2023 العام «الأكثر دموية» للعاملين الإنسانيين… و2024 أسوأ

280 قُتلوا عالمياً... وغزة في المقدمة تليها جنوب السودان والسودان

شاحنة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي تعود لتحميل المواد الغذائية من مروحية تابعة للأمم المتحدة هبطت مؤخراً بمخيم «ييدا» جنوب السودان 14 سبتمبر 2012 (أ.ب)
شاحنة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي تعود لتحميل المواد الغذائية من مروحية تابعة للأمم المتحدة هبطت مؤخراً بمخيم «ييدا» جنوب السودان 14 سبتمبر 2012 (أ.ب)
TT

2023 العام «الأكثر دموية» للعاملين الإنسانيين… و2024 أسوأ

شاحنة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي تعود لتحميل المواد الغذائية من مروحية تابعة للأمم المتحدة هبطت مؤخراً بمخيم «ييدا» جنوب السودان 14 سبتمبر 2012 (أ.ب)
شاحنة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي تعود لتحميل المواد الغذائية من مروحية تابعة للأمم المتحدة هبطت مؤخراً بمخيم «ييدا» جنوب السودان 14 سبتمبر 2012 (أ.ب)

كشف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الاثنين، عن أن عدداً قياسياً من عمال الإغاثة قُتلوا خلال النزاعات في كل أنحاء العالم عام 2023، الذي صار الأكثر دموية.

ملاجئ مؤقتة بمخيم للنازحين الفلسطينيين في دير البلح وسط قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)

وفي اليوم العالمي للعمل الإنساني، أوضح المكتب في بيان أن 280 عامل إغاثة قُتلوا في 33 دولة عام 2023، أي أكثر من ضعف عدد الذين سقطوا خلال العام الذي سبق وهو 118 من العاملين الإنسانيين، مضيفاً أن أكثر من نصف وفيات العام الماضي سُجل في الأشهر الثلاثة الأولى من حرب غزة بين إسرائيل و«حماس» التي بدأت بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ومعظمها نتج عن الغارات الجوية الإسرائيلية. وحذر من أن هذا العام «قد يكون في طريقه إلى نتيجة أكثر دموية»، إذ قُتل 172 عامل إغاثة حتى 7 أغسطس (آب) الحالي.

امرأة مسنة تستمع فيما يقود أحد عمال الإغاثة مجموعة من النساء خلال نشاط صنع السِّلال بمخيم «كورسي» للاجئين (مساحة آمنة) في بيراو 10 أغسطس 2024... الغالبية العظمى من اللاجئين هم من النساء والأطفال الذين نجوا من العنف والصراع القائم على النوع الاجتماعي (أ.ف.ب)

وقالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية نائبة منسق المعونة الطارئة جويس مسويا، في بيان، إن «تطبيع العنف ضد عمال الإغاثة والافتقار إلى المساءلة أمر غير مقبول وغير أخلاقي ويضر بشكل كبير بعمليات الإغاثة في كل مكان». وطالبت «أصحاب السلطة بالتحرك لإنهاء الانتهاكات ضد المدنيين والإفلات من العقاب التي تُرتكب به هذه الهجمات الشنيعة». وأكدت أنه «مع مقتل 280 عاملاً إنسانياً في 33 بلداً العام الماضي، فإن 2023 هي السنة التي سجلت أكبر عدد من القتلى في المجتمع الإنساني العالمي منذ بدء تسجيل البيانات»، ملاحظةً أن عدد القتلى سجل زيادة بنسبة 137 في المائة عن عام 2022، حسب بيانات المكتب.

طلاب بمدرسة نغيريدومو الابتدائية يشاركون بسلسلة من الأنشطة الترفيهية بقيادة مدير المدرسة بريس نغيليبيت في بيراو 12 أغسطس 2024... القتال في السودان أودى بحياة عشرات الآلاف وشرّد خُمس السكان (أ.ف.ب)

واستند المكتب في أرقامه إلى «قاعدة بيانات أمن عاملي الإغاثة» التي تحصي هذه الأعداد منذ عام 1997. وحسب هذه البيانات، فإن أكثر من نصف القتلى العام الماضي، أي 163 من العاملين الإنسانيين، سقطوا في غزة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب.

وبعد الحرب في غزة، فإن دولة جنوب السودان التي تشهد أعمال عنف، والسودان، حيث تدور حرب ضارية بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب بـ«حميدتي»، هما البلدان اللذان سجلا أكبر عدد من القتلى بين العاملين الإنسانيين مع سقوط 34 و25 قتيلاً في النزاعين على التوالي.

رجل يحمل طفلاً يعاني طفحاً جلدياً بجوار مياه الصرف الصحي بمخيم مؤقت للنازحين الفلسطينيين في دير البلح وسط قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)

ومن الدول العشر التي سجلت مقتل أكبر عدد من العاملين الإنسانيين إسرائيل وسوريا (7 قتلى في كل من الدولتين) وإثيوبيا وأوكرانيا (6 قتلى في كل منهما)، والصومال (5 قتلى)، وجمهورية الكونغو الديمقراطية وميانمار (4 قتلى لكل منهما).

وحذرت الأمم المتحدة من أنه إذا كانت حصيلة 280 قتيلاً لعام 2023 شائنة»، فإن عام 2024 «قد يكون بصدد تسجيل حصيلة أعلى».

أشخاص يصطفون لملء حاويات المياه بمخيم مؤقت للفلسطينيين النازحين في دير البلح وسط قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)

وحسب «قاعدة بيانات أمن عاملي الإغاثة»، قُتل هذه السنة 176 عاملاً بين الأول من يناير (كانون الثاني) والتاسع من أغسطس (آب)، بينهم 121 في الأراضي الفلسطينية، وهو رقم يتخطى الحصيلة الكاملة لمعظم السنوات السابقة، إذ تعود أعلى حصيلة بين العاملين الإنسانيين إلى 2013 حين قتل 159 منهم.

وقُتل منذ أكتوبر (تشرين الأول) أكثر من 280 عاملاً إنسانياً في غزة، معظمهم موظفون في وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى (أونروا).

أقارب المصور الصحافي إبراهيم محارب الذي قُتل خلال تغطية تقدم القوات الإسرائيلية شمال خان يونس جنوب قطاع غزة في اليوم السابق أمام جثمانه في مستشفى النصر الاثنين (أ.ف.ب)

في هذا السياق، ذكر مكتب الشؤون الإنسانية أن مسؤولي عدد من المنظمات الإنسانية سيوجهون رسالة مشتركة إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة يطالبون فيها بـ«وقف الهجمات على المدنيين وحماية جميع العاملين الإنسانيين ومحاسبة المسؤولين»، داعين الجميع إلى الانضمام إلى هذه الحملة على شبكات التواصل الاجتماعي.

وتحيي الأمم المتحدة في 19 أغسطس (آب) من كل سنة اليوم العالمي للعمل الإنساني، في يوم ذكرى الاعتداء على مقرها في بغداد عام 2002، حين قُتل 22 شخصاً، بينهم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق سيرجيو فييرا دي ميلو، وإصابة نحو 150 عاملاً إنسانياً محلياً وأجنبياً.

وإن كان عدد القتلى من العاملين الإنسانيين بلغ حداً قياسياً، فإن «قاعدة بيانات أمن عاملي الإغاثة» تشير في المقابل إلى تراجع عدد المخطوفين منهم عام 2023 إلى 91 مخطوفاً، وهو أدنى رقم يسجَّل منذ خمس سنوات بعدما بلغ عدداً قياسياً عام 2022 (185 مخطوفاً).


مقالات ذات صلة

مصر تؤكد دعمها لجهود الصومال في مكافحة الإرهاب

شمال افريقيا الرئيسان المصري والصومالي خلال مباحثات في القاهرة الشهر الحالي (الرئاسة المصرية)

مصر تؤكد دعمها لجهود الصومال في مكافحة الإرهاب

أكدت مصر دعمها الكامل لجهود الصومال في مكافحة الإرهاب، ومساعي مقديشو لتحقيق الأمن والاستقرار للشعب الصومالي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري وزير الخارجية المصري خلال لقاء نظيره الصومالي في القاهرة (الخارجية المصرية)

تحليل إخباري لماذا طلبت مصر المشاركة في قوات حفظ السلام «الأفريقية» بالصومال؟

أثار طلب مصر المشاركة في بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة لدعم الأمن والاستقرار في الصومال، تساؤلات حول دلالات التحرك المصري.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يستقبل شيخ محمود في القاهرة (الرئاسة المصرية)

القاهرة تعزّز دعمها لمقديشو ببروتوكول عسكري «محوري»

وقّعت مصر والصومال، الأربعاء، بروتوكول تعاون عسكري، وصفه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بـ«المحوري»، بينما عَدّه خبراء «تعزيزاً للحضور المصري في القرن الأفريقي».

أحمد إمبابي (القاهرة)
تحليل إخباري وزير الخارجية التركي التقى نظيره الصومالي في أنقرة (الخارجية التركية)

تحليل إخباري كيف ترى مصر الوساطة التركية في أزمة «المنفذ الإثيوبي» بالبحر الأحمر؟

يرى خبراء مصريون أن مصر ترحب بطبيعة الحال بأي جهود للوساطة بين الصومال وإثيوبيا في أزمة الميناء البحري ومنها الوساطة التركية شرط ألا تنتهك وحدة وسيادة الصومال.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
العالم العربي محمود علي يوسف وزير خارجية جيبوتي (الشرق الأوسط)

جيبوتي تستبعد نجاح تركيا في حل أزمة «المنفذ الإثيوبي» بالبحر الأحمر

استبعد وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف نجاح الوساطة التركية في حل الأزمة بين دولتَي الصومال وإثيوبيا، حول تأجير الأخيرة قاعدة بحرية على البحر الأحمر.

خالد محمود (القاهرة)

«القاعدة» يكثف هجماته في دول الساحل

أسلحة وآليات عسكرية استحوذ عليها مقاتلو «القاعدة» من الجيش المالي (إعلام محلي)
أسلحة وآليات عسكرية استحوذ عليها مقاتلو «القاعدة» من الجيش المالي (إعلام محلي)
TT

«القاعدة» يكثف هجماته في دول الساحل

أسلحة وآليات عسكرية استحوذ عليها مقاتلو «القاعدة» من الجيش المالي (إعلام محلي)
أسلحة وآليات عسكرية استحوذ عليها مقاتلو «القاعدة» من الجيش المالي (إعلام محلي)

كثفت مجموعة مسلحة تابعة لتنظيم «القاعدة» هجماتها في دولتي مالي وبوركينا فاسو خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، وكبدت جيشي البلدين خسائر وصفتها مصادر أمنية بأنها «فادحة»، وذلك بالتزامن مع مرور أربع سنواتٍ على سيطرة الجيش في مالي على الحكم إثر انقلاب عسكري عام 2020.

بعض العتاد الذي قالت الجماعة المسلحة إنها «غنمته» من قوات الجيش (متداولة)

وقالت مصادر أمنية عديدة إن عدة هجمات نفذها مقاتلون من «جبهة تحرير ماسينا»، وهي مجموعة مسلحة منخرطة في «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» التي تمثلُ تنظيم «القاعدة»، وتتمركز بشكل أساسي في منطقة وسط مالي وشمال بوركينا فاسو.

وشن مقاتلو الجبهة الإرهابية هجوماً فجر أمس (الأحد) على ثكنة تابعة للجيش المالي، في منطقة الملكة، شمال غربي مالي، القريبة جداً من الحدود مع موريتانيا، وحسب مقربين من الجبهة «الإرهابية» فإن مقاتليها كبدوا الجيش المالي «خسائر بشرية»، كما «استولوا على الكثير من الأسلحة والذخائر».

ونشرت «جبهة تحرير ماسينا» مقاطع فيديو من الهجوم، أظهرت مقاتليها وهم يسيطرون على الثكنة الخالية من الجنود الماليين، كما ظهر المقاتلون وهم يستولون على آليات عسكرية وسيارات ومعدات وأسلحة.

وانسحب مقاتلو «جبهة تحرير ماسينا» من الثكنة العسكرية إلى قواعدهم الخلفية في غابة واغادو، حيث يشن الجيش المالي عملية عسكرية منذ عامين، بدعم من قوات مجموعة «فاغنر» الروسية، هدفها المعلن هو القضاء على الإرهاب.

ويعود تأسيس «جبهة تحرير ماسينا» إلى عام 2015 على يد القيادي في تنظيم «القاعدة» أمادو كوفا، المنحدر من قبائل «الفلان»، ما مكنه من اكتتاب مئات المقاتلين من صفوف هذه القبائل المنتشرة بكثرة في مالي ودول الجوار من غرب أفريقيا.

توسيع دائرة نفوذها في غرب أفريقيا

وتسعى «جبهة تحرير ماسينا» إلى توسيع دائرة نفوذها في دول أخرى من غرب أفريقيا، وقد نجحت بالفعل في الوصول إلى بوركينا فاسو المجاورة لمالي، التي شنت فيها هجوماً عنيفاً يوم الجمعة الماضي، ضد مقر تابع لميليشيات محلية موالية لجيش بوركينا فاسو، في منطقة سلانبوري بمنطقة كول بيلوغو.

وحسب مصادر محلية عديدة، فإن الهجوم أسفر عن مصرع 8 من عناصر الميليشيا المحلية الموالية للجيش، وإصابة آخرين، بالإضافة إلى الاستحواذ على 7 قطع سلاح من نوع «كلاشينكوف» و11 دراجة نارية، وأمتعة أخرى.

وسرعان من انسحب مقاتلو «جبهة تحرير ماسينا» من مقر الميليشيا نحو قواعدهم الخلفية، خشية وصول إمدادات عسكرية، أو تدخل سلاح الجو البوركيني الذي كبدها خلال الأشهر الأخيرة خسائر فادحة.

بعض العتاد الذي قالت الجماعة المسلحة إنها «غنمته» من قوات الجيش (متداولة)

وتواجه دول الساحل (مالي، بوركينا فاسو والنيجر) تصاعداً في الهجمات الإرهابية خلال السنوات الأخيرة، وتسببت في عدم استقرار سياسي، دفع جيوش الدول الثلاث إلى السيطرة على الحكم، ومواجهة عقوبات إقليمية ودولية، أسفرت في النهاية عن مواجهة مباشرة مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) والمجموعة الغربية بقيادة فرنسا.

في غضون ذلك، تحالفت دول الساحل الثلاث مع روسيا، التي أبرمت معهم اتفاقية وشراكة أمنية وعسكرية، حصلت دول الساحل بموجبها على أسلحة ومؤطرين عسكريين روس، كما نشرت فيها وحدات مقاتلة تتبع مجموعة «فاغنر» تحت ذريعة محاربة الإرهاب.