أزمة النيجر تهيمن على اجتماعات المجلس الأوروبي

وزراء الخارجية والدفاع جددوا دعمهم لباريس في مواجهة «انقلاب نيامي»

صورة جماعية للمشاركين في اجتماع طليطلة الأربعاء (رويترز)
صورة جماعية للمشاركين في اجتماع طليطلة الأربعاء (رويترز)
TT

أزمة النيجر تهيمن على اجتماعات المجلس الأوروبي

صورة جماعية للمشاركين في اجتماع طليطلة الأربعاء (رويترز)
صورة جماعية للمشاركين في اجتماع طليطلة الأربعاء (رويترز)

على غير عادتها في مثل هذه الأيام، أفاقت مدينة طليطلة الإسبانية، صباح الأربعاء، على أعداد من الدبلوماسيين والصحافيين ورجال الأمن تفوق أعداد السياح الذين يجوبون شوارعها طوال السنة؛ إذ تستضيف اجتماعات المجلس الأوروبي المشترك لوزراء الخارجية والدفاع الذي يعقده الاتحاد كل ستة أشهر، وذلك في إطار الرئاسة الدورية التي تتولاها إسبانيا حتى نهاية العام الحالي.

وتتصدر أزمة النيجر المواضيع التي سيناقشها هذا المجلس، الذي سيشارك في جزء من أعماله وزير الخارجية المخلوع حاسومي مسعودو، فيما يشارك وزير خارجية أوكرانيا ديمترو كوليبا في الجلسة التي ستناقش الحرب الدائرة في بلاده، وطلب انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، لكن من غير المتوقَّع أن يحصل أي تقدم بشأن هذا الطلب في انتظار صدور تقرير المفوضية الأوروبية أواخر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

موقف أوروبي موحّد

وتقول مصادر دبلوماسية أوروبية إن من أهداف هذا الاجتماع «إظهار الدعم الأوروبي للموقف الفرنسي في أزمة النيجر، والتأكيد على أن باريس ليست وحدها في مواجهة الانقلابيينَ، وذلك بعد أن قررت الحكومة العسكرية الجمعة الماضي طرد السفير الفرنسي، وبعد أن كرر إيمانويل ماكرون رفضه لمطالب الانقلابيين، مؤكداً دعم بلاده للرئيس المخلوع محمد بازوم الموجود تحت الإقامة الجبرية مع بعض أفراد أسرته في المقر الرئاسي.

بوريل يتوسط مسؤولاً في المفوضية الأوروبية ووزيرة الدفاع الإسبانية (رويترز)

ومن المواضيع الأخرى المهمة التي سينظر فيها المجلس الأوروبي المشترك، الدعم المالي الذي طلبته المجموعة الاقتصادية لبلدان أفريقيا الغربية (إيكواس) من الاتحاد الأوروبي للقيام بالعملية العسكرية المحتملة في النيجر لاستعادة النظام الشرعي. وكانت «الشرق الأوسط» قد كشفت منذ أيام أن رئيس «إيكواس» قد وجَّه رسالة إلى الممثل الأوروبي للسياسة الخارجية جوزيب بوريل يطلب فيها مساعدة الاتحاد، ويدعوه إلى تبني العقوبات المفروضة على الانقلابيين، وفرض عقوبات إضافية عليهم. وأفادت المصادر بأن جوهر النقاش حول هذا الموضوع ليس تحديد حجم المساعدات المالية التي ستقدمها الدول الأعضاء، بل تحديد الموقف الأوروبي المشترك من هذه الأزمة، وبشكل خاص موقف ألمانيا منها.

«تهديدات» روسية

وفي الجلسة الأولى المخصصة لوزراء الدفاع، صباح الأربعاء، أعربت وزيرة الدفاع الإسبانية ماغاريتا روبليس عن تضامن الاتحاد مع الممثل الأوروبي للسياسة الخارجية جوزيب بوريل بعد «الشتائم والتهديدات» التي تعرض لها من السلطات الروسية. وقالت: «عندما توجه روسيا الشتائم إلى الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، فإنها تستهدف جميع الأوروبيين».

وكان بوريل قد أدلى بتصريحات مؤخراً، قال فيها إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «يضحي بجيشه وشعبه من أجل بقائه في السلطة»، ليضيف بعد ذلك أن الاتحاد الأوروبي سيواصل تقديم الدعم إلى أوكرانيا لمنع توطين هذا الصراع على الحدود الأوروبية وقطع شهية بوتين عن المزيد من المغامرات. كما وصف الدمار الذي حصل في مدينة ماريوبول على يد القوات الروسية بأنه «يعادل مائة غرنيكا»، في إشارة إلى المدينة الإسبانية التي دمرها الطيران النازي في الحرب العمية الثانية وخلَّدها بيكاسو في لوحته الشهيرة.

ورغم أن هذه الاجتماعات غير الرسمية للمجلس الأوروبي المشترك ليست مخولة باتخاذ قرارات نافذة بشأن القضايا التي تناقشها، فإنها تُحدد المسار لمعالجتها والبتّ فيها بالقمم اللاحقة، وتساعد على توضيح مواقف الدول الأعضاء من المواضيع الشائكة التي تتباين الآراء حولها. ومِن بين هذه المواضيع، طلب أوكرانيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، الذي ما زالت المواقف منه منقسمة بين الدول الأعضاء، رغم التوافق عليه من حيث المبدأ.


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

الولايات المتحدة​ قاعدة أغاديز (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

أعلن الجيش الأميركي، الاثنين، إنهاء سحب كل قواته من قاعدته الأخيرة في النيجر؛ تلبية لمطلب قادة الانقلاب العسكري في الدولة الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أفريقيا متظاهرون يهتفون تأييداً للقوات النيجرية أثناء تجمعهم أمام السفارة الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)

مقتل 15 جندياً في النيجر قرب الحدود مع بوركينا فاسو

قتل 15 جنديا في النيجر على الأقل أمس (الاثنين) خلال معارك في منطقة تير (جنوب غرب) قرب بوركينا فاسو.

«الشرق الأوسط» (نيامي)
أفريقيا مجموعة أفراد يحملون شبكة صيد في طريقهم لبحيرة الثعبان لجمع الأسماك بمالي (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو إلى «تحرك دولي فوري» لحل أزمة منطقة الساحل الأفريقي

دعت الأمم المتحدة، الجمعة، إلى تحرك دولي فوري لوضع حد للنزوح القسري للمدنيين في منطقة الساحل الأفريقي التي تشهد أزمة إنسانية تزداد سوءا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أفريقيا جنود فرنسيون يتأهبون لركوب طائرة عسكرية بعد انسحابهم من النيجر في 22 ديسمبر 2023 (رويترز)

السماح للجيش الألماني بالاحتفاظ بقاعدة جوية في النيجر

أعلنت وزارة الدفاع الألمانية أن الجيش الألماني سيتمكن من الاحتفاظ بقاعدته للنقل الجوي في النيجر في إطار «اتفاق مؤقت» أبرم مع الدولة الواقعة في منطقة الساحل.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ صورة عامة للعاصمة نيامي (أرشيفية - رويترز)

أميركا تستكمل سحب قواتها من النيجر بحلول 15 سبتمبر

قالت النيجر والولايات المتحدة في بيان مشترك إنهما توصلتا إلى اتفاق بشأن انسحاب القوات الأميركية من الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (نيامي )

ماذا نعرف عن الصاروخ «أوريشنيك» الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا؟

TT

ماذا نعرف عن الصاروخ «أوريشنيك» الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا؟

صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)
صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أسلحة أوكراني. وهذا السلاح، غير المعروف حتى الآن، استخدمته روسيا للمرة الأولى ضد أوكرانيا ولتحذير الغرب.

فيما يلي ما نعرفه عن هذا الصاروخ التجريبي الذي أُطلق عليه اسم «أوريشنيك»:

آلاف الكيلومترات

حتى استخدامه يوم الخميس، لم يكن هذا السلاح الجديد معروفاً. ووصفه بوتين بأنه صاروخ باليستي «متوسط المدى»، يمكنه بالتالي بلوغ أهداف يتراوح مداها بين 3000 و5500 كيلومتر، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي قبل إطلاقه (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

وحسب الرئيس الروسي، فإن إطلاق الصاروخ كان بمثابة تجربة في الظروف القتالية؛ مما يعني أن هذا السلاح لا يزال قيد التطوير. ولم يعطِ أي إشارة إلى عدد الأنظمة الموجودة، لكنه هدّد بإعادة استخدامه.

تبلغ المسافة بين منطقة أستراخان الروسية التي أُطلق منها صاروخ «أوريشنيك»، الخميس، حسب كييف، ومصنع تصنيع الأقمار الاصطناعية بيفدينماش الذي أصابه الصاروخ في دنيبرو (وسط شرق أوكرانيا)، تقريباً 1000 كيلومتر.

وإذا كان لا يدخل ضمن فئة الصواريخ العابرة للقارات (التي يزيد مداها على 5500 كيلومتر) يمكن لـ«أوريشنيك» إذا أُطلق من الشرق الأقصى الروسي نظرياً أن يضرب أهدافاً على الساحل الغربي للولايات المتحدة.

وقال الباحث في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح (Unidir) في جنيف، بافيل بودفيغ، في مقابلة مع وسيلة الإعلام «أوستوروزنو نوفوستي»، إن «(أوريشنيك) يمكنه (أيضاً) أن يهدّد أوروبا بأكملها تقريباً».

وحتى عام 2019 لم يكن بوسع روسيا والولايات المتحدة نشر مثل هذه الصواريخ بموجب معاهدة القوى النووية متوسطة المدى الموقّعة في عام 1987 خلال الحرب الباردة.

لكن في عام 2019 سحب دونالد ترمب واشنطن من هذا النص، متهماً موسكو بانتهاكه؛ مما فتح الطريق أمام سباق تسلح جديد.

3 كلم في الثانية

أوضحت نائبة المتحدث باسم «البنتاغون»، سابرينا سينغ، للصحافة، الخميس، أن «(أوريشنيك) يعتمد على النموذج الروسي للصاروخ الباليستي العابر للقارات RS - 26 Roubej» (المشتق نفسه من RS - 24 Yars).

وقال الخبير العسكري إيان ماتفييف، على تطبيق «تلغرام»، إن «هذا النظام مكلف كثيراً، ولا يتم إنتاجه بكميات كبيرة»، مؤكداً أن الصاروخ يمكن أن يحمل شحنة متفجرة تزن «عدة أطنان».

في عام 2018، تم تجميد برنامج التسليح «RS - 26 Roubej»، الذي يعود أول اختبار ناجح له إلى عام 2012، حسب وكالة «تاس» الحكومية، بسبب عدم توفر الوسائل اللازمة لتنفيذ هذا المشروع «بالتزامن» مع تطوير الجيل الجديد من أنظمة «Avangard» التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، ويُفترض أنها قادرة على الوصول إلى هدف في أي مكان في العالم تقريباً.

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي على متن شاحنة مدولبة (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

حسب بوتين فإن الصاروخ «أوريشنيك» «في تكوينه غير النووي الذي تفوق سرعته سرعة الصوت» يمكن أن تصل سرعته إلى 10 ماخ، «أو 2.5 إلى 3 كيلومترات في الثانية» (نحو 12350 كلم في الساعة). وأضاف: «لا توجد أي طريقة اليوم للتصدي لمثل هذه الأسلحة».

عدة رؤوس

أخيراً، سيتم تجهيز «أوريشنيك» أيضاً بشحنات قابلة للمناورة في الهواء؛ مما يزيد من صعوبة اعتراضه.

وشدد بوتين على أن «أنظمة الدفاع الجوي المتوفرة حالياً في العالم، وأنظمة الدفاع الصاروخي التي نصبها الأميركيون في أوروبا، لا تعترض هذه الصواريخ. هذا مستبعد».

وأظهر مقطع فيديو للإطلاق الروسي نُشر على شبكات التواصل الاجتماعي، ست ومضات قوية متتالية تسقط من السماء وقت الهجوم، في إشارة -حسب الخبراء- إلى أن الصاروخ يحمل ست شحنات على الأقل. يقوم هذا على تجهيز صاروخ بعدة رؤوس حربية، نووية أو تقليدية، يتبع كل منها مساراً مستقلاً عند دخوله الغلاف الجوي.