الجزائر تؤكد وفرنسا تنفي طلب عبور الأجواء لمهاجمة النيجر

مؤشرات لتصعيد جديد بين الدولتين وتضارب السياسات في منطقة الساحل

دورة للشرطة في أحد شوارع نيامي الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
دورة للشرطة في أحد شوارع نيامي الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
TT

الجزائر تؤكد وفرنسا تنفي طلب عبور الأجواء لمهاجمة النيجر

دورة للشرطة في أحد شوارع نيامي الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
دورة للشرطة في أحد شوارع نيامي الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

ثمة روايتان متناقضتان: الأولى تضمنها تقرير إخباري للإذاعة الجزائرية الرسمية بُث في ساعة متأخرة من ليل الاثنين - الثلاثاء، ومفاده أن السلطات الجزائرية رفضت طلباً تقدمت به فرنسا للسماح لطائرات حربية فرنسية بالتحليق في أجواء الجزائر، في إطار عملية عسكرية هدفها إطاحة انقلاب عسكر النيجر، والإفراج عن الرئيس محمد بازوم المحتجز منذ 26 يوليو (تموز) الماضي.

وجاء في التقرير الجزائري أن فرنسا «تستعد لتنفيذ تهديداتها الموجهة إلى المجلس العسكري في النيجر المتعلقة بتدخل عسكري في حال عدم إطلاق سراح الرئيس محمد بازوم. ووفق مصادر مؤكدة فإن التدخل العسكري بات وشيكاً، والترتيبات العسكرية جاهزة». أضاف التقرير أن الجزائر التي «كانت دائماً ضد استعمال القوة، لم تستجب للطلب الفرنسي بعبور الأجواء الجوية الجزائرية من أجل الهجوم على النيجر، وردها كان صارماً وواضحاً».

أكثر من ذلك، أكد التقرير أن باريس، بعد رفض الجزائر، «توجهت إلى المغرب بطلب السماح لطائراتها العسكرية بعبور أجوائه الجوية»، وأن السلطات المغربية «قررت الاستجابة إلى الطلب الفرنسي». واتهم المغرب بـ«خرق القانون الدولي، ودعم التدخل العسكري في بلد حر ومستقل».

عناصر من الحرس الوطني خارج مكاتب الجمارك في نيامي الاثنين الماضي (أ.ب)

الرواية الجزائرية، كونها قد صدرت عن الإذاعة الرسمية واستندت إلى «مصادر مؤكدة»، تعني أنها خرجت بوحي من السلطات الساعية إلى إيصال رسائل إلى الجانب الفرنسي في ظل علاقات تتسم بالتقلب الدائم لا بل بالتشنج، والدليل على ذلك أن زيارة الرئيس عبد المجيد تبون لباريس التي كانت مقررة الربيع الماضي ثم أُجلت إلى يونيو (حزيران) لم تحدث بعد، وثمة من يخمن حدوثها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. والأمر الثاني والأهم، أنه إذا كانت باريس قد سعت للحصول على رخصة لطائراتها الحربية لعبور الأجواء الجزائرية، فهذا يعني أن هناك نية حقيقية للجوء إلى الخيار العسكري في الملف النيجري، وهو ما تعارضه الجزائر.

وسبق للرئيس تبون أن رأى أن خياراً مثل هذا يعد بمثابة «تهديد مباشر لأمن الجزائر»، وأن من شأنه إشعال كل منطقة الساحل، مضيفاً أن الجزائر «لن تلجأ مطلقاً إلى استخدام القوة» مع جيرانها.

والأمر الثالث أن تضارب المصالح الفرنسية والجزائرية في منطقة الساحل، وقبلها في ليبيا، ما زال متواصلاً، وأن الطرفين، رغم تأكيدات سابقة، لم يتوصلا بعد إلى تنسيق المواقف والسياسات، بينما ترى الجزائر التي لها حدود مشتركة مع النيجر تقارب 1000 كيلومتر أنها الأكثر تأثراً في ما يجري في الجانب المقابل لحدودها، وأنه يتعين على فرنسا (وعلى غيرها) أن تأخذ هذه المصالح في الاعتبار.

والأمر الأخير ودائماً في حال صدقت الرواية الجزائرية يفيد بأن باريس عازمة على التدخل العسكري في النيجر، حيث ترابط قوة لها تربو على 1000 رجل، ولها قوة جوية مشكلة من طائرات حربية وطوافات ومسيرات.

مظاهرة مؤيدة للانقلابيين في نيامي الأحد الماضي (رويترز)

وثمة إجماع في باريس على استبعاد الانفراد بعملية عسكرية سينظر إليها على أنها شكل جديد من أشكال الاستعمار، والتوجه إلى دعم عملية في إطار مجموعة «إيكواس» التي هددت باللجوء إلى الخيار العسكري بوصفه «ملاذاً أخيراً». وأكثر من مرة، أعلنت باريس دعمها قرارات «إيكواس»، ومن بينها تفعيل ونشر «قوة احتياط» مشتركة للتدخل في نيامي.

كذلك، فإن قادة جيوش 11 دولة عضواً في المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا اتفقوا في اجتماعاتهم في أكرا (عاصمة غانا) يومي الخميس والجمعة الماضية على تفاصيل العملية العسكرية، لا بل حددوا زمنها، بيد أن الرواية الفرنسية مختلفة تماماً، وتنقض تأكيدات الإذاعة الجزائرية ومصادرها.

وقد أعلن مصدر في الجيش الفرنسي، في تصريح مختصر أن «قيادة أركان الجيوش المشتركة الفرنسية تنفي أنها تقدمت بطلب إلى الجزائر من أجل استخدام مجالها الجوي» لتنفيذ عملية عسكرية في النيجر. ومنذ حدوث الانقلاب، لم تقل فرنسا قط إنها تنوي التدخل العسكري في النيجر. وطلبت «الشرق الأوسط» توضيحاً من وزارة الخارجية الفرنسية حول هذا الأمر، إلا أنها لم تحصل على رد حتى كتابة هذه السطور.

وكانت صحيفة «لو موند» المستقلة قد كشفت في عددها الصادر يوم 19 أغسطس (آب) الحالي نقلاً عن مصادر «رفيعة» معلومات جديدة يفيد جانب منها بأن عسكريين نيجريين كانوا يحضرون لعملية لتحرير بازوم. والجانب الآخر يفيد بأن شخصيات نيجرية رئيسية من بينها وزير الخارجية (المعزول) حسومي مسعودو ومسؤولون عسكريون كبار عقدوا سريعاً، بعد الانقلاب، لقاءات مع ضباط فرنسيين من القوة الفرنسية المرابطة في النيجر، وطلبوا منها التدخل من أجل تحرير الرئيس المحتجز، وأن الجانب الفرنسي أصر على الحصول على طلب مكتوب للتدخل. وتضيف معلومات الصحيفة أن طلباً رسمياً قُدم لفرنسا يجيز لها التدخل العسكري واستهداف القصر الرئاسي حيث يحتجز بازوم. كذلك حُرر نص آخر، في الاتجاه نفسه، وقع نيابة عن رئيس أركان القوات المسلحة. وأفادت الصحيفة بأن قوة فرنسية وصلت إلى موقع الاجتماع، وأن طوافات عدة كانت جاهزة للتدخل. وأكد العسكريون الفرنسيون أنهم «قادرون» على القيام بالعملية من دون إلحاق الأذى بالرئيس المحتجز، إلا أن العملية لم تحدث لسببين: الأول، أن بازوم نفسه رفضها. والثاني، التغير الذي حل سريعاً في نيامي عندما التحقت القوات المسلحة بالانقلابيين، واشتراط باريس أن تكون مهمة قوتها فقط دعم ومساعدة قوة نيجرية وليس الانفراد بالعملية.

شعار الاتحاد الأفريقي على مدخل مقره الرئيسي في أديس أبابا (أ.ف.ب)

من يصدق؟ من يختلق؟ السؤال مطروح. لكن الثابت أن انقلاب النيجر يطيح الاستراتيجية الفرنسية التي جعلت هذا البلد محوراً رئيسياً لسياستها ولإمكاناتها في الاستمرار في محاربة التنظيمات المتطرفة والإرهابية في المنطقة بعد أن اضطُرت لترحيل قواتها تباعاً من مالي ثم من بوركينا فاسو بعد انقلابين متعاقبين حدثا في هذين البلدين، وأوصلا العسكر إلى السلطة. ومنذ اليوم، يغمُض مصير القوة الفرنسية في النيجر في حال بقي الانقلابيون في السلطة، إذ إنهم سارعوا منذ بداية الشهر الحالي إلى طلب انسحاب القوة الفرنسية، وأمهلوها شهراً واحداً، ونقضوا الاتفاقات الأمنية والدفاعية كافة المبرمة بين باريس ونيامي.

ويرى مراقبون أن استمرار الوجود العسكري الفرنسي سيكون بالغ الصعوبة في ظل تصاعد الشعور المعادي للدولة المستعمرة السابقة. والانقلاب قد جرى من دون إدراك المخابرات الفرنسية العسكرية والمدنية الموجودة محلياً، وقد أطاح الرئيس (محمد بازوم) الذي انتُخب ديمقراطياً وهو مقرب جداً من باريس ومن الرئيس ماكرون، وقد ذهب معارضوه إلى تسميته «رجل فرنسا» في النيجر. ولدى كل مظاهرة، ترفع شعارات تندد بفرنسا، وتطالب بخروج قواتها من البلاد.

وفي سياق ذي صلة، أعلن الاتحاد الأفريقي (الثلاثاء) أنّه علّق عضوية النيجر حتى عودة الحكم المدني في البلاد، مؤكّداً أنه سيدرس انعكاسات أي تدخّل عسكري في الدولة الواقعة في منطقة الساحل. وقال الاتحاد إنّ مجلس السلم والأمن «يطلب من مفوضية الاتحاد دراسة الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية لنشر قوة احتياط في النيجر وإبلاغ المجلس بالنتائج». ويأتي إعلان التكتل وسط خلافات شديدة بين أعضائه بهذا الخصوص. وتوافرت معلومات تفيد بخلافات حادة برزت خلال اجتماع مجلس السلم والأمن الأخير بين مؤيد لتدخُل «إيكواس» العسكري في النيجر، وبين معارض له؛ ما أفضى إلى عجز المجلس عن إصدار بيان رسمي بحصيلة مداولاته.


مقالات ذات صلة

النيجر تطرح مخزونها من اليورانيوم للبيع في السوق الدولية

أفريقيا الجنرال عبد الرحمن تياني (الثاني على اليسار) رئيس النظام العسكري في النيجر (أ.ف.ب)

النيجر تطرح مخزونها من اليورانيوم للبيع في السوق الدولية

أعلنت النيجر، الأحد، طرح اليورانيوم الذي تنتجه شركة «سومير» التابعة لشركة «أورانا» الفرنسية العملاقة قبل تأميمها في يونيو (حزيران)، للبيع في السوق الدولية.

«الشرق الأوسط» (نيامي)
أفريقيا الجنرال عبد الرحمن تياني (الثاني على اليسار) رئيس النظام العسكري في النيجر والذي جاء إلى السلطة بانقلاب يُحيّي حشداً من الناس في نيامي في يوليو 2024 (أ.ف.ب) play-circle

تاريخ حافل بالاضطرابات... ما أبرز الانقلابات العسكرية في أفريقيا خلال العقد الأخير؟

تاريخ أفريقيا حافل بها... فيما يلي الانقلابات العسكرية الناجحة في السنوات العشر الأخيرة في القارة السمراء وآخرها انقلاب غينيا بيساو يوم الأربعاء 26 نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شمال افريقيا سفير النيجر بالجزائر يسلم أوراق اعتماده للرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

استئناف الحوار بين الجزائر والنيجر بعد تصاعد الأزمة في 2023

يسعى وفد من حكومة النيجر يزور الجزائر حالياً، لطي خلاف حاد نشأ في صيف 2023 بسبب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم، واشتدت الأزمة باحتجاج نيامي على …

أفريقيا رئيس النيجر المخلوع محمد بازوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

النيجر نحو تنظيم «مؤتمر وطني» بشأن ميثاق انتقالي

أعلنت وزارة الداخلية في النيجر أن النظام العسكري الحاكم سينظّم «مؤتمراً وطنياً» من 15 حتى 19 فبراير (شباط)، يهدف خصوصاً لتحديد مدة للفترة الانتقالية.

«الشرق الأوسط» (نيامي)
الولايات المتحدة​ قاعدة أغاديز (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

أعلن الجيش الأميركي، الاثنين، إنهاء سحب كل قواته من قاعدته الأخيرة في النيجر؛ تلبية لمطلب قادة الانقلاب العسكري في الدولة الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
TT

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

احتدم القتال في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية اليوم (الجمعة)، بعد يوم واحد من استضافة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزعيمي الكونغو ورواندا في واشنطن لتوقيع اتفاقات جديدة تهدف إلى إنهاء سنوات من الصراع في منطقة غنية بالمعادن، حسب ما نشرت «رويترز».

وأكد الرئيس الرواندي بول كاغامي، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، أمس الخميس، التزامهما باتفاق السلام الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) لتوطيد الاستقرار، وفتح الباب أيضاً أمام المزيد من الاستثمارات الغربية في مجال التعدين.

وقال ترمب، الذي تدخلت إدارته في سلسلة من النزاعات حول العالم لتعزيز صورته صانعاً للسلام، وكذلك لتعزيز المصالح التجارية الأميركية: «إننا نضع حلاً لحرب دائرة منذ عقود».

ولكن على أرض الواقع، استمر القتال العنيف مع تبادل الاتهامات بين الأطراف المتحاربة.

وقالت حركة «23 مارس» المدعومة من رواندا، التي استولت على أكبر مدينتين في شرق الكونغو في وقت سابق من هذا العام، وغير ملزمة باتفاق واشنطن، إن القوات الموالية للحكومة تشن هجمات واسعة النطاق.

ومن ناحيته، قال متحدث باسم جيش الكونغو الديمقراطية إن الاشتباكات مستمرة، وإن القوات الرواندية تشن هجمات قصف.

ويقول محللون إن الجهود الدبلوماسية الأميركية أوقفت تصعيد القتال في شرق الكونغو لكنها فشلت في حل القضايا الجوهرية، مشيرين إلى عدم وفاء الكونغو ورواندا بالتعهدات التي قطعها الجانبان في اتفاق يونيو (حزيران).

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على الإنترنت الجمعة عشرات العائلات النازحة وهي تفر سيراً على الأقدام مع أخذ الأمتعة والماشية في إقليم جنوب كيفو بشرق الكونغو.

اقرأ أيضاً


بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
TT

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

قررت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو، الخميس، إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي أُلغيت عام 2018، خصوصاً فيما يتعلق بتهمة الإرهاب والخيانة العظمى والتجسس، في وقت يعيش فيه البلد تصاعداً في الهجمات الإرهابية التي تنفذها مجموعة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

وأُعلن القرار في بيان صادر عقب اجتماع مجلس الوزراء، وقالت الحكومة إنها صدّقت على «مشروع قانون العقوبات»، الذي يحدد عقوبات صارمة تجاه عدد كبير من الجرائم والجنايات، ذات الطابع الأمني والاقتصادي والسياسي.

وأضافت الحكومة موضحة أن مشروع القانون «يُعيد العمل بعقوبة الإعدام لعدد من الجرائم، من بينها الخيانة العظمى، والأعمال الإرهابية، وأعمال التجسس، وغيرها».

وقال وزير العدل وحقوق الإنسان، إداسو رودريغ بايالا، في بيان الحكومة، إن اعتماد هذا المشروع «يندرج ضمن الإصلاحات الواسعة التي يشهدها القطاع، بهدف تحقيق عدالة تلبي التطلعات العميقة للشعب».

كما يتضمن مشروع القانون الجديد تجريم «الترويج والممارسات المثلية والأفعال المرتبطة بها»، وفق ما أعلنته الحكومة، علماً بأنه سبق أن اعتمدت بوركينا فاسو في سبتمبر (أيلول) الماضي قانوناً يستهدف «مرتكبي الممارسات المثلية» بعقوبات تصل إلى خمس سنوات سجناً.

غرامات وأعمال مفيدة

أوضح الوزير رودريغ بايالا أن مشروع القانون اعتمد «العمل للمصلحة العامة» بوصفه عقوبة رئيسية، وهو ما يعني إحلال عقوبة تقوم على إلزام الشخص المحكوم عليه بأداء أعمال مفيدة للمجتمع، تحت إشراف السلطات، ووفق ضوابط قانونية محددة، محل بعض العقوبات التقليدية، مثل السجن أو الغرامة.

في غضون ذلك، شهدت الغرامات المالية المرتبطة بجميع المخالفات، سواء الجنح أو الجرائم، زيادة ملحوظة في مشروع القانون الجديد؛ إذ ارتفع الحد الأدنى للغرامة من 250 ألف فرنك أفريقي (450 دولاراً أميركياً) إلى 500 ألف فرنك أفريقي (900 دولار أميركي).

لقطة من فيديو لمعسكر تدريب لمقاتلي «القاعدة» في بوركينا فاسو (تواصل اجتماعي)

وأشار الوزير إلى أن العقوبات المتعلقة بسلامة المرور «رُفعت بشكل خاص، لأننا لاحظنا أن 90 إلى 95 في المائة من حوادث السير التي تفجع الأسر البوركينابية سببها المستخدمون أنفسهم»، على حد تعبيره.

وحول الجرائم الاقتصادية، مثل الاختلاس وأعمال الفساد، يمكن أن تصل العقوبات إلى السجن المؤبد عندما تتجاوز قيمة الأموال المختلسة، أو موضوع الجريمة، 5 مليارات فرنك أفريقي (نحو 9 ملايين دولار أميركي)، حسب الوزير.

في انتظار قرار البرلمان

من أجل أن يصبح مشروع القانون الجديد ساري المفعول، لا بد من موافقة الجمعية التشريعية الانتقالية التي أنشأتها السلطة العسكرية، بوصفها بديلاً للبرلمان الذي تم حله في أعقاب الانقلاب العسكري.

ويتوقع المراقبون أن مشروع القانون الجديد لن يجد أي مشكلة أمام الجمعية التشريعية الانتقالية، حيث تتماهى هذه الجمعية مع سياسات الحكومة، ولم يسبق أن رفضت أي قانون مقترح من طرف السلطة التنفيذية.

وحسب منظمة العفو الدولية، فإن آخر تنفيذ لعقوبة الإعدام في بوركينا فاسو كان عام 1988، خلال حكم الرئيس الأسبق توماس سانكارا، وهو أيقونة التحرر الأفريقي، ويتخذ منه الرئيس الحالي إبراهيم تراوري نموذجاً.

لكن عقوبة الإعدام أُلغيت في بوركينا فاسو منذ عام 2018، في عهد الحكومة المدنية برئاسة روش مارك كريستيان كابوري الذي أُطيح به في انقلاب عسكري عام 2021، ويحكم البلاد منذ 2022 الكابتن إبراهيم تراوري، ومنذ وصوله إلى السلطة، انتهج تراوري سياسات مناهضة للغرب، وابتعد عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، في الوقت الذي عزز فيه علاقاته مع روسيا.

توسع الإرهاب

رغم التحالف مع روسيا وإعادة هيكلة الجيش في بوركينا فاسو، لا يزال الإرهاب يتوسع في البلاد، حيث تشير تقارير إلى أن الجماعات الإرهابية تسيطر على أكثر من 40 في المائة من مساحة البلد الواقع في غرب أفريقيا.

وكثفت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، هجماتها في شمال وشرق بوركينا فاسو خلال الأسابيع الأخيرة، وأعلنت، الخميس، أنها سيطرت على ثكنة عسكرية في قرية باكاسولوغو، في ولاية كايا، الواقعة في الوسط الشرقي من بوركينا فاسو.

كما نشرت الجماعة الإرهابية مقطع فيديو دعائياً، الجمعة، يظهر معسكر تدريب لمقاتليه في بوركينا فاسو، ويكشف الفيديو عن وجود مئات المقاتلين في المعسكر، يرتدون ملابس شبه عسكرية، ويقومون بحركات قتالية.


النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
TT

النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)

اتهمت النيجر شركة «أورانو» الفرنسية للوقود النووي بـ«السلوك الاستغلالي» وارتكاب جرائم بيئية، في تصعيد جديد لنزاع محتدم حول السيطرة على مناجم اليورانيوم في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وذكرت الحكومة التي يقودها الجيش أن شركة «أورانو» يمكن أن تواجه إجراءات جنائية بتهمة ارتكاب «جرائم جماعية» بعد أن أفادت السلطات بالعثور على 400 برميل من المواد الأساسية المشعة في منطقة ماداويلة بالقرب من منطقة أرليت.

وقالت شركة «أورانو»، المملوكة بنسبة 90 بالمائة للدولة الفرنسية، إنها لم تتلقَّ أي إشعار رسمي بالإجراءات القانونية، ونفت العمل في منطقة ماداويلة.

وأضافت الشركة، في رد مكتوب على أسئلة وكالة «رويترز»، «(أورانو) لا تملك رخصة تشغيل لموقع ماداويلة، ولم تقم بأي عمليات هناك».

وقال وزير العدل أليو داوودا إن الإشعاع في المنطقة تجاوز المعدلات الطبيعية بشكل كبير؛ إذ بلغ نحو سبعة إلى عشرة ميكروسيفرت في الساعة، مقارنة بالمعدل المعتاد البالغ 0.5 ميكروسيفرت. ووجدت الفحوص مادتين مرتبطتين بمشاكل تنفسية يمكن أن تشكل ضرراً على صحة الناس.

يأتي هذا الخلاف عقب تأميم النيجر منجم «سومير» في يونيو (حزيران)، مما أدى إلى تجريد «أورانو» من حصتها البالغة 63.4 بالمائة.