الأمم المتحدة لحكام أفغانستان: لا سلام وازدهار قبل إلغاء الحظر المفروض على النساء والفتيات

إدانة واسعة للنشاط الإرهابي المستمر في البلاد

أوتونباييفا المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان خلال إحاطتها لمجلس الأمن (صور الأمم المتحدة)
أوتونباييفا المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان خلال إحاطتها لمجلس الأمن (صور الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة لحكام أفغانستان: لا سلام وازدهار قبل إلغاء الحظر المفروض على النساء والفتيات

أوتونباييفا المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان خلال إحاطتها لمجلس الأمن (صور الأمم المتحدة)
أوتونباييفا المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان خلال إحاطتها لمجلس الأمن (صور الأمم المتحدة)

أبلغ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حكام «طالبان» في أفغانستان، الاثنين، بأن السلام والازدهار «لا يمكن تحقيقهما»، حتى يتراجعوا عن حظرهم الذي فرضوه على النساء والفتيات في الحصول على التعليم والعمل والتحدث في الأماكن العامة.

فتيات أفغانستان خارج المدارس للعام الثالث على التوالي (غيتي)

كما أدان المجلس، وهو أقوى هيئة تابعة للأمم المتحدة، النشاط الإرهابي المستمر في أفغانستان «بأشد العبارات»، داعياً إلى تعزيز الجهود لمعالجة الوضع الاقتصادي والإنساني المتردي في البلاد، وفق تقرير لـ«أسوشييتد برس» الاثنين. ومدّد قرار المجلس، الذي تم تبنيه بإجماع أعضائه الخمسة عشر، مهمة الأمم المتحدة السياسية في أفغانستان، المعروفة باسم بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان (UNAMA)، حتى 17 مارس (آذار) 2026.

رجال أفغان يصطفون للحصول على وجبات إفطار مجانية توزعها جمعية خيرية محلية خلال شهر رمضان المبارك بكابل في 17 مارس 2025 (أ.ف.ب)

وكانت حركة «طالبان» قد استولت على السلطة في أفغانستان عام 2021، إثر انسحاب القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) من البلاد بعد عقدين من الحرب. ولا تعترف أي دولة رسمياً بحكومة «طالبان» كحكومة لأفغانستان بسبب قمعها للنساء. فالنساء لا يُمنعن فقط من العمل، ومن دخول كثير من الأماكن العامة ومن التعليم بعد الصف السادس، بل يجب عليهن أن يرتدين نقاباً يغطي أجسادهن بالكامل، ولا يمكن سماع أصواتهن في الأماكن العامة.

عائلات أفغانية تتلقى حصصاً غذائية من شركة للاتصالات لدعم 250 عائلة كجزء من برنامج بقيمة 10 ملايين أفغاني خلال شهر رمضان المبارك في كابل بأفغانستان 16 مارس 2025 (إ.ب.أ)

ودعا مجلس الأمن حركة «طالبان»، إلى «التراجع عن هذه السياسات والممارسات سريعاً».

نساء وأطفال في بغلان شمال أفغانستان (متداولة)

وقالت المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة روزا أوتونباييفا، رئيسة بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان، لمجلس الأمن الأسبوع الماضي، إن الأمر متروك لحركة «طالبان»، لتوضيح ما إذا كانت تريد إعادة دمج أفغانستان في النظام الدولي من عدمه - «وإذا كان الأمر كذلك، ما إذا كانت مستعدة لاتخاذ الخطوات اللازمة على هذا المسار» أم لا. بينما نشر المتحدث الرئيسي باسم «طالبان»، ذبيح الله مجاهد، بياناً على حسابه الرسمي على منصة «إكس» هذا الشهر، قال فيه إن «كرامة المرأة وشرفها وحقوقها القانونية من أولويات البلاد، وفقاً للشريعة والثقافة والتقاليد الأفغانية».

وقالت الدول الإسلامية وعلماء الدين إن حرمان المرأة من التعليم والعمل ليس جزءاً من الشريعة.

وقالت أوتونباييفا إن الأفغان «يستاءون بشكل مزداد من تدخلات مسؤولي (طالبان) في حياتهم الخاصة»، ويخشون من زيادة عزلة البلاد عن بقية العالم.

وقالت: «لقد رحبوا بالفعل بانتهاء الصراع، ومزيد من الاستقرار وحرية الحركة، على الأقل بالنسبة للسكان الذكور. لكن هذا ليس سلاماً يمكنهم العيش فيه بكرامة مع احترام حقوقهم الإنسانية والثقة في مستقبل مستقر». وأضافت أوتونباييفا أن أكثر من نصف سكان أفغانستان - نحو 23 مليون شخص - يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، وهي أزمة إنسانية ناجمة عن عقود من الصراع، والفقر المتجذر، والصدمات المناخية، والنمو السكاني الكبير. وقالت إن تراجع التمويل له تأثير كبير.

وأشارت مبعوثة الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 200 منشأة صحية أُجبرت على الإغلاق خلال الشهر الماضي، مما أثر على نحو 1.8 مليون شخص، بما في ذلك الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية.

تعمل «يونيسف» على توزيع حزمات من مساعدات الشتاء للعائلات الضعيفة في أفغانستان (يونيسف)

وفي قضية رئيسية أخرى، دعا مجلس الأمن حركة «طالبان» إلى تعزيز جهود مكافحة الإرهاب، وأدان جميع الأنشطة الإرهابية في أفغانستان، وطالب بعدم استخدام البلاد لتهديد أو مهاجمة أي دولة أخرى.

وقد توترت العلاقات بين أفغانستان وباكستان المجاورة منذ أن زادت حركة «طالبان» الباكستانية، المتحالفة مع حركة «طالبان» الأفغانية، من هجماتها على قوات الأمن في باكستان. وفي الوقت نفسه، نفذ مسلحون من الفرع الأفغاني لتنظيم «داعش» المعارض لـ«طالبان»، تفجيرات في جميع أنحاء أفغانستان.


مقالات ذات صلة

الجيش الباكستاني يعلن قتل «54 متطرفاً» على الحدود مع أفغانستان

آسيا جندي من قوة أمن الحدود يفحص جوازات سفر مواطنين باكستانيين استعداداً لمغادرة الهند بعد أن ألغت الهند تأشيراتهم الممنوحة عند معبر أتاري - واجاه الحدودي قرب أمريتسار بالهند في 27 أبريل 2025 (رويترز)

الجيش الباكستاني يعلن قتل «54 متطرفاً» على الحدود مع أفغانستان

أعلن الجيش الباكستاني، الأحد، أنه قتل في 3 أيام «54 متشدداً» حاولوا التسلل عبر حدود أفغانستان، موجهاً أصابع الاتهام إلى الهند بعد أيام من التوتر بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
الولايات المتحدة​ يواجه حاجي نجيب الله (49 عاماً) وهو مواطن أفغاني اتُّهم في عام 2020 باختطاف ديفيد رود مراسل «رويترز» السابق عقوبة السجن مدى الحياة (رويترز)

قائد سابق في «طالبان» يعترف باحتجاز صحافي أميركي رهينة

قالت وزارة العدل الأميركية، الجمعة، إن قائداً سابقاً في حركة «طالبان» أقر بالذنب في احتجاز صحافي أميركي واثنين من المواطنين الأفغان، رهائن في أفغانستان وباكستان

أوروبا عنصر من حركة «طالبان» يقف عند نقطة تفتيش في كابل بأفغانستان (إ.ب.أ)

موسكو تسمح لـ«طالبان» بتعيين سفير في روسيا

أعلنت وزارة الخارجية الروسية اليوم الأربعاء أن «طالبان» يمكنها أن تعين سفيراً في موسكو، في إجراء جديد لتسريع التقارب القائم بين روسيا وكابل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
آسيا استنفار أمني باكستاني في بيشاور (متداولة)

الشرطة الباكستانية تقضي على 10 إرهابيين خلال عملية أمنية

قضت قوات الشرطة الباكستانية على 10 مسلحين من العناصر الإرهابية خلال عملية نفَّذتها في ميانوالي بإقليم البنجاب.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
آسيا عضو في حركة «طالبان» (وسط) من وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتفقد وثيقة لاجئ قرب معبر تورخام الحدودي بين أفغانستان وباكستان في ولاية ننغرهار في 20 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

الإدارة الوطنية لمكافحة الكوارث تطالب بتعزيز المساعدات الدولية للاجئين الأفغان

التقى القائم بأعمال الإدارة الوطنية لمكافحة الكوارث في مخيم العمري بتورخام مسؤولي المؤسسات الإغاثية الدولية، بهدف تقييم أوضاع اللاجئين.

«الشرق الأوسط» (كابل )

هل تفتح كشمير «صندوق باندورا» نووياً في جنوب آسيا؟

سيَّاح في الشطر الذي تديره باكستان من كشمير يطلون على الشطر الذي تديره الهند منها (إ.ب.أ)
سيَّاح في الشطر الذي تديره باكستان من كشمير يطلون على الشطر الذي تديره الهند منها (إ.ب.أ)
TT

هل تفتح كشمير «صندوق باندورا» نووياً في جنوب آسيا؟

سيَّاح في الشطر الذي تديره باكستان من كشمير يطلون على الشطر الذي تديره الهند منها (إ.ب.أ)
سيَّاح في الشطر الذي تديره باكستان من كشمير يطلون على الشطر الذي تديره الهند منها (إ.ب.أ)

إن مجموع الرؤوس النوويّة، بين الهند والصين وباكستان يبلغ نحو 630 رأساً. تسعى الصين إلى زيادة ترسانتها النوويّة من 320 إلى 1500 بحلول عام 2035. وبذلك، يمكن القول إن هذه الدول الثلاث تُشكّل ما يُسمّى «مثلثّ الرُعب النوويّ»، وذلك بسبب مستوى العدائيّة المُفرط بين هذه الدول. وإذا كان مركز ثقل النظام العالميّ خصوصاً الاقتصاديّ قد بدأ بالانتقال إلى الشرق، فإن الصين والهند ستُشكّلان العمودين الأساسيّين للنظام العالميّ المُتخيّل (ديموغرافياً: الصين+الهند= 36.21 في المائة من سكان العالم). وإذا كانت الصين لا تزال مُحتواةً من الولايات المتحدة عبر خطّ الجزر الأوّل، حيث تشكّل جزيرة تايوان جوهرة التاج لاستراتيجيّة الاحتواء. فإن الهند تطلّ على المحيط الهندي من دون عوائق، خصوصاً أن هذا المحيط سيكون محور النظام العالميّ الجديد حسب المفكّر الأميركيّ روبرت. د كابلان (الإندو-باسفيك).

عَلَم باكستاني على موقع عسكري قرب الحدود مع الهند (رويترز)

تحاول الصين الخروج من قرن الإذلال، الذي وضعها فيه المستعمر الغربيّ، ضمناً روسيا. كما تحاول خلق مناطق نفوذ في المحيط المباشر، كما في القارات الأخرى. وإلا فما معنى مشروع الرئيس الصيني شي جينبينغ تحت مُسمّى «الحزام والطريق»؟ في المقابل، تسعى الهند إلى تأمين مُسلّماتها الجيوسياسيّة عبر درء المخاطر والتهديدات الحيويّة على أمنها القوميّ، من ثلاثة اتجاهات: الجبهة الشمالية الغربيّة حيث باكستان، خصوصاً أن هذه المنطقة تعد الخاصرة الطريّة، إذ جاء المغول من هذه المنطقة السهليّة ليحكموا الهند لـ300 عام (سلطنة مغول الهند)؛ أما من الجهة الشمالية الشرقيّة، فإن الهند على خلاف حدوديّ مع الصين، لكن الخبراء يشكرون الطبيعة التي أسَّست لقيام سلسلة جبال الهيمالايا الفاصلة بين الجبارين. وأخيراً وليس آخراً، يبلغ طول الشواطئ الهندية نحو 7516 كيلومتراً، الأمر الذي يُشكّل خطراً مُستداماً على الأمن القومي الهندي من الجهّة البحرية. ألم يُسقط الإنجليز إمبراطورية المغول من جهة البحر؟ ألم يُقسّم الإنجليز عبر اللورد لويس مونتباتن، الهند، الأمر الذي خلق باكستان؛ العدو اللدود للهند؟ ألم يرسم اللورد الإنجليزي مورتمر دوراند الخط الفاصل خلال اللعبة الكبرى (Great Game) في آسيا الوسطى بين الإنجليز وروسيا (خطّ دوراند) ليؤسّس لقيام أفغانستان الحالية، كدولة عازلة بين القوى الكبرى آنذاك؟

وعليه تتظهّر اللعبة الجيوسياسيّة التالية في جنوب آسيا، وبمشاركة شرق آسيا:

نشطاء هنود يحرقون عَلم باكستان في أحمد آباد يوم الاثنين (رويترز)

تتحرك الصين لاحتواء الهند، إنْ كان من البرّ أو البحر. وسعت الصين إلى الهيمنة غير المباشرة على جزيرة سريلانكا، الأمر الذي يحدّ من حركيّة الهند في المحيط الهندي. وبذلك، تُركّز الصين نفسها في المحيط المباشر للصين وفي مناطق نفوذها المباشر، لتسيطر على مضيق بالك وعلى مسافة لا تزيد على 80 كلم عن جنوب الهند.

قامت الصين، ومن ضمن استثمارات مشروع «الحزام والطريق» باستثمار بنحو 60 مليار دولار في باكستان، وذلك بهدف الوصول برّاً إلى مرفأ غوادار الباكستاني الذي يطلّ مباشرةً على خليج عُمان. وبذلك، تتجاوز الصين كل القوة البحريّة الأميركيّة المهيمنة على بحار العالم، كما تتجاوز كل المضايق البحريّة. لكنْ الأهمّ هو تطويق الهند واحتواؤها.

صينيون يرفعون أعلاماً لبلدهم (أ.ف.ب)

تسعى الهند إلى التحالف مع الغرب، خصوصاً أميركا، مع السعي دائماً للحفاظ على ثقافة عدم الانحياز التاريخيّة. وهي تسعى إلى التحالف مع اليابان، كما تسهم في مناورات بحريّة مشتركة. كما تسعى الهند إلى التحالف مع أفغانستان، مستغلّةً العداء التاريخي بين أفغانستان وباكستان بسبب الخط الذي رسمه مورتمر عام 1893 وقسمّ الأمة البشتونية إلى قسمين: قسم في أفغانستان الحالية، وقسم آخر في شرق باكستان. والهدف الهندي هو بالطبع احتواء باكستان.

تسعى الهند إلى تحديث وتطوير قواها البحرية عبر صنع مزيد من حاملات الطائرات (تملك حالياً اثنتين)، كونها دولة قارية-بحرية على غرار الصين. كما تسعى إلى تنويع مصادر أسلحتها عبر التوجّه غرباً.

تسعى الهند أيضاً وبالتعاون مع أميركا إلى إبطال مفعول مشروع «الحزام والطريق» عبر القبول مبدئيّاً، وإذا توفّرت الظروف الملائمة، المشاركة في الكوريدور البحريّ - البريّ الاقتصادي، الذي يبدأ من مومباي الهند، إلى أوروبا، مروراً بمنطقة الخليج العربيّ. هذا بالإضافة إلى عضويّة الهند في تجمّع «كواد»، (Quad).

في الختام، يبدو أن ردّة فعل الهند على العملية الإرهابية الأخيرة في كشمير الهندية مبالغ فيها، لكنها وفي عمقها الجيوسياسيّ تعكس فعلاً الشرور التي كانت كامنة في صندوق باندورا لجنوب آسيا.