وحدة عسكرية تعلن السيطرة على جيش مدغشقر... والرئيس يحذر من «محاولة انتزاع السلطة»

متظاهرون يسيرون بجوار آلية عسكرية خلال مظاهرات في أنتاناناريفو عاصمة مدغشقر (رويترز)
متظاهرون يسيرون بجوار آلية عسكرية خلال مظاهرات في أنتاناناريفو عاصمة مدغشقر (رويترز)
TT

وحدة عسكرية تعلن السيطرة على جيش مدغشقر... والرئيس يحذر من «محاولة انتزاع السلطة»

متظاهرون يسيرون بجوار آلية عسكرية خلال مظاهرات في أنتاناناريفو عاصمة مدغشقر (رويترز)
متظاهرون يسيرون بجوار آلية عسكرية خلال مظاهرات في أنتاناناريفو عاصمة مدغشقر (رويترز)

أعلنت وحدة متمردة في الجيش، اليوم (الأحد)، سيطرتها على جميع القوات العسكرية في مدغشقر بعدما أكدت، في وقت سابق، أنها «سترفض أوامر إطلاق النار»، وانتقدت قوات الدرك التي اتُّهمت باستخدام القوة ضد المحتجين؛ ما تسبب بسقوط عدد من القتلى.

وأفاد عناصر «كابسات»، في بيان مصوّر: «من الآن فصاعداً، جميع أوامر الجيش، سواء البريّة أو الجوية أو البحرية، ستصدر من مقر (كابسات)». ولم يصدر أي رد فعل بعد من وحدات أخرى أو القيادة العسكرية.

وقالت رئاسة مدغشقر، في بيان، في وقت سابق من اليوم (الأحد): «إن محاولة استيلاء غير قانوني وقسري على السلطة» جارية في الدولة الأفريقية، وذلك بعد يومٍ من انضمام جنود إلى حركة احتجاجية، بدأت الشهر الماضي.

جنود من جيش مدغشقر يشاهدون المظاهرات ضد انقطاع المياه والكهرباء في العاصمة أنتاناناريفو (رويترز)

وقال الرئيس أندريه راجولينا، في البيان، «إن رئاسة الجمهورية ترغب في إبلاغ الأمة والمجتمع الدولي بأن محاولة لانتزاع السلطة بشكل غير قانوني وبالقوة، بما يتناقض مع الدستور والمبادئ الديمقراطية، تجري حالياً على التراب الوطني».

وقال مكتب راجولينا، في بيان على الحساب الرسمي للرئاسة على وسائل التواصل الاجتماعي، إنه يندّد بشدة بمحاولات زعزعة استقرار البلاد، ويحث جميع القوى على «الوقوف معاً دفاعاً عن النظام الدستوري والسيادة الوطنية». ودعا إلى الحوار لحل الأزمة.

رئيس مدغشقر أندريه راجولينا في 6 أكتوبر 2025 (رويترز)

واشتبك جنود من الوحدة مع قوات الدرك خارج ثكنة، السبت، ودخلوا المدينة على متن مركبات عسكرية للانضمام إلى صفوف المتظاهرين الذين رحّبوا بهم بحفاوة، ودعوا راجولينا إلى الاستقالة.

أخطاء

وأكد ضباط في قوات الدرك، في بيان مسجَّل بالصوت والصورة، الأحد، أنهم يقرّون بـ«أخطاء ومخالفات ارتُكبت في أثناء عمليات التدخل»، داعين إلى «الأخوّة» بين الجيش والدرك.

وقالوا: «نحن هنا من أجل الحماية لا الترهيب»، وأضافوا: «من الآن فصاعداً، ستأتي كل الأوامر فقط» من مقار الدرك.

أحد عناصر الشرطة (الدرك) في مدغشقر يلقي بقنبلة غاز مسيل للدموع باتجاه المتظاهرين في العاصمة أنتاناناريفو (رويترز)

وبحسب الإعلام المحلي، أعلنت أجهزة الطوارئ سقوط قتيلين و26 جريحاً، السبت. وقالت وحدة «كابسات» إن قوات الدرك أطلقت النار على جندي أيضاً وقتلته. وأكدت الحكومة، الأحد، أن راجولينا ما زال «في البلاد» ويدير الشؤون الوطنية، بينما أفاد رئيس الوزراء المعيّن حديثاً بأن الحكومة «تقف بقوة» وهي «مستعدة للتعاون والإنصات».

ورأى شاهد من وكالة «رويترز» 3 مصابين، بعد إطلاق نار على طول الطريق المؤدي إلى ثكنات «كابسات»، اليوم (الأحد). وقال شهود آخرون إنه لا توجد مؤشرات على استمرار الاشتباكات.

وانضمّ جنود إلى آلاف المتظاهرين في عاصمة مدغشقر، السبت، بعدما دعت وحدة «كابسات» (فيلق الأفراد والخدمات الإدارية والتقنية) العسكرية قرب أنتاناناريفو إلى العصيان، و«رفض أوامر إطلاق النار» على المتظاهرين، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ويُذكّر هذا النداء بتمرّد القاعدة نفسها، عام 2009، خلال الانتفاضة الشعبية التي أوصلت الرئيس الحالي أندريه راجولينا إلى السلطة.

متظاهرون يهتفون خلال مظاهرات احتجاج على انقطاع الكهرباء في أنتاناناريفو عاصمة مدغشقر (رويترز)

وشهدت أنتاناناريفو، السبت، مظاهرات حاشدة ضد السلطة هي الأكبر منذ بدء الاحتجاجات في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي، التي دعت إليها حركة «الجيل زد»؛ احتجاجاً على انقطاع المياه والكهرباء، قبل أن تتحول التحركات إلى دعوات لإسقاط النظام.

والتحق جنود بالمتظاهرين، وسط هتافات شكر من الحشود، ما سمح للموكب بمواصلة مسيرته إلى «ساحة 13 مايو»، أمام مقرّ البلدية بالعاصمة.

متظاهر يرفع عَلم مدغشقر ويقف فوق آلية عسكرية خلال احتجاجات بالعاصمة أنتاناناريفو (رويترز)

وفي مساء السبت، أكد رئيس الوزراء الجديد روفين زافيسامبو أن الحكومة «الصامدة» مستعدة للتعاون والإنصات إلى جميع القوى؛ من شباب ونقابات وعسكريين.

ووفق الأمم المتحدة، قُتل 22 شخصاً، على الأقل، وجُرح أكثر من 100 منذ بدء الاحتجاجات في 25 سبتمبر، في حين تحدَّث الرئيس راجولينا عن 12 قتيلاً فقط، قال إنهم «مخرِّبون ولصوص».

وأظهرت مقاطع مصوّرة تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي، أمس (السبت)، جنود «كابسات» وهم يحثون جنود القوات الأخرى على «دعم الشعب».

وأظهر مقطع مصوّر بثته وسائل إعلام محلية عشرات الجنود وهم يغادرون الثكنات، في وقت لاحق من أمس السبت؛ لمرافقة آلاف المتظاهرين إلى «ساحة 13 مايو» في تناناريف؛ مسرح عدد من الانتفاضات السياسية، والتي كانت تحت حراسة مشددة ومغلقة خلال الاضطرابات.

ومنذ ذلك الحين، حثّ رئيس الوزراء ورئيس أركان الجيش المواطنين على المشاركة في الحوار، والحفاظ على الهدوء.


مقالات ذات صلة

المغرب: توجيه اتهامات لأكثر من 2400 شخص بعد احتجاجات «جيل زد»

شمال افريقيا جانب من احتجاجات «جيل زد 212» في العاصمة الرباط (إ.ب.أ)

المغرب: توجيه اتهامات لأكثر من 2400 شخص بعد احتجاجات «جيل زد»

وجَّهت السلطات المغربية اتهامات إلى أكثر من 2400 شخص، وذلك على خلفية احتجاجات قادها الشباب في الأسابيع الأخيرة.

شؤون إقليمية يهود حريديم يحملون لافتات خلال احتجاج ضد التجنيد بالجيش الإسرائيلي في القدس 30 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)

وفاة شاب في احتجاج لليهود المتزمتين دينياً بالقدس

تحولت مسيرة حاشدة لليهود المتزمتين دينياً ضد تجنيدهم بالجيش في القدس إلى العنف، اليوم الخميس، عندما لقي فتى في سن المراهقة حتفه، خلال الاحتجاج.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من احتجاجات سكان قابس للمطالبة بإغلاق الوحدات الملوثة للبيئة (أ.ف.ب)

مئات التونسيين يحتجون في العاصمة رفضاً لتفاقم أزمة بيئية حادة في قابس

تظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس، السبت، احتجاجاً على أزمة بيئية حادة جرّاء التلوث الناجم عن مجمع كيميائي.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا جانب من مظاهرة مصراتة للتنديد بالاشتباكات (وسائل إعلام محلية)

سكان مصراتة يتظاهرون للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الاشتباكات

عاد الهدوء الحذر، السبت، إلى مدينة مصراتة في الغرب الليبي بعد ساعات من الاشتباكات العنيفة بين القوة المشتركة والكتيبة 24 مشاة المواليتين لحكومة الوحدة.

خالد محمود (القاهرة )
الولايات المتحدة​ أعضاء جمعية «البالغين المصابين بالتوحد في نيويورك» يشاركون في مسيرة «فخر الإعاقة» في 19 أكتوبر 2025 في مدينة نيويورك (أ.ف.ب)

أميركيون مصابون بالتوحّد غاضبون من تصريحات ترمب المثيرة للجدل عن حالتهم الصحية

يعبّر أميركيون مصابون بالتوحّد عن غضبهم من تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب المثيرة للجدل عن حالتهم الصحية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

حزب تيغراي يندد بهجمات مسيّرات للحكومة الإثيوبية

الإقليم شهد حرباً دامية بين 2020 و2022 (رويترز)
الإقليم شهد حرباً دامية بين 2020 و2022 (رويترز)
TT

حزب تيغراي يندد بهجمات مسيّرات للحكومة الإثيوبية

الإقليم شهد حرباً دامية بين 2020 و2022 (رويترز)
الإقليم شهد حرباً دامية بين 2020 و2022 (رويترز)

ندّد حزب تيغراي الذي خاضت قواته حرباً دامية ضد الجيش الفيدرالي الإثيوبي بين نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 ونوفمبر 2022، بـ«هجمات مسيّرات»، مساء الجمعة، في المنطقة الواقعة شمال إثيوبيا، متهماً حكومة أديس أبابا بتنفيذها.

وقالت جبهة تحرير شعب تيغراي، في بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «الضربات خلّفت ضحايا بين قوات تيغراي وسكان محليين». وحكم هذا الحزب إثيوبيا طوال نحو ثلاثين عاماً قبل أن يُهمش. وأسفرت الحرب في تيغراي عن سقوط 600 ألف قتيل على الأقل خلال عامين، حسب الاتحاد الأفريقي.

وفي ظلّ عودة التوتر بين أديس أبابا وإقليم تيغراي، أعلنت سلطات إقليم عفر، الموالية للسلطات الفيدرالية، أنها تعرّضت لهجوم من قوات تيغراي التي سيطرت على قرى و«قصفت مدنيين»، في مؤشر جديد على الاضطرابات الداخلية التي تشهدها البلاد. وجاء في بيان للإدارة المحلية في عفر، الأربعاء، أن جبهة تحرير شعب تيغراي «دخلت إلى منطقة عفر» المحاذية للحدود مع إريتريا وجيبوتي.

وأضاف البيان أن القوات المُهاجمة «سيطرت بالقوة على ست قرى وقصفت المدنيين بالهاون» والمدفعية الثقيلة. وعدّت السلطات الانتقالية في منطقة تيغراي، الخميس، أن اتهامها بمهاجمة إقليم عفر المجاور «لا أساس له». وقالت سلطات تيغراي إن «هذا الاتهام لا أساس له... لم يتم انتهاك حدود عفر»، منددة بـ«مؤامرة شريرة تهدف إلى الإضرار عمداً بشعب تيغراي».


فرنسا تنصح رعاياها بمغادرة مالي لفترة مؤقتة

أحد شوارع العاصمة المالية باماكو (رويترز)
أحد شوارع العاصمة المالية باماكو (رويترز)
TT

فرنسا تنصح رعاياها بمغادرة مالي لفترة مؤقتة

أحد شوارع العاصمة المالية باماكو (رويترز)
أحد شوارع العاصمة المالية باماكو (رويترز)

نصحت فرنسا رعاياها بمغادرة مالي لفترة مؤقتة «في أقرب وقت»، في وقت يفرض الإرهابيون فيه حصاراً على العاصمة باماكو وعدد من مناطق البلاد، وذلك في رسالة إلى المسافرين نشرتها «الخارجية» الفرنسية، الجمعة.

وأوردت الرسالة، التي نقلتها «وكالة الصحافة الفرنسية»، أنه «منذ أسابيع عدة، يتدهور الوضع الأمني في مالي، بما في ذلك في باماكو. ننصح المواطنين الفرنسيين بمغادرة مالي مؤقتاً في أقرب وقت، عبر الرحلات التجارية التي لا تزال متوافرة».

ولفتت «الخارجية» إلى أنها «لا تنصح بالتنقل من طريق البر؛ لأن الطرق الوطنية تتعرض راهناً لهجمات مجموعات إرهابية».


هل تتدخل الولايات المتحدة «عسكرياً» لصد «القاعدة» في مالي؟

يجلس سائقو شاحنات الصهاريج المالية على الكراسي في انتظار عبور الحدود بين ساحل العاج ومالي بقرية نيغون بالقرب من تنغريلا... 31 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)
يجلس سائقو شاحنات الصهاريج المالية على الكراسي في انتظار عبور الحدود بين ساحل العاج ومالي بقرية نيغون بالقرب من تنغريلا... 31 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

هل تتدخل الولايات المتحدة «عسكرياً» لصد «القاعدة» في مالي؟

يجلس سائقو شاحنات الصهاريج المالية على الكراسي في انتظار عبور الحدود بين ساحل العاج ومالي بقرية نيغون بالقرب من تنغريلا... 31 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)
يجلس سائقو شاحنات الصهاريج المالية على الكراسي في انتظار عبور الحدود بين ساحل العاج ومالي بقرية نيغون بالقرب من تنغريلا... 31 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)

في وقت يشدِّد فيه تنظيم «القاعدة» الحصار على مدينة باماكو، عاصمة مالي، أجرى نائب وزير الخارجية الأميركي كريستوفر لانداو، اتصالاً هاتفياً مع وزير خارجية مالي عبودلاي ديوب؛ ليناقشا إمكانية «تعاون أمني» بين البلدين خلال الفترة المقبلة.

الاتصال الهاتفي وصفه مراقبون بأنه «مفاجئ»، وربما يفتحُ الباب لدعم أميركي يساعد هذا البلد الأفريقي الهش على الخروج من أزمة تهدد وجوده، في ظل اقتراب تنظيم «القاعدة» من العاصمة باماكو، وخنقها بحصار مستمر منذ مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، ويدخل شهره الثالث دون أفق واضح للخروج منه.

تواجه مالي حصاراً يفرضه متطرفون على الوقود منذ أسابيع زاد من تدهور الوضع الأمني (رويترز)

دعم معنوي

كريستوفر لانداو، نائب وزير الخارجية الأميركي، بعد نهاية الاتصال الهاتفي مع وزير خارجية مالي، كتب تغريدة على منصة «إكس»، شكَّلت ما يمكن وصفه بأنه «دعم معنوي» من الولايات المتحدة للجيش المالي. وقال المسؤول الأميركي في تغريدته: «الولايات المتحدة تُشيد بالقوات المسلحة في مالي على قتالها ضد المسلحين المتطرفين الإسلاميين (جماعة نصرة الإسلام والمسلمين)». وأضاف في السياق ذاته: «أجريت اليوم محادثة ممتازة مع وزير خارجية مالي؛ لمناقشة مصالحنا الأمنية المشتركة في المنطقة، وأتطلع إلى تعزيز التعاون بيننا».

التغريدة أعادت وزارة الخارجية الأميركية نشرها مع ترجمة إلى اللغة الفرنسية، اللغة الأولى في دولة مالي، في حين رفضت وزارة خارجية مالي التعليق على المحادثات مع الأميركيين، وفق ما أوردت وكالة «أسوشييتد برس» في تقرير نشرته الخميس.

وقالت الوكالة: «بعد أيام قليلة من صدور أوامر للدبلوماسيين والمواطنين الأميركيين بمغادرة مالي، أشاد مسؤول أميركي رفيع بالمجلس العسكري الحاكم، ملمحاً إلى إمكانية التعاون بين الحكومتين بعد سنوات من التوتر في العلاقات الدبلوماسية».

دورية لعناصر من الجيش المالي بالعاصمة باماكو في أغسطس 2020 (أ.ب)

وهو ما وصفته الوكالة بأنه «تحول علني في موقف الحكومة الأميركية تجاه التعاون مع قادة مالي العسكريين»، وذلك في إشارة إلى المجلس العسكري الذي يحكم مالي منذ 2020 وقرر إنهاء شراكة عسكرية مع فرنسا والغرب، والتوجه نحو شراكة مع روسيا، أثَّرت بشكل كبير على علاقاته مع الولايات المتحدة، خصوصاً بعد استقدام مئات المقاتلين من مجموعة «فاغنر» الروسية إلى مالي.

ولكن يبدو أن اقتراب تنظيم «القاعدة» من باماكو غيّر كل القواعد، ودفع الأميركيين نحو التحرك لمنع التنظيم الإرهابي من السيطرة على أول عاصمة في غرب أفريقيا، التي يعني سقوطها انهيار بلد محوري في منطقة الساحل.

مظاهرة في باماكو تدعم روسيا وتدين فرنسا خلال الذكرى الـ60 على استقلال مالي... 22 سبتمبر 2020 (أ.ب)

ترحيب مالي

رغم الصمت الرسمي تجاه تصريحات نائب وزير الخارجية الأميركي، فإن وكالة «أسوشييتد برس» أكدت أنها لاقت ترحيباً من مسؤولين في الحكومة المالية، يرون أن التعاون مع واشنطن قد يساعد الجيش المالي على مواجهة الجماعة التي باتت تهدد العاصمة.

وقال موسى آغ أشاراتومان، عضو المجلس الوطني الانتقالي (الهيئة التشريعية الانتقالية في مالي)، للوكالة: «نظراً لخبرة الأميركيين في هذا المجال، فإن هذا التعاون لن يكون إلا إيجابياً بالنسبة لنا».

في غضون ذلك، يقول خبراء إنّ نية واشنطن الانخراط مجدداً في منطقة الساحل لا تزال غامضة، ولا توجد مؤشرات على تحرك عسكري قريب.

احتمالات التدخل

مع صعوبة الوضع الميداني في دولة مالي، والعجز الواضح لدى الجيش على الخروج من الأزمة، رغم الدعم العسكري الروسي، فإن الخبراء يطرحون كثيراً من الأسئلة حول إمكانية أن تتدخل الولايات المتحدة لإنقاذ باماكو، كما سبق وفعلت فرنسا عام 2013 حين زحف تنظيم «القاعدة» نحو المدينة آنذاك. ولكن لم تُكشف أي تفاصيل حول حدود ما سمّاه نائب وزير الخارجية الأميركي «التعاون» بين البلدين، وما إن كان تعاوناً عسكرياً ميدانياً، أم ضربات جوية خاطفة، أم سيقتصر التعاون على توفير المعلومات الاستخباراتية.

هُنا لا بد من الإشارة إلى أن الولايات المتحدة كثّفت في الأشهر الأخيرة تعاونها الاستخباراتي مع مالي، رغم أن الأخيرة أصبحت محسوبة بشكل لا جدال فيه على روسيا. وأشارت صحيفة «واشنطن بوست» في تقرير نشرته في سبتمبر الماضي، إلى أن وفداً أميركياً برئاسة مسؤول مكافحة الإرهاب رودي عطا الله، زار باماكو وأكد استعداد واشنطن لتقديم المعلومات والتدريب والعتاد.

وكتب عمر الأنصاري، وهو صحافي مختص في الشؤون الأفريقية ويتابع ما يجري في مالي منذ سنوات: «أميركا تعود إلى مالي بعد 3 سنوات من القطيعة... هل بدأ العد التنازلي للتدخل؟!». وأضاف في تغريدة على منصة «إكس» أن الاهتمام الأميركي له أسباب عدة، من أبرزها اقتراب التنظيم من العاصمة باماكو، وامتلاك مالي ثالث أكبر منجم للذهب في أفريقيا، مع اكتشافات نفط ضخمة في حوض توديني، شمال البلاد، وفق ما أورد الصحافي.

العلم الروسي مع صور حكام مالي العسكريين في شوارع العاصمة باماكو (أرشيفية - رويترز)

وقال الأنصاري: «إن باماكو رفضت قوات خاصة أميركية العام الماضي... لكن اليوم الباب مفتوح!»، قبل أن يتساءل: «هل نشهد قواعد أميركية جديدة في الساحل؟ أم مجرد لعبة ضغط على روسيا والصين؟»، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة حاسمة».

حراك دبلوماسي

إلى ذلك، عقد وزير خارجية مالي، الأربعاء، لقاء مع أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي المعتمد في البلاد، وهو لقاء وصفه الوزير في تغريدة على منصة «إكس» بأنه «يدخل في إطار اللقاءات الدورية وتبادل المعلومات».

وأضاف الوزير: «خلال النقاش حول القضايا الأمنية وإمداد مالي بالمحروقات، أكدتُ على الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة، وعلى الالتزام المشترك للجنود الشجعان في مالي وكونفدرالية دول التحالف، سواء في مكافحة الإرهابيين الناشطين في منطقتنا أو في تأمين قوافل المنتجات البترولية».

ماليون يدعمون الانقلاب في باماكو عام 2020 (أ.ب)

وأوضح وزير الخارجية أن «تغيير الجماعات الإرهابية أسلوب عملها، واستهدافها ما تُعرف بـ(الأهداف السهلة أو الاقتصادية)، يُعدّان دليلاً على ضعفها أمام قواتنا الدفاعية والأمنية، وتراجع مشروعها الرامي إلى زعزعة استقرار مالي لأغراض جيوسياسية فقدت زخمها».