«تفشي إيبولا» عبء إضافي يُفاقم أزمة الكونغو الديمقراطية

وسط أزمة في شرق البلاد جرّاء نزاع مسلح

منظمة «اليونيسف» تقدم دعماً للكونغو الديمقراطية لمواجهة تفشي «إيبولا» (حساب المنظمة على «إكس»)
منظمة «اليونيسف» تقدم دعماً للكونغو الديمقراطية لمواجهة تفشي «إيبولا» (حساب المنظمة على «إكس»)
TT

«تفشي إيبولا» عبء إضافي يُفاقم أزمة الكونغو الديمقراطية

منظمة «اليونيسف» تقدم دعماً للكونغو الديمقراطية لمواجهة تفشي «إيبولا» (حساب المنظمة على «إكس»)
منظمة «اليونيسف» تقدم دعماً للكونغو الديمقراطية لمواجهة تفشي «إيبولا» (حساب المنظمة على «إكس»)

يتواصل تفشي فيروس «إيبولا» في الكونغو الديمقراطية، في ظل تصعيد مسلح من جانب متمردين في شرق البلاد لم تستطع جهود دولية احتواءه منذ بداية العام من أجل إنهاء عقود من النزاع بتلك الدولة الأفريقية التي تتطلع واشنطن لاستثمارات ضخمة فيها.

ذلك «التفشي» الذي يعود إلى الواجهة بعد 3 سنوات للكونغو الديمقراطية، يراه خبير في الشؤون الأفريقية تحدَّث لـ«الشرق الأوسط»، سيشكل عبئاً إضافياً بخلاف أزمات البلد الأفريقي الغارق في النزاعات المسلحة منذ بداية العام، داعياً إلى دعم دولي للخروج من نفق الصراعات والأوبئة.

ودعت المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية التابعة للاتحاد الأفريقي، الجمعة، عبر حسابها بمنصة «إكس»، إلى تعزيز المراقبة المجتمعية في الكونغو الديمقراطية للمساعدة على احتواء أحدث تفشٍّ لفيروس «إيبولا» في البلاد.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، للصحافيين، الخميس، عبر رابط فيديو من مقر المنظمة في جنيف: «مر أسبوعان منذ أن أعلنت حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية عن تفشٍّ لـ(الإيبولا)... وحتى الآن جرى الإبلاغ عن 48 حالة إصابة ما بين مؤكدة ومحتملة، وعن 31 حالة وفاة».

وفي 14 سبتمبر (أيلول) الحالي، أعلنت منظمة الصحة العالمية في بيان أنها بدأت حملة تطعيم ضد فيروس «إيبولا» في إقليم كاساي بوسط الكونغو الديمقراطية، وذلك عقب الإعلان عن تفشي المرض أوائل الشهر الحالي، في أول ظهور له بالبلاد منذ 3 سنوات. ويُعد هذا التفشي السادس عشر على مستوى الكونغو إجمالاً، والأول في إقليم كاساي منذ عام 2008، حسب «رويترز».

وقبل يومين، أفاد مدير برامج المنظمة للاستجابة للطوارئ في أفريقيا، باتريك أوتيم، خلال إفادة صحافية في جنيف بأن «الأمر ممكن، لكنه سيكون صعباً»، ودعا إلى زيادة الدعم للحكومة والشركاء الآخرين.

وقال عدد من العاملين في مجال الإغاثة لـ«رويترز» آنذاك إن الكونغو قد تُواجه صعوبة في التصدي للمرض بفاعلية، نظراً لعمليات خفض المساعدات الخارجية، إضافة إلى تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية خلال عهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

ولا يزال الفيروس فتاكاً رغم اللقاحات والعلاجات الحديثة، وقد أودى بحياة 15 ألف شخص في أفريقيا خلال الأعوام الخمسين الماضية، وبين العامين 2018 و2020، أودى الوباء بنحو 2300 شخص في الكونغو الديمقراطية.

ويُقدّر معدّل الوفيات لدى المصابين بـ34.8 في المائة، وخلال موجات وبائية سابقة تراوحت هذه النسبة بين 25 و90 في المائة وفق منظمة الصحة العالمية.

ورُصد «إيبولا» للمرة الأولى عام 1976 في زائير (التسمية السابقة للكونغو الديمقراطية) وينتقل فيروس «إيبولا» عبر الإفرازات والسوائل الجسدية، وتشمل الأعراض الرئيسية الحمى والتقيؤ والنزيف والإسهال، حسبما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويُشكّل تفشي فيروس «إيبولا» في جمهورية الكونغو الديمقراطية «تطوراً خطيراً، يُفاقم الأزمات المتراكمة التي تمر بها البلاد، ويُضيف بُعداً صحّياً معقّداً إلى واقع أمني وإنساني هش»، وفق تقدير الخبير في الشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى.

فمنذ الإعلان عن عودة الفيروس في أوائل سبتمبر الحالي، تأكدت عشرات الحالات والوفيات، ما يعكس سرعة انتشاره وخطورته، في ظل ضعف النظام الصحي الوطني، بخلاف أن هذا التفشي في وقت تشهد فيه المناطق الشرقية من الكونغو حالة من عدم الاستقرار، بفعل تمردات مسلّحة ونزاعات مزمنة، ما يُعقّد عمليات الاستجابة الصحية، ويؤدي انعدام الأمن إلى تمدد الوباء جغرافيّاً وارتفاع عدد والوفيات، حسب عيسى.

وقال على المستوى الاجتماعي والاقتصادي الإصابات، يُضيف «إيبولا»، أعباءً إضافية إلى كاهل السكان الذين يعانون أساساً الفقر، ونقص الخدمات الأساسية، والتشريد القسري، كما يُمكن أن يُضعف هذا التفشي ثقة السكان بالمؤسسات الصحية، خصوصاً إذا ترافق مع شائعات أو تأخر في الاستجابة، ما يُفاقم مناخ التوتر والقلق.

جانب من الدعم المقدم للكونغو الديمقراطية لمواجهة تفشي «إيبولا» (حساب منظمة «اليونيسف» على «إكس»)

ويأتي هذا التفشي في ظل تبادل حركات إرهابية ومتمردة في شرق الكونغو عملياتها ضد المدنيين بشكل متصاعد للشهر الثالث على التوالي، ووسط خفوت مسار المفاوضات، وعدم الالتزام بتوقيع اتفاق سلام كان مقرراً قبل نحو شهر.

وسجَّلت جماعة «القوات الديمقراطية المتحالفة»، الموالية لتنظيم «داعش» منذ عام 2019 تحت اسم «ولاية وسط أفريقيا»، أحدث تلك الهجمات قبل أيام، مخلّفة 89 قتيلاً، لتواصل هجماتها شرق الكونغو مع تصاعد عمليات من حركة «23 مارس» المتمردة، وجماعة «مؤتمر الثورة الشعبية» المسلحة، التي أسّسها توماس لوبانغا، وذلك خلال أشهر يوليو (تموز) وأغسطس (آب) الماضيين وسبتمبر الحالي.

وشهد مسار السلام في الكونغو 10 محاولات سابقة منذ 2021 دون جدوى وسط مخاوف دولية؛ ما دعا مجلس الأمن إلى بحث الأوضاع بالدولة الأفريقية، في إحاطة طارئة، في أغسطس الماضي. وحثّت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون أفريقيا، مارثا بوبي، المجلس على ممارسة كامل نفوذه لدعم جهود السلام هناك.

ويعتقد صالح إسحاق عيسى أنه في ظل تفشي فيروس «إيبولا» مجدداً في الكونغو الديمقراطية، تتجلَّى بوضوح العلاقة العضوية بين الصراع المسلح وتدهور الأوضاع الصحية والإنسانية.

وأكد أن استمرار العنف يُفكك الهياكل المؤسساتية، ويقوّض إمكانات الدولة في احتواء الأزمات، ويُحوّل المرض من خطر صحي إلى أزمة معقّدة تتغذى على الفوضى، وانعدام الثقة، وغياب سيادة الدولة في مناطق واسعة.

ويخلص إلى أن «تفشي (إيبولا) لم يعد حدثاً صحيّاً منعزلاً أو عابراً، بل يتقاطع مع أبعاد سياسية وأمنية واجتماعية، ويُعيد تسليط الضوء على هشاشة الدولة في مواجهة الأزمات المعقّدة، وحاجة الكونغو الماسّة إلى دعم دولي مُنسّق يُعالج الأزمة الصحية، ضمن رؤية شاملة تأخذ في الاعتبار السياق الأمني والإنساني الأوسع».

ووفقاً لعيسى، فإنه إذا لم يصاحب التدخل الدولي رؤية شاملة لإنهاء الصراع وإعادة بناء المؤسسات، ستظل البلاد تغرق في دوامة العنف والمرض، وسط صمت دولي يديم مأساة الشعوب الأفريقية دون حلول جذرية.


مقالات ذات صلة

وفاة ثُلثي المصابين بإيبولا منذ عودة الوباء في الكونغو

أفريقيا صورة وزعتها منظمة «أطباء بلا حدود» لرجل خارج مركز لعلاج إيبولا في الكونغو الديمقراطية (أ.ب)

وفاة ثُلثي المصابين بإيبولا منذ عودة الوباء في الكونغو

أعلنت «منظمة الصحة العالمية»، اليوم (الأربعاء)، أن وباء إيبولا الذي تفشّى مطلع سبتمبر (أيلول)، في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أسفر حتى الآن عن 42 وفاة.

«الشرق الأوسط» (كينشاسا)
أفريقيا عامل صحي يملأ حقنة بلقاح الإيبولا قبل حقنه لمريض في غوما بجمهورية الكونغو الديمقراطية (رويترز - أرشيفية)

الصحة العالمية: احتواء تفشي إيبولا في الكونغو ممكن إذا زاد الدعم

قال مسؤول في منظمة الصحة العالمية، الجمعة، إن من الممكن احتواء أحدث تفشٍّ لفيروس إيبولا في الكونغو، شريطة اتخاذ الخطوات الصحيحة خلال الأسبوعين المقبلين.

«الشرق الأوسط» (كينشاسا)
صحتك أثناء إطلاق حملة تطعيم ضد سلالة من فيروس الإيبولا بلقاح تجريبي في كامبالا 3 فبراير 2025 (رويترز)

ابتكار حبوب لعلاج الإيبولا... خطوة كبيرة لاحتواء التفشيات المستقبلية للمرض

تمكّن علماء من تطوير دواء فموي مضاد للفيروسات، يُدعى «أوبيلديسيفير» (ODV)، يمنع بشكل ناجح وفاة القرود المصابة بفيروس الإيبولا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أفريقيا أطباء أوغنديون يفحصون مخالطي مريض ثبتت إصابته بالفيروس خلال إطلاق حملة التطعيم ضد سلالة فيروس «إيبولا» السودانية بلقاح تجريبي في دار ضيافة مولاغو (رويترز)

«الصحة العالمية»: أوغندا تسجل ثاني وفاة بفيروس «إيبولا»

ذكرت منظمة الصحة العالمية، نقلاً عن وزارة الصحة في أوغندا، أن البلاد سجَّلت ثاني وفاة بفيروس «إيبولا»، وهي لطفل يبلغ من العمر 4.5 سنة.

«الشرق الأوسط» (كمبالا )

5 قتلى في تحطم مروحية على جبل كليمنجارو في تنزانيا

يشتهر جبل كليمنجارو بقمّته المغطّاة بالثلوج، ويلقب بـ«سقف إفريقيا» (أ.ب)
يشتهر جبل كليمنجارو بقمّته المغطّاة بالثلوج، ويلقب بـ«سقف إفريقيا» (أ.ب)
TT

5 قتلى في تحطم مروحية على جبل كليمنجارو في تنزانيا

يشتهر جبل كليمنجارو بقمّته المغطّاة بالثلوج، ويلقب بـ«سقف إفريقيا» (أ.ب)
يشتهر جبل كليمنجارو بقمّته المغطّاة بالثلوج، ويلقب بـ«سقف إفريقيا» (أ.ب)

لقي 5 أشخاص مصرعهم كانوا على متن مروحية تحطّمت، الأربعاء، على جبل كليمنجارو في تنزانيا، أعلى قمة في أفريقيا، وفق ما أفادت به السلطات التنزانية، الخميس.

ووقع الحادث على ارتفاع نحو 4700 متر بالقرب من مخيّم بارافو، وفقاً لهيئة الطيران التنزانية.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قالت الهيئة إنّ «الطائرة كانت تقل 5 أشخاص. وللأسف، لقوا جميعاً حتفهم في الحادث» الذي لا تُعرف حتى الآن أسبابه.

وأشار قائد الشرطة المحلية، سيمون مياغوا، إلى أنّ الطائرة كانت تقوم بمهمّة إنقاذ عندما تحطّمت نحو الساعة 17:30 الأربعاء (14:30 بتوقيت غرينتش).

ومن بين الضحايا الطيار، وهو مواطن من زيمبابوي، وسائحان تشيكيان، وفقاً لقائد الشرطة.

وفي يونيو (حزيران)، أدرج الاتحاد الأوروبي جميع شركات الطيران التنزانية على لائحته للشركات عالية المخاطر.

وفي عام 2022، تحطّمت طائرة في بحيرة فيكتوريا، وهي الأكبر في أفريقيا، ما أسفر عن مصرع 19 شخصاً.

وفي عام 1999، لقي نحو 12 شخصاً مصرعهم، بينهم 10 سيّاح أميركيين، في حادث تحطّم طائرة في شمال تنزانيا أثناء تحليقها بين متنزه سيرينغيتي الوطني ومطار كليمنجارو.

وجبل كليمنجارو الذي تشتهر قمّته المغطّاة بالثلوج في جميع أنحاء العالم، ويلقب بـ«سقف أفريقيا» (5895 متراً)، مصنف مع المنطقة المحيطة به متنزهاً وطنياً وموقعاً للتراث العالمي لـ«اليونيسكو».


نيجيريا: مقتل 5 أشخاص في هجوم انتحاري على مسجد

تجمّع السكان بالقرب من موقع التفجير الذي استهدف مسجداً في سوق غامبورو بمدينة مايدوغوري يوم 24 ديسمبر 2025... وأفاد شهود عيان ومصادر أمنية «وكالة الصحافة الفرنسية» بأن انفجاراً هزّ مسجداً بمدينة مايدوغوري شمال شرقي نيجيريا (أ.ف.ب)
تجمّع السكان بالقرب من موقع التفجير الذي استهدف مسجداً في سوق غامبورو بمدينة مايدوغوري يوم 24 ديسمبر 2025... وأفاد شهود عيان ومصادر أمنية «وكالة الصحافة الفرنسية» بأن انفجاراً هزّ مسجداً بمدينة مايدوغوري شمال شرقي نيجيريا (أ.ف.ب)
TT

نيجيريا: مقتل 5 أشخاص في هجوم انتحاري على مسجد

تجمّع السكان بالقرب من موقع التفجير الذي استهدف مسجداً في سوق غامبورو بمدينة مايدوغوري يوم 24 ديسمبر 2025... وأفاد شهود عيان ومصادر أمنية «وكالة الصحافة الفرنسية» بأن انفجاراً هزّ مسجداً بمدينة مايدوغوري شمال شرقي نيجيريا (أ.ف.ب)
تجمّع السكان بالقرب من موقع التفجير الذي استهدف مسجداً في سوق غامبورو بمدينة مايدوغوري يوم 24 ديسمبر 2025... وأفاد شهود عيان ومصادر أمنية «وكالة الصحافة الفرنسية» بأن انفجاراً هزّ مسجداً بمدينة مايدوغوري شمال شرقي نيجيريا (أ.ف.ب)

قتل 5 أشخاص على الأقل، وأصيب 35 آخرون، في هجوم إرهابي استهدف مسجداً بمدينة مايدوغوري؛ عاصمة ولاية بورنو، أقصى شمال شرقي نيجيريا، فيما أعلن الرئيس بولا أحمد تينيبو أنه سيواصل العمل على ما سماه «تعزيز التسامح الديني».

تجمعت الشرطة والمواطنون أمام المسجد عقب الهجوم (إعلام محلي)

وتزامن الهجوم على المسجد مع احتفالات واسعة في نيجيريا بأعياد الميلاد، حيث يشكل المسيحيون أكثر من 40 في المائة من سكان البلاد، وهو موسم تتصاعد فيه وتيرة الهجمات الإرهابية، التي تأخذ في كثير من الأحيان طابعاً طائفياً.

وقالت الشرطة إن الهجوم استهدف مسجداً مساء الأربعاء، حين كان العشرات يؤدون صلاة المغرب، فيما تشير المعطيات الأولية إلى أن الهجوم نفذه انتحاري باستخدام عبوة ناسفة تقليدية الصنع.

وقالت الشرطة إن التحقيقات مستمرة للكشف عن ملابسات ما حدث، وطلبت من السكان «التحلي بالهدوء واليقظة»، وقال كينيث داسو، المتحدث باسم قيادة ولاية بورنو: «تتواصل حالياً عمليات تمشيط مستمرة تنفذها الشرطة وفرق إزالة المتفجرات».

يتفقد عسكريون موقع التفجير بسوق غامبورو في مايدوغوري يوم 24 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، قال الجيش إن المسجد الذي استهدفه الهجوم الإرهابي يقع داخل سوق شعبية في حي غامبورو بمدينة مايدوغوري، وهي المدينة الأشد تضرراً من الهجمات الإرهابية خلال 15 عاماً الأخيرة.

وقال مسؤول الإعلام في عملية «هادين كاي» لمحاربة الإرهاب، المقدم ساني أوبا، إن «التحقيقات الأولية تشير إلى أن الانفجار تسبّب فيه انتحاري يُشتبه في أنه إرهابي من (بوكو حرام)، فجّر عبوة ناسفة بدائية الصنع؛ ما أدى إلى مقتله ومقتل مدنيين اثنين في موقع الهجوم».

يتفقد عسكريون موقع التفجير داخل مسجد بسوق غامبورو في مايدوغوري يوم 24 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

وأضاف أنه فور وقوع الهجوم تحركت قوات الجيش والشرطة ومختلف الأجهزة الأمنية، وقال: «أُمّنت المنطقة المتضررة سريعاً وطُوّقت لمنع وقوع أضرار إضافية، كما نُقل المصابون إلى المستشفى العام ومستشفى جامعة مايدوغوري التعليمي لتلقي العلاج». وأوضح أن «هنالك مصابين في وضعية حرجة؛ مما يزيد من احتمالات ارتفاع عدد الضحايا، حيث توفي اثنان في المستشفى، ولا يزال مصابان آخران في وضعية حرجة جداً».

وقال المقدم ساني أوبا إن الإجراءات الأمنية شُدِّدت في مدينة مايدوغوري والمناطق المحيطة بها عقب الهجوم، وذلك لمنع وقوع حوادث أخرى، لا سيما خلال موسم الأعياد، وطلب من السكان «تجنب الأماكن المزدحمة، والإبلاغ عن أي تحركات أو أنشطة مشبوهة».

قتل 5 أشخاص على الأقل وأصيب 35 آخرون في هجوم إرهابي استهدف مسجداً بمدينة مايدوغوري عاصمة ولاية بورنو أقصى شمال شرقي نيجيريا

إلى ذلك، ندد ⁠باباجانا زولوم، حاكم ولاية بورنو، بالهجوم، وقال إنه «‌مستنكَر تماماً، ووحشي وغير إنساني»، ودعا في بيان إلى توخي الحذر في دور العبادة والأماكن العامة خلال موسم الاحتفالات.

وجدد الرئيس بولا أحمد تينيبو التزامه حماية جميع الأديان في أجواء يسودها التسامح والانسجام، وقال في خطاب عشية موسم أعياد الميلاد إن إدارته ستبني على الحوار المستمر مع قادة الديانات الكبرى لمنع النزاعات وتعزيز التعايش السلمي، في إطار الجهود الأوسع الرامية إلى ترسيخ الوحدة الوطنية والاستقرار.

وأضاف أن «الحوار مع القادة المسيحيين والمسلمين ظل محوراً أساسياً في تعامل إدارته مع قضايا التعصب الديني وانعدام الأمن»، مشيراً إلى أن «هذه اللقاءات ستتوسع لتعزيز الانسجام في أنحاء البلاد».

وتطرق تينيبو إلى الشكاوى المتعلقة بانعدام الأمن والتعصب الديني في نيجيريا، متعهداً بتعميق التواصل مع الهيئات الدينية لتعزيز السكينة.

تأتي هذه التصريحات في وقت يحتفل فيه مسيحيو نيجيريا بأول عيد ميلاد منذ مزاعم عن إبادة جماعية بحق المسيحيين، وهي مزاعم نفتها الحكومة الفيدرالية، لكنها دفعت الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إلى تصنيف نيجيريا دولةً «موضع قلق خاص»، ولوح بعمل عسكري لحماية المسيحيين.

من جهة أخرى، قال رئيس أركان الدفاع في الجيش النيجيري، الجنرال أولوفيمي أولوييدي، إن «الوطن مدين للقوات المرابطة في الخطوط الأمامية»، وأضاف أن شعب نيجيريا «يعبر عن تقديره للقوات على يقظتها الدائمة ومواجهتها مختلف التهديدات التي تستهدف السلم والأمن الجماعيين».

يقف مسؤول طوارئ خارج «مستشفى بورنو التخصصي» حيث يعالَج المصابون في انفجار وقع خلال الصلاة بأحد المساجد في مايدوغوري بنيجيريا يوم 24 ديسمبر 2025 (رويترز)

وقال الجنرال أولوييدي، في رسالة موجهة لأفراد القوات المسلحة بمناسبة أعياد الميلاد، إن «شجاعتكم وانضباطكم واحترافيتكم وخدمتكم المتفانية، التي غالباً ما تُقدَّم بتضحيات شخصية جسيمة، تجسّد أسمى تقاليد القوات المسلحة النيجيرية».

وأضاف: «أنتم تواصلون اليقظة ومواجهة شتى التهديدات التي تمسّ سلامنا وأمننا الجماعيين، بينما يستمتع الآخرون بأعياد الميلاد مع أحبّتهم. ولهذا؛ فإن الوطن مدين لكم بامتنان لا يُقدَّر بثمن».

وأكد الجنرال أولوييدي أن «المؤسسة العسكرية ستواصل التزام واجبها الدستوري في الدفاع عن سيادة نيجيريا ووحدة أراضيها ومؤسساتها الديمقراطية»، مشيراً إلى أنه سيعمل على تحسين ظروف القوات المسلحة، وقال: «نحن ملتزمون تحسين ظروف المعيشة والعمل لأفراد القوات المسلحة وعائلاتهم، من خلال تعزيز حزم الرعاية، وتحسين الخدمات الصحية، وتوفير سكن أفضل، وصرف المستحقات في مواعيدها، ومواصلة دعم عائلات أبطالنا الذين سقطوا».

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، الذي يأتي وسط مخاوف أمنية متصاعدة في ‌شمال شرقي ‌نيجيريا، حيث يشن ‌متشددون ⁠​من جماعة ‌«بوكو حرام» وتنظيم «داعش - ولاية غرب أفريقيا» حملة عنف على مدى 15 عاماً، تستهدف المدنيين والمساجد والأسواق.

وفي أغسطس (آب) الماضي، قال مسؤولون محليون وسكان إن متشددين هاجموا مسجداً ومنازل قريبة في ولاية كاتسينا شمال غربي البلاد؛ ما ‌أسفر عن مقتل من لا يقلون عن 50 شخصاً.


سبعة قتلى بانفجار في مسجد شمال شرقي نيجيريا

انفجار يهز مسجداً أثناء صلاة في مايدوجوري (إ.ب.أ)
انفجار يهز مسجداً أثناء صلاة في مايدوجوري (إ.ب.أ)
TT

سبعة قتلى بانفجار في مسجد شمال شرقي نيجيريا

انفجار يهز مسجداً أثناء صلاة في مايدوجوري (إ.ب.أ)
انفجار يهز مسجداً أثناء صلاة في مايدوجوري (إ.ب.أ)

قُتل 7 مصلّين، الأربعاء، بانفجار داخل مسجد في مدينة مايدوغوري، شمال شرقي نيجيريا، حسب ما أفاد قائد في ميليشيا محلية مناهضة للجهاديين لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقال أبو بكر كولو إن الهجوم نُفّذ بواسطة عبوة ناسفة، من دون أن تعلن أي جماعة مسلّحة على الفور مسؤوليتها عنه.

فيما قال شاهد من «​رويترز» إن انفجاراً هزّ مسجداً أثناء الصلاة.

ووقع الانفجار في مدينة تعدّ مركزاً لتمرد تشنّه جماعة «بوكو حرام» المتشددة، وتنظيم «داعش» (ولاية غرب أفريقيا) ⁠منذ ما يقارب عقدين، أودى بحياة عشرات ‍الآلاف، ‍وشرد الملايين في شمال ‍شرقي نيجيريا.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الانفجار، إلا أن المسلحين سبق لهم استهداف ​المساجد والأماكن المزدحمة في مايدوجوري بتفجيرات انتحارية وعبوات ⁠ناسفة.

وبدأت «بوكو حرام» تمردها في ولاية بورنو عام 2009، ساعية إلى إقامة «خلافة إسلامية».

وعلى الرغم من العمليات العسكرية والتعاون الإقليمي لدحر الجماعة، لا تزال الهجمات المتفرقة التي تشنّها تُهدد المدنيين ‌في شمال شرقي نيجيريا.