجاز أطفال بصفة غير قانونية أو اعتباطية وممارسة العقاب الجسدي بما في ذلك في المنزل، والتدابير المتخذة للحفاظ على الهوية الثقافية واللغوية والتراث للأطفال من السكان الأصليين، والتدابير المتخذة في روسيا لمكافحة بعض «الممارسات المضرّة» في شمال القوقاز مثل تزويج الأطفال وتعدد الزوجات والعقوبات الجسدية وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث.

وأوضح غريغور أفيتيسيان من المنظمة غير الحكومية الهولندية «Stichting Russian Justice Initiative» التي نشطت في روسيا لفترة طويلة، أن «هذه المنطقة تعاني مشكلات خاصة بها... أجّجها كلها ضعف الأنظمة القانونية والمعايير المجتمعية»، لكنه أضاف أن «المنطقة بمجملها تشهد على غرار باقي البلد... تدهوراً عاماً في وضع حقوق الإنسان».


مقالات ذات صلة

نداء أممي لجمع 370 مليون دولار لمساعدة المتضررين من الحرب في لبنان

المشرق العربي نازحون لبنانيون من قرى حدودية مع إسرائيل في إحدى مدارس مدينة صور (أرشيفية - الشرق الأوسط)

نداء أممي لجمع 370 مليون دولار لمساعدة المتضررين من الحرب في لبنان

أطلقت الأمم المتّحدة والحكومة اللبنانية، الثلاثا،ء نداء جديدا لجمع تبرّعات بقيمة 371.4 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للسكّان المتضرّرين.

«الشرق الأوسط» (الأمم المتّحدة)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
شمال افريقيا سودانيون يحاولون الدخول إلى حافلة في بورتسودان (أ.ف.ب)

بلينكن يؤكد ارتكاب «الدعم السريع» إبادة في السودان

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن واشنطن تأكدت أن أعضاء «قوات الدعم السريع» والجماعات المتحالفة معها ارتكبوا إبادة جماعية في السودان.

الولايات المتحدة​ السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (أ.ف.ب)

أميركا تتهم روسيا بتمويل طرفَي الحرب في السودان

اتهمت الولايات المتحدة، روسيا، بتمويل الطرفين المتحاربين في السودان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي فلسطينيون يجمعون الطعام المتبرع به في مركز توزيع أغذية في دير البلح وسط قطاع غزة، 2 يناير 2025 (أ.ب)

برنامج الأغذية العالمي يندد بهجوم إسرائيلي على قافلة له في غزة

قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، اليوم (الاثنين)، إن قوات إسرائيلية فتحت النار على قافلة تابعة له في غزة أمس الأحد في واقعة وصفها بأنها «مروعة».

«الشرق الأوسط» (جنيف)

وفاة جان ماري لوبن الشخصية التاريخية لليمين المتطرف الفرنسي

جان ماري لوبن في عام 2022 (أ.ف.ب)
جان ماري لوبن في عام 2022 (أ.ف.ب)
TT

وفاة جان ماري لوبن الشخصية التاريخية لليمين المتطرف الفرنسي

جان ماري لوبن في عام 2022 (أ.ف.ب)
جان ماري لوبن في عام 2022 (أ.ف.ب)

توفي جان ماري لوبن، الشخصية التاريخية لليمين المتطرّف الفرنسي، الذي وصل إلى نهائيات الانتخابات الرئاسية عام 2002، الثلاثاء، عن عمر يناهز 96 عاماً في منطقة باريس، بمستشفى نقل إليه قبل أسابيع.

وقالت عائلته في بيان تلقّته «وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنّ جان ماري لوبن توفي ظهر الثلاثاء، محاطاً بأفراد الأسرة».

جان ماري لوبن (رويترز)

وأعلن قصر الإليزيه في بيان أن لوبن كان «شخصية تاريخية لليمين المتطرف» الفرنسي، وأصبح «دوره في الحياة العامة لبلادنا منذ نحو 70 عاماً... جزءاً من التاريخ».

وكانت ابنته مارين لوبن على متن طائرة ظهر الثلاثاء عائدة إلى باريس من أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي، الذي زارته تضامناً بعد مرور الإعصار «تشيدو» المدمر.

وانسحب مؤسس الجبهة الوطنية، التي سُميت فيما بعد التجمع الوطني، تدريجياً من الحياة السياسية، بداية من عام 2011، عندما توّلت ابنته مارين لوبن رئاسة الحزب.

وضعفت حال جان ماري لوبن بعد تعرضه لعدة انتكاسات صحية. وفي يونيو (حزيران) كشف تقرير طبي «تدهوراً كبيراً» في حالته الجسدية والنفسية، صار معه عاجزاً عن «حضور» أو «التحضير لدفاعه» في قضية مساعدي نواب الجبهة الوطنية الأوروبيين، التي جرت في باريس بين سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني).

رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يفحص علبة حلوى داخل متجر «هايبركاشر» اليهودي في باريس (أ.ف.ب)

ومنتصف نوفمبر أُدخل جان ماري لوبن إلى المستشفى، ثم إلى عيادة متخصصة في غارش غرب باريس، قرب منزله في رواي مالميزون. وأعلنت وفاته بينما كان قسم من الطبقة السياسية الفرنسية حاضراً، الثلاثاء، أمام متجر يهودي في بورت دو فينسين في باريس، بعد 10 سنوات من هجمات يناير (كانون الثاني) 2015.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته خلال إحياء ذكرى مرور 10 سنوات على الهجوم على صحيفة «شارلي إبدو» (أ.ب)

وكان جان ماري لوبن خطيباً مفوَّهاً ومحرضاً مثيراً للجدل في قضايا الهجرة واليهود، والأب الروحي الذي واجه منغصات بسبب المقربين منه، لكنه نجح في إخراج اليمين المتطرف الفرنسي من التهميش.

«الجبهة الجمهورية»

لكنه لم ينجح في تحقيق طموحه بأن يصبح رئيساً، رغم أنه أحدث مفاجأة في 21 أبريل (نيسان) 2002، عندما كان عمره 73 عاماً بتأهله للدورة الثانية من الانتخابات. وكان لهذا الانتصار جانب سلبي؛ فعلى مدار أسبوعين، شارك الملايين في مسيرة ضد العنصرية وتجسيدها السياسي، قبل إعادة انتخاب عدوه اللدود جاك شيراك بسهولة.

لم يُعبر الرجل المتصلب مطلقاً عن أي ندم على زلاته المتكررة، سواء كانت عن قصد أو عن غير قصد، والتي أدين بسببها أمام القضاء؛ بدءاً من عدم اعترافه بجسامة المحرقة اليهودية، وعدم المساواة بين الأعراق؛ مروراً بالتخفيف من شأن الاحتلال الألماني لفرنسا.

وبعد 22 عاماً، ففي حين فاز حزب «التجمع» الوطني في الانتخابات الأوروبية، أعطى قرار حل البرلمان الذي اتخذه الرئيس إيمانويل ماكرون ابنته مارين لوبن إمكانية انضمام اليمين المتطرف إلى السلطة، وهو حلم ظن أنه تحقق أخيراً، لكنّه تحطّم على صخرة «الجبهة الجمهورية».

كان جان ماري لوبن متزوجاً من بيريت لالان، والدة بناته ماري كارولين ويان ومارين، ثم تزوج مجدداً من جاني لوبن. ورأى سيباستيان شينو نائب رئيس الجبهة الوطنية أن «وفاة جان ماري لوبن يعني غياب شخصية وطنية عظيمة، صاحب رؤية وشجاع».

وحيّاه رئيس التجمع الوطني جوردان بارديلا لأنه «خدم فرنسا ودافع عن هويتها وسيادتها» عندما خدم في الجيش الفرنسي في «الهند الصينية» والجزائر، وعبّر «عن صوت الشعب في الجمعية الوطنية والبرلمان الأوروبي».

لكن زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلينشون كتب على منصة «إكس»: «إن احترام كرامة الموتى وحزن أحبائهم لا يحجب الحق في الحكم على أفعالهم. تظل أفعال جان ماري لوبن غير مقبولة. لقد انتهت المعركة ضد ذاك الرجل، لكن المعركة مستمرة ضد الكراهية والعنصرية وكراهية الإسلام ومعاداة السامية التي روَّج لها».

وقال رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو إن جان ماري لوبن، و«بعيداً عن الجدل الذي كان سلاحه المفضل والمواجهات حول الجوهر... عرفنا فيه شخصية المقاتل عندما واجهناه».