نافالني «اختفى» منذ أيام... والمعارضة تشكك في رواية السلطات الروسية

معطيات عن نقله من سجنه وخضوعه لتحقيق في اتهامات جديدة

نافالني ظهر على شاشة عبر رابط فيديو قبل جلسة استماع لمحكمة مدينة موسكو في الدعوى الجنائية المقامة عليه بتهم عديدة في 4 أغسطس 2023 (رويترز)
نافالني ظهر على شاشة عبر رابط فيديو قبل جلسة استماع لمحكمة مدينة موسكو في الدعوى الجنائية المقامة عليه بتهم عديدة في 4 أغسطس 2023 (رويترز)
TT

نافالني «اختفى» منذ أيام... والمعارضة تشكك في رواية السلطات الروسية

نافالني ظهر على شاشة عبر رابط فيديو قبل جلسة استماع لمحكمة مدينة موسكو في الدعوى الجنائية المقامة عليه بتهم عديدة في 4 أغسطس 2023 (رويترز)
نافالني ظهر على شاشة عبر رابط فيديو قبل جلسة استماع لمحكمة مدينة موسكو في الدعوى الجنائية المقامة عليه بتهم عديدة في 4 أغسطس 2023 (رويترز)

عاد المعارض الروسي الأبرز أليكسي نافالني إلى الواجهة، الجمعة، بعد تردد معطيات متباينة عن «اختفائه» من السجن الذي يقضي فيه عقوبة طويلة الأمد، من دون أن يتضح ما إذا كان نُقل إلى مركز احتجاز آخر، وهو أمر شككت فيه المعارضة الروسية، وقالت إن السلطات تتعمد فرض عزلة كاملة على نافالني.

واحتدم الجدل على شبكات التواصل الاجتماعي في روسيا حول مصير نافالني، بعدما نقلت وسائل إعلام إنه «تغيّب منذ أكثر من 10 أيام عن حضور جلسات المحاكمة التي يواجه فيها اتهامات جديدة». وقدّم محامو المعارض البارز معطيات لافتة أمام القضاة، تحدثوا فيها عن انقطاع كل أنواع الاتصالات مع السجين، و«عدم السماح للمحامين بمقابلته منذ عشرة أيام». ولفتوا إلى أن إدارة السجن قالت في البداية إنها تواجه خللاً وانقطاعاً في التيار الكهربائي في السجن، ما يعرقل إجراء مقابلات مع السجناء، لكن سرعان ما اتضح أن نافالني لم يعد أصلاً منذ أيام موجوداً في هذا السجن الذي يقع في مدينة فلاديمير شمال موسكو. وأبلغت إدارة السجن المحامين أن «السجين رقم سبعة لم يعد موجوداً في مركز التوقيف، وليس موجوداً أصلاً في مقاطعة فلاديمير».

متظاهرون في دسلدورف الألمانية يطالبون بإطلاق سراح نافالني في 21 أبريل 2021 (د.ب.أ)

وغرّد المحامي فياتشيسلاف غيمادي، على منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، أن «هذه العبارة تُليت حرفياً في شهادة إدارة السجون أمام المحكمة الجمعة». وأوضحت السكرتيرة الصحافية للسياسي المعارض كيرا يارميش أن المحكمة «قد أبلغت بأن نافالني غادر حدود مقاطعة فلاديمير»، من دون أن يتضح كيف وقع ذلك، وإلى أي منطقة تم نقله.

تهم متعددة

واعتُقل نافالني في يناير (كانون الثاني) 2021 في مطار شيريميتيفو مباشرة بعد وصوله من ألمانيا، حيث عولج لعدة أشهر بعد تعرضه لعملية تسميم. وبعد اعتقاله بشهر، استبدلت المحكمة بقرار سجنه الغيابي إصدار حكم فعلي بالسجن لمدة ست سنوات في قضية احتيال.

نافالني داخل قفص زجاجي خلال محاكمته في موسكو يوم 20 فبراير 2021 (أ.ب)

وكان من المفترض أن يُطلق سراحه من السجن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مع احتساب تقليص المدة. لكن خلال الأشهر الأولى لسجنه، واجه نافالني تهمتين جديدتين؛ الأولى وفقاً للمادة 297 من القانون الجنائي (إهانة المشاركين في المحاكمة وإهانة القاضي) بسبب تصريحاته ضد القاضية فيرا أكيموفا والمدعية العامة إيكاترينا فرولوفا، وكذلك أحد الشهود. بالإضافة إلى ذلك، تم اتهام نافالني بموجب الجزء 4 من المادة 159 من القانون الجنائي (الاحتيال على نطاق واسع)، التي رأت أنه قام بجمع تبرعات غير مشروعة لصالح حملاته ضد الرئيس الروسي. ونتيجة لذلك، حكم عليه بالسجن لمدة 9 سنوات من النظام الصارم.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2022، بدأ نافالني يواجه اتهامات بالدعاية للإرهاب والدعوة إلى التطرف وتمويل أنشطة المتطرفة و«رد الاعتبار للنازية»، بسبب تصريحاته المعارضة للحرب في أوكرانيا. وفي صيف 2023، طلبت النيابة 20 عاماً من النظام الخاص. وفي أغسطس (آب) حكمت عليه المحكمة بالسجن 19 عاماً.

قضية جديدة؟

وخلال ساعات نهار الجمعة، لم تتضح الوجهة التي تم نقل نافالني إليها. وترددت معطيات متباينة حول الموضوع. وذكرت صحيفة «بازا» الإلكترونية، من دون تحديد مصادر المعلومات، أن نافالني نُقل إلى موسكو لإجراء تحقيقات في قضية جنائية جديدة. في حين شككت المعارضة بهذه المعطيات، وقالت إنه «ليس مفهوماً لماذا يتم نقله سراً، وعدم إبلاغ المحكمة في وقت سابق بذلك».

نافالني لدى مشاركته في مسيرة لإحياء الذكرى الخامسة لمقتل السياسي المعارض بوريس نيمتسوف في موسكو يوم 29 فبراير 2020 (رويترز)

وقال المعارض إيفان جدانوف: «نتلقى شائعات مختلفة، ونتلقى العديد من الرسائل. وهي غالباً ما تتناقض مع بعضها البعض، ولا يحتوي أي منها على أي شيء يمكن التحقق منه على الإطلاق. ولذلك، ليست لدينا معلومات إضافية». فيما قالت كيرا يارميش إنه «عندما شوهد أليكسي آخر مرة، كان يعاني صعوبات صحية».

موسم انتخابي

اللافت أن «اختفاء» نافالني جاء بعد مرور يومين فقط على إعلان أنصاره إطلاق «استراتيجية جديدة تتعلق بالتعامل مع الانتخابات الرئاسية» المقررة في الربيع المقبل. وكان «صندوق مكافحة الفساد» الذي أداره نافالني وزّع لوحات إعلانية ظهرت بشكل مفاجئ في عدة مدن روسية، كُتب عليها «روسيا، سنة جديدة سعيدة»، وتحت العبارة رابط منصة إلكترونية للحملة حملت عنوان: «لا لبوتين».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي بموسكو في 14 ديسمبر (أ.ف.ب)

وعلّق جدانوف على أسئلة صحافيين حول احتمال وجود ارتباط بين نقل نافالني المفاجئ إلى وجهة غير معلومة وبدء الحملات المعارضة لإعادة انتخاب بوتين، فقال: «هناك الكثير من المعطيات. بالطبع، كان الكرملين وإدارة السجن يعلمان أننا سنبدأ حملتنا في 7 ديسمبر (كانون الأول)، أي قبل 100 يوم من بدء الانتخابات. لا نعرف التفاصيل، ولم نعرف شيئاً عن اللوحات الإعلانية، لكن من الطبيعي أن تكون هذه الأحداث مترابطة».

وزاد المعارض: «أنا لا أؤمن بمثل هذه المصادفات - أن يختفي أليكسي قبل الإعلان عن حملتنا الانتخابية، قبل اليوم الذي أعلن فيه فلاديمير بوتين عن ترشحه للرئاسة لفترة ولاية جديدة لا نهاية لها. هذه ليست صدفة، هذه هي استراتيجية الكرملين. والسؤال هو ماذا فعلوا به». ورأى أن «خطة الكرملين تقوم على عزل نافالني بالكامل. لا أعرف كيف. إما من خلال تدهور الصحة، أو أي شيء آخر. على الأرجح أنه تم نقله إلى مكان ما، لكننا لا نعرف شيئاً».


مقالات ذات صلة

كتاب: ترمب تواصل مع بوتين 7 مرات منذ نهاية ولايته

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أرشيف - رويترز)

كتاب: ترمب تواصل مع بوتين 7 مرات منذ نهاية ولايته

كشف كتاب جديد للصحافي الأميركي بوب وودوورد، أن ترمب أبقى على علاقة شخصية مع بوتين، وتواصل معه 7 مرات منذ نهاية ولايته الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم دونالد ترمب وفلاديمير بوتين (أرشيفية - رويترز)

ترمب تَوَاصَلَ «سراً» مع بوتين بعد مغادرة البيت الأبيض

ذكر الصحافي الأميركي بوب ودورد في كتابه الجديد، المقرَّر نشره الأسبوع المقبل، أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب تواصل سراً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية عنصران من هيئة تحرير الشام في أثناء عملية في أحد محاور إدلب (إكس)

تركيا تضغط على «تحرير الشام» لمنع مواجهة واسعة مع الجيش السوري

تصاعدت حدة التوتر في إدلب وسط التصعيد بين القوات السورية وهيئة تحرير الشام، واحتمالات حدوث مواجهة واسعة بين الجانبين تشمل منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
الولايات المتحدة​ المرشّحة الديمقراطية كامالا هاريس (أ.ب)

هاريس: لن أجري أيّ لقاء مع بوتين حول أوكرانيا دون مشاركة كييف

أكّدت كامالا هاريس أنّها لن تلتقي، في حال أصبحت رئيسة للولايات المتّحدة، الرئيس الروسي إذا لم يشارك في الاجتماع ممثّل عن كييف.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

ألمانيا: توجيه الاتهامات لـ 4 مراهقين بالتحضير لعمليات إرهابية

استنفار للشرطة الألمانية تحسباً لهجوم إرهابي (غيتي)
استنفار للشرطة الألمانية تحسباً لهجوم إرهابي (غيتي)
TT

ألمانيا: توجيه الاتهامات لـ 4 مراهقين بالتحضير لعمليات إرهابية

استنفار للشرطة الألمانية تحسباً لهجوم إرهابي (غيتي)
استنفار للشرطة الألمانية تحسباً لهجوم إرهابي (غيتي)

وسط تزايد مخاوف الخبراء الأمنيين من «متطرفي التيك توك» وهي ظاهرة تزايد تطرف من هم في سن المراهقة عبر الإنترنت، وجهت السلطات الألمانية اتهامات إلى 4 مراهقين تتراوح أعمارهم بين 15 و16عاماً، تتعلق بالتخطيط لارتكاب أعمال إرهابية. واعتقل المراهقون الأربعة وهم ألمان وأحدهم ألماني - مغربي، في أبريل (نيسان) الماضي، بعد ضبط محادثات لهم على تطبيق «تلغرام» ناقشوا فيها تنفيذ اعتداءات إرهابية تستهدف كنائس ومعابد يهودية ومحطات قطارات ومراكز شرطة في غرب ألمانيا.

استنفار للشرطة الألمانية بعد هجوم إرهابي (متداولة)

ووجه الادعاء العام في مدينة شتوتغارت حيث يحاكم واحد من المتهمين الأربعة اتهامات للمراهق المتحدر من مدينة أوستفيلدرن بالتحضير لهجوم إرهابي والمشاركة في «قتل وحرق متعمد يؤدي إلى قتل أشخاص إضافة إلى التحضير لجريمة عنيفة تهدد الدولة».

أما المراهقون الثلاثة الآخرون فهم يحاكمون بشكل منفصل وقد وجه إليهم المدعي العام في مدينة دوسلدورف اتهامات بالتخطيط لهجوم إرهابي. ومن بين الثلاثة فتاتان واحدة من دوسلدورف وهي ألمانية - مغربية والثانية من إيزرلون. وقبضت الشرطة على الخلية من المراهقين الأربعة بعد أن تنبهت إلى محادثة أجرتها الفتاة من إيزرلون عبر تطبيق «تلغرام» وكانت تسأل فيها المراهقة من دوسلدورف عن كيف يمكنها السفر إلى مناطق سيطرة «داعش» للانضمام إلى التنظيم الإرهابي.

وأثناء تفحص عناصر من الشرطة لهاتفها، عثروا على محادثات أخرى تتعلق بالتحضير للهجمات مع مجموعة أخرى من المراهقين. وبعد تفتيش منازل المتهمين الأربعة، عثر المحققون على ساطور وخنجر في منزل الفتاة من دوسلدورف، ولكن قد يكون السلاحان لوالدها الذي كان أيضاً تحت مراقبة الشرطة ويخضع للتحقيق للاشتباه بجمعه تبرعات لصالح تنظيم «داعش».

استنفار للشرطة الألمانية تحسباً لهجوم إرهابي (غيتي)

وليست هذه الحالة الوحيدة لمراهقين يتهمون بالتحضير لعمليات إرهابية. فالأسبوع الماضي، اعتقلت الشرطة في دوسلدورف الأسبوع الماضي مراهقاً يبلغ من العمر 15 عاماً بعد الاشتباه بتطرفه وتصنيف الشرطة له على أنه يشكل تهديداً. وبحسب صحيفة «دير شبيغل» فإن المراهق كان على تواصل مع متطرفين في الخارج عبر أحد التطبيقات، وكان يتلقى تعليمات بتنفيذ عملية طعن بالسكاكين. وبحسب المجلة، فإن المراهق كان قد تبادل معلومات مع الذين كان يتحدث معهم حول أهداف ومواقع محتملة مثل مهرجانات وتجمعات لليهود.

ويبدو أن المراهق نشر فيديوهات على تطبيق «تيك توك» تظهر فيها أعلام «داعش». واعتقل المراهق بعد مخاوف بأنه قد يكون يعد لعملية إرهابية قريبة.

سيارة شرطة تقف أمام كنيس أولدنبورغ اليهودي في شمال ألمانيا (د.ب.أ)

وجاء هذا بعد اعتداء زولنغن في مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث نفذ لاجئ سوري يبلغ من العمر 26 عاماً عملية طعن جماعية أدت إلى مقتل 3 وإصابة 8 بجروح خطيرة، في حفل غنائي في المدينة.

ودفع الاعتداء الذي شكل صدمة في ألمانيا وزارة الداخلية إلى اعتماد قوانين أكثر تشدداً لحمل السكاكين وأخرى تتعلق بتسريع ترحيل اللاجئين المرفوضة طلباتهم وحتى ترحيل المجرمين إلى أفغانستان وفتح الباب أمام الترحيل إلى سوريا رغم أن الخارجية الألمانية تصنف الدولتين غير آمنتين للترحيل إليهما. وكان اللاجئ السوري الذي ارتكب جرائمه رفض طلب إقامته وصدر بحقه قرار ترحيل إلى بلغاريا، وهي الدولة الأوروبية الأولى التي دخلها ويتعين بحسب اتفاقية دبلن أن يبقى فيها.

وتتزايد المخاوف في ألمانيا منذ عام، بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول)، من تزايد التطرف والمخاوف من عمليات إرهابية تستهدف خاصة مرافق يهودية في ألمانيا. وأكثر ما يقلق الخبراء الأمنيين تزايد تطرف من هم في سنّ المراهقة في ظاهرة يعيدونها إلى تأثير تطبيق «تيك توك» الذي يحظى بشعبية واسعة لدى هذه الفئة. وبحسب الخبير في قضايا التطرف بيتر نويمان من جامعة «كينغز كولدج» في لندن، فإن من أصل 6٠ متطرفاً إسلامياً اعتقلوا في غرب أوروبا في الأشهر الـ١١ الماضية بسبب تحضيرات لاعتداءات إرهابية، أكثر من ثلثي هؤلاء من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13عاماً و19 عاماً، مضيفاً أن هناك إشارات واضحة بأن عملية تطرفهم حصلت على الإنترنت بشكل أساسي، وبأن تعريف هؤلاء بات «مجاهدي التيك توك».