الانتخابات الرئاسية تؤجج أعمال العنف في الكونغو الديمقراطية

اشتباكات بين الشرطة ومعارضين قبل 6 أشهر من المنافسة

أطفال نازحون بمخيم في دجوغو، جمهورية الكونغو الديمقراطية (الأمم المتحدة)
أطفال نازحون بمخيم في دجوغو، جمهورية الكونغو الديمقراطية (الأمم المتحدة)
TT

الانتخابات الرئاسية تؤجج أعمال العنف في الكونغو الديمقراطية

أطفال نازحون بمخيم في دجوغو، جمهورية الكونغو الديمقراطية (الأمم المتحدة)
أطفال نازحون بمخيم في دجوغو، جمهورية الكونغو الديمقراطية (الأمم المتحدة)

أجَّجت انتخابات رئاسية، مقرَّر عقدها في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، أعمال عنف في جمهورية الكونغو الديمقراطية؛ من أكبر الدول الأفريقية مساحة وسكاناً، والتي تعجُّ بالاضطرابات الأمنية.

وشهدت شوارع العاصمة كينشاسا، حتى مساء السبت، معارك بين متظاهرين مناهضين للحكومة، وقوات الأمن الكونغولية، التي أطلقت الغاز المسيل للدموع ضد المحتجّين الذين تظاهروا احتجاجاً على مخالفات مزعومة في تسجيل الناخبين. كما أعرب المحتجّون عن غضبهم من ارتفاع تكاليف المعيشة، وانعدام الأمن لفترات طويلة في شرق البلاد، حيث قتلت الميليشيات المسلَّحة والجماعات المتمردة المئات، وشرَّدت مئات الآلاف، واعتقلت قوات الأمن حوالي 12 متظاهراً، بعد بدء المظاهرة مباشرة، والتي دعا إليها قادة المعارضة.

ويتصاعد العنف في الكونغو الديمقراطية منذ عقود، خصوصاً في الشرق، حيث يتقاتل نحو 120 جماعة مسلَّحة على الأرض والموارد والسلطة، وبعضها للدفاع عن مجتمعاتهم، من بينهم «القوى الديمقراطية المتحالفة»، وكذلك «حركة 23 مارس» في مقاطعة كيفو الشمالية، على الحدود مع رواندا.

ومن المقرر أن تُجري الكونغو انتخابات عامة في 20 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يسعى خلالها الرئيس فيليكس تشيسكيدي، الذي وصل إلى السلطة عام 2019، إلى ولاية ثانية، وسط شكوى بعض مرشحي المعارضة من «مخالفات» في حملة تسجيل الناخبين.

ودعا 4 من زعماء المعارضة، بمن فيهم مارتن فايولو، الذي جاء في المرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسية لعام 2018، ومويز كاتومبي، رجل الأعمال المليونير والمحافظ الإقليمي السابق، الذي من المتوقع أن يخوض المنافسة عام 2023، إلى الاحتجاج على ما وصفوه بـ«مخالفات عندما حاول الناس التسجيل للتصويت في الانتخابات الرئاسية». وقال كاتومبي، للصحافيين، بالقرب من مكان الاحتجاج: «إنه لأمر مُحزن، إنهم يطلقون الغاز المسيل للدموع. قبل ذلك بقليل، كانت ذخيرة حقيقية».

وقال فايولو إن قوات الأمن طوَّقت سيارته التي واصلت إطلاق الغاز المسيل للدموع، لتفريق المتظاهرين. وأضاف أن «السجل الانتخابي غير موثوق به، ولن نتنازل عن هذه القضية».

ووفق المتحدث باسم الشرطة سيلفانو كاسونجو، فإن 3 من رجال الشرطة اعتُقلوا؛ لارتكابهم أعمال عنف ضد قاصر خلال المظاهرة، وأضاف أن 27 شرطياً أصيبوا بجروح، خلال الاشتباكات.

وأدان وزير حقوق الإنسان في الكونغو ألبرت فابريس بويلا، في بيان، أعمال عنف قوات الأمن ضد المتظاهرين والقاصر، ودعا إلى إجراء تحقيق.

وأظهر مقطع فيديو، جرى تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، «شاباً بلا قميص يتعرض للركل والضرب المتكرر بالخوذة، وسُحب على الأرض من قِبل عدة رجال يرتدون الزي العسكري».

ومنذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي جرى فيها الإعلان عن فوز تشيسكيدي، والتي شكَّكت المعارضة في نتائجها، «لم تتوقف المعارضة عن إعلان احتجاجها تجاه فترة ولاية تشيسكيدي، والمخالفات التي ارتكبتها اللجنة الانتخابية المفترض أنها مستقلّة»، وفقاً لتصريحات الباحثة المصرية المتخصصة في الشأن الأفريقي «ريم أبو حسين».

وتشير المعارضة إلى أنه جرى تجاهل عدد من المواطنين الكونغوليين في مقاطعتي كيفو وإيتوري، وهي المناطق المعروفة بأنها معقل للمعارضة، مع كونها أيضاً منطقة التوتر في شرق الكونغو، والتي تعاني من ضعف الأمن، وعدم الاستقرار السياسي، وتجاهلها، ما سيجعلها «بيئة خصبة لتنامي الحركات المتمردة، خصوصاً حركة 23 مارس المتمردة، التي بدأت التمدد بالفعل على أرض الواقع، وفرضت سيطرتها على المؤسسات المحلية، أو أوجدت بديلاً للتعامل مع المواطنين عن ممثلي الحكومة»، كما تشير ريم أبو حسين، في تصريحات، لـ«الشرق الأوسط».

وتضيف: «القبول بشرعية الحاكم المنتخَب هو الذي يؤدي إلى الاستقرار السياسي، واحترام مواطني الدولة لمؤسساتها، والانصياع الطوعي لقراراتها، مما يهيئ الأجواء للتغلب على أي تدخلات داخلية أو خارجية تضر أمن البلاد واستقرارها».

ووفق تقرير أممي، صدر مطلع مايو (أيار) الحالي، فإنه، ومنذ عودة ظهور جماعة «حركة 23 مارس» المسلَّحة في جمهورية الكونغو الديمقراطية عام 2021، فرّ أكثر من 500 ألف شخص، من العنف.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أعربت مساعدة الأمين العام لحقوق الإنسان إيلزي براندز كيريس، عن «القلق إزاء تدهور الوضع الأمني في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث تُواصل الجماعات المسلَّحة شنّ هجمات وحشية ضد المدنيين». وذكر بيان صحفي، صادر عن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أن الانتهاكات والتجاوزات الموثَّقة تشمل عمليات قتل جماعي وتشويه وعنف جنسي مرتبط بالنزاع، مما يتسبب في نزوح جماعي وصدمات دائمة.

وفي الوقت الذي تستعدّ فيه جمهورية الكونغو الديمقراطية لإجراء الانتخابات الرئاسية، شددت كيريس على أن «المسؤولين والسياسيين من جميع الأطراف يتحملون مسؤولية المساهمة في ضمان انتخابات حرة ونزيهة وشاملة». وحثّت جميع الأطراف المعنية على حماية بيئة يمكن فيها لجميع الكونغوليين ممارسة حقوقهم في التعبير عن أنفسهم بحُرّية، والتجمع السلمي والإدلاء بأصواتهم.


مقالات ذات صلة

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

زاد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: حملة تفتيشات جديدة بحثاً عن إرهابيين سابقين في «الجيش الأحمر»

تُعد جماعة «الجيش الأحمر»، التي تأسست في عام 1970، إحدى أبرز الجماعات اليسارية بألمانيا الغربية السابقة في فترة ما بعد الحرب حيث تم تصنيفها هناك جماعة إرهابية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا عناصر الشرطة الألمانية في حملة مداهمات سابقة (غيتي)

ألمانيا تحيل 4 يُشتبه بانتمائهم لـ«حماس» للمحاكمة بتهمة جمع أسلحة

مكتب المدعي العام الاتحادي في ألمانيا: «(حماس) نظمت عمليات تخبئة أسلحة في دول أوروبية مختلفة لتنفيذ هجمات محتملة ضد مؤسسات يهودية وغربية في أوروبا».

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.