انقلاب النيجر: باريس تبحث مع نيامي سحب جزء من جنودها

الصين تعتزم التوسط لإيجاد «حل سياسي» في النيجر

عناصر أمن خلال مظاهرة خارج القاعدة الجوية النيجرية الفرنسية في نيامي الأحد الماضي (أ.ف.ب)
عناصر أمن خلال مظاهرة خارج القاعدة الجوية النيجرية الفرنسية في نيامي الأحد الماضي (أ.ف.ب)
TT

انقلاب النيجر: باريس تبحث مع نيامي سحب جزء من جنودها

عناصر أمن خلال مظاهرة خارج القاعدة الجوية النيجرية الفرنسية في نيامي الأحد الماضي (أ.ف.ب)
عناصر أمن خلال مظاهرة خارج القاعدة الجوية النيجرية الفرنسية في نيامي الأحد الماضي (أ.ف.ب)

يبحث الجيش الفرنسي مع الجيش في النيجر «سحب بعض العناصر العسكريين الفرنسيين» عقب مطالبة قادة انقلاب يوليو (تموز) بسحب الجنود الفرنسيين، حسبما أفاد مصدر بوزارة الجيوش الفرنسية، الثلاثاء. بينما أعلن السفير الصيني في نيامي أن حكومته تعتزم تأدية «دور وساطة» في الأزمة السياسية بالنيجر.

وقال المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «تدور مناقشات حول سحب بعض العناصر العسكريين»، من دون مزيد من التفاصيل. وينتشر نحو 1500 جندي فرنسي في النيجر؛ حيث يشاركون في التصدي للمتطرفين في إطار اتفاقات عسكرية ثنائية.

في وقت سابق، الثلاثاء، قال مصدر مقرب من وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو، لوكالة «الصحافة الفرنسية»، إن محادثات حول «تسهيل تحركات القوات العسكرية الفرنسية» في النيجر، أحرزت تقدماً.

وأشار المصدر إلى «تحديد حركة القوات الفرنسية، منذ تعليق التعاون في مجال مكافحة الإرهاب»، عقب الانقلاب العسكري في نيامي. وفي السياق نفسه، أفادت صحيفة «لوموند» يوم الثلاثاء، بأن فرنسا بدأت محادثات مع بعض المسؤولين في جيش النيجر لسحب بعض قواتها من الدولة الأفريقية. ونقلت الصحيفة عن عدة مصادر فرنسية مطلعة على الأمر لم تكشف عن هويتها، قولها إنه لم يتم تحديد عدد الجنود الفرنسيين، ولا توقيت مغادرتهم، حتى هذه اللحظة. وقالت الصحيفة إن المحادثات لا تجري مع قادة الانقلاب؛ بل مع مسؤولي الجيش النظامي الذين تتعاون معهم فرنسا منذ فترة طويلة. وقالت فرنسا عقب الانقلاب إنها ستنهي التعاون العسكري، وتوقف جميع مساعدات التنمية للبلاد.

لكن باريس ترفض حتى الآن دعوات قادة الانقلاب لسحب 1500 جندي فرنسي موجودين حالياً في النيجر، قائلة إنها لا تزال تعتبر الرئيس محمد بازوم، المنتخب ديمقراطياً والمحتجز حالياً، الزعيم الشرعي للبلاد. وذكرت الصحيفة أن بعض القوات الفرنسية قد يعاد نشرها في المنطقة؛ خصوصاً في تشاد المجاورة، بينما قد يعود البعض الآخر إلى فرنسا. لكن الانسحاب من النيجر سيكون بمثابة ضربة لنفوذ فرنسا في المنطقة، بعد أن اضطرت إلى مغادرة مالي التي انتقل مقاتلون روس إليها.

وللنيجر أهمية بالغة حالياً بالنسبة إلى الفرنسيين؛ خصوصاً بعد سحب قواتهم من مالي إثر انقلاب 2020، وبعدها بوركينا فاسو العام الماضي، ما أثّر على النفوذ الفرنسي في هذه المنطقة.

رئيس وزراء النيجر الذي عيّنه النظام العسكري علي الأمين زين خلال مؤتمر صحافي في نيامي الاثنين (أ.ف.ب)

والاثنين، أكّد رئيس وزراء النيجر الذي عيّنه النظام العسكري، علي الأمين زين، أنّ «محادثات جارية» من أجل انسحاب «سريع» للقوات الفرنسية المتمركزة في البلاد. وعلى الرغم من ذلك، أمّل زين في «الحفاظ على تعاون» مع فرنسا.

لكنّ فرنسا تصرّ على عدم الاعتراف بالسلطات الجديدة في نيامي بعد إطاحة الرئيس محمد بازوم. وتظاهر عشرات الآلاف في نيامي نهاية الأسبوع الفائت قرب القاعدة العسكرية الفرنسية، مطالبين برحيل القوات التي تتمركز هناك.

إضافة إلى ذلك، تعتزم الحكومة الصينية تأدية «دور وساطة» في الأزمة السياسية في النيجر، على ما أعلن السفير الصيني في نيامي، في مقابلة مع التلفزيون الوطني النيجري. وصرّح السفير جيانغ فنغ في هذه المقابلة، عقب اجتماع مع رئيس وزراء النيجر علي محمد الأمين زين، الذي عيّنه النظام العسكري، بأن «الحكومة الصينية تعتزم تأدية دور المساعي الحميدة والوسيط، مع الاحترام الكامل لدول المنطقة، لإيجاد حل سياسي لهذه الأزمة النيجرية». وأضاف أن «الصين تنتهج دائماً مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى»، وتشجع الدول الأفريقية «على حل مشكلاتها بنفسها».

مؤيدون للانقلابيين خلال مظاهرة قرب القاعدة الجوية النيجرية الفرنسية في نيامي الأحد الماضي (أ.ف.ب)

وتعد الصين شريكاً اقتصادياً رئيسياً للنيجر؛ خصوصاً في قطاع الطاقة. ويعمل البلدان على بناء خط أنابيب نفط يمتد على ألفَي كيلومتر، وهو الأطول في أفريقيا، بهدف تصدير النفط الخام من حقول أغاديم (جنوب شرقي النيجر) حتى ميناء سيمي في بنين. وتستغل حقول أغاديم مجموعة النفط الوطنية الصينية (CNPC) التي أنشأت أيضاً مصفاة في زيندر في جنوب النيجر، بطاقة إنتاجية تبلغ 20 ألف برميل يومياً، والتي تملك الشركة الصينية غالبية رأس المال فيها. وتقوم شركات صينية أخرى بأعمال بناء في سد كاندادجي على نهر النيجر، وهو مشروع ضخم تبلغ قيمته 740 مليار فرنك أفريقي (1.1 مليار يورو) في أقصى غرب البلاد، ويفترض أن يولد سنوياً 629 غيغاواط في الساعة، لتمكين النيجر من التخلّص من اعتمادها على الطاقة من نيجيريا المجاورة.

وعقب الانقلاب، أوقفت نيجيريا إمداد النيجر بالكهرباء، تنفيذاً للعقوبات التي قررتها الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس).


مقالات ذات صلة

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

أفريقيا صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

أعلنت السلطات في دولة بنين اعتقال قائد الحرس الجمهوري ورجل أعمال مُقرّب من رئيس البلاد ووزير سابق في الحكومة، إثر تورّطهم في مخطط لقلب نظام الحكم بالقوة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا المواطن الأميركي بنجامين ريوبين زالمان بولن خلال محاكمته في قضية «محاولة الانقلاب» بالكونغو (إ.ب.أ)

حكم بإعدام 37 شخصاً بينهم 3 أميركيين في «محاولة الانقلاب» بالكونغو الديمقراطية

أصدرت محكمة عسكرية بكينشاسا حكماً بإعدام 37 متهماً، بينهم 3 أميركيين، في قضية «محاولة الانقلاب» التي شهدتها جمهورية الكونغو الديمقراطية.

«الشرق الأوسط» (كينشاسا)
آسيا الشيخة حسينة (رويترز)

بنغلاديش تلغي حظراً مفروضاً على حزب إسلامي بعد رحيل الشيخة حسينة

ألغت الحكومة المؤقتة في بنغلاديش حظراً على أكبر حزب إسلامي في البلاد، وهو حزب الجماعة الإسلامية، ملغية بذلك قراراً اتخذه نظام رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة

«الشرق الأوسط» (دكا)
آسيا متظاهرون يحتفلون بالقرب من صورة مشوهة لرئيسة وزراء بنغلاديش السابقة الشيخة حسينة بعد أنباء استقالتها في دكا يوم 5 أغسطس 2024 (أسوشييتد برس)

قضاء بنغلاديش يفتح تحقيقاً بتهمة القتل في حق الشيخة حسينة

فتحت محكمة في بنغلاديش تحقيقاً في جريمة قتل، يطول رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة و6 شخصيات بارزة في إدارتها، على خلفية قتل الشرطة رجلاً خلال الاضطرابات.

«الشرق الأوسط» (دكا)
أوروبا أوكرانيات مدنيات لدى حضورهن تدريباً على استخدام الأسلحة القتالية والمعدات الطبية في كييف (أ.ف.ب)

أوكرانيا تحبط مخططاً لانقلاب مزعوم

أعلنت السلطات الأوكرانية عن إحباط مخطط لانقلاب مزعوم كان يستهدف الاستيلاء على السلطة في العاصمة كييف.

«الشرق الأوسط» (كييف)

مدير الاستخبارات الأميركية يبحث في مقديشو سُبل محاربة الإرهاب

الرئيس حسن شيخ محمود بحث مع المسؤول الأميركي محاربة الإرهاب والجماعات المتشددة (رويترز)
الرئيس حسن شيخ محمود بحث مع المسؤول الأميركي محاربة الإرهاب والجماعات المتشددة (رويترز)
TT

مدير الاستخبارات الأميركية يبحث في مقديشو سُبل محاربة الإرهاب

الرئيس حسن شيخ محمود بحث مع المسؤول الأميركي محاربة الإرهاب والجماعات المتشددة (رويترز)
الرئيس حسن شيخ محمود بحث مع المسؤول الأميركي محاربة الإرهاب والجماعات المتشددة (رويترز)

كشف موقع «الصومال الجديد»، السبت، عن قيام مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، بزيارة سرية إلى العاصمة الصومالية مقديشو، وفق ما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية».

وخلال هذه الزيارة، التقى بيرنز، الرئيس حسن شيخ محمود، ومعه مدير وكالة المخابرات والأمن الوطني الصومالية، عبد الله سنبلوشي. وناقش الجانبان خلال اللقاء تعزيز الشراكة بين الصومال والولايات المتحدة، والتعاون الاستخباراتي، واستراتيجيات مكافحة الإرهاب، والتوترات القائمة في منطقة القرن الأفريقي، وفق المصدر نفسه.

وتُعدّ هذه الزيارة هي الثانية من نوعها التي يقوم بها بيرنز إلى الصومال خلال هذا العام، إذ سبق أن زار مقديشو في يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد عملية للقوات الأميركية لاعتراض شحنة أسلحة إيرانية قبالة السواحل الصومالية.

وأكد الرئيس حسن شيخ، والمسؤول الأميركي، أهمية التعاون في القضايا الحاسمة للسلام والأمن، مشددين على التزامهما بتعزيز الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.

وتوترت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا في يناير الماضي، بعدما وقّعت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال الانفصالي، تتضمن الاعتراف باستقلاله، مقابل السماح لها بالوصول إلى ميناء على خليج عدن.

وشغل ملف محاربة الإرهاب والجماعات المتشددة حيزاً مهماً من لقاء المسؤولين، نظراً لما يمثله هذه الملف من أهمية بالنسبة للإدارة الأميركية، وأيضاً بسبب الأحداث الإرهابية الأخيرة والدامية التي عرفها الصومال خلال الشهور الماضية، ووجود جماعة متطرفة في هذا البلد.

ففي الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تمكّنت وحدات من الجيش الصومالي بالتعاون مع الشركاء الدوليين من القضاء على 47 عنصراً إرهابياً في ‏عملية عسكرية بمحافظة غلغدود وسط البلاد.‏ واستهدفت العملية العسكرية تجمعاً للعناصر ‏الإرهابية في مدينة عيل طير؛ إذ أسفرت عن القضاء على 47 عنصراً إرهابياً، وتدمير القاعدة ‏التي تجمعوا فيها، وتدمير سيارة مفخخة.

وفي 31 من الشهر نفسه، تمكّنت قوات الجيش الصومالي في عملية عسكرية، من القضاء على 15 عنصراً إرهابيّاً ‏من حركة «الشباب» الإرهابية بمحافظة مدغ بولاية غلمدغ وسط البلاد. في حين تواصل القوات المسلحة عمليات ‏المطاردة والملاحقة ضد فلول العناصر الإرهابية، في المناطق الريفية بالمحافظة نفسها.

وكان مستشار الأمن القومي الصومالي، حسين شيخ علي، قد نفى وجود مفاوضات سرية بين الحكومة الفيدرالية الصومالية وحركة «الشباب» الإرهابية. وقال إن الرئيس الصومالي وضع شروطاً واضحة بشأن هذا الاحتمال، تتمثل في قطع المقاتلين، أي صلة مع الجماعات الإرهابية العالمية، وقبول سلامة أراضي الصومال، والاستعداد لمتابعة أجندتهم السياسية بشكل سلمي.

وجاء هذا التصريح ردّاً على تقارير جرى تداولها في وسائل التواصل الاجتماعي، تحدثت عن التحضير لمفاوضات بين الحكومة الصومالية وحركة «الشباب» في العاصمة القطرية الدوحة.