غرب أفريقيا: لماذا هذا العدد الكبير من الانقلابات؟

قادة المجلس الوطني لحماية الوطن بمن فيهم العقيد إبرو باشيرو أمادو (وسط) والعقيد أمادو دجيبو (الثاني من اليسار) يخاطبون أنصار المجلس العسكري خلال تجمع حاشد بملعب في نيامي بالنيجر في 26 أغسطس 2023 (إ.ب.أ)
قادة المجلس الوطني لحماية الوطن بمن فيهم العقيد إبرو باشيرو أمادو (وسط) والعقيد أمادو دجيبو (الثاني من اليسار) يخاطبون أنصار المجلس العسكري خلال تجمع حاشد بملعب في نيامي بالنيجر في 26 أغسطس 2023 (إ.ب.أ)
TT

غرب أفريقيا: لماذا هذا العدد الكبير من الانقلابات؟

قادة المجلس الوطني لحماية الوطن بمن فيهم العقيد إبرو باشيرو أمادو (وسط) والعقيد أمادو دجيبو (الثاني من اليسار) يخاطبون أنصار المجلس العسكري خلال تجمع حاشد بملعب في نيامي بالنيجر في 26 أغسطس 2023 (إ.ب.أ)
قادة المجلس الوطني لحماية الوطن بمن فيهم العقيد إبرو باشيرو أمادو (وسط) والعقيد أمادو دجيبو (الثاني من اليسار) يخاطبون أنصار المجلس العسكري خلال تجمع حاشد بملعب في نيامي بالنيجر في 26 أغسطس 2023 (إ.ب.أ)

يُعد الانقلاب في النيجر أحدث حدث في سلسلة من الانقلابات التي ضربت أفريقيا، وخاصة غرب القارة ومنطقة الساحل منذ عام 1950، التي شهدت 108 انقلابات و110 محاولات انقلاب منذ ذاك التاريخ، وفق تقرير نشرته (السبت) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

إذا تمت الإطاحة بالسلطة على فترات منتظمة في العديد من البلدان الأفريقية، فلن تتأثر جميع دول القارة بنفس الطريقة. وتفلت بعض البلدان، مثل تنزانيا وناميبيا، من ظاهرة الانقلابات. وعلى العكس من ذلك، فإن السودان وبوروندي شهدا أكبر عدد من الانقلابات أو محاولات الانقلاب، مع 17 و11 انقلاباً أو محاولة على التوالي.

ومن الواضح أن غرب أفريقيا ومنطقة الساحل على نطاق أوسع هي أكثر المناطق تعرضاً للانقلابات. السنغال هي الاستثناء، حيث لم تشهد سوى محاولة انقلاب واحدة خلال 70 عاماً. ومن الواضح أن الدول الأخرى هي الأكثر اضطراباً في القارة، مع ما لا يقل عن 10 انقلابات ومحاولات في بوركينا فاسو، و8 في مالي والنيجر ونيجيريا، و7 في تشاد وموريتانيا.

يفسر التقرير حالة عدم الاستقرار هذه التي تبدو متأصلة في منطقة الساحل بأنها تعود إلى الصراعات شبه الدائمة التي تشهدها المنطقة الهشة سياسياً. فقد شهدت تشاد ما لا يقل عن 3 حروب أهلية منذ الاستقلال. وكانت التوترات مع الطوارق دائمة في النيجر في الثمانينات والتسعينات.

ناهيك بمالي، حيث أدت حركات التمرد المنتظمة للطوارق إلى حرب عام 2010. وهي الحرب التي أدت إلى سقوط الرئيس توري في عام 2012، والتي بررها الجيش بـ«عدم قدرة الحكومة على منح القوات المسلحة الوسائل اللازمة للدفاع عن سلامة ترابنا الوطني». وفي مالي، «فرض انتشار الجماعات الإرهابية نفسه على الصراعات القديمة، وأعاد تنشيطها بطريقة أو بأخرى في شكل جديد»، يؤكد فرنسيس لالوبو، الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية والمتخصص في الجغرافيا السياسية الأفريقية.

وفي الآونة الأخيرة، أطاح الجيش في بوركينا فاسو بالرئيس كابوري، وخاصة بسبب الهجمات الإرهابية المتكررة ضد الجيش. ويتراكم انعدام الأمن البنيوي هذا فوق الأزمات الديمقراطية التي تتسبب في تذبذب السلطة القائمة وانهيارها في بعض الأحيان. يقول فرنسيس لالوبو: «على مدى الخمسة عشر عاماً الماضية، أفسحت الانقلابات العسكرية المجال للانقلابات الدستورية؛ إذ يأخذ تزوير الانتخابات في الازدياد، ويحاول رؤساء الدول تغيير الدستور للبقاء في السلطة».

وأفضل مثال على ذلك هو بلا شك ما حدث مع بليز كومباوري في بوركينا فاسو عام 2014. فبعد 27 عاماً في السلطة، أدت أعمال الشغب إلى فرار رئيس بوركينا فاسو الذي كان يستعد لتعديل الدستور ليترشح للمرة الخامسة. وقبل ذلك ببضع سنوات، في عام 2010، أطاح انقلاب عسكري في النيجر بالرئيس تانجا، الذي كان يعتزم الترشح للمرة الثالثة، في انتهاك للدستور أيضاً. أخيراً، وقع الانقلاب ضد الرئيس المالي إبراهيم بوبكر كيتا في عام 2020 في مناخ من التوترات الأمنية والديمقراطية المزدوجة: نددت حركة «5 يونيو» في مالي بالسياسة العسكرية للرئيس والمخالفات الانتخابية.

حشود تهتف أثناء عرض لجنود ماليين في شوارع باماكو عاصمة مالي (أ.ف.ب - أرشيفية)

ولهذه الهشاشة السياسية أيضاً جذور أعمق، حسب التقرير. فبالنسبة للبروفيسور ستيفن سميث، يتم تفسير هذه الهشاشة بشكل خاص من خلال الديموغرافيا التي تنمو بشكل سريع، والفقر المدقع الذي يميز هذه البلدان في غرب أفريقيا ومنطقة الساحل.

ومن هنا تكمن الهشاشة الشديدة التي تعاني منها الديمقراطيات الأفريقية، يقول سميث: «إذا كان من الممكن تحقيق الديمقراطية في بلد فقير للغاية، فإنها نادراً ما تكون مستدامة هناك؛ لأن النظام الذي يسمح بالمطالب الحرة لا يرضي غالبية المواطنين المحبطين».


مقالات ذات صلة

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

أفريقيا صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

أعلنت السلطات في دولة بنين اعتقال قائد الحرس الجمهوري ورجل أعمال مُقرّب من رئيس البلاد ووزير سابق في الحكومة، إثر تورّطهم في مخطط لقلب نظام الحكم بالقوة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا المواطن الأميركي بنجامين ريوبين زالمان بولن خلال محاكمته في قضية «محاولة الانقلاب» بالكونغو (إ.ب.أ)

حكم بإعدام 37 شخصاً بينهم 3 أميركيين في «محاولة الانقلاب» بالكونغو الديمقراطية

أصدرت محكمة عسكرية بكينشاسا حكماً بإعدام 37 متهماً، بينهم 3 أميركيين، في قضية «محاولة الانقلاب» التي شهدتها جمهورية الكونغو الديمقراطية.

«الشرق الأوسط» (كينشاسا)
آسيا الشيخة حسينة (رويترز)

بنغلاديش تلغي حظراً مفروضاً على حزب إسلامي بعد رحيل الشيخة حسينة

ألغت الحكومة المؤقتة في بنغلاديش حظراً على أكبر حزب إسلامي في البلاد، وهو حزب الجماعة الإسلامية، ملغية بذلك قراراً اتخذه نظام رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة

«الشرق الأوسط» (دكا)
آسيا متظاهرون يحتفلون بالقرب من صورة مشوهة لرئيسة وزراء بنغلاديش السابقة الشيخة حسينة بعد أنباء استقالتها في دكا يوم 5 أغسطس 2024 (أسوشييتد برس)

قضاء بنغلاديش يفتح تحقيقاً بتهمة القتل في حق الشيخة حسينة

فتحت محكمة في بنغلاديش تحقيقاً في جريمة قتل، يطول رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة و6 شخصيات بارزة في إدارتها، على خلفية قتل الشرطة رجلاً خلال الاضطرابات.

«الشرق الأوسط» (دكا)
أوروبا أوكرانيات مدنيات لدى حضورهن تدريباً على استخدام الأسلحة القتالية والمعدات الطبية في كييف (أ.ف.ب)

أوكرانيا تحبط مخططاً لانقلاب مزعوم

أعلنت السلطات الأوكرانية عن إحباط مخطط لانقلاب مزعوم كان يستهدف الاستيلاء على السلطة في العاصمة كييف.

«الشرق الأوسط» (كييف)

هيئة طبية: جدري القردة خارج نطاق السيطرة في أفريقيا

مريض يعاني من الجدري داخل مستشفى في جمهورية الكونغو الديمقراطية (أ.ف.ب)
مريض يعاني من الجدري داخل مستشفى في جمهورية الكونغو الديمقراطية (أ.ف.ب)
TT

هيئة طبية: جدري القردة خارج نطاق السيطرة في أفريقيا

مريض يعاني من الجدري داخل مستشفى في جمهورية الكونغو الديمقراطية (أ.ف.ب)
مريض يعاني من الجدري داخل مستشفى في جمهورية الكونغو الديمقراطية (أ.ف.ب)

حذرت المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، اليوم الخميس، من أن تفشي جدري القردة في أفريقيا لا يزال خارج نطاق السيطرة، مضيفة أن الحالات لا تزال تتزايد في عدد من البلدان.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية تفشي المرض في الآونة الأخيرة حالة طوارئ صحية عامة مثيرة للقلق على المستوى الدولي بعد رصد المتحور الجديد.

وتواجه بلدان القارة صعوبة في الاستجابة لتفش جديد كبير في أعقاب جائحة «كوفيد - 19» التي كشفت عن ضعف أنظمة الرعاية الصحية التي لم تكن مستعدة للتعامل مع أزمة صحية عامة كبيرة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وأظهرت بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في أفريقيا أن عدد حالات الإصابة بجدري القردة في أفريقيا ارتفع 177 في المائة، كما زادت الوفيات 38.5 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وقال جان كاسيا المدير العام للمراكز في إفادة أسبوعية عن تفشي المرض: «يمكننا القول اليوم إن جدري القردة ليس تحت السيطرة في أفريقيا. لا يزال لدينا هذا الارتفاع في الحالات الذي يثير قلقنا جميعاً».

وفي أسبوع واحد، وردت بلاغات عن 2912 حالة جديدة مقارنة بالأسبوع السابق، بما في ذلك دولة جديدة هي المغرب، التي أبلغت عن تسجيل إصابة واحدة، مما يؤكد انتشار المرض في جميع المناطق الأربع في القارة.

وذكرت مراكز مكافحة الأمراض أن 15 من أصل 55 دولة بالاتحاد الأفريقي أبلغت حتى الآن عن اكتشاف إصابات بالمرض.

وقال كاسيا إن رواندا بدأت حملة تطعيم، في حين من المقرر أن تبدأ جمهورية الكونغو الديمقراطية، مركز تفشي المرض، عمليات التطعيم في أوائل أكتوبر (تشرين الأول).