بوتين متمسك بالحوار مع واشنطن... وبلاده لا تخشى تصعيد سباق التسلح

«الرابطة المستقلة» تطلق مساراً للتوسع وتضع أساساً جديداً للتعاون في أمن الطاقة

الرئيس القرغيزي صادر جاباروف والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الطاجيكي إمام علي رحمن يحضرون حفل استقبال قمة رابطة الدول المستقلة في دوشانباي يوم 10 أكتوبر (إ.ب.أ)
الرئيس القرغيزي صادر جاباروف والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الطاجيكي إمام علي رحمن يحضرون حفل استقبال قمة رابطة الدول المستقلة في دوشانباي يوم 10 أكتوبر (إ.ب.أ)
TT

بوتين متمسك بالحوار مع واشنطن... وبلاده لا تخشى تصعيد سباق التسلح

الرئيس القرغيزي صادر جاباروف والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الطاجيكي إمام علي رحمن يحضرون حفل استقبال قمة رابطة الدول المستقلة في دوشانباي يوم 10 أكتوبر (إ.ب.أ)
الرئيس القرغيزي صادر جاباروف والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الطاجيكي إمام علي رحمن يحضرون حفل استقبال قمة رابطة الدول المستقلة في دوشانباي يوم 10 أكتوبر (إ.ب.أ)

وجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسائل عدة إلى الولايات المتحدة والغرب عموماً، وإلى شركاء بلاده في الفضاء السوفياتي السابق، في ختام أعمال قمتين إقليميتين توليهما موسكو أهمية كبرى.

وفي اليوم الثاني لنشاط سياسي مكثف شهدته عاصمة طاجكستان دوشانباي، عقد رؤساء رابطة الدول المستقلة اجتماعاً شكّل نقطة انطلاق جديدة للرابطة التي شهدت ترهّلاً على مدى سنوات، وتقلصت أهميتها بسبب الخلافات وتباين الأولويات بين أعضائها من الجمهوريات السوفياتية السابقة. وبدا أن الاجتماع كُرّس لضخّ دماء جديدة في آليات عمل الرابطة. وكان القادة المجتمعون في دوشانباي عقدوا في اليوم السابق قمة لا تقل أهمية جمعت رؤساء روسيا وبلدان منطقة آسيا الوسطى.

وشكلت قمة «روسيا - آسيا الوسطى» حدثاً بارزاً وفريداً، كونها ركزت للمرة الأولى على علاقات روسيا مع التكتل، ليس في إطار المنظمات الإقليمية التقليدية مثل «شانغهاي» و«بريكس»، بل في إطار منفصل يُقرّ عملياً بتنامي دور هذه المجموعة، وتصاعد التنافس بين القوى الإقليمية والدولية على النفوذ في المنطقة.

وفي ختام القمتين، وجّه بوتين رسائل مهمة، كان أبرزها إلى الولايات المتحدة، التي تجاهل في حديثه عنها أي إشارة إلى الخلافات ولهجة التحذير والتهديدات الصادرة من إدارة الرئيس دونالد ترمب إلى بلاده، وركّز بدلاً من ذلك على التزام بلاده بالتوافقات التي تم التوصل إليها في القمة الوحيدة التي جمعته بترمب في ألاسكا قبل أسابيع.

العلاقة مع واشنطن

قال بوتين إن بلاده والولايات المتحدة «لا تزالان ملتزمتين باتفاقيات ألاسكا». وأكد بوتين أن الطرفين «يدركان الاتجاه الذي يتعين عليهما اتباعه لإنهاء النزاع (الأوكراني) سلمياً».

الرئيس الأميركي ونظيره الروسي خلال مؤتمر صحافي بقاعدة «إلمندورف ريتشاردسون» المشتركة في أنكوريج بألاسكا 15 أغسطس (أ.ف.ب)

وفي تجاهل كامل للتطورات التي أعقبت تصاعد ما وُصف بأنه «خيبة أمل» أميركية تجاه بوتين، قال الرئيس الروسي: «ربما سنتمكن من تحقيق الكثير بناءً على الاتفاق والمناقشات في أنكوريج». وأقرّ بوتين بأن الطرفين «لم يكشفا بشكل كامل عن المواضيع التي نوقشت في قمة ألاسكا»، لكنه أضاف أن «ترمب ملتزم التزاماً صادقاً بحل الأزمة في أوكرانيا».

وعلّق بوتين أيضاً على حفل توزيع جائزة نوبل للسلام. وأكّد أنه ليس من حقه أن يقرر ما إذا كان الزعيم الأميركي يستحق الجائزة، لكنه أشار إلى أن «ترمب يبذل الكثير من الجهود لحل الأزمات المعقدة وطويلة الأمد».

وأضاف بوتين: «كانت هناك حالات منحت فيها اللجنة جائزة نوبل للسلام لأشخاص لم يفعلوا شيئاً من أجل السلام. برأيي، أضرت هذه القرارات بشكل كبير بمكانة هذه الجائزة».

الأمن الاستراتيجي

مع هذه اللهجة الهادئة تجاه واشنطن وترمب، تطرّق الرئيس الروسي إلى نقطة خلافية حاسمة على خلفية معطيات عن توجه أميركي لتسليم أوكرانيا أنظمة صاروخية قادرة على الوصول إلى العمق الروسي من طراز «توماهوك».

ووصف بوتين الحديث عن هذه الصواريخ بأنه «استعراض»، وأكد أن «ردّنا هو تعزيز نظام الدفاع الجوي للاتحاد الروسي».

الرئيس القرغيزي صادر جاباروف والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الطاجيكي إمام علي رحمن يحضرون حفل استقبال قمة رابطة الدول المستقلة في دوشانباي، يوم 10 أكتوبر (إ.ب.أ)

كما تطرّق إلى ملفات الأمن الاستراتيجي وتقليص التسلح التي تشكل بدورها أساساً لخلافات عميقة مع واشنطن. وفي إشارة لافتة، قال بوتين إن «سباق التسلح قائم بالفعل في العالم». وزاد أن «بلداناً عدة تدرس، بل تستعد، لإجراء تجارب نووية... وروسيا لديها معلومات ذات صلة وقادرة على اتخاذ خطوات جوابية رادعة ومتكافئة».

وأشار إلى المبادرة التي أطلقها قبل أسبوعين لتمديد العمل بمعاهدة «ستارت» التي تنظم تقليص الأسلحة الهجومية الاستراتيجية لمدة عام بعد انقضاء مدتها في فبراير (شباط) المقبل. وسأل بوتين: «هل ستكون هذه الأشهر القليلة كافية لاتخاذ قرار بشأن التمديد؟ أعتقد أنها ستكون كافية إذا توافرت حسن النية لتمديد هذه الاتفاقيات». وأكد أن رفض الولايات المتحدة للمبادرة الروسية «لن يكون تطوراً حاسماً، مع أن مثل هذا القرار سيكون مؤسفاً».

قادة أذربيجان (من اليسار إلى اليمين) وكزاخستان وروسيا وبيلاروسيا وأوزبكستان وطاجيكستان وأرمينيا يصلون إلى مقر قمة رابطة الدول المستقلة في دوشانباي يوم 10 أكتوبر (إ.ب.أ)

وقال بوتين: «نحن مستعدون للتفاوض إذا كان ذلك مقبولاً ومفيداً للجانب الأميركي. وإن لم يكن كذلك، فلا بأس. لكن سيكون من المؤسف؛ لأنه حينها لن يتبقى شيء من حيث الردع في مجال الأسلحة الاستراتيجية الهجومية».

وجدّد التلويح بقدرات الردع النووي الروسي في مواجهة احتمالات تفاقم الوضع، وقال بوتين إن «الردع النووي الروسي أكثر ابتكاراً من ردع الدول الأخرى. علاوة على ذلك، تجري تجارب أسلحة جديدة بنجاح». وأضاف: «نحن بصدد وضع اللمسات الأخيرة، وأعتقد أننا سنتمكن قريباً من الإعلان عن الأسلحة الجديدة التي أعلنّا عنها سابقاً».

العلاقات مع الفضاء السوفياتي

في الملفات الأخرى، أعرب بوتين عن ارتياح واسع بسبب نجاح لقائه مع نظيره الأذري إلهام علييف على هامش أعمال القمة بكسر الجمود وإعادة تطبيع العلاقات بين موسكو وباكو، بعد عام من التوتر المتفاقم بين البلدين. وأشاد بعلاقات بلاده مع بلدان الرابطة المستقلة، وتحدّث خصوصاً عن طاجكستان التي تستضيف اللقاءات، ووصفها بأنها «شريك مهم للغاية في آسيا الوسطى». علماً بأن هذا البلد هو الوحيد حالياً في المنطقة الذي يمنح روسيا وجوداً عسكرياً في قاعدة ضخمة، في مقابل تنفيذ موسكو برنامجاً شاملاً لتحديث وتسليح الجيش الطاجيكي.

صورة جماعية وُزّعت من وكالة «سبوتنيك» الروسية تُظهر قادة أذربيجان وأرمينيا وبيلاروسيا وكزاخستان وروسيا وطاجيكستان وقرغيزستان وتركمانستان وأوزبكستان خلال الجلسة الموسعة لمجلس رؤساء دول الرابطة في قصر الأمة بدوشانباي، يوم 10 أكتوبر (أ.ف.ب)

وأكّد بوتين أن الحفاظ على رابطة الدول المستقلة وتعزيزها «أمر بالغ الأهمية لمستقبلنا». وأكد أن الرابطة لم تفقد أهميتها، بما في ذلك أثرها الإنساني. ونبّه إلى أنه «من المهم لروسيا ودول آسيا الوسطى ألا تنفصلان عن بعضها؛ فموسكو والمنطقة تشتركان في العديد من المصالح المشتركة».

وزاد أنه «يجب ألا نكتفي بالعيش في ظل هذه الظروف، بل أن نفكر أيضاً في كيفية تطوير هذه المساحة، والمضي قدماً، مع الحفاظ على المزايا التنافسية التي نشأت نتيجةً لإنشاء رابطة الدول المستقلة في الاتحاد السوفياتي السابق. لوجيستيات وتعاون صناعي موحد، وثقافة موحدة، على الرغم من التنوع الثقافي لشعوب الاتحاد السوفياتي. صُممت رابطة الدول المستقلة للحفاظ على كل هذا».

وخلص إلى أن «الغالبية العظمى من الناس لم تدرك مباشرة عواقب انهيار الاتحاد السوفياتي، وإنشاء رابطة الدول المستقلة».

وتطرق إلى الوضع في أفغانستان المجاورة. وأشار إلى أن الحكومة الحالية تبذل قصارى جهدها لتطبيع الوضع في البلاد، لكن لا تزال هناك مشاكل عديدة. وأكد الرئيس الروسي ضرورة تأمين الحدود بين طاجيكستان وأفغانستان. كما تطرق إلى ملف غزة، مؤكداً دعم روسيا للخطة الأميركية للتسوية. وقال إنه «إذا اكتمل ما بدأ، فسيكون حدثاً تاريخياً».

تطوير الرابطة

صورة جماعية لقادة دول الرابطة المستقلة في قصر الأمة بدوشانباي، يوم 10 أكتوبر (سبوتنيك - رويترز)

عقب اجتماع مجلس رؤساء الدول في دوشانباي، وقّع قادة دول رابطة الدول المستقلة حزمةً من الوثائق المتعلقة بالتعاون الاقتصادي والأمني، شملت قراراً بإنشاء صيغة «رابطة الدول المستقلة بلس»، في خطوة تسمح بتوسيع الرابطة مستقبلاً. وتم منح منظمة «شنغهاي» للتعاون صفة عضو مراقب فيها.

كما وقع القادة وثيقة تنص على إطلاق آليات لـ«التعاون العسكري المنفتح، وغير منحاز، وغير موجه ضد دول ثالثة». واشتملت وثيقة أخرى على برنامج للتعاون في مكافحة الإرهاب والتطرف؛ كما وقع الزعماء إعلاناً بشأن التعاون في أمن الطاقة الإقليمي.


مقالات ذات صلة

استطلاع: غالبية الروس يتوقعون انتهاء حرب أوكرانيا في 2026

أوروبا عمال يزيلون الأنقاض من سطح مبنى سكني متضرر بشدة عقب غارة جوية بطائرة مسيرة في كييف (أ.ف.ب) play-circle

استطلاع: غالبية الروس يتوقعون انتهاء حرب أوكرانيا في 2026

كشف «المركز الروسي لدراسات الرأي العام» لاستطلاعات الرأي، اليوم (الأربعاء)، أن غالبية الروس يتوقعون انتهاء الحرب في أوكرانيا عام 2026.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يؤكد رفض أي مشاريع تهدف إلى تقسيم سوريا

جدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «موقف موسكو الرافض للانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للأراضي السورية»، وأكد رفضه «أي مشاريع تهدف إلى تقسيم سوريا».

الولايات المتحدة​ وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) (رويترز)

البنتاغون: الصين ربما حمّلت نحو 100 صاروخ باليستي عابر للقارات في مواقع إطلاق

ذكرت مسودة تقرير لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) سلطت الضوء على طموحات الصين العسكرية الكبيرة أن بكين حمّلت على الأرجح ما يربو على 100 صاروخ باليستي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحضر قمة المجلس الاقتصادي الأوراسي الأعلى في سانت بطرسبرغ الأحد (أ.ب)

الكرملين ينفي سعي بوتين للسيطرة على أوكرانيا بالكامل

نفي الكرملين تقرير لوكالة «رويترز» للأنباء أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى للسيطرة على أوكرانيا بالكامل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا كيريل دميترييف مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز) play-circle

الكرملين: مبعوث بوتين سيقدم له تقريراً مفصلاً بعد مفاوضات ميامي

قال الكرملين، اليوم (الأحد)، إن الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين لم يرسل أي معلومات أو رسائل إلى الوفد الأميركي عبر مبعوثه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

خبيرة أممية تندد بظروف احتجاز زوجة رئيس وزراء باكستان السابق عمران خان

رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان وزوجته بشرى بيبي يصلان للمثول أمام المحكمة العليا في لاهور 15 مايو 2023 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان وزوجته بشرى بيبي يصلان للمثول أمام المحكمة العليا في لاهور 15 مايو 2023 (أ.ف.ب)
TT

خبيرة أممية تندد بظروف احتجاز زوجة رئيس وزراء باكستان السابق عمران خان

رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان وزوجته بشرى بيبي يصلان للمثول أمام المحكمة العليا في لاهور 15 مايو 2023 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان وزوجته بشرى بيبي يصلان للمثول أمام المحكمة العليا في لاهور 15 مايو 2023 (أ.ف.ب)

حذرت خبيرة أممية، الأربعاء، من أن زوجة رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان، محتجزة في ظروف قد تعرض صحتها الجسدية والنفسية لخطر جسيم.

وحضت أليس جيل إدواردز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالتعذيب وغيره من أنواع المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، السلطات الباكستانية على اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة الوضع.

عمران خان وزوجته بشرى بيبي (أرشيفية-أ.ف.ب)

ودين خان وزوجته بشرى بيبي بتهم فساد في يناير (كانون الثاني)، وحكم عليهما بالسجن 14 عاماً وسبعة أعوام توالياً.

والسبت، قضت محكمة باكستانية بسجنهما 17 عاماً أخرى بتهمة متعلقة بهدايا تلقياها أثناء تولي خان منصبه.

وحكم على خان وبيبي بالسجن 10 أعوام بتهمة سوء الأمانة وسبعة أعوام بتهم فساد في قضية تزعم تسعيرهما بشكل منخفض هدايا حكومية.

موظفو أمن يرافقون عمران خان إلى قاعة المحكمة في 12 مايو 2023 (رويترز)

وقالت إدواردز في بيان أنه «يقع على عاتق الدولة واجب حماية صحة السيدة خان وضمان ظروف احتجاز تتوافق مع كرامة الإنسان».

ونقلت إدواردز عن تقارير بأن بيبي محتجزة في زنزانة صغيرة وقذرة وغالباً ما تكون مظلمة بسبب انقطاع التيار الكهربائي.

واعتبرت إدواردز أن «هذه الظروف أدنى بكثير من الحد الأدنى للمعايير الدولية».

وأضافت «لا ينبغي تعريض أي محتجز للحرارة الشديدة أو الطعام أو الماء الملوثين أو الظروف التي تفاقم حالة صحية يعاني منها».

وتشير التقارير أيضاً إلى أنها غالبا ما تُحتجز في عزلة شبه تامة لأكثر من 22 ساعة يومياً.

ودعت إدواردز السلطات إلى «ضمان إمكانية تواصل السيدة خان مع محاميها واستقبال زيارات من أفراد أسرتها والتواصل الإنساني الفعال طوال فترة احتجازها».

وكانت المقررة الأممية قد أثارت وضع بيبي بشكل رسمي مع الحكومة في إسلام آباد.

متظاهرون خارج سجن أديالا حيث يُحتجز رئيس الوزراء السابق عمران خان يحتجون على منع أفراد عائلته ومحاموه من زيارته (إ.ب.أ)

ومقررو الأمم المتحدة مستقلون ولا يمثلون المنظمة الأممية، ويتم تكليفهم من قبل مجلس حقوق الإنسان.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت إدواردز أيضاً أن خان محتجز في ظروف قد ترقى إلى التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، وحضت السلطات على ضمان أن تتماشى ظروف احتجاز الرجل البالغ 73 عاماً مع المعايير الدولية.

وكان خان الذي قاد باكستان للفوز بكأس العالم للكريكيت عام 1992، قد أحدث تغييراً جذرياً في المشهد السياسي الباكستاني بفوزه في الانتخابات وتوليه منصب رئيس الوزراء عام 2018.

وأُطيح به عام 2022 في تصويت على حجب الثقة بعد أن فقد تأييد الجيش.

ويُحتجز نجم الكريكيت السابق منذ أغسطس (آب) عام 2023 بتهم في عشرات القضايا التي يقول أنها ذات دوافع سياسية.


زعيم كوريا الشمالية يشرف على اختبار صواريخ بعيدة المدى

 كيم جونغ أون يزور موقع بناء غواصة تعمل بالطاقة النووية قادرة على إطلاق صواريخ أرض - جو (رويترز)
كيم جونغ أون يزور موقع بناء غواصة تعمل بالطاقة النووية قادرة على إطلاق صواريخ أرض - جو (رويترز)
TT

زعيم كوريا الشمالية يشرف على اختبار صواريخ بعيدة المدى

 كيم جونغ أون يزور موقع بناء غواصة تعمل بالطاقة النووية قادرة على إطلاق صواريخ أرض - جو (رويترز)
كيم جونغ أون يزور موقع بناء غواصة تعمل بالطاقة النووية قادرة على إطلاق صواريخ أرض - جو (رويترز)

ذكرت وكالة الأنباء المركزية بكوريا الشمالية، اليوم، أن زعيم البلاد كيم ​جونغ أون، أشرف على اختبار صواريخ سطح-جو بعيدة المدى في موقع إطلاق قرب الساحل الشرقي.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في موقع اختبار صاروخ أرض-جو بعيد المدى بالقرب من البحر الشرقي (رويترز)

وذكرت الوكالة أن التجربة، التي تهدف إلى تقييم التقنيات الاستراتيجية المسلحة نووياً من أجل تطوير نوع جديد من الصواريخ عالية الارتفاع، ‌نجحت في تدمير ‌أهداف جوية على ‌مسافة ⁠200 ​كيلومتر.

وقالت ‌الوكالة إن كيم تفقد أيضاً أعمال بناء غواصة يبلغ وزنها 8700 طن تعمل بالطاقة النووية قادرة على إطلاق صواريخ سطح-جو، دون تحديد موقع الزيارة أو توقيتها، مشيرة إلى أن مشروع الغواصة ⁠يندرج ضمن جهود الحزب الحاكم في كوريا الشمالية ‌لتحديث القوات البحرية، فيما ‍تمثل واحدة من السياسات ‍الخمس الرئيسية التي يتبناها الحزب ‍لتطوير القدرات الدفاعية.

صورة نشرتها وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية لكيم جونغ أون في موقع بناء غواصة تعمل بالطاقة النووية وتزن 8700 طن (رويترز)

ونُقل عن كيم القول إن التطوير الشامل للقدرات النووية وتحديث سلاح البحرية أمران ضروريان وحتميان بالنظر إلى كون «العالم ​الحالي لا يميل للسلام بأي حال».

وقال كيم إن خطة كوريا الجنوبية لتطوير ⁠غواصة نووية، وفقاً لما تتفاوض عليه مع واشنطن، ستزيد من حدة التوترات في شبه الجزيرة الكورية وتشكل خطراً على الأمن القومي يستدعي منه اتخاذ إجراء.

وفي بيان منفصل، انتقدت وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية دخول غواصة أميركية تعمل بالطاقة النووية في الآونة الأخيرة إلى ميناء كوري جنوبي، ووصفت الأمر بأنه «تصعيد للتوتر العسكري» في شبه الجزيرة الكورية والمنطقة.


خوف وقلق بين أفغان الولايات المتحدة بعد هجوم واشنطن وتشديد سياسات الهجرة

سعى مئات آلاف الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة إلى مغادرة البلاد (إ.ب.أ)
سعى مئات آلاف الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة إلى مغادرة البلاد (إ.ب.أ)
TT

خوف وقلق بين أفغان الولايات المتحدة بعد هجوم واشنطن وتشديد سياسات الهجرة

سعى مئات آلاف الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة إلى مغادرة البلاد (إ.ب.أ)
سعى مئات آلاف الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة إلى مغادرة البلاد (إ.ب.أ)

بعدما عملوا لسنوات إلى جانب القوات الأميركية في أفغانستان، وجد آلاف الأفغان الذين أعادت الولايات المتحدة توطينهم في أراضيها، أنفسهم فجأة موضع شك، إثر هجوم نفّذه شخص من أصل أفغاني في واشنطن، قلب حياتهم رأساً على عقب بعدما شددت إدارة الرئيس دونالد ترمب سياستها حيال الهجرة.

وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، هاجم شخص عسكريين أميركيين من الحرس الوطني في قلب العاصمة واشنطن. وأثار الكشف عن أنّه من أصل أفغاني حالة توتر وقلق في أوساط الأفغان المقيمين في الولايات المتحدة.

يقول أفغاني، يبلغ 31 عاماً ويحمل بطاقة إقامة دائمة، المعروفة بـ«الغرين كارد»، إن «الجميع خائف».

ويضيف: «نخشى أن يحاكمنا الناس على جريمة ارتكبها شخص واحد فقط لأنه من أفغانستان»، رافضاً الكشف عن اسمه خشية تعرّضه للتعقب من قِبَل سلطات الهجرة.

وعقب الهجوم في العاصمة الأميركية، الذي أسفر عن مقتل مجندة في الحرس الوطني، شدّد ترمب سياسته المتعلقة بالهجرة، معلناً تعليق جميع طلبات الهجرة لرعايا 19 دولة، من بينها أفغانستان.

وتعهّد بـ«طرد كل شخص لا يشكّل قيمة مضافة للولايات المتحدة»، و«سحب الجنسية من المهاجرين الذين يضرّون بالسلم الوطني، وترحيل أي أجنبي يشكّل عبئاً عاماً أو خطراً أمنياً أو لا ينسجم مع الحضارة الغربية».

كما أعلنت الحكومة أنّ أي بطاقة إقامة دائمة مُنحت لمواطنين من هذه الدول الـ19 ستخضع لـ«مراجعة»، فيما جُمّدت الطلبات الجديدة.

تقول مريم، وهي أفغانية في السابعة والعشرين من عمرها، استخدمت اسماً مستعاراً: «اتخذت أميركا وطناً لي. إذا اضطررت إلى مغادرتها، فأين يمكنني أن أذهب؟».

«كانت لديّ أحلام»

شاركت مريم في مشاريع تربوية مع السفارة الأميركية في كابول، وساهمت في إعداد وثائق مهمة عن «طالبان».

تقول من منزلها في إحدى ضواحي لوس أنجليس: «كانت لديّ أحلام كبيرة لبلدي ولنفسي».

لكن في أغسطس (آب) 2021، انسحبت آخر القوات الأميركية من أفغانستان في ظروف فوضوية، فيما سيطرت «طالبان» على البلاد وأطاحت بالحكومة المدعومة من واشنطن.

وسعى مئات آلاف الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة إلى مغادرة البلاد، خوفاً من عودة «طالبان» وإمكانية التعرّض لعمليات انتقامية.

يتذكّر خان، الذي عمل في أفغانستان لصالح جامعة ومصرف حكومي، أن «الوصول إلى المطار كان بالغ الصعوبة»، مشيراً إلى أنه طبع عشرات الوثائق، بينها ما يثبت أنّ زوجته مواطنة أميركية تعيش في كاليفورنيا.

وأضاف أنه «لم يكن هناك ماء ولا طعام ولا شيء. بقينا هناك أربعة أيام». في نهاية المطاف، تمكّن من ركوب طائرة إلى قطر، ثم إلى ألمانيا، قبل أن يصل إلى الولايات المتحدة.

وقال: «نشكر الولايات المتحدة بصدق. لقد ساعدونا فعلاً على المجيء إلى هنا، وعلى إعادة بناء حياتنا».

«مخلصون لأميركا»

يؤكد خان أنّه عمل ليلاً ونهاراً في كاليفورنيا، متنقلاً بين وظائف عدة لتأمين المال. وهو اليوم يملك وكالة لبيع السيارات، واشترى شقة من ثلاث غرف يؤجّر جزءاً منها، وحصل على الإقامة الدائمة.

ويقول بأسف: «كنت أنوي التقدّم بطلب للحصول على الجنسية الأميركية قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول)، لكن للأسف بعد حادثة واشنطن، عُلّق كل شيء».

ويضيف أن «الجميع خائف. سواء مَن يحمل بطاقة إقامة دائمة، أو مَن لديه وضع parole (إذن إقامة مؤقت)، أو مَن تقدّم بطلب لجوء، أو أيّاً كان وضعه».

أما مريم، التي تعمل في منظمة غير حكومية في كاليفورنيا، فلا تطلب سوى أن يُنظر في طلبها للحصول على الإقامة الدائمة، وأن يُعامل مواطنو أفغانستان باحترام.

تقول عن المشتبه به في الهجوم على واشنطن، إن «ما فعله هذا الشخص لا يمثّلنا. نحن جميعاً مخلصون لأميركا. لسنا خونة، نحن ناجون».