تكثف الأحزاب السياسية في تركيا استعداداتها للانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في 31 مارس (آذار) المقبل وسط مؤشرات على استبعاد خوض الانتخابات عبر التحالفات كما حدث في الانتخابات المحلية في 2019 ثم في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مايو (أيار) الماضي.
وعلى الرغم من إعلان الأحزاب الرئيسية أنها لن تدخل في تحالفات، فإن فكرة التعاون بين أحزاب وأخرى في بعض الولايات والمدن في الانتخابات المقبلة لا تبدو مستبعدة.
قياسات واستطلاعات
وأطلق حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب إردوغان، الأحد، استطلاعا لقياس اتجاهات قواعد الحزب بشأن أسماء المرشحين للانتخابات المحلية على مختلف المستويات، سواء رئاسات البلديات الكبرى أو المدن أو الأحياء أو المخاتير.
وبحسب الجدول الزمني، الذي وضعه الحزب وبدأ العمل عليه منذ 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، تم تحديد المسؤولين عن «لجان قياس الاتجاهات» لتحديد الأسماء الأكبر حظا في الفوز في كل ولاية من ولايات البلاد الـ81، من خلال الدراسات التي أجريت داخل الحزب، و التي تعد أحد المعايير المهمة في تحديد المرشحين.
وسيصوت نحو 160 ألفاً من أعضاء الحزب في جميع أنحاء تركيا في اقتراع على الأسماء، يجري تحت إشراف ومراقبة اللجان المكونة من أعضاء ونواب مجلس القرار المركزي، والمجلس التنفيذي للحزب.
من جانبه، أعلن رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، أن الحزب سيجري استطلاعات لقياس مدى الرضا عن أداء البلديات التابعة للحزب، وكذلك في البلديات غير التابعة من أجل تحديد خريطة الطريق لاختيار الأسماء في الولايات الأخرى بخلاف أنقرة وإسطنبول وأيدين، التي تقرر أن يخوض رؤساء بلدياتها الحاليون الانتخابات المقبلة.
تعاون لا تحالف
وبعد التجربة السابقة في الانتخابات المحلية في 2019، التي خاضها بعض الأحزاب في إطار تحالفات، أبرزها «تحالف الشعب» المؤلف من حزبي «العدالة والتنمية» الحاكم و«الحركة القومية»، والذي توسع ليضم أحزاب «الوحدة الكبرى»، «الرفاه من جديد» و«الهدى بار»، في الانتخابات المحلية والبرلمانية في مايو الماضي، و«تحالف الأمة»، المؤلف من حزبي «الشعب الجمهوري» و«الجيد»، والذي ضم في مايو باقي أحزاب «طاولة الستة» (الديمقراطية والتقدم، والمستقبل، والسعادة والديمقراطي)، أعلنت الأحزاب أنها لن تدخل في تحالفات.
وباستثناء حزبي «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية» اللذين أعلنا أنهما سيواصلان العمل بنموذج تبادل الترشيحات في البلديات، رفضت ميرال أكشينار رئيس حزب «الجيد» فكرة التحالفات، لكنها أبقت الباب مفتوحا أمام احتمالات «التعاون» في بعض الولايات.
وأكد رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، أن فكرة التحالفات باتت مستبعدة في الانتخابات المقبلة، والأفضل أن تسمى بـ«التعاون»، قائلا: «لن نتحالف في الانتخابات المحلية، لأن كلمة التحالف متعبة جداً، وبالعمل معا استهلكنا هذه الكلمة قليلا... كلمة (تحالف) لم يعد لها دلالة إيجابية للغاية في آذان الناخبين، ومن الأفضل بعد ذلك أن نتحدث عن التعاون لا التحالف».
وحدث أول تماس بين الحزبين الحليفين سابقا (الشعب الجمهوري والجيد) عبر زيارة قام بها بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مايو، رئيس بلدية أنقرة، منصور ياواش، إلى أكشينار، قبل أيام، أعلن بعدها أنها كانت «زيارة مجاملة» نقل خلالها إلى أكشينار تحيات رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل.
وهنأت أكشينار أوزيل هاتفيا بعد فوزه مؤخرا برئاسة الحزب خلفا لرئيسه السابق كمال كليتشدار أوغلو، لكنهما لم يلتقيا وجها لوجه حتى الآن.
كما أجرى رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، اتصالا هاتفيا مع أكشينار، وأكد أنه لا يزال رئيس بلدية إسطنبول، التي فاز بها عبر تحالف الأمة، ولذلك فإنهم منفتحون على الاتصالات.
ونأى كل من ياواش وإمام أوغلو عن الخوض في مسألة تشكيل تحالف جديد في الانتخابات المحلية، مؤكدين أن الأمر لم يطرح، وأن هناك لجانا في الحزبين هي المسؤولة عن مثل هذا الملف.
انزعاج عام
ورأى المحلل السياسي التركي، مراد يتكين، أن الانزعاج من التحالفات الانتخابية أصبح انزعاجا عاما، وأن حزب «الشعب الجمهوري» ليس وحده من يشعر بالانزعاج من التحالفات، بل إن حزب «العدالة والتنمية» يعاني أيضاً من الوضع ذاته.
وقال إن الرئيس رجب طيب إردوغان عبّر عن هذا الموقف بوضوح بحديثه عن دعم إلغاء قاعدة الحصول على أغلبية (50% +1) للفوز برئاسة الجمهورية، وجعل الفوز بالأغلبية، لأن هذه القاعدة فتحت الباب أمام التحالفات التي جرّت البلاد إلى الطريق الخاطئة، بحيث لم يعد من المعروف من يضع يده في جيب من.
وعدّ يتكين، أنه على الرغم من أن إردوغان ربما يخطط للبقاء في رئاسة تركيا بعد انتهاء حقه في الترشح مجددا، عبر وضع دستور جديد وإلغاء قاعدة الانتخابات الرئاسية التي وضعها بنفسه مع حليفه رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي، واعتبارها حجر الزاوية للنظام الرئاسي، فإنه قد يكون محقا في أن التحالفات قادت البلاد إلى الطريق الخاطئة، كما أن أوزيل محق أيضا في تفضيل التعاون بين الأحزاب ورفض التحالفات.