وحدة عسكرية تعلن السيطرة على جيش مدغشقر... والرئيس يحذر من «محاولة انتزاع السلطة»

متظاهرون يسيرون بجوار آلية عسكرية خلال مظاهرات في أنتاناناريفو عاصمة مدغشقر (رويترز)
متظاهرون يسيرون بجوار آلية عسكرية خلال مظاهرات في أنتاناناريفو عاصمة مدغشقر (رويترز)
TT

وحدة عسكرية تعلن السيطرة على جيش مدغشقر... والرئيس يحذر من «محاولة انتزاع السلطة»

متظاهرون يسيرون بجوار آلية عسكرية خلال مظاهرات في أنتاناناريفو عاصمة مدغشقر (رويترز)
متظاهرون يسيرون بجوار آلية عسكرية خلال مظاهرات في أنتاناناريفو عاصمة مدغشقر (رويترز)

أعلنت وحدة متمردة في الجيش، اليوم (الأحد)، سيطرتها على جميع القوات العسكرية في مدغشقر بعدما أكدت، في وقت سابق، أنها «سترفض أوامر إطلاق النار»، وانتقدت قوات الدرك التي اتُّهمت باستخدام القوة ضد المحتجين؛ ما تسبب بسقوط عدد من القتلى.

وأفاد عناصر «كابسات»، في بيان مصوّر: «من الآن فصاعداً، جميع أوامر الجيش، سواء البريّة أو الجوية أو البحرية، ستصدر من مقر (كابسات)». ولم يصدر أي رد فعل بعد من وحدات أخرى أو القيادة العسكرية.

وقالت رئاسة مدغشقر، في بيان، في وقت سابق من اليوم (الأحد): «إن محاولة استيلاء غير قانوني وقسري على السلطة» جارية في الدولة الأفريقية، وذلك بعد يومٍ من انضمام جنود إلى حركة احتجاجية، بدأت الشهر الماضي.

جنود من جيش مدغشقر يشاهدون المظاهرات ضد انقطاع المياه والكهرباء في العاصمة أنتاناناريفو (رويترز)

وقال الرئيس أندريه راجولينا، في البيان، «إن رئاسة الجمهورية ترغب في إبلاغ الأمة والمجتمع الدولي بأن محاولة لانتزاع السلطة بشكل غير قانوني وبالقوة، بما يتناقض مع الدستور والمبادئ الديمقراطية، تجري حالياً على التراب الوطني».

وقال مكتب راجولينا، في بيان على الحساب الرسمي للرئاسة على وسائل التواصل الاجتماعي، إنه يندّد بشدة بمحاولات زعزعة استقرار البلاد، ويحث جميع القوى على «الوقوف معاً دفاعاً عن النظام الدستوري والسيادة الوطنية». ودعا إلى الحوار لحل الأزمة.

رئيس مدغشقر أندريه راجولينا في 6 أكتوبر 2025 (رويترز)

واشتبك جنود من الوحدة مع قوات الدرك خارج ثكنة، السبت، ودخلوا المدينة على متن مركبات عسكرية للانضمام إلى صفوف المتظاهرين الذين رحّبوا بهم بحفاوة، ودعوا راجولينا إلى الاستقالة.

أخطاء

وأكد ضباط في قوات الدرك، في بيان مسجَّل بالصوت والصورة، الأحد، أنهم يقرّون بـ«أخطاء ومخالفات ارتُكبت في أثناء عمليات التدخل»، داعين إلى «الأخوّة» بين الجيش والدرك.

وقالوا: «نحن هنا من أجل الحماية لا الترهيب»، وأضافوا: «من الآن فصاعداً، ستأتي كل الأوامر فقط» من مقار الدرك.

أحد عناصر الشرطة (الدرك) في مدغشقر يلقي بقنبلة غاز مسيل للدموع باتجاه المتظاهرين في العاصمة أنتاناناريفو (رويترز)

وبحسب الإعلام المحلي، أعلنت أجهزة الطوارئ سقوط قتيلين و26 جريحاً، السبت. وقالت وحدة «كابسات» إن قوات الدرك أطلقت النار على جندي أيضاً وقتلته. وأكدت الحكومة، الأحد، أن راجولينا ما زال «في البلاد» ويدير الشؤون الوطنية، بينما أفاد رئيس الوزراء المعيّن حديثاً بأن الحكومة «تقف بقوة» وهي «مستعدة للتعاون والإنصات».

ورأى شاهد من وكالة «رويترز» 3 مصابين، بعد إطلاق نار على طول الطريق المؤدي إلى ثكنات «كابسات»، اليوم (الأحد). وقال شهود آخرون إنه لا توجد مؤشرات على استمرار الاشتباكات.

وانضمّ جنود إلى آلاف المتظاهرين في عاصمة مدغشقر، السبت، بعدما دعت وحدة «كابسات» (فيلق الأفراد والخدمات الإدارية والتقنية) العسكرية قرب أنتاناناريفو إلى العصيان، و«رفض أوامر إطلاق النار» على المتظاهرين، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ويُذكّر هذا النداء بتمرّد القاعدة نفسها، عام 2009، خلال الانتفاضة الشعبية التي أوصلت الرئيس الحالي أندريه راجولينا إلى السلطة.

متظاهرون يهتفون خلال مظاهرات احتجاج على انقطاع الكهرباء في أنتاناناريفو عاصمة مدغشقر (رويترز)

وشهدت أنتاناناريفو، السبت، مظاهرات حاشدة ضد السلطة هي الأكبر منذ بدء الاحتجاجات في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي، التي دعت إليها حركة «الجيل زد»؛ احتجاجاً على انقطاع المياه والكهرباء، قبل أن تتحول التحركات إلى دعوات لإسقاط النظام.

والتحق جنود بالمتظاهرين، وسط هتافات شكر من الحشود، ما سمح للموكب بمواصلة مسيرته إلى «ساحة 13 مايو»، أمام مقرّ البلدية بالعاصمة.

متظاهر يرفع عَلم مدغشقر ويقف فوق آلية عسكرية خلال احتجاجات بالعاصمة أنتاناناريفو (رويترز)

وفي مساء السبت، أكد رئيس الوزراء الجديد روفين زافيسامبو أن الحكومة «الصامدة» مستعدة للتعاون والإنصات إلى جميع القوى؛ من شباب ونقابات وعسكريين.

ووفق الأمم المتحدة، قُتل 22 شخصاً، على الأقل، وجُرح أكثر من 100 منذ بدء الاحتجاجات في 25 سبتمبر، في حين تحدَّث الرئيس راجولينا عن 12 قتيلاً فقط، قال إنهم «مخرِّبون ولصوص».

وأظهرت مقاطع مصوّرة تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي، أمس (السبت)، جنود «كابسات» وهم يحثون جنود القوات الأخرى على «دعم الشعب».

وأظهر مقطع مصوّر بثته وسائل إعلام محلية عشرات الجنود وهم يغادرون الثكنات، في وقت لاحق من أمس السبت؛ لمرافقة آلاف المتظاهرين إلى «ساحة 13 مايو» في تناناريف؛ مسرح عدد من الانتفاضات السياسية، والتي كانت تحت حراسة مشددة ومغلقة خلال الاضطرابات.

ومنذ ذلك الحين، حثّ رئيس الوزراء ورئيس أركان الجيش المواطنين على المشاركة في الحوار، والحفاظ على الهدوء.


مقالات ذات صلة

مئات المتظاهرين يحتشدون أمام مكتب نتنياهو بعد مقتل 7 من عرب إسرائيل

شؤون إقليمية متظاهرون من عرب إسرائيل أمام مكتب بنيامين نتنياهو في القدس (وسائل إعلام إسرائيلية)

مئات المتظاهرين يحتشدون أمام مكتب نتنياهو بعد مقتل 7 من عرب إسرائيل

تجمّع بضع مئات من المتظاهرين أمام مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في القدس الأحد مطالبين باتخاذ إجراءات بشأن ارتفاع معدلات جرائم القتل بالمجتمع العربي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من احتجاجات «جيل زد 212» في العاصمة الرباط (إ.ب.أ)

المغرب: توجيه اتهامات لأكثر من 2400 شخص بعد احتجاجات «جيل زد»

وجَّهت السلطات المغربية اتهامات إلى أكثر من 2400 شخص، وذلك على خلفية احتجاجات قادها الشباب في الأسابيع الأخيرة.

شؤون إقليمية يهود حريديم يحملون لافتات خلال احتجاج ضد التجنيد بالجيش الإسرائيلي في القدس 30 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)

وفاة شاب في احتجاج لليهود المتزمتين دينياً بالقدس

تحولت مسيرة حاشدة لليهود المتزمتين دينياً ضد تجنيدهم بالجيش في القدس إلى العنف، اليوم الخميس، عندما لقي فتى في سن المراهقة حتفه، خلال الاحتجاج.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من احتجاجات سكان قابس للمطالبة بإغلاق الوحدات الملوثة للبيئة (أ.ف.ب)

مئات التونسيين يحتجون في العاصمة رفضاً لتفاقم أزمة بيئية حادة في قابس

تظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس، السبت، احتجاجاً على أزمة بيئية حادة جرّاء التلوث الناجم عن مجمع كيميائي.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا جانب من مظاهرة مصراتة للتنديد بالاشتباكات (وسائل إعلام محلية)

سكان مصراتة يتظاهرون للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الاشتباكات

عاد الهدوء الحذر، السبت، إلى مدينة مصراتة في الغرب الليبي بعد ساعات من الاشتباكات العنيفة بين القوة المشتركة والكتيبة 24 مشاة المواليتين لحكومة الوحدة.

خالد محمود (القاهرة )

موت وجثث وشقاء على طريق سكان الفاشر الفارّين إلى تشاد

ينتظر اللاجئون السودانيون خارج مكتب تسجيل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مخيم تين العابر في تشاد
ينتظر اللاجئون السودانيون خارج مكتب تسجيل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مخيم تين العابر في تشاد
TT

موت وجثث وشقاء على طريق سكان الفاشر الفارّين إلى تشاد

ينتظر اللاجئون السودانيون خارج مكتب تسجيل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مخيم تين العابر في تشاد
ينتظر اللاجئون السودانيون خارج مكتب تسجيل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مخيم تين العابر في تشاد

فقد السوداني منير عبد الرحمن والده المنتسب إلى الجيش، والذي كان يُعالج في مستشفى بالفاشر، خلال الرحلة المضنية لبلوغ تشاد، حيث بدأت طلائع الفارّين تصل بعد نحو أسبوعين من سيطرة «قوات الدعم السريع» على المدينة الواقعة في إقليم دارفور.

فرّ عبد الرحمن من الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مع هجوم «قوات الدعم» عليها بعد محاصرتها لأكثر من عام. ووصل بعد 11 يوماً إلى مخيم تينيه في إقليم وادي فيرا في تشاد المجاورة، حيث التقته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويروي الفتى البالغ 16 عاماً بتأثر بالغ كيف اقتحم عناصر «الدعم السريع» المستشفى السعودي حيث كان يرقد والده للعلاج من إصابة تعرض لها أثناء المعارك قبل أيام قليلة.

ويقول إن المسلحين «نادوا سبعة ممرضين إلى غرفة. سمعنا صوت إطلاق رصاص، ورأينا الدم يسيل أسفل الباب».

على منصات التواصل الاجتماعي، انتشر فيديو يُرجح أن يكون لعملية القتل هذه، التقطه عناصر من «الدعم السريع»، كما الكثير من المقاطع المصوّرة التي وزّعوها بعد دخولهم المدينة التي انقطعت عنها الاتصالات بالكامل.

وأفادت الأمم المتحدة بوقوع مجازر وعمليات اغتصاب ونهب ونزوح جماعي للسكان إبان سقوط الفاشر في 26 أكتوبر. ووصفت شهادات عدة، مدعومة بمقاطع مصورة نشرتها «قوات الدعم» على منصات التواصل، فظائع في المدينة التي كانت آخر معقل رئيسي للجيش في دارفور.

سارع عبد الرحمن، مثل عشرات الآلاف من سكان الفاشر، إلى الفرار. ولقي والده حتفه بعد أيام على الطريق إلى تشاد.

وبعد نحو أسبوعين على سقوط الفاشر، بدأت أولى دفعات الفارّين تصل إلى مخيم تينيه الموقت في تشاد، بعد السير لأكثر من 300 كيلومتر في ظروف صعبة.

دماء تسيل

ويُجمع اللاجئون الذين تحدثت إليهم «وكالة الصحافة الفرنسية» على أن القصف على الفاشر اشتد اعتباراً من 24 أكتوبر، قبل أن يقتحمها عناصر «الدعم السريع».

واضطر كثيرون من السكان لتمضية أيام في ملاجئ من دون مؤن أو غذاء كافٍ.

ويقول حامد سليمان شوغار إن القوت الوحيد كان «قشور الفول السوداني»، إلى حين الفرار في 26 أكتوبر.

ويروي الرجل البالغ 53 عاماً أنه «في كل مرة كنت أخرج فيها لتنشق الهواء، كنت أرى جثثاً إضافية في الشارع، تعود غالباً لسكان أعرفهم من الحي».

استغل شوغار المصاب بإعاقة «بسبب مليشيات الجنجويد في عام 2011»، هدوءاً نسبياً ذات ليلة للفرار من الفاشر، ونقل على عربة شقت طريقها بين الركام والجثث في المدينة، من دون إنارة وبأقل مقدار من الجلبة لعدم لفت انتباه عناصر «الدعم السريع».

وبينما كانت مصابيح العربات التابعة لهؤلاء تخرق عتمة الليل، سارع محمد أحمد عبد الكريم وزوجته وأولادهما الستة للاحتماء في منزلهم، وذلك بعد يومين على فقدان العائلة الطفل السابع جراء قصف بطائرة مسيّرة.

ويقول عبد الكريم (53 عاماً) الذي يخفي خلف نظارتيه السوداوين عيناً يسرى فقدها قبل أشهر جراء القصف: «رأينا أكثر من عشر جثث، كلها لمدنيين، وكان دمها يسيل».

خندق الجثث

كانت منى محمد عمر (42 عاماً) تهرب مع أطفالها الثلاثة، عندما سقطت قذيفة على مقربة من المجموعة.

وتقول باكية: «عندما استدرت رأيت جثة عمتي وقد استحالت أشلاء. غطيناها بمئزر وواصلنا... مشينا من دون أن ننظر إلى الخلف مطلقاً».

لدى بلوغه جنوب الفاشر عند الخندق الذي يطوّق المدينة، شاهد حامد سليمان شوغار جثثاً متراكمة «كانت تملأ نصف الخندق البالغ عرضه مترين وعمقه ثلاثة أمتار». إلا أن تقدير عددها، أكان بالعشرات أم المئات، كان يستحيل خلال الليل، خصوصاً أن الخندق يمتد على مد البصر.

أما سميرة عبد الله بشير (29 عاماً)، فاضطرت للنزول في الخندق ذاته حتى تواصل طريقها، وهي تحمل ابنتها البالغة عامين، ومعها طفلاها الآخران البالغان سبعة أعوام و11 عاماً. وتوضح: «كان علينا تجنب الجثث لئلا ندوس عليها».

المغادرة لا تنهي المعاناة

لا تنتهي معاناة الفارّين بمجرد مغادرتهم المدينة، فخارج حدودها تبدأ محنة جديدة. فعند كل نقطة تفتيش على الطريقين الرئيسيين اللذين يسمحان بتركها، تتحدث شهادات الهاربين عن أعمال عنف واغتصاب وسرقة.

وأفاد شهود بأنه توجب عليهم دفع مبالغ مالية عند نقاط التفتيش، تراوحت بين 500 ألف ومليون ليرة سودانية عند كل منها (ما بين 700 و1400 يورو).

وتحدث آخرون عن أن عناصر «الدعم السريع» يستهدفون مجموعات محددة. ويوضح شاهد وصل لتوّه إلى تينيه: «يقولون أنتم سود، عبيد... وضعوا بعض الرجال جانباً وجرّدوهم من ملابسهم وأطلقوا النار عليهم عشوائياً».

وفي حين يصعب تحديد عدد السودانيين الذين وصلوا إلى تشاد حالياً، تقدر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن عددهم سيصل إلى «90 ألف شخص خلال الأشهر الثلاثة المقبلة».

ويشير أميني رحمني، المسؤول عن برنامج منظمة «أطباء بلا حدود» في تينيه، إلى «عمليات نقل (أشخاص) جارية للمساعدة في تخفيف الازدحام في مخيم تينيه الموقت واستقبال لاجئين جدد».

وأشار إلى أن أعداد الوافدين «ما زالت تزداد بشكل طفيف، لكننا مستعدون لتكثيف استجابتنا وتعزيز فرقنا».

وعلى الجانب السوداني، وبعدما انسحبت من شمال دارفور عقب هجمات بالمسيّرات على المرافق الطبية خلال الأسبوعين الماضيين، تخطط «أطباء بلا حدود» لإعادة نشر فرقها في الأيام المقبلة.

واندلعت الحرب في السودان بين الجيش و«قوات الدعم السريع» منتصف أبريل (نيسان) 2023، وأسفرت عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 12 مليون شخص، وتسببت بأزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة الأسوأ في العالم.


200 قتيل في مواجهات بين مجموعات متطرفة متحاربة شمال شرقي نيجيريا

جنود نيجيريون عند نقطة تفتيش (أرشيفية- أ.ب)
جنود نيجيريون عند نقطة تفتيش (أرشيفية- أ.ب)
TT

200 قتيل في مواجهات بين مجموعات متطرفة متحاربة شمال شرقي نيجيريا

جنود نيجيريون عند نقطة تفتيش (أرشيفية- أ.ب)
جنود نيجيريون عند نقطة تفتيش (أرشيفية- أ.ب)

أودت مواجهات بين مجموعات متطرفة متحاربة في شمال شرقي نيجيريا بحياة نحو مائتي شخص، في منطقة بحيرة تشاد، حسبما أفاد مصدر تابع لجماعة متشددة، وآخر استخباري، وعنصر ميليشياوي «وكالة الصحافة الفرنسية» الاثنين.

واندلعت المعارك بين عناصر «بوكو حرام» وتنظيم «داعش في غرب أفريقيا» في دوغون تشيكو، على ضفاف بحيرة تشاد، الأحد؛ حسب المصادر.

وقال باباكورا كولو، من ميليشيا مناهضة للمتشددين، تدعم الجيش النيجيري، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «من الحصيلة التي حصلنا عليها، قُتل نحو مائتي إرهابي من تنظيم (داعش في غرب أفريقيا) في القتال».

كما أكد عنصر سابق في «بوكو حرام» أعلن تخليه عن العنف لكنه يتابع أنشطة المتطرفين في المنطقة، أن «نحو 300 مقاتل من تنظيم (داعش في غرب أفريقيا) قُتلوا في المواجهات»، بينما صودر كثير من أسلحتهم.

وأفاد العنصر السابق الذي طلب التعريف عنه باسم «صدِّيق» فحسب، بأن «بوكو حرام» خسرت 4 مقاتلين في المعركة.

وقال «صدِّيق» الذي يقطن في ميدوغوري، عاصمة ولاية بورنو التي تعد مركزاً للتمرد: «قد يكون هذا أسوأ اشتباك بين المجموعتين منذ بدأ بعضهما مهاجمة بعض».

وذكر مصدر استخباراتي نيجيري يعمل في المنطقة أنه يتابع تداعيات المواجهات التي قدَّر أنها «أودت بحياة أكثر من 150 شخصاً».

وقال المصدر الاستخباراتي: «نحن على علم بالقتال الذي يمثِّل نبأ جيداً بالنسبة لنا».

وتخوض «بوكو حرام» وتنظيم «داعش في غرب أفريقيا» معركة دموية للسيطرة على أراضٍ، منذ انقسمت المجموعتان عام 2016 بسبب خلافات فكرية، بينما تركَّز معظم المعارك في محيط بحيرة تشاد.


رئيس النيجر يتهم قوى غربية بدعم «الإرهاب» في الساحل

رئيس النيجر الجنرال عبد الرحمن تياني خلال زيارته لمنطقة دوسو السبت (رئاسة النيجر)
رئيس النيجر الجنرال عبد الرحمن تياني خلال زيارته لمنطقة دوسو السبت (رئاسة النيجر)
TT

رئيس النيجر يتهم قوى غربية بدعم «الإرهاب» في الساحل

رئيس النيجر الجنرال عبد الرحمن تياني خلال زيارته لمنطقة دوسو السبت (رئاسة النيجر)
رئيس النيجر الجنرال عبد الرحمن تياني خلال زيارته لمنطقة دوسو السبت (رئاسة النيجر)

اتهم رئيس المجلس العسكري الحاكم في النيجر، الجنرال عبد الرحمن تياني، قوى غربية «بدعم الجماعات الإرهابية» المسلحة التي تنشطُ في منطقة الساحل الأفريقي، مشيراً إلى أن هذا الدعم «يتنوع ما بين لوجستي ومادي واستخباراتي».

رئيس النيجر كان يتحدث، السبت، أمام جنود في ثكنة عسكرية بمنطقة دوسو، جنوب غربي النيجر، غير بعيد من الحدود مع دولة بنين؛ حيث عبَّر عن امتنانه للجنود والضباط على «تضحيتهم من أجل حماية الوطن، رغم الصعوبات والتهديدات الخطيرة».

دعم الإرهاب

الجنرال الذي يحكم النيجر منذ يوليو (تموز) 2023، إثر انقلاب عسكري، قال إن «الساحل يواجه منذ أكثر من عشر سنوات، انعدام الأمن بسبب خطر الإرهاب الذي تم نقله إلى المنطقة وزرعه فيها»، مشيراً إلى أن «جهات غربية هي من وجهت الإرهاب ليستقر في دول الساحل».

عناصر مجموعة مسلحة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» في النيجر (أرشيفية-الشرق الأوسط)

وقال تياني: «إن الجماعات الإرهابية التي تنشط في المنطقة، بما فيها القاعدة و(داعش)، تستفيد من دعم مالي ولوجستي نحنُ نعلمُ مَن يقف خلفه»... ثم أضاف: «هؤلاء المرتزقة يتلقّون دعماً من قوى غربية نعرفها جميعاً. ولن نتوقف أبداً عن قول ذلك، ليعلم أولئك الذين يدعمونهم أننا نعلم، وليتأكدوا أننا سنتخذ الإجراءات اللازمة للرد عليهم بالشكل المناسب».

ولم يتوقف رئيس النيجر عند ذلك الحد، بل كشف أن الجماعات الإرهابية تحصلُ على «معلومات استخباراتية» من طرف قوى غربية، وقال وهو يخاطب الجنود: «عليكم أن تعرفوا أسلوب عمل العدو. إنه يقوم على التحرك السريع، والسرية، وخصوصاً على المعلومات الاستخباراتية التي يزوّده بها هؤلاء الإمبرياليون الأقوياء الذين يسعون لزعزعة استقرار بلدنا وإسقاطه».

الفريق عبد الرحمن تياني خلال زيارةداخلية (إعلام محلي)

وأثنى رئيس النيجر على «التضحيات الجسيمة التي قدمتها قوات الأمن في النيجر من أجل القضاء على الإرهاب، واستعادة الأمن والاستقرار». وقال إن «التقدّم المحرز في الحرب ضد الإرهاب هو ثمرة تضحيات جسيمة قدمتها قوات الدفاع والأمن، التي عرفت كيف تُظهر مقاومة شرسة قبل أن تعيد قلب موازين القوة وتستعيد زمام المبادرة».

وأكد أنه، منذ وصوله إلى السلطة قبل أكثر من عامين «جعلتُ من حماية البلاد والدفاع عنها واجباً أخلاقياً لقواتنا»، مشدداً على أن الدولة «لن تدخر جهداً لتوفير كل الوسائل اللازمة لمواجهة خطر الإرهاب».

هجوم ضد فرنسا

ورغم مرور عامين على مغادرة القوات الفرنسية دولة النيجر، وإنهاء اتفاقيات التعاون العسكري بين البلدين، ووصول الأمور إلى قطيعة تامة بين البلدين، إلا أن فرنسا لا تزال حاضرة في أغلب خطابات كبار المسؤولين العسكريين والحكوميين النيجريين.

جنود فرنسيون يتأهبون لركوب طائرة عسكرية بعد انسحابهم من النيجر في 22 ديسمبر 2023 (رويترز)

الجنرال تياني في ختام خطابه السبت أمام الجنود، وجه التحية لمن وصفهم بأنهم «رموز مقاومة الاستعمار الفرنسي» خلال النصف الأول من القرن الماضي، ثم أضاف: «إن المعركة لا تزالُ مستمرة»... وندد بما سماه «المناورة الخبيثة» التي تقوم بها فرنسا انطلاقاً من دولة بنين المجاورة.

ورغم أنه لم يكشف بالتفصيل طبيعة هذه المناورة، فإنه حذر مما سماه «الوجود العسكري الفرنسي المتزايد في دولة بنين»، وأضاف أن في ذلك «تهديداً محتملاً لأمن واستقرار منطقة الساحل وغرب أفريقيا».

وقال مخاطباً الجنود: «كونوا يقظين، وعلى أتمّ الاستعداد لتنفيذ أوامر القيادة العليا، حتى نطهر المنطقة من كل هؤلاء المجرمين والمرتزقة ورعاتهم، ثم إن الدولة ستبذل كل ما في وسعها حتى لا تذهب تضحياتكم سدى».

وكان الجنرال تياني حين وصل إلى السلطة قد استبدل التعاون مع الفرنسيين في مجال محاربة الإرهاب، بشراكة مع روسيا حصل بموجبها على صفقات سلاح، وتدريب القوات من طرف مؤطرين عسكريين روس، كانوا في البداية من مجموعة «فاغنر» الخاصة، ثم بعد ذلك أصبحوا مؤطرين من «فيلق أفريقيا» التابع لوزارة الدفاع الروسية.

ورغم كل ذلك، فإن الجماعات الإرهابية لا تزال تشن هجمات عنيفة ودامية في مناطق واسعة من النيجر، وكبَّدت الجيش خسائر كبيرة خلال العامين الأخيرين، خاصة على الشريط الحدودي بين دول الساحل الثلاث: النيجر ومالي وبوركينا فاسو.