«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

تينزاواتين... المعركة الأخيرة بين المتمردين الطوارق وجيش مالي

مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
TT
20

«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)

اندلعت معارك عنيفة ما بين الجيش المالي المدعوم بمقاتلين من «فاغنر» الروسية، والمتمردين الطوارق المتمركزين في مدينة تينزاواتين، الواقعة في أقصى شمال شرقي البلاد، الخميس، والتي تمثل آخر معاقل المتمردين وأهم مركز للتبادل التجاري على الحدود مع الجزائر.

أعلن متمردو الطوارق في مالي أنهم هزموا القوات الحكومية في قتال عنيف للسيطرة على مدينة كيدال الشمالية الرئيسية (أ.ف.ب)
أعلن متمردو الطوارق في مالي أنهم هزموا القوات الحكومية في قتال عنيف للسيطرة على مدينة كيدال الشمالية الرئيسية (أ.ف.ب)

ولا تزال الأنباء القادمة من منطقة المعارك متضاربة جداً، في حين يؤكد كل طرف تفوقه في الميدان، وانتشار مقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي لمعارك عنيفة، دون ما يؤكد صحة نسبتها إلى المواجهات الدائرة منذ أمس على الحدود بين مالي والجزائر.

رواية الطوارق

قالت مصادر قريبة من المتمردين الطوارق إن الجيش المالي ومقاتلي «فاغنر» حاولوا السيطرة على مدينة تينزاواتين، ولكن تم التصدي لهم وإرغامهم على الانسحاب بعد أن تكبّدوا خسائر «فادحة».

وقال مصدر محلي: «وقعت المواجهة عند منطقة آشابريش، غير بعيد من تينزاواتين، وانسحب خلالها الجنود الماليون ومقاتلو (فاغنر)، وتركوا خلفهم ثلاث مركبات عسكرية محترقة، ومركبة أخرى سليمة استحوذ عليها الجيش الأزوادي».

وأضاف المصدر نفسه أن المقاتلين الطوارق «شرعوا في عملية واسعة لتمشيط المنطقة، من أجل الوقوف على عدد القتلى في صفوف الجيش المالي ومرتزقة (فاغنر)، كما تأكد أسر جندي مالي أثناء المعركة، وقُتل جندي واحد من صفوف الطوارق وأُصيب آخر»، على حد تعبير المصدر.

دورية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كيدال (مالي) 23 يوليو 2015 (رويترز)
دورية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كيدال (مالي) 23 يوليو 2015 (رويترز)

في غضون ذلك، قال محمد مولود رمضان، المتحدث باسم تنسيقية الحركات الأزوادية، وهي تحالف لجماعات متمردة يهيمن عليها الطوارق، إن «(فاغنر) تخطط بمعية الجيش المالي للاستيلاء على تينزاواتين، آخر ملاذ للمدنيين الذين فرّوا من انتهاكاتهم».

وأضاف في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «وحدات من جيش أزواد منتشرة في المنطقة تشتبك حالياً مع العدو لصدّ تقدمه»، قبل أن يؤكد: «نواجه تقدماً ونحمي السكان المدنيين النازحين، وكبّدنا مرتزقة (فاغنر) ومعاوني الجيش المالي خسائر كبيرة».

رواية أخرى

لكن الرواية الصادرة عن المتمردين الطوارق، تختلف تماماً عن رواية الجيش المالي، الذي أصدر فجر الجمعة بياناً قال فيه إن وحدة عسكرية تابعة له في منطقة تينزاواتين تعرّضت أمس لما قال إنه «هجوم إرهابي» من طرف المتمردين الطوارق الذين وصفهم بـ«الإرهابيين».

وأضاف الجيش المالي في بيان صادر عن قيادة أركانه أنه تصدى للهجوم وأطلق عملية عسكرية واسعة لملاحقة المتمردين، مشيراً إلى أن «ردة فعل الجيش القوية لا تزال مستمرة، وقد كبّدت المجموعات الإرهابية خسائر ثقيلة»، وفق نص البيان. وتعهد الجيش نشر حصيلة العملية العسكرية في وقت لاحق.

صور من المعارك متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
صور من المعارك متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

المعركة الأخيرة

تعدّ مدينة تينزاواتين آخر معقلٍ يتمركز فيه المسلحون الطوارق الساعون إلى إقامة دولة مستقلة في شمال مالي، لتحمل اسم «أزواد»، وهم الذين سيطروا على شمال مالي عام 2012، ولكنهم فقدوا السيطرة عليه منذ أن أطلق الجيش المالي عام 2022، عملية عسكرية واسعة النطاق من أجل ما سماه «توحيد الأرض».

وتأتي هذه العملية العسكرية بأمر من المجلس العسكري الذي يحكم مالي منذ انقلاب 2020، قرّر بعده التخلي عن التحالف مع فرنسا، والتوجه نحو روسيا للحصول على أسلحة جديدة، ودعم في الميدان من مئات المقاتلين التابعين لمجموعة «فاغنر» الخاصة.

وسيطر الجيش المالي مطلع العام على مدينة كيدال، عاصمة شمال مالي والمدينة الأهم بالنسبة للطوارق، وأعلن الاثنين الماضي أنه سيطر على منطقة «إن - أفراك» الاستراتيجية الواقعة على بُعد 120 كلم شمال غرب تيساليت في منطقة كيدال.

حركة مسلحة من الطوارق في شمال مالي (أ.ف.ب)
حركة مسلحة من الطوارق في شمال مالي (أ.ف.ب)

وأطلق الجيش يوم الأربعاء عملية عسكرية للسيطرة على مدينة تينزاواتين القريبة جداً من الحدود مع الجزائر، فيما يمكن القول إنها آخر المعارك بين الطرفين، حين يحسمها الجيش المالي سيكون قد سيطر على كامل أراضيه.

ومنذ بداية العملية العسكرية الأخيرة فرّ المدنيون نحو الجانب الآخر من الحدود، ودخلوا أراضي الجزائر خوفاً من المعارك، وقال أحد سكان المنطقة: «منذ أول أمس، انتشرت شائعات عن هجمات. لقد لجأنا إلى الجزائر. اليوم سمعنا إطلاق نار. إنها اشتباكات بين الجيش المالي والروس ضد تنسيقية الحركات الأزوادية».


مقالات ذات صلة

تباعد في المواقف بين أنقرة و«الكردستاني» يهدد دعوة أوجلان

شؤون إقليمية إردوغان مصافحاً النائب سري ثريا أوندر خلال استقباله «وفد إيمرالي» الخميس الماضي (الرئاسة التركية)

تباعد في المواقف بين أنقرة و«الكردستاني» يهدد دعوة أوجلان

يلتقي «وفد إيمرالي» وزير العدل التركي، يلماظ تونتش، الجمعة، لبحث تنفيذ دعوة زعيم «العمال الكردستاني»، عبد الله أوجلان، لحلّ الحزب وإلقاء أسلحته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية خرج الآلاف إلى الشوارع في ديار بكر جنوب شرقي تركيا في 27 فبراير رافعين صور أوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل حزب العمال الكردستاني (أ.ف.ب)

حزب كردي يضغط على حكومة تركيا لإقرار تشريع لإطلاق سراح أوجلان

كثف حزب كردي في تركيا ضغوطه لإقرار تشريع يسمح بإطلاق سراح عبد الله أوجلان.ودعا رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي إلى الإسراع بمحاكمة أكرم إمام أوغلو.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا شهدت عدة سجون في فرنسا أعمال حرق متعمدة وإطلاق نار خلال الليل (رويترز)

أعمال حرق متعمدة في عدة سجون بفرنسا

أعلن وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان، اليوم الثلاثاء، أن عدة سجون في فرنسا شهدت أعمال حرق متعمدة وإطلاق نار خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا أطفال أفغان خلال صلاة الظهر في قندهار (متداولة)

أفغانستان: ممنوع دخول المدارس دون عمامة... وقيود جديدة على الطلاب والموظفين

أعرب كثير من الطلاب بمختلف المدارس بأفغانستان عن قلقهم من الضغوطات المتصاعدة التي تمارسها حركة «طالبان» لارتداء «الشالوار (قميص تقليدي)»، و«لونغي (العمامة)».

«الشرق الأوسط» (كابل - إسلام آباد )
أوروبا وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان (أ.ف.ب)

وزير العدل الفرنسي: عدة سجون تعرضت لهجمات الليلة الماضية

أكد وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان، اليوم الثلاثاء، وقوع هجمات خلال الليلة الماضية على عدة سجون فرنسية.

«الشرق الأوسط» (باريس )

مقتل نحو 50 شخصاً في هجومين شهدتهما ولاية بلاتو في نيجيريا

جداريات تصور اختطاف أكثر من 200 تلميذة من تشيبوك على يد جماعة «بوكو حرام» المتمردة في بلدة تشيبوك بشمال شرقي البلاد (رويترز)
جداريات تصور اختطاف أكثر من 200 تلميذة من تشيبوك على يد جماعة «بوكو حرام» المتمردة في بلدة تشيبوك بشمال شرقي البلاد (رويترز)
TT
20

مقتل نحو 50 شخصاً في هجومين شهدتهما ولاية بلاتو في نيجيريا

جداريات تصور اختطاف أكثر من 200 تلميذة من تشيبوك على يد جماعة «بوكو حرام» المتمردة في بلدة تشيبوك بشمال شرقي البلاد (رويترز)
جداريات تصور اختطاف أكثر من 200 تلميذة من تشيبوك على يد جماعة «بوكو حرام» المتمردة في بلدة تشيبوك بشمال شرقي البلاد (رويترز)

قُتل نحو 50 شخصاً في هجومين مساء الأحد في وسط نيجيريا التي تشهد اشتباكات قبلية متكررة، على ما ذكر، الاثنين، مسؤول في الصليب الأحمر وعدد من السكان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مسؤول في الصليب الأحمر، طلب عدم الكشف عن هويته، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أؤكد مقتل 47 شخصاً وإصابة 22 آخرين ونقلهم إلى المستشفى، كما أحرقت خمسة منازل بالإضافة إلى ممتلكات أخرى».

وأكد دانجوما ديكسون أوتا، السكرتير الوطني لجمعية إيريغوي للتنمية، هذه الحصيلة.

وأوضح أن «أعمال العنف وقعت نحو الساعة الثامنة مساء، ما أسفر عن مقتل 47 شخصاً وإصابة العديد بجروح».

وقعت الهجمات في قريتي زيك وكيماكبا، بعد عشرة أيام من هجمات مماثلة أدت إلى مقتل أكثر من 40 شخصاً في المنطقة نفسها بولاية بلاتو، الواقعة بين شمال نيجيريا ذي الأغلبية المسلمة والجنوب ذي الأغلبية المسيحية، التي تشهد أعمال عنف عرقية ودينية على نحو متكرر.

جنود نيجيريون في حالة استنفار (أرشيفية - متداولة)
جنود نيجيريون في حالة استنفار (أرشيفية - متداولة)

وقال دوركاس جون، وهو من سكان قرية زيك، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «دخل مسلحون مجهولون القرية وأطلقوا النار عشوائياً. قتلوا ثمانية أشخاص وأصابوا آخرين كما تم إحراق عدة منازل».

وأفاد جون آدامو، وهو من سكان كيماكبا، القرية الأخرى التي تعرضت للهجوم، بسماع دوي أعيرة نارية.

وأضاف: «لقد غادروا زيك وجاءوا إلى قريتنا، حيث قتلوا 39 شخصاً وأصيب آخرون».

وأدانت السلطات المحلية الهجمات، دون أن تعلن على الفور عن عدد القتلى.

وقالت جويس رامناب، مسؤولة الإعلام في ولاية بلاتو، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «سلسلة الهجمات هذه تمثل تهديداً وجودياً للسكان الذين يعيشون بوئام في الولاية ومصدر رزقهم».

وأضافت: «من المؤلم أن تقع هذه الحادثة الحزينة في مجتمع آخر بعد أقل من أسبوعين من مقتل مواطنينا في بلدة بوكوس».

باباجانا زولوم حاكم ولاية بورنو (على اليسار) يتحدث إلى ضحايا انفجار قنبلة على جانب الطريق في مستشفى في مايدوجوري بنيجيريا السبت 12 أبريل 2025 (أ.ب)
باباجانا زولوم حاكم ولاية بورنو (على اليسار) يتحدث إلى ضحايا انفجار قنبلة على جانب الطريق في مستشفى في مايدوجوري بنيجيريا السبت 12 أبريل 2025 (أ.ب)

وذكر سكان اليوم أنه عُثر على 51 جثة في قريتي زيكي وكيماكبا في منطقة باسا في بلاتو، فيما وردت أنباء عن إصابة عدد آخر من الأشخاص. ولم يعرف على الفور سبب الهجوم.

صورة أرشيفية: مركبة مدرعة تابعة لقوات الأمن النيجيرية تمر بجانب منازل تم بناؤها حديثاً قبل حفل إعادة افتتاح المجتمع الذي دمره مسلحو «بوكو حرام» في عام 2015 (رويترز)
صورة أرشيفية: مركبة مدرعة تابعة لقوات الأمن النيجيرية تمر بجانب منازل تم بناؤها حديثاً قبل حفل إعادة افتتاح المجتمع الذي دمره مسلحو «بوكو حرام» في عام 2015 (رويترز)

وفي الأسبوع الماضي، قالت وكالة الطوارئ الوطنية إن مسلحين قتلوا 52 شخصاً على الأقل وشردوا ما يقرب من 2000 آخرين خلال هجمات استمرت عدة أيام في بلاتو التي لديها تاريخ من العنف بين المزارعين ورعاة الماشية.

رئيس نيجيريا: مقتل 40 شخصاً

وقال الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو، الاثنين، إن ما لا يقل عن 40 شخصاً لقوا حتفهم عندما هاجم مسلحون مسلمون يعتقد أنهم من رعاة الماشية، مجتمعاً زراعياً مسيحياً في الجزء الواقع شمال وسط البلاد، وهو الأحدث في موجة متزايدة من العنف في الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

وقال الرئيس تينوبو أيضاً إنه أمر بإجراء تحقيق بشأن الهجوم الذي وقع الأحد على قرية زيك، مقدماً تعازيه للضحايا وعائلاتهم.

وقال تينوبو في بيان، الاثنين: «أصدرت تعليماتي للأجهزة الأمنية بالتحقيق بعناية في هذه الأزمة وتحديد المسؤولين عن تدبير هذه الأعمال العنيفة».

وقالت «منظمة العفو الدولية» إن الضحايا، وبينهم أطفال ومسنون، فوجئوا بالهجوم ولم يتمكنوا من الفرار من المسلحين.

يشار إلى أن مثل هذه الهجمات أصبحت شائعة في هذا الجزء من أكبر بلد في أفريقيا من حيث تعداد السكان، حيث يستغل المسلحون، وهم عادة رعاة ماشية من قبيلة الفولاني المسلمة، الثغرات الأمنية لشن غارات مميتة ضد المزارعين في معارك على موارد الأراضي.