إرهابي أم جاسوس؟ القضاء الدنماركي يبت في قضية أحمد سمسم

مقاتل سابق بتنظيم «داعش» يقاضي أجهزة الاستخبارات

أحمد سمسم قال إنه كان يعمل لحساب الاستخبارات الدنماركية عامي 2013 و2014 (أ.ف.ب)
أحمد سمسم قال إنه كان يعمل لحساب الاستخبارات الدنماركية عامي 2013 و2014 (أ.ف.ب)
TT

إرهابي أم جاسوس؟ القضاء الدنماركي يبت في قضية أحمد سمسم

أحمد سمسم قال إنه كان يعمل لحساب الاستخبارات الدنماركية عامي 2013 و2014 (أ.ف.ب)
أحمد سمسم قال إنه كان يعمل لحساب الاستخبارات الدنماركية عامي 2013 و2014 (أ.ف.ب)

يؤكد أحمد سمسم، الذي حكم عليه عام 2018 بالسجن 8 سنوات لالتحاقه بتنظيم «داعش»، أن أجهزة الاستخبارات الدنماركيّة جندته في سوريا مخبراً، مطالباً بالاعتراف بدوره هذا، في ختام محاكمة تنتهي الجمعة.

ويلاحق الدنماركي من أصل سوريّ، البالغ 34 عاماً، جهازي الأمن والاستخبارات والاستخبارات العسكرية الدنماركيين أمام القضاء لمطالبتهما بالاعتراف بأنهما أرسلاه إلى سوريا للتجسس على «جهاديين» أجانب لحسابهما في 2013 و2014.

ولم يتمكن من إثبات ذلك قبل 5 سنوات أمام المحاكم الإسبانية التي حكمت عليه بالسجن لإدانته بالانضمام إلى تنظيم «داعش».

وردد ذلك خلال الأيام الخمسة الأولى من المحاكمة مستنداً إلى إفادات شهود ومقالات صحافية تكشف القضية منذ 2017، وتساند أقوال سمسم الذي يملك سجلاً جنائياً حافلاً. وأعلن الجهازان المعنيان أنه لا يمكنهما تأكيد أو نفي هوية مخبرهما.

وأوضح محامي الجهازين بيتر بيرينغ لدى افتتاح المحاكمة: «هذا يضرّ بقدرتهما على استخدام مصادر وحمايتها ومنع الإرهاب»، مؤكداً «أنها مسألة تمت إلى الأمن القومي».

وتوجه سمسم من تلقاء نفسه عام 2012 إلى سوريا للقتال ضد نظام الرئيس بشار الأسد.

وعند عودته أبدى القضاء الدنماركي اهتماماً برحلته إلى سوريا، لكنه أغلق الملف في نهاية المطاف.

رحلات إلى سوريا

يؤكد سمسم أنه أُرسل مراراً بعد ذلك إلى سوريا مزوّداً مبالغ مالية ومعدات وفّرها له جهاز الأمن والاستخبارات، ومن ثم جهاز الاستخبارات العسكرية، وهي معلومات أكدتها وسيلتان إعلاميتان دنماركيتان هما «دي آر» (DR) و«برلنغسكي»، بناء على إفادات شهود لم تكشف هوياتهم وحوالات مالية مرسلة إلى سمسم.

وبعدما تعرّض عام 2017 لتهديدات من قبل عصابات في كوبنهاغن في قضية تسوية حسابات لا علاقة لها برحلاته إلى سوريا، توجّه سمسم إلى إسبانيا.

هناك أوقفته الشرطة التي فوجئت بالعثور على صور له على «فيسبوك»، رافعاً راية تنظيم «داعش».

في العام التالي، حكم عليه بالسجن 8 سنوات لإدانته بالانضمام إلى صفوف التنظيم المتطرف. وخلال فترة محاكمته، تجاهلت السلطات الدنماركية النداءات التي وجهها إليها.

ويمضي سمسم منذ 2020 عقوبته التي خفّضت إلى 6 سنوات في الدنمارك، ومن المتوقع إطلاق سراحه في الخريف، حسب محاميه إربيل كايا.

واستمعت المحكمة إلى عدد من المسؤولين الإعلاميين، لا سيما رئيس تحرير صحيفة «برلينغسكي» السابق سيمون أندرسن.

وقال أندرسن، في إفادته، إنه تلقى رسالة بشأن قضية سمسم على حسابه الخاص من الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية لارس فيندسن، الذي وجهت إليه التهمة في قضية أخرى تتعلق بتسريبات.

وأضاف أندرسن: «عدّت ذلك طلباً رسمياً صادراً عن شخص في موقع سلطة»، موضحاً أن فيندسن كان يريد من جهاز الاستخبارات العسكرية أن يتفاوض مع محامي سمسم في ذلك الحين توماس بريدر بشأن اتفاق.

وتستمر قضية سمسم بتطوراتها الشبيهة بأفلام التجسس منذ أكثر من 6 سنوات، وإن كان الدنماركيون يتابعونها باهتمام، فهي تربك الطبقة السياسية.

وشكل البرلمان لجنة تحقيق أولى باشرت العمل في فبراير (شباط) من أجل إلقاء الضوء كاملاً على القضية، غير أن التحقيق أغلق بتكتم في يونيو (حزيران). ومن المتوقع صدور الحكم في القضية بعد حوالى 4 أسابيع.


مقالات ذات صلة

تركيا: انقسام حول المشكلة الكردية... وإردوغان قد يختار الانتخابات المبكرة

شؤون إقليمية إردوغان وبهشلي خلال الاحتفال بذكرى تأسيس الجمهورية التركية في 29 أكتوبر الماضي (الرئاسة التركية)

تركيا: انقسام حول المشكلة الكردية... وإردوغان قد يختار الانتخابات المبكرة

تعمق الجدل والانقسام حول احتمالات انطلاق عملية جديدة لحل المشكلة الكردية في تركيا... وذهبت المعارضة إلى وجود أزمة داخل «تحالف الشعب» الحاكم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أحد لقاءات الأسد وإردوغان في عام 2010 (أرشيفية - الرئاسة التركية)

​إردوغان يُبقي على آماله بلقاء الأسد واحتمال شنّ عملية عسكرية شمال سوريا

جدّدت تركيا رغبتها في تطبيع العلاقات مع سوريا من دون تحقيق شرط الانسحاب العسكري لقواتها الموجودة في مناطق الشمال السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا عناصر من «حركة الشباب» الصومالية الإرهابية (أ.ب)

مقديشو: مقتل 3 جنود صوماليين وأكثر من 20 إرهابياً من «حركة الشباب»

لقي ثلاثة جنود على الأقل مصرعهم، وأصيب ثلاثة آخرون من القوات الصومالية جراء انفجار لغم أرضي استهدف مركبة عسكرية في مديرية دينيلي بالعاصمة مقديشو.

«الشرق الأوسط» (مقديشو)
شؤون إقليمية يسود جدل واسع في تركيا حول خلافات غير معلنة بين إردوغان وحليفه دولت بهشلي (الرئاسة التركية)

بهشلي جدد دعوة أوجلان للبرلمان وأكد عدم وجود خلاف مع إردوغان

جدد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي تمسكه بدعوته لحضور زعيم حزب العمال الكردستاني السجين للحديث أمام البرلمان مشدداً على عدم وجود خلاف مع إردوغان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا استنفار أمني ألماني في شوارع برلين (أرشيفية - د.ب.أ)

توقيف فتى بألمانيا بتهمة التخطيط لتنفيذ هجوم في فترة الأعياد

تفيد السلطات الألمانية بأنها أحبطت هجمات عدة، لكن 3 أشخاص قُتلوا، وجُرح 8 في عملية طعن أثناء مهرجان في أحد شوارع مدينة زولينغن في أغسطس (آب) الماضي.

«الشرق الأوسط» (برلين)

تعيينات ترمب المحتملة لم تُثِر الكثير من القلق في كييف أو بين مؤيديها

صورة مركَّبة للرئيسين الروسي بوتين والأميركي المنتخب ترمب (أ.ف.ب)
صورة مركَّبة للرئيسين الروسي بوتين والأميركي المنتخب ترمب (أ.ف.ب)
TT

تعيينات ترمب المحتملة لم تُثِر الكثير من القلق في كييف أو بين مؤيديها

صورة مركَّبة للرئيسين الروسي بوتين والأميركي المنتخب ترمب (أ.ف.ب)
صورة مركَّبة للرئيسين الروسي بوتين والأميركي المنتخب ترمب (أ.ف.ب)

تشير اختيارات الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، مايكل والتز لشغل منصب مستشار الأمن القومي، وإليز ستيفانيك، مندوبة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة، واحتمال تعيين السيناتور ماركو روبيو وزيراً للخارجية (على الرغم من أن بعض الجمهوريين حذّروا من أنه لا شيء ثابتاً حتى يعلن ترمب رسمياً تعيينه) إلى أن إدارته الجديدة قد تكون منفتحة على تحقيق «صفقة» ما لأوكرانيا، في حربها مع روسيا.

مايكل والتز (أ.ف.ب)

وفي حين دعا والتز إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا وصوَّت ضد المساعدات لأوكرانيا في الكونغرس، كما فعلت ستيفانيك وكذلك فعل روبيو، ومع ذلك، لم تُثِر هذه الاختيارات الكثير من القلق في كييف أو بين مؤيديها، الذين كان الكثير منهم يخشون أن يعين ترمب أشخاصاً في مناصب عليا أكثر تشككاً في أوكرانيا.

وانتقد والتز، الذي سيُكلف تنسيق السياسة الخارجية الأميركية، ما سماه نهج «الشيك المفتوح» لإدارة الرئيس جو بايدن تجاه أوكرانيا، ودعا الدول الأوروبية إلى تحمل المزيد من العبء. كما دافع والتز عن سجل ترمب مع روسيا، بحجة أن الرئيس المنتخب، كان أكثر صرامة تجاه موسكو مما قد يوحي به منتقدوه في واشنطن.

غير أن والتز قال في مقابلة مع الإذاعة الوطنية، إن الولايات المتحدة يجب أن تزيد من الضغط على موسكو لإجبارها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، واقترح تعزيز العقوبات على الطاقة و«رفع القيود عن» أوكرانيا والسماح لها باستخدام الأسلحة الأميركية لضرب عمق روسيا.

الرئيس المنتخب دونالد ترمب والنائبة إليز ستيفانيك يتصافحان في كونكورد بنيو هامبشاير (رويترز)

من ناحية أخرى، تبنى روبيو السيناتور الجمهوري المتشدد لهجة براغماتية، قائلاً إنه «ليس إلى جانب روسيا»، لكن «واقع» تقدم الحرب يعني أنها ستنتهي «بتسوية تفاوضية».

ويأمل بعض الأوكرانيين أن يثبت ترمب أنه أكثر حزماً من بايدن، الذي يلقي الكثيرون باللوم عليه جراء تردده وتأخير المساعدات العسكرية والحد من كيفية استخدام أوكرانيا الأسلحة التي تتلقاها من واشنطن. وذكر أن كييف كانت مستعدة لفوز الجمهوريين، حيث وضعت أجزاء من «خطة النصر» التي اقترحها زيلينسكي وعرضها على الدول الأوروبية، واضعة في الحسبان احتمال فوز ترمب. وقدمت أوكرانيا وعوداً مختلفة لتعزيز دفاعات أوروبا بعد انتهاء الحرب، من بينها استعدادها لتقديم مواردها الطبيعية الكبيرة، وجيشها الأكثر تجريباً لتأمين الحماية للقارة الأوروبية، حين قال المتحدث باسم الخارجية الأوكرانية، هيورهي تيخي، إن المساعدات المقدمة لأوكرانيا ليست صدقة، بل هي طريق ذات اتجاهين.

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مع السيناتور ماركو روبيو (أ.ب)

ويعتقد بعض الخبراء أنه «من غير المرجح» أن يرغب ترمب في أن يُنظر إليه على أنه ضعيف من خلال قبول اتفاق سلام يضعف أوكرانيا بشكل مفرط. وقال مسؤول أميركي سابق لشبكة «فوكس نيوز»: «آخر شيء يريده ترمب هو انهيار فوضوي، على غرار ما حصل في أفغانستان».

بالنسبة إلى السيناتور ماركو روبيو، فقد غيّر وجهات نظره بشأن أوكرانيا في السنوات الأخيرة. وخلال محاولته الرئاسية الفاشلة في عام 2016، وصف روبيو ضم روسيا غير القانوني لشبه جزيرة القرم بأنه «إهانة تاريخية للنظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية»، ووعد بفرض عقوبات أكثر صرامة وتقديم المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا. لكن ومنذ ذلك الحين، اتخذ روبيو موقفاً أقرب إلى ترمب، منتقداً الولايات المتحدة لتمويلها «الجمود» في أوكرانيا.

السيناتور ماركو روبيو متحدثاً خلال تجمع انتخابي للرئيس دونالد ترمب في رالي بنورث كارولاينا (أ.ب)

وقال أحد الخبراء إن «روبيو سياسي مرن وعملي تكيَّف مع صعود الرئيس ترمب». ومع ذلك، تعرض روبيو لانتقادات لكونه متشدداً للغاية في السياسة الخارجية، وعدم تبنيه الكامل شعار «أميركا أولاً»، الذي يتبناه الكثير من أنصار ترمب الآخرين، وهو ما قد يكون من بين الأسباب التي لا تزال تؤخر تعيينه الرسمي في منصبه الجديد، قبل حصول ترمب على ولائه المطلق.