موسكو مستعدة لـ«عملية سياسية تحقق أهدافها» وتحذر من «صدام مع الأطلسي»

لندن تفرض حزمة عقوبات جديدة وموسكو ترفض أي دور بريطاني للتسوية 

الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إلى جانب الوزير سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي (أ.ب)
الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إلى جانب الوزير سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي (أ.ب)
TT

موسكو مستعدة لـ«عملية سياسية تحقق أهدافها» وتحذر من «صدام مع الأطلسي»

الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إلى جانب الوزير سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي (أ.ب)
الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إلى جانب الوزير سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي (أ.ب)

زادت السجالات الغربية حول المساعدات العسكرية والمالية الموعودة لأوكرانيا مستوى التوقعات الروسية بشأن ما وصف بأنه «اتساع الشرخ داخل المعسكر الغربي» وفقا لتعليقات وسائل إعلام حكومية روسية.

الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أثناء لقائهما في البيت الأبيض (أ.ب)

وعلى الرغم من تأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن التزام بلاده بمواصلة دعم أوكرانيا، وهو الأمر الذي كرره عدد من القادة الأوروبيين خلال الأسابيع الأخيرة، لكن مواقف موسكو التي تراقب التطورات حول هذا الموضوع، بدت أقرب إلى قناعة بأن حجم ونوعية الإمدادات الغربية سوف يشهدان تقليصا كبيرا خلال المرحلة المقبلة.

زيلينسكي خلال زيارة إلى مجلس الشيوخ في 21 سبتمبر 2023 (أ.ب)

وهو أمر برز من خلال اتساع التباينات داخل أوروبا حول ملف المساعدات، كما تم التطرق إليه أخيرا، خلال مناقشة موازنة الاتحاد الأوروبي وتأكيد عدد من المسؤولين الأوروبيين احتمال عدم الوفاء بتقديم 50 مليار دولار، وهو المبلغ الموعود لأوكرانيا خلال السنوات الأربع المقبلة.

زيلينسكي طالب بمزيد من الأسلحة قبل حلول فصل الشتاء (إ.ب.أ)

أيضا جاءت في هذا الإطار، مماطلة الكونغرس الأميركي بتلبية طلب إدارة بايدن حول تخصيص 61 مليار دولار لأوكرانيا، لتزيد من التكهنات حول الموضوع، وسط إشارات بأن واشنطن قد تكون غير قادرة على تلبية طلبات كييف قبل نهاية العام الحالي.

الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف (رويترز)

ونقلت وسائل إعلام أن البيت الأبيض أقر بأن «نقص الدعم الأميركي سوف يجعل الحلفاء يشككون في ضرورة مواصلة دعم كييف». وخلال حديث مع الصحافيين الأربعاء، سئل الناطق باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، عن هذا الموضوع فأجاب بأن مسألة انخفاض المساعدات الغربية لأوكرانيا لم تنعكس على استعداد أوكرانيا للمفاوضات.

وقال إنه لا يرى رابطا حتى الآن بين ملف المساعدات وإمكان إطلاق عملية سياسية. وأضاف: «أكرر مرة أخرى أن أهم شيء بالنسبة إلينا هو تحقيق أهدافنا. بالطبع، من الأفضل تحقيق هذه الأهداف بطرق سياسية ودبلوماسية. وعندما يرفض الغرب والأوكرانيون هذه الطرق ففي هذه الحالة لا تزال العملية العسكرية الخاصة مستمرة». وأكد بيسكوف أن روسيا «تبقى مستعدة للمفاوضات بشأن أوكرانيا»، مذكرا بأن الرئيس فلاديمير بوتين «كرر مرات عدّة، أن الأمر الرئيسي هو تحقيق أهدافنا، ونفضل أن يتم ذلك عبر عملية سياسية».

زيلينسكي لدى استقباله الأمين العام لـ«الناتو» في كييف (أ.ب)

وأشار بيسكوف إلى أن جولات المفاوضات التي انطلقت العام الماضي، توقفت بمبادرة من الجانب الأوكراني. وقال: «لقد اعترفوا بأنفسهم بأن ذلك تم بطلب من بريطانيا، لذلك فإن الوضع بالنسبة إلينا واضح تماما».

في غضون ذلك، قالت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن روسيا لا ترى إشارات تدل على استعداد لندن للعب دور وساطة جادة. ورأت أن التسريبات الإعلامية البريطانية بشأن الاستعداد للضغط على كييف لبدء المفاوضات هي «مجرد محاولة لتقديم بريطانيا كصانع سلام».

وزادت بأن بلادها «تتعامل مع الأفعال وليس التسريبات الإعلامية (...) ما نراه على الأرض هو العكس، رزم عقوبات وحظر وممارسات لجميع أنواع الحيل لإثناء نظام كييف عن المفاوضات مع روسيا طوال هذه السنوات».

ماريا زاخاروفا (وزارة الخارجية الروسية - إكس)

وكانت صحيفة «إكسبريس» البريطانية قد نشرت في وقت سابق أن دبلوماسيين بريطانيين تحدثوا عن استعداد «للضغط» على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لإجباره على التفاوض مع روسيا.

وقال ديفيد أراخاميا رئيس كتلة حزب «خادم الشعب» في البرلمان الأوكراني والذي يتزعمه زيلينسكي، وكذلك عضو لجنة الأمن القومي والدفاع والاستخبارات، في وقت سابق، إن العمليات العسكرية في أوكرانيا كان من الممكن أن تنتهي ربيع عام 2022، بعد مفاوضات مع الجانب الروسي في إسطنبول، إلا أن السلطات الأوكرانية، بناء على دعوة رئيس الوزراء البريطاني آنذاك بوريس جونسون، لم توافق على مطلب إعلان حياد البلاد، وهو ما أدى إلى فشل جولات التفاوض.

على صعيد متصل، حذرت زاخاروفا، من أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) «يتورط بشكل متزايد في النزاع في أوكرانيا، وتتزايد مخاطر الصدام المباشر مع روسيا». وأشارت زاخاروفا إلى التقارير الغربية عن احتمال تسليم مقاتلات من طراز «إف-16»، إلى أوكرانيا. وزادت أنه برغم التقارير التي تتحدث عن خفض الإمدادات لكن دول الناتو «تواصل تسليح أوكرانيا بشكل مكثف. والخطوة التالية، هي تزويد القوات الأوكرانية بمقاتلات تكتيكية من هذا النوع. لقد تحدثوا عنها لفترة طويلة، وتم تشكيل تحالف من عدة دول لترسل هذه الطائرات إلى نظام كييف ولتقوم بتدريب الطيارين الأوكرانيين».

وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو (يمين) مع الرئيس فلاديمير بوتين وقائد الجيش فاليري غيراسيموف (أ.ف.ب)

وزادت بأنه «مع الأخذ في الحسبان أنه تم تدمير قسم كبير من البنية التحتية للمطارات في أوكرانيا، فمن الممكن أن تتمركز هذه المقاتلات الأميركية خارج البلاد، في بولندا وسلوفاكيا ورومانيا. بهذا الشكل يزداد التورط أكثر فأكثر في الصراع الأوكراني، وفي الواقع، كما نفهم، يشن الناتو حربا هجينة ضد بلادنا تحت شعار إنقاذ أوكرانيا».

وقالت الدبلوماسية الروسية: «بالنسبة للجيش الروسي، تعد هذه الطائرات الحربية أسلحة للعدو عندما تشارك في القتال إلى جانب القوات الأوكرانية، بغض النظر عن المكان الذي تنطلق منه، وستكون من ضمن الأهداف المشروعة الواجب تدميرها».

بوتين يجتمع مع رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية فاليري غيراسيموف أكتوبر الماضي (رويترز)

إلى ذلك، أعلنت بريطانيا أنها تفرض بدءا من الأربعاء، عقوبات على الأفراد والكيانات الأجانب الذين يزودون روسيا بالمعدات والمكونات التي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية. الحزمة الجديدة تطول 46 فردا وجماعة من دول مختلفة قالت إنهم متورطون في سلاسل الإمداد العسكرية لروسيا ويساعدون في استمرار غزوها لأوكرانيا. وقالت وزارة الخارجية البريطانية إن من بين الخاضعين للعقوبات جهات تعمل في الصين وصربيا وأوزبكستان. وأضافت أن العقوبات تستهدف أيضا شركات في روسيا البيضاء وتركيا والإمارات تواصل دعم الغزو الروسي غير القانوني لأوكرانيا.

شي جينبينغ وفلاديمير بوتين... أكثر من مصافحة (د.ب.أ)

وقالت الخارجية البريطانية في بيان لها: «ستفرض المملكة المتحدة يوم الأربعاء عقوبات على الموردين العسكريين الذين يدعمون آلة الحرب لـ(الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين، وسيكون الموردون الأجانب الذين يصدرون المعدات والمكونات إلى روسيا من بين عشرات الأفراد والجماعات التي ستواجه عقوبات، بهدف حرمان بوتين من الموارد التي يحتاج إليها في الحرب» في أوكرانيا.

وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون توجه الأربعاء لواشنطن (رويترز)

وجاء هذا البيان عشية الزيارة التي ينطلق فيها وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون الأربعاء لواشنطن، حيث سيجري محادثات مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن وأعضاء في الكونغرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

وفي هذه الاجتماعات، يعتزم كاميرون التأكيد على «دعم بريطانيا الثابت» لأوكرانيا بينما يشهد الكونغرس مناقشات حول مدى صواب تقديم مزيد من المساعدة لكييف.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يناقش العمليات العسكرية مع القادة العسكريين وتأثير نقص السلاح على المعركة مع روسيا (أ.ب)

وأدرجت لندن منذ بداية الحرب الأوكرانية حوالي 1800 فرد وكيان روسي على قائمتها السوداء وجمدت أصولهم التي تزيد قيمتها على 18 مليار جنيه إسترليني (23 مليار دولار). اللافت أن الرزمة الجديدة من العقوبات قد تطول شركات أوروبية اتهمت بأنها سهلت وصول معدات عسكرية إلى روسيا.

وتحقق الجمارك الفنلندية في قضية جنائية تتعلق بما سمته «احتمال توريد سلع مختلفة خاضعة للعقوبات الأوروبية بشكل غير قانوني إلى روسيا» في صفقة بلغت قيمتها أكثر من مليوني يورو.

وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون توجه إلى واشنطن لإجراء محادثات مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن (رويترز)

وأعلنت هيئة الجمارك أنه تم إجراء تحقيق مع شركتين فنلنديتين قامتا بتوريد إلكترونيات وطائرات مسيرة ومعدات تصنف على أنها دفاعية إلى دول ثالثة، لكنها كانت تمر عبر روسيا. وقال مسؤولو الجمارك إنه «تم تسليم البضائع فعليا داخل الأراضي الروسية». ووفقا للهيئة الفنلندية فإن الاشتباه يحوم حول وصول ما يقرب من 3500 طائرة مسيرة إلى روسيا، فيما تم تخليص هذه البضائع لتصديرها إلى دولة أخرى، وبلغت تكلفة الطائرات المسيرة أكثر من مليوني يورو، ووفقا لإدارة الجمارك، فقد قامت الشركتان الفنلنديتان بإجراء أكثر من 30 معاملة تصدير لتوريد البضائع الخاضعة للعقوبات والعابرة من خلال الأراضي الروسية.

وقد أجرت السلطات الفنلندية تحقيقا دوليا مكثفا بالاشتراك مع السلطات الهولندية والبريطانية والأميركية إضافة إلى «اليوروبول».


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يحول لأوكرانيا 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية

أوروبا أوراق نقدية من فئة 20 و50 يورو (د.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي يحول لأوكرانيا 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية

أعلن الاتحاد الأوروبي تأمين 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار) لدعم أوكرانيا، وهي أول دفعة من الأموال المكتسبة من الأرباح على الأصول الروسية المجمدة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يدعو إلى «معاقبة» الساعين لـ«تقسيم» روسيا

شجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المحققين الروس على التصدي لأي خطر يتسبب بانقسام المجتمع في روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم وزير الخارجية الصيني وانغ يي (إلى اليمين) يصافح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماع وزاري على هامش الاجتماع الـ57 لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والاجتماعات ذات الصلة في فينتيان 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بدء محادثات بين روسيا والصين على هامش اجتماع «آسيان»

التقى وزيرا خارجية روسيا والصين، الخميس، في فينتيان عاصمة لاوس، على هامش اجتماع إقليمي وغداة لقاء الوزير الصيني نظيره الأوكراني في الصين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
رياضة عالمية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

زيلينسكي: مشاركة أوكرانيا في الأولمبياد إنجاز في زمن الحرب

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم (الأربعاء)، إن مجرد مشاركة بلاده في دورة الألعاب الأولمبية تمثل إنجازاً في زمن الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة تُظهر جانباً من وسط موسكو في روسيا 23 نوفمبر 2020 (رويترز)

«هاكرز» أوكرانيون يوقفون الخدمات المصرفية وشبكات الهواتف في روسيا مؤقتاً

تردَّد أن خبراء في الحواسب الآلية بالاستخبارات العسكرية الأوكرانية عرقلوا أنظمة البنوك والهواتف المحمولة والشركات المقدِّمة لخدمة الإنترنت بروسيا لفترة وجيزة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

أوروبا ترفض دواء لألزهايمر وافقت عليه أميركا بسبب أعراضه الجانبية

المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)
المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)
TT

أوروبا ترفض دواء لألزهايمر وافقت عليه أميركا بسبب أعراضه الجانبية

المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)
المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)

اتخذت وكالة الأدوية الأوروبية أمس (الجمعة) قراراً برفض طرح دواء لداء ألزهايمر في الاتحاد الأوروبي يهدف إلى الحد من التدهور المعرفي للمرضى؛ إذ اعتبرت أن هذا العقار المرتقب جداً غير آمن.

ورأت الوكالة الناظمة أن النتائج التي يحققها الدواء المطروح باسم «ليكيمبي» (Leqembi) والمُجاز له في الولايات المتحدة «غير متوازنة مع خطر الآثار الجانبية الخطيرة المرتبطة به»، وأبرزها «احتمال حصول نزف في أدمغة المرضى».

وتوقع الخبراء «خيبة أمل» لدى عدد كبير من المرضى من هذا الرأي الذي تأخذ به عادة المفوضية الأوروبية صاحبة القرار النهائي.

وأكدت شركة الصناعات الدوائية اليابانية «إيساي» (Eisai) التي ابتكرت «ليكيمبي» بالتعاون مع الأميركية «بايوجين» (Biogen) أنها ستتقدم بطلب لـ«إعادة النظر في رأي» وكالة الأدوية الأوروبية، معربةً عن «خيبة أمل شديدة».

ونقل بيان عن المديرة السريرية في «إيساي» لين كرايمر قولها إن «ثمة حاجة كبيرة لا تتم تلبيتها لخيارات علاجية جديدة ومبتكرة تستهدف السبب الكامن وراء تطور المرض».

ورخّصت إدارة الغذاء والدواء الأميركية في مايو (أيار) 2023 لعقار «ليكيمبي» الذي يشكل ليكانيماب (lecanemab) مكوّنة للمرضى الذين لم يصلوا إلى مرحلة متقدمة من المرض. وأشارت «إيساي» إلى أنه يباع أيضاً في اليابان والصين.

وفشل الباحثون طوال عقود في إحراز تقدّم فعلي في محاربة مرض ألزهايمر الذي يصيب عشرات الملايين من الناس في كل أنحاء العالم.

ويعاني نحو ثمانية ملايين شخص في الاتحاد الأوروبي شكلاً من أشكال الخرف، ويمثل مرض ألزهايمر أكثر من نصف هذه الحالات، وفقاً لموقع «ألزهايمر أوروبا». ولا يتوافر إلى اليوم أي دواء يحقق الشفاء.

أعراض جانبية مثيرة للجدل

ولم يتوصل الطب بعد إلى فهم وافٍ للسبب الدقيق لمرض ألزهايمر، إلّا أن مراقبة أدمغة المرضى تُظهر وجود لويحات أميلويد تتشكل حول الخلايا العصبية وتدمرها على المدى البعيد.

ويؤدي ذلك إلى فقدان الذاكرة الذي يُعدّ أبرز تجليات المرض. وفي المراحل الأخيرة منه، لا يعود المرضى قادرين على القيام بالمهام والأنشطة الحياتية اليومية أو على الانخراط في أحاديث.

ويتيح دواء «ليكيمبي» الذي يؤخَذ عن طريق الوريد مرة كل أسبوعين، تقليل عدد لويحات الأميلويد، وفق ما أظهرت التجارب السريرية. لكن الرأي السلبي لوكالة الأدوية الأوروبية لاحظ «بشكل خاص الظهور المتكرر في الصور الطبية لتشوهات مرتبطة بالأميلويد (...) من بينها تورم ونزف محتمل في أدمغة المرضى».

ورأت اختصاصية التنكس العصبي بجامعة أدنبره البروفيسورة تارا سبايرز جونز أن هذا الرأي الذي أصدرته وكالة الأدوية الأوروبية «سيكون مخيباً لآمال الكثيرين». لكنّها اعتبرت في بيان أن «ثمة أسباباً تدعو إلى الاستمرار في التفاؤل»؛ إذ أظهر ليكانيماب أنه «من الممكن إبطاء تطور المرض». وأضافت: «نحن الآن بحاجة إلى تكثيف جهودنا لاكتشاف أدوية جديدة وأكثر أماناً»، حسبما أفاد تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

«فوارق ثقافية»

أما الأستاذ في مستشفى «يو سي إل» الجامعي في لندن بارت دي ستروبر، فرأى أن قرار وكالة الأدوية الأوروبية «مؤسف ولكنه ليس غير متوقع». واعتبر أن «هذه النتيجة تُظهر التباين الثقافي الكبير في الطريقة التي يُنظر بها إلى المخاطر والابتكار في مختلف المناطق»، ملاحظاً أن «أوروبا تميل إلى النظر لنصف الكوب الفارغ، في حين تنظر دول كالولايات المتحدة والصين واليابان إلى النصف الممتلئ».

وأعطت إدارة الغذاء والدواء الأميركية الضوء الأخضر مطلع شهر يوليو (تموز) الفائت لطرح دواء جديد آخر لمرض ألزهايمر توصلت إليه شركة «إلاي ليلي» الأميركية يتوقع أن يبطئ تطور المرض.

وباتت القرارات المتعلقة بالأدوية ضد مرض ألزهايمر تخضع لمراقبة من كثب منذ الجدل في شأن «أدوهيلم» (Aduhelm) الذي جرت الموافقة عليه في يونيو (حزيران) 2021، وابتكرته أيضاً شركتا «إيساي» و«بايوجين» ويستهدف لويحات الأميلويد كذلك.

وكان «أدوهيلم» أول دواء معتمد في الولايات المتحدة ضد المرض منذ عام 2003. إلا أنّ هذا العلاج أحدث جدلاً كبيراً؛ إذ عارضت وكالة الأدوية الأميركية رأي لجنة خبراء اعتبروا أن العلاج لم يثبت فاعليته بشكل كافٍ خلال التجارب السريرية. وقيّدت الوكالة في وقت لاحق استخدامه، حاصرة إياه بالأشخاص الذين يعانون حالات خفيفة من المرض.

وأكّد تقرير للكونغرس الأميركي أخيراً أنّ سعر الدواء مرتفع (56 ألف دولار في السنة)، في حين أعلن نظام التأمين الصحي الفيدرالي «ميديكير» المخصص لكبار السن، أنه لن يغطي تكاليفه إلا إذا أُخذ في إطار تجارب سريرية.