واشنطن تتساءل بشأن مستقبل أنشطة «فاغنر» في الشرق الأوسط وأفريقيا

يفغيني بريغوجين قائد مجموعة «فاغنر» (أ.ب)
يفغيني بريغوجين قائد مجموعة «فاغنر» (أ.ب)
TT

واشنطن تتساءل بشأن مستقبل أنشطة «فاغنر» في الشرق الأوسط وأفريقيا

يفغيني بريغوجين قائد مجموعة «فاغنر» (أ.ب)
يفغيني بريغوجين قائد مجموعة «فاغنر» (أ.ب)

قال مسؤولون إن الولايات المتحدة تعكف على دراسة مدى تأثير تمرد مجموعة «فاغنر» قصير الأمد ضد المؤسسة العسكرية الروسية على عمليات المجموعة العسكرية الخاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا.

وأذهل يفغيني بريغوجين، زعيم «فاغنر»، العالم بقيادته تمرداً مسلحاً يوم الجمعة الماضي نقل مقاتليه من الحدود الأوكرانية إلى مسافة 200 كيلومتر من موسكو قبل أن يوقف تحركه فجأة.

ووفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء، ينظر صانعو السياسة الأميركيون إلى المجموعة من منظور التنافس مع روسيا على النفوذ في أفريقيا والشرق الأوسط، ويتهمونها بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. واشتبك الجيش الأميركي بشكل مباشر مع قوات «فاغنر» في سوريا.

وقال مسؤول أميركي إن من بين الاحتمالات التي يدرسها محللو السياسة أن استعداد قادة الدول الأفريقية لتوظيف مقاتلي المجموعة قد يتراجع بعد مشاهدة بريغوجين ينقلب على رعاته.

وكان أحد الخيارات التي قدمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لأعضاء «فاغنر» هو توقيع عقد مع القوات المسلحة الروسية.

وقال المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: «إذا تم استيعاب قوات (فاغنر) هذه في الجيش الروسي بين عشية وضحاها، فقد تكون هناك مشكلة. الكثير من هذه الدول لم تكن تطلب وجوداً عسكرياً روسياً عندما طلبت قوات (فاغنر)».

وقال المسؤول إن بعض هؤلاء الزعماء الأفارقة قلقون بشدة من الخصوم الداخليين، وإن مسيرة «فاغنر» صوب موسكو قد تغذّي مخاوفهم.

تأثير مزعزع للاستقرار

على الرغم من أن مجموعة «فاغنر» ليست جزءاً رسمياً من الجيش الروسي، فإنها مهمة لبوتين لأنها يمكن أن تعزز أولويات سياسته الخارجية بجزء بسيط من التكلفة. وقال بوتين، يوم الثلاثاء، إن المجموعة كانت «مموَّلة بالكامل» من ميزانية الدولة.

ونشرت المنظمة قوات بالآلاف في أفريقيا والشرق الأوسط. وأقامت علاقات قوية مع عدد من الحكومات الأفريقية على مدار العقد الماضي من خلال عمليات في دول من بينها مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا.

ولعبت المجموعة دوراً محورياً في الغزو الروسي لأوكرانيا، وخاضت عدداً كبيراً من أكثر المعارك دموية ضد القوات الأوكرانية.

وفي البنتاغون، رفض المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، باتريك رايدر، التكهن بمستقبل «فاغنر»، لكنه أدان تصرفات المجموعة في أفريقيا وغيرها.

وقال رايدر: «لهم تأثير مزعزع للاستقرار في تلك المنطقة وبالتأكيد يشكّلون تهديداً، ولهذا السبب تم إعلانهم منظمة إجرامية عابرة للحدود».

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لوسائل إعلام روسية، يوم الاثنين، إن نشاط «فاغنر» في جمهورية أفريقيا الوسطى سيستمر.

وقال المسؤول الأميركي إنه على الرغم من تصريحات لافروف، فإن الولايات المتحدة تتطلع لمعرفة ما إذا كانت الدول في أفريقيا تثق بهذه الوعود.

وتحدى بريغوجين، وهو حليف سابق لبوتين، أوامر هذا الشهر بوضع قواته تحت قيادة وزارة الدفاع الروسية. وبعد التمرد، قال بوتين يوم الاثنين إنه سيفي بوعده بالسماح لمقاتلي «فاغنر» بالانتقال إلى بيلاروسيا إذا أرادوا ذلك، أو توقيع عقود عسكرية رسمية، أو العودة إلى عائلاتهم.

وقال المسؤول الأميركي إن الكثير في هذا الصدد سيعتمد على مصير بريغوجين ومدى النفوذ الذي سيحتفظ به مع قواته في أفريقيا.

واتفق مايكل مولروي، وهو مسؤول كبير سابق في البنتاغون، مع فكرة أن أحداث مطلع الأسبوع يمكن أن تضر «فاغنر» في أفريقيا.

وقال مولروي: «سيُنظر إليهم على أنهم غير مستقرين للغاية وربما يشكّلون تهديداً للقيادة في تلك البلدان». وأضاف: «لقد كادوا يبدأون انقلاباً في بلادهم».

وقال مسؤول أميركي ثانٍ إنه على الرغم من المخاطر الواضحة على منظمة بريغوجين، هناك فرصة لاستفادة المجموعة من تمردها. فقد تؤدي مسيرة «فاغنر» المفاجئة نحو موسكو، التي لم تواجه مقاومة تُذكَر، إلى تعزيز سمعتها، مما يؤدي إلى المزيد من الأعمال في أفريقيا.


مقالات ذات صلة

بريطانيا تصدر عقوبات جديدة على صلة بـ«فاغنر» الروسية

أوروبا بريطانيا تفرض 46 عقوبة جديدة على روسيا بما في ذلك على مواطنين لديهم صلات بمجموعة فاغنر (رويترز)

بريطانيا تصدر عقوبات جديدة على صلة بـ«فاغنر» الروسية

قالت الحكومة البريطانية، اليوم (الخميس)، إنها فرضت 46 عقوبة جديدة على روسيا بما في ذلك على مواطنين على صلة بمجموعة فاغنر العسكرية الروسية، وفق «رويترز».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

الجزائر تطالب بعقوبات ضد مالي بعد هجوم شنته فوق أراضيها

طالبت الجزائر بإنزال عقوبات دولية على الحكومة المالية، بعد الهجوم الذي شنّه الجيش المالي على مواقع للطوارق المعارضين في بلدة تقع على الحدود مع الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا عناصر من القوات التركية تتولى تدريب قوات ليبية (وزارة الدفاع التركية)

​تقارير أممية تكشف عن تورط تركيا في انتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا

كشفت تقارير للأمم المتحدة عن تورط شركة «سادات للاستشارات الدفاعية الدولية» التركية في انتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا وتجنيد آلاف المرتزقة السوريين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

قتلى وجرحى في هجوم للجيش المالي على مواقع للطوارق قرب بلدة جزائرية

القصف يدلّ على تصاعد التوتر منذ أن قرّر الحاكم العسكري في باماكو إلغاء «اتفاق السلام»، مطالباً الجزائر بـ«التوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لمالي».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
خاص معمّر القذافي (رويترز)

خاص «تركة القذافي»... ليبيا منقسمة وعملية سياسية ميتة

تغيَّرت ليبيا كثيراً منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي عام 2011. فشل الليبيون في إقامة نظام جديد أفضل منه. ولكن من هم المتنافسون على تركة القذافي؟

كميل الطويل (لندن)

رومانيا: مفاجأة روسية في الانتخابات الرئاسية

المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)
المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)
TT

رومانيا: مفاجأة روسية في الانتخابات الرئاسية

المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)
المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)

فجّر المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو، الاثنين، مفاجأة مدوية بتصدّره الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا، حسب النتائج شبه النهائية، وسينافس سياسية مغمورة في الجولة الثانية من الانتخابات المقررة في 8 ديسمبر (كانون الأول).

وبعد فرز أكثر من 99 في المائة من الأصوات، حصل كالين جورجيسكو (62 عاماً) المنتمي إلى اليمين المتطرف، والمعارض لمنح أوكرانيا المجاورة مساعدات والمناهض لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، على 22.94 في المائة من الأصوات، متقدماً على إيلينا لاسكوني (52 عاماً)، وهي رئيسة بلدية مدينة صغيرة تترأس حزباً من اليمين الوسط وحلّت في المركز الثاني بـ19.17 في المائة من الأصوات في الانتخابات التي أُجريت، الأحد.

إيلينا لاسكوني (52 عاماً) التي ستخوض الجولة الثانية في أثناء إدلائها بصوتها الأحد (إ.ب.أ)

وتراجع رئيس الوزراء المؤيّد لأوروبا مارسيل شيولاكو الذي كان المرشح الأوفر حظاً، إلى المركز الثالث، بفارق نحو ألف صوت فقط عن لاسكوني (19.15 في المائة).

وحقّق جورجيسكو هذه النتيجة المفاجئة بعد أن أطلق حملة عبر تطبيق «تيك توك» ركزت على ضرورة وقف كل مساعدة لكييف، وحقّقت انتشاراً واسعاً خلال الأيام الماضية.

وعلّق جورجيسكو، الأحد، بالقول: «هذا المساء، هتف الشعب الروماني من أجل السلام، وهتف بصوت عالٍ للغاية».

وكان من المتوقع أن يبلغ الجولة الثانية جورج سيميون (38 عاماً)، زعيم تحالف اليمين المتطرف من أجل وحدة الرومانيين (أور)، لكنه حلّ رابعاً بـ13.87 في المائة من الأصوات. وهنّأ خصمه، معرباً عن سعادته بأن «سيادياً» سيترشح للجولة الثانية.

رئيس الوزراء المؤيّد لأوروبا مارسيل شيولاكو يلقي خطاباً وهو محاط بكبار المسؤولين في بوخارست الأحد (إ.ب.أ)

وعوّل سيميون المعجب بالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، على خطاباته القومية، للاستفادة من غضب مواطنيه الذين يعانون الفقر بسبب التضخم القياسي.

كما أراد أن يُظهر نفسه معتدلاً؛ لكن ذلك «انعكس عليه سلباً بين الأكثر تطرفاً»، وفق ما قاله المحلل السياسي كريستيان بيرفوليسكو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

تصويت مناهض للنظام

وأشار المحلل بيرفوليسكو إلى أن «اليمين المتطرف هو الفائز الأكبر في هذه الانتخابات»؛ إذ نال أكثر من ثلث الأصوات، متوقعاً أن تنعكس هذه النتائج لصالح اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية المقررة الأحد المقبل. لكن حصول ذلك يؤشّر إلى مفاوضات صعبة لتشكيل ائتلاف.

جورج سيميون (38 عاماً) زعيم تحالف اليمين المتطرف يتحدّث للإعلام في بوخارست الأحد (إ.ب.أ)

ويحكم الديمقراطيون الاشتراكيون، ورثة الحزب الشيوعي القديم الذي هيمن على الحياة السياسية في البلاد لأكثر من ثلاثة عقود، حالياً في ائتلاف مع الليبراليين من حزب التحرير الوطني الذي هُزم مرشحه أيضاً.

وبات الرومانيون يعوّلون على المرشحين المناهضين للنظام، في ظل صعود الحركات المحافظة المتشددة في أوروبا، بعد عقد من حكم الليبرالي كلاوس يوهانيس، وهو من أشد المؤيدين لكييف. وتراجعت شعبيته لا سيما بسبب رحلاته المكلفة إلى الخارج المموّلة بالمال العام. ويرى خبراء أن اليمين المتطرف استفاد من مناخ اجتماعي وجيوسياسي متوتر في رومانيا المنضوية في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو).

وبات لهذه الدولة الواقعة على حدود أوكرانيا دور استراتيجي منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا؛ حيث ينتشر على أراضيها أكثر من 5 آلاف جندي من حلف «الناتو»، وتشكّل ممراً لعبور الحبوب الأوكرانية.

وتُعد نتيجة الانتخابات بمثابة زلزال سياسي في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 19 مليون نسمة، وبقي إلى الآن في منأى عن المواقف القومية على عكس المجر أو سلوفاكيا المجاورتين. ويشغل رئيس الجمهورية منصباً فخرياً إلى حد كبير، لكنه يتمتع بسلطة معنوية ونفوذ في السياسة الخارجية. وتباينت المواقف حيال هذه النتائج في شوارع بوخارست، الاثنين. ورأى البعض فيها مفاجأة سارّة، مثل المتقاعدة ماريا شيس (70 عاماً) التي عدّت أن جورجيسكو «يبدو رجلاً نزيهاً وجاداً ووطنياً وقادراً على إحداث التغيير». وأوضحت أنها أُعجبت بمقاطع الفيديو التي نشرها على «تيك توك» مشيراً فيها إلى موقفه من الحرب في أوكرانيا وتعهّده بـ«السلام والهدوء». وأضافت: «انتهى الخنوع للغرب، وليُفسح المجال لمزيد من الاعتزاز والكرامة».

في المقابل، أعرب آخرون، مثل أليكس تودوز، وهو صاحب شركة إنشاءات، عن «الحزن وخيبة الأمل أمام هذا التصويت المؤيّد لروسيا بعد سنوات عدة في تكتلات أوروبية أطلسية». وعدّ أنه بمثابة تصويت ضد الأحزاب التقليدية التي لحقت بها حملة «تضليل» على الشبكات الاجتماعية أكثر من كونه موقفاً مؤيداً لـ«الكرملين». وحول الجولة الثانية، فقد أعرب عن خشيته من أن «الرومانيين ليسوا مستعدين لانتخاب امرأة (لاسكوني)»؛ لصد اليمين المتطرف في هذا البلد؛ حيث لا تزال النعرات الذكورية راسخة.