شنّت روسيا هجوماً بطائرات مسيّرة، ليل السبت - الأحد، استهدف مواقع صناعية على نهر الدانوب في جنوب غربي أوكرانيا قرب الحدود مع رومانيا، الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي، التي دانت اعتداء «غير مبرّر».
وتشهد منطقة البحر الأسود، حيث موانئ ومنشآت أساسية للتجارة والتصدير، توتراً متزايداً منذ انتهاء العمل في يوليو (تموز) باتفاق لتصدير الحبوب الأوكرانية عبر ممرات بحرية آمنة.
وأعلنت كييف أن طائرات مسيّرة روسية استهدفت خلال الليل مواقع «صناعية مدنية» في منطقة الدانوب، بينما أكدت موسكو استهداف مرفأ في المنطقة. وقال مكتب النائب العام الأوكراني على «تلغرام»: «هاجم العدو منشآت صناعية مدنية في منطقة الدانوب». وأضاف: «أصيب شخصان نتيجة الهجوم ونُقلا إلى المستشفى».
وأعلن سلاح الجو الأوكراني إسقاط 22 من 25 مسيّرة استُخدمت خلال الهجوم. وذكر: «أطلق المحتلون الروس موجات عدة من الهجمات بواسطة مركبات غير مأهولة من طراز شاهد-136/131 (الإيرانية الصنع) من الجنوب والجنوب الشرقي»، مؤكداً أن 25 مسيّرة هجومية أُطلقت، و«دمّر سلاح الجو 22 منها».
من جهته، أعلن الجيش الروسي أنه قصف بمسيّرات ميناء ريني الأوكراني المطل على «الدانوب» قرب الحدود مع رومانيا. وقالت وزارة الدفاع الروسية: «خلال الليل، نفّذ الجيش الروسي ضربة بمجموعة مسيّرات استهدفت منشآت لتخزين الوقود تُستخدم لإمداد معدات عسكرية تابعة للقوات المسلحة الأوكرانية في ميناء ريني في منطقة أوديسا». وأكدت «ضرب الأهداف المحددة جميعها».
هجوم غير مبرر
ولقي الهجوم إدانة سريعة من بوخارست؛ إذ أكدت وزارة الدفاع الرومانية «بأعلى قدر من الحزم، أن الهجمات ضد الأهداف والبنى التحتية المدنية في أوكرانيا غير مبرّرة، وتتعارض بشكل عميق مع قواعد القانون الإنساني الدولي». وأشارت، في بيان، إلى أن الهجمات «لم تسبب أي تهديد مباشر للأراضي أو المياه الإقليمية الرومانية».
ويمكن لاستهداف أراضي دول «الناتو» أن يتسبّب بتصعيد خطر في حرب أوكرانيا، التي بدأت في فبراير (شباط) 2022. وبعد انتهاء العمل باتفاق الحبوب، هددت روسيا باعتبار أي سفينة تبحر من أوكرانيا وإليها عبر البحر الأسود هدفاً عسكرياً محتملاً، وباتت كييف تعتمد إجمالاً على الطرق البرية ومرفأ نهري غير عميق ما يحد كثيراً من كميات الحبوب المصدَّرة، لكنها لجأت أيضاً إلى ممر بحري جديد رغم التهديد الروسي.
والأحد، بحث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون «عمل» هذا الممر. وكتب زيلينسكي عبر منصات التواصل أن الاتصال تطرق «إلى وسائل ضمان عمل ممر الحبوب، وتعزيز أمن منطقة أوديسا».
وسبق أن استهدفت القوات الروسية منشآت على نهر الدانوب، لا سيّما ميناء ريني وميناء إسماعيل. وكثّفت موسكو هجماتها على منطقتي أوديسا وميكولايف، حيث موانئ ومنشآت حيوية لتصدير الحبوب، منذ انهيار الاتفاق الذي أُبرم في صيف 2022 برعاية تركيا والأمم المتحدة.
وأتى اتصال زيلينسكي وماكرون عشية لقاء في مدينة سوتشي الروسية بين الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب إردوغان، يرجح أن يكون اتفاق الحبوب بنداً رئيسياً على جدول أعماله.
ووفرت دول غربية ودول «الناتو» دعماً عسكرياً لأوكرانيا عبر تزويدها بذخائر ودبابات وعربات مدرعة ومدفعية وأنظمة صاروخية. كما تعتزم دول تزويد كييف بطائرات «إف-16» الأميركية الصنع بعد الانتهاء من تدريب طياريها.
قوة دافعة
وطالبت كييف، في الأشهر الماضية، حلفاءها بزيادة معوناتهم دعماً لهجوم مضاد لاستعادة مناطق تسيطر عليها روسيا في شرق أوكرانيا وجنوبها. وبدأ هذا الهجوم مطلع يونيو (حزيران)، إلا أن نتائجه بقيت دون المتوقع. وأثار بطء تقدم القوات الأوكرانية انتقادات في الغرب رفضتها كييف. لكن قائد الهجوم الأوكراني في الجبهة الجنوبية الجنرال أولكسندر تارنافسكي أكد اختراق خطوط دفاع روسية. وقال تارنافسكي لصحيفة «الغارديان» البريطانية: «أصبحنا الآن بين الخطَين الدفاعيَين الأول والثاني». وأضاف: «في خضمّ الهجوم، نستكمل الآن تدمير وحدات العدو التي توفر غطاء لتراجع القوات الروسية خلف خطها الدفاعي الثاني».
وتسبب انتشار الألغام بكثافة في إبطاء تقدم القوات الأوكرانية التي قالت إن خبراء المتفجرات قاموا بتنظيف طريق سيراً وخلال الليل.
وتأتي هذه التصريحات بعد أيام من إعلان كييف تحقيقها نصراً استراتيجيّاً باستعادة قرية روبوتين في الجنوب. وأوضح تارنافسكي أن قوات موسكو «وقفت وانتظرت الجيش الأوكراني»، مشيراً إلى أن «العدو يستعين بعناصر الاحتياط، ليس من أوكرانيا فحسب بل من روسيا أيضاً. لكن عاجلاً أم آجلاً، سيفقد الروس أفضل الجنود. وسيعطينا ذلك قوة دافعة للهجوم بشكل أكبر وأسرع».