«يوغوسلافيو المستقبل» في صربيا لـ«مقاومة» النزعات القومية

رجل يحمل علم يوغوسلافيا أمام النصب التذكاري لجوزيف بروز تيتو في بلغراد (أ.ف.ب)
رجل يحمل علم يوغوسلافيا أمام النصب التذكاري لجوزيف بروز تيتو في بلغراد (أ.ف.ب)
TT

«يوغوسلافيو المستقبل» في صربيا لـ«مقاومة» النزعات القومية

رجل يحمل علم يوغوسلافيا أمام النصب التذكاري لجوزيف بروز تيتو في بلغراد (أ.ف.ب)
رجل يحمل علم يوغوسلافيا أمام النصب التذكاري لجوزيف بروز تيتو في بلغراد (أ.ف.ب)

كل عام، تصطف في بلغراد مجموعة صغيرة من المسنين ببزات مهترئة تعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية مزيّنة برموز شيوعية إحياءً لذكرى الزعيم السابق جوزيف بروز تيتو. لكن بعد عقود على التفكك الدموي ليوغوسلافيا الاتحادية، بدأت مجموعة أكثر شباباً تملأ صفوف المجتمعين لإحياء ذكرى وفاة تيتو والبكاء على أطلال الجمهورية الاشتراكية الاتحادية السابقة التي كانت توحّد المنطقة. وفي ظل المشاعر القومية العميقة السائدة في صربيا ومعظم بلدان البلقان، يتبنى هؤلاء الشباب هوية أسلافهم «اليوغوسلافية». وذهب عدد متزايد منهم إلى حد تسجيل أنفسهم على أنهم «يوغوسلافيون» في آخر تعداد سكاني في صربيا. وكان إيفان سفيتكوفيتش، وهو طالب اقتصاد في بلغراد يبلغ من العمر 23 عاماً، من بين المسجّلين على أنهم يوغوسلافيون. ويتحدر والداه من كرواتيا وصربيا، أي أنه ثمرة «زواج مختلط»؛ لذا فإنه لا ينتمي إلى إحدى الجنسيتين أكثر من الأخرى. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية «في البلقان، نتشارك ذات اللغة والتاريخ والعقلية... الطبيعي بالنسبة لي هو أن أكون يوغوسلافياً».

امتدت يوغوسلافيا التي أسسها تيتو ومجموعة من حلفائه الاشتراكيين بعد الحرب العالمية الثانية، من سواحل البحر الأدرياتيكي بمحاذاة إيطاليا إلى الحدود مع اليونان جنوباً، لتضم ست جمهوريات ومنطقتين تتمتعان بحكم ذاتي. وعلى مدى أربعة عقود، ازدهرت الجمهورية الاتحادية إلى حد كبير مقارنة بالبلدان الاشتراكية؛ إذ كان بإمكان مواطنيها السفر إلى الخارج والاستمتاع بأوضاع معيشية مريحة في بلدهم. لكن بعد وفاة تيتو مطلع ثمانينات القرن الماضي، بدأت البلاد تتفكك، وعادت النزعات القومية حاملة معها مشاعر ثأر أشعلت سلسلة حروب قُتل على أثرها أكثر من 130 ألف شخص. وتأسست البوسنة وكرواتيا ومونتينيغرو ومقدونيا الشمالية وسلوفينيا وصربيا من الأنقاض، بينما كافحت كوسوفو على مدى عقود لنيل استقلالها. وباتت يوغوسلافيا فصلاً من الماضي مع تحطّم أي طموحات لتوحيد المجموعات العرقية والدينية المنقسمة في المنطقة تحت مظلة واحدة. لكن بالنسبة لأولئك الذين ما زالوا يحنّون إلى زمن الازدهار، يحمل الانتماء إلى يوغوسلافيا معنى مهماً. ويقول زيفكو ميتريف (78 عاماً) الذي قدِم من جمهورية مقدونيا الشمالية لوضع إكليل من الزهور على قبر تيتو «أنا يوغوسلافي... سأبقى كذلك إلى أن أموت». ما زالت إعادة إحياء الهوية اليوغوسلافية في مراحلها الأولى، لكنها باتت ملموسة بشكل متزايد، خصوصاً في صربيا. وفي آخر إحصاء سكاني نظّمته البلاد عام 2022، عرّف نحو 27 ألف شخص عن أنفسهم على أنهم يوغوسلافيون، مقارنة مع 23 ألفاً في 2011، في زيادة نادرة في الأرقام في بلد يشهد تراجعاً في عدد سكانه. بالنسبة لكثر، يعد الأمر نوعاً من أنواع الاحتجاج. وقال الصحافي الكرواتي البارز فيكتور إيفانتشيتش لوسائل إعلام محلية «أرى في النزعة اليوغوسلافية نوعاً من المقاومة. إنه نوع من مناهضة القومية بشكل طبيعي ومسؤول أكثر... إذا كان شخص ما صربياً أو كرواتياً بناءً على جنسيته، فيمكنني أن أكون يوغوسلافياً بناءً على غياب جنسيتي». في صربيا، تعترف السلطات بنحو 20 أقلية عرقية. يمنح ذلك هذه المجموعات تمويلاً عاماً لتتمكن من المحافظة على ثقافتها، إضافة إلى ميّزات انتخابية محددة في صناديق الاقتراع. ويأمل البعض، على غرار المؤلف والمذيع الصربي الشهير داسكو ميلينوفيتش بأن يتم منح هذا الوضع لليوغوسلافيين الذين يتجاوز عددهم نحو نصف الأقليات المسجلة رسمياً.

بالنسبة لميلينوفيتش، لا يجب أن يشكّل حل يوغوسلافيا قبل عقود عائقاً في طريق الاعتراف بالمجموعة. ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية «اندثرت مملكة روتينيا قبل وقت طويل، لكن الروتينيين ما زالوا موجودين». ويضيف «انتهت فالاشيا منذ زمن. الروما، على علمي، لم تكن لديهم دولة قط، لكنهم ما زالوا روما». منذ أكثر من عقد، رفض المسؤولون في صربيا طلباً رسمياً بالاعتراف باليوغوسلافيين، مشيرين إلى عدم امتلاك المجموعة «لغة وأبجدية وأدباً». لكن ميلينوفيتش وصف رد الحكومة بالمضحك، لافتاً إلى أن يوغوسلافيا كانت لديها لغة رسمية وأبجديتان وهي موطن الكاتب المعروف إيفو أندريتش الذي فاز بجائزة نوبل في الأدب. وأوضح أن «كل الأمم مُبتكرة وتمثّل فكرة سياسية. لا توجد الأمة بشكل طبيعي، وإلا فسيكون للدببة والطيور والسناجب أمة». لكن قد تجد المساعي الجديدة لنيل الاعتراف آذاناً صاغية في أوساط السكان، بحسب وزير حقوق الإنسان والأقليات الصربي توميسلاف زيغمانوف. وقال زيغمانوف لوكالة الصحافة الفرنسية «كمواطن في هذا البلد الداعم للمعتقدات الليبرالية، أؤيد ذلك بالتأكيد». ويمكن أن يتم تبني المبادرة في حال جمع 11 ألف توقيع من أفراد المجموعة، أي ما يعادل 40 في المائة من السكان المسجّلين كيوغوسلافيين في التعداد. وبينما تبنى العديد من اليوغوسلافيين الهوية في نوبة حنين إلى الماضي، يعدّ ميلينوفيتش وغيره أن القرار مرتبط أكثر بتأسيس مستقبل أفضل تتفوق فيه الأفكار التقدمية على النزعات القومية. ويؤكد ميلينوفيتش «لسنا يوغوسلافيين سابقين. نحن يوغوسلافيون مستقبليون... الأمر ليس مرتبطاً بيوغوسلافيا سابقة، بل بتلك المستقبلية».

الرأي



الشرطة السويدية تحقق في حادث أوقع إصابات ببودين شمال البلاد

عَلم السويد بأحد شوارع ستوكهولم (رويترز)
عَلم السويد بأحد شوارع ستوكهولم (رويترز)
TT

الشرطة السويدية تحقق في حادث أوقع إصابات ببودين شمال البلاد

عَلم السويد بأحد شوارع ستوكهولم (رويترز)
عَلم السويد بأحد شوارع ستوكهولم (رويترز)

أعلنت الشرطة السويدية، اليوم الخميس، أنها تُحقق في حادث خطير وقع في بلدة بودين شمال البلاد. وذكرت صحيفة «أفتونبلادت» اليومية أن عدداً من المصابين نُقلوا إلى المستشفى.

ووفقاً لـ«رويترز»، قال متحدث باسم الشرطة: «نتخذ عدداً من الإجراءات التحقيقية»، رافضاً الإدلاء بمزيد من التفاصيل. وذكرت صحيفة «أفتونبلادت» أنها تلقت معلومات تفيد بوقوع جريمة عنيفة، وأن الشرطة أطلقت النار على الجاني. وأشارت الصحيفة، نقلاً عن السلطات المحلية، إلى أنه جرى نقل عدد من الأشخاص إلى المستشفى. وتقع بودين على بُعد نحو 80 كيلومتراً (50 ميلاً) جنوب الدائرة القطبية الشمالية، وهي مقر الفوج التاسع عشر للمشاة السويدي.


زيلينسكي يبحث هاتفياً مع ويتكوف وكوشنر «تفاصيل» خطة السلام مع روسيا

زيلينسكي داخل مكتبه الرئاسي بكييف يوم 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
زيلينسكي داخل مكتبه الرئاسي بكييف يوم 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

زيلينسكي يبحث هاتفياً مع ويتكوف وكوشنر «تفاصيل» خطة السلام مع روسيا

زيلينسكي داخل مكتبه الرئاسي بكييف يوم 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
زيلينسكي داخل مكتبه الرئاسي بكييف يوم 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الخميس، أنه تحدّث هاتفياً مع المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، بعدما كشف، في اليوم السابق، عن تفاصيل الخطة الأميركية الجديدة لإنهاء الحرب مع روسيا.

صورة مركبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) ونظيره الأميركي دونالد ترمب (وسط) والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)

وقال زيلينسكي عبر «فيسبوك»: «لقد ناقشنا بعض التفاصيل المهمة للعمل الجاري. هناك أفكار جيدة يمكن أن تسهم في التوصل إلى نتيجة مشتركة وسلام دائم».

وأكد أنّه أجرى «محادثة جيدة جداً» مع المبعوثين الأميركيين اللذين شكرهما على «نهجهما البنّاء وعملهما المكثّف وكلماتهما الطيبة».

وقال: «آمل أن تكون التفاهمات التي تمّ التوصل إليها اليوم لمناسبة عيد الميلاد والأفكار التي ناقشناها مفيدة».

وكان الرئيس الأوكراني كشف الأربعاء عن النسخة الجديدة من الخطة الأميركية الرامية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، التي تمّ التفاوض بشأنها لأسابيع بين واشنطن وكييف.

وتنص الخطة على وقف القتال على خطوط الجبهة الحالية من دون تسوية نهائية لمصير الأراضي التي تحتلها روسيا وتشكّل 19 في المائة من أوكرانيا.

وبخلاف النسخة السابقة من الخطة التي أعدّها الأميركيون، تحذف هذه النسخة مطلبين أساسيين لموسكو، وهما: انسحاب القوات الأوكرانية من المناطق التي لا تزال تحت سيطرتها في إقليم دونباس، والتزام قانوني من قبل كييف بعدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).

ولهذا السبب، يبدو من غير المرجّح أن توافق موسكو على النسخة الجديدة من الخطة. ورداً على سؤال بهذا الشأن الأربعاء، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إنّ روسيا «تقوم بصياغة موقفها»، رافضاً الإدلاء بأي تفاصيل بشأن مضمون الطرح.


الملك تشارلز يثمن «وحدة التنوع المجتمعي» في بريطانيا خلال رسالة أعياد الميلاد

الملك تشارلز الثالث (رويترز)
الملك تشارلز الثالث (رويترز)
TT

الملك تشارلز يثمن «وحدة التنوع المجتمعي» في بريطانيا خلال رسالة أعياد الميلاد

الملك تشارلز الثالث (رويترز)
الملك تشارلز الثالث (رويترز)

أكد الملك تشارلز، ملك بريطانيا، الخميس، على أهمية «الوحدة في التنوع»، وذلك خلال رسالته السنوية بمناسبة أعياد الميلاد، في ظل تصاعد التوترات والحروب التي وضعت المجتمعات في جميع أنحاء العالم تحت ضغوط كبيرة.

وقال الملك تشارلز (​77 عاماً)، في خطابه السنوي الرابع منذ توليه العرش: «بالتنوع الكبير في مجتمعاتنا، يمكننا أن نجد القوة لضمان انتصار الحق على الباطل». وتابع: «عندما ألتقي أشخاصاً من مختلف الأديان، أجد أن من المشجع للغاية أن أتعرف على مدى ما يجمعنا؛ شوق مشترك للسلام، واحترام عميق لجميع أشكال الحياة».

الملك البريطاني تشارلز (أ.ب)

وتحدث الملك تشارلز عن «الترحال» وأهمية إظهار اللطف للأشخاص المتنقلين... وهي موضوعات تلقى صدى في وقت يسود فيه قلق عام شديد بشأن الهجرة في جميع أنحاء العالم.

وجاءت رسالته، التي أُلقيت في «كنيسة ‌ويستمنستر» حيث يجري ‌تتويج الملوك منذ عهد «ويليام الفاتح» عام 1066، ‌في ⁠نهاية ​عام اتسم بالتوترات ‌داخل العائلة المالكة.

جوقة أوكرانية تبرز دعم الملك لكييف

أعقب كلمات الملك أداء من جوقة أوكرانية، مرتدية قمصان «فيشيفانكا» الأوكرانية التقليدية المطرزة، وجوقة الأوبرا الملكية التي تتخذ من لندن مقراً.

ويعبر الملك تشارلز باستمرار عن دعمه أوكرانيا، واستضاف الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في «قلعة ويندسور» 3 مرات في عام 2025 وحده، كانت الأخيرة في أكتوبر (تشرين الأول).

ورغم أن الدستور يلزمه أن ينأى بنفسه عن السياسة، فإن الملك تحدث مراراً عن الأزمات العالمية، معبراً ⁠عن قلقه بشأن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني في غزة، ومعبراً عن حزنه بعد أعمال العنف التي استهدفت جاليات يهودية، ‌ومنها الهجوم على كنيس يهودي في شمال إنجلترا خلال أكتوبر الماضي، وإطلاق النار بشاطئ بونداي في سيدني بأستراليا هذا الشهر.

وأشاد الملك تشارلز بالمحاربين القدامى وعمال الإغاثة في خطابه بمناسبة أعياد الميلاد، وهو تقليد يعود تاريخه إلى عام 1932؛ لشجاعتهم في مواجهة الشدائد، قائلاً إنهم منحوه الأمل.

وفي خطاب حافل بالإشارات إلى قصة الميلاد في الكتاب المقدس، استرجع أيضاً ذكرى زيارته الرسمية إلى الفاتيكان في أكتوبر، حيث صلى مع البابا ليو في أول ​صلاة مشتركة بين ملك بريطاني وبابا كاثوليكي منذ انفصال إنجلترا عن «كنيسة روما» عام 1534. وملك بريطانيا هو الحاكم الأعلى لـ«كنيسة إنجلترا».

التحديات ⁠الصحية والعائلية

بعد مرور نحو عامين على إعلان تشخيص إصابته بنوع غير محدد من السرطان، قال الملك تشارلز هذا الشهر إن من الممكن تخفيف علاجه في العام الجديد.

وأعلنت زوجة ابنه؛ الأميرة كيت أميرة ويلز، في يناير (كانون الثاني) الماضي أنها تعافت بعد إكمالها العلاج الكيميائي في سبتمبر (أيلول) من العام السابق، وهي إفصاحات نادرة من عائلة تحافظ عادة على خصوصيتها.

لم تكن الصحة التحدي الوحيد الذي يواجه النظام الملكي، فقد جرد الملك تشارلز شقيقه الأصغر آندرو من ألقابه بصفته «دوق يورك» و«أمير» بعد تجدد التدقيق في علاقته بجيفري إبستين المدان بارتكاب جرائم جنسية.

وشهد العام أيضاً لحظة مصالحة نادرة عندما اجتمع الأمير هاري، الابن الأصغر للملك تشارلز، مع والده لتناول الشاي في سبتمبر، في أول لقاء بينهما منذ أقل ‌بقليل من عامين.

وصرح الأمير هاري، المقيم في الولايات المتحدة، في وقت لاحق بأنه يأمل التعافي للجميع، واصفاً الحياة بأنها «ثمينة»، ومقراً بضيق الوقت لإصلاح العلاقات.