بالونات ومكبرات صوت... كيف تزعج كل من الكوريتين جارتها؟

نشطاء كوريون شماليون منشقون يستعدون لإطلاق بالونات تحمل منشورات عبر الحدود إلى كوريا الشمالية (أ.ب)
نشطاء كوريون شماليون منشقون يستعدون لإطلاق بالونات تحمل منشورات عبر الحدود إلى كوريا الشمالية (أ.ب)
TT
20

بالونات ومكبرات صوت... كيف تزعج كل من الكوريتين جارتها؟

نشطاء كوريون شماليون منشقون يستعدون لإطلاق بالونات تحمل منشورات عبر الحدود إلى كوريا الشمالية (أ.ب)
نشطاء كوريون شماليون منشقون يستعدون لإطلاق بالونات تحمل منشورات عبر الحدود إلى كوريا الشمالية (أ.ب)

عندما انتهت الحرب في شبه الجزيرة الكورية، والتي تدخلت بها الولايات المتحدة، عام 1953 لم يتم توقيع أي معاهدة سلام بين الكوريتين. وبقيت مرارة الحرب نتيجة الدمار الواسع في كوريا الشمالية بسبب القصف الأميركي عالقة في الحلق حتى الآن.

ورغم أنه لم تحدث مواجهات عسكرية كبيرة بين الطرفين مذاك، فإن التوتر قائم ترتفع وتيرته أو تنخفض لكنه شبح يخيم على المنطقة منزوعة السلاح بين البلدين ويهدد دائما بمواجهة عسكرية قد يكون لها ارتداداتها في قارة آسيا أو حتى في العالم أجمع. ومع ذلك تزعج كل دولة منهما جارتها بوسائل أخرى أقل من الحرب.

سماعات ضخمة

في عام 2018 قررت كوريا الجنوبية خفض صوت السماعات ثم إغلاقه، كانت كوريا الجنوبية تنصب سماعات ضخمة على الحدود وموجهة نحو جارتها الشمالية، تبث فيها أغاني بوب كورية K-POP ونشرات إخبارية وغيرها من المواد الممنوعة في كوريا الشمالية.

جنود من كوريا الجنوبية يفككون سماعات ضخمة كانت موجهة إلى كوريا الشمالية... 1 مايو 2018 (رويترز)
جنود من كوريا الجنوبية يفككون سماعات ضخمة كانت موجهة إلى كوريا الشمالية... 1 مايو 2018 (رويترز)

ووفقا لجيش كوريا الجنوبية، فإن الرسائل التي تبثها السماعات الضخمة تكون مسموعة خلال أوقات النهار حتى مسافة 10 كيلومترات داخل كوريا الشمالية، وتصل حتى 24 كيلومترا خلال الليل.

وتعمل هذه السماعات في إطار الحرب النفسية ضد الجارة الشمالية، وتبث انتقادات للنظام الحاكم وسلالة كيم، وتهدف للتأثير على حرس الحدود بشكل رئيسي وعلى سكان المناطق القريبة من المنطقة منزوعة السلاح.

لكنها ليست حكرا على كوريا الجنوبية فقط، فكوريا الشمالية أيضا توجه سماعات ضخمة باتجاه جارتها الجنوبية تبث خلالها انتقادات لكوريا الجنوبية وحلفائها خاصة الولايات المتحدة.

وشهد استخدام السماعات الضخمة صعودا وهبوطا تبعا لصعود وهبوط التوتر السياسي والعسكري بين الكوريتين، فتم إغلاقها عام 2018 كبادرة حسن نية تسبق لقاءً بين زعيم كوريا الشمالي كيم جونغ أون ورئيس كوريا الجنوبية -آنذاك- مون جاي إن.

وسبق وأن تم اتخاذ قرار بوقف بث الدعاية من السماعات في عام 2004 ضمن إطار تفاوض بين البلدين، لكن بعد حادثة انفجار لغم زرعته كوريا الشمالية أدت لإصابة جنديين من جيش كوريا الجنوبية في عام 2015 قررت سيول إعادة بث الدعاية من السماعات مرة أخرى.

وقررت كوريا الجنوبية في وقت لاحق من عام 2015 وقف استخدام السماعات، لكنها أعادت تشغيلها مرة أخرى عام 2016 ردا على إجراء كوريا الشمالية لتجربة قنبلة هيدروجينية.

منشورات

في مارس (آذار) 2021، قدمت كوريا الجنوبية قانونا يجرم إرسال منشورات عبر الحدود إلى جارتها الشمالية، ومن يخالفه فقد يتعرض لعقوبة الحبس لمدة أقصاها 3 سنوات أو دفع غرامة تقترب من 23 ألف دولار.

نشطاء كوريون شماليون منشقون يستعدون لإطلاق بالونات تحمل منشورات عبر الحدود إلى كوريا الشمالية (أ.ب)
نشطاء كوريون شماليون منشقون يستعدون لإطلاق بالونات تحمل منشورات عبر الحدود إلى كوريا الشمالية (أ.ب)

إرسال منشورات تحمل آراء معارضة لحكم عائلة كيم لكوريا الشمالية، وكذلك تنتقد سجل حقوق الإنسان، ومواد دعائية أخرى عبر البالونات إلى كوريا الشمالية إحدى وسائل الحرب النفسية بين البلدين، ويشارك في هذا النشاط جمعيات نشطاء من كوريا الجنوبية وكوريين شماليين منشقين عن النظام.

وأحيانا تسببت هذه البالونات في ردود أفعال غاضبة من كوريا الشمالية، في عام 2014 أطلق حرس الحدود من كوريا الشمالية النار على البالونات التي شاهدوها تعبر الحدود، وهو ما تسبب في تبادل لإطلاق النار بين الجانبين، لكن لم تقع إصابات.

وقالت كوريا الشمالية، في بيان، نشرته الوكالة الرسمية عام 2020، «السلطات في كوريا الجنوبية متورطة في الأعمال العدائية ضد كوريا الشمالية، وتحاول تفادي عواقب أفعالها الدنيئة».

أعقاب سجائر ضمن النفايات التي أرسلتها كوريا الشمالية إلى جارتها الجنوبية عبر بالونات (رويترز)
أعقاب سجائر ضمن النفايات التي أرسلتها كوريا الشمالية إلى جارتها الجنوبية عبر بالونات (رويترز)

في سبتمبر (أيلول) 2023، عطلت المحكمة الدستورية في كوريا الجنوبية قانون تجريم إرسال منشورات عبر الحدود إلى كوريا الشمالية بناءً على دعاوى رفعها منشقون كوريون شماليون يعيشون في سيول، ورأت المحكمة الدستورية أن القانون هو «تقييد شديد لحرية التعبير»، وفقا لـ«أسوشييتد برس».

رغم ذلك، صرح مصدر حكومي من كوريا الجنوبية طلب عدم ذكر اسمه، عقب حكم المحكمة الدستورية بأنه «لسلامة سكان المنطقة الحدودية ومن أجل إدارة ملف العلاقات مع كوريا الشمالية، من الأفضل التوقف عن إرسال المنشورات عبر الحدود».

مناطيد النفايات

وأطلقت كوريا الشمالية، الأسبوع الماضي، نحو ألف منطاد مليئة بنفايات مثل أعقاب سجائر ومواد بلاستيكية إلى كوريا الجنوبية، وفقاً لهيئة الأركان المشتركة الكورية الجنوبية. ودانت سيول، الأربعاء، هذا السلوك قائلة إنّه «دنيء»، بينما حذّرت وزارة الوحدة الكورية الجنوبية، الجمعة، من أنّ الحكومة ستتخذ إجراءات مضادة.

جنود يجمعون نفايات أرسلتها كوريا الشمالية عن طريق بالونات حلقت عبر الحدود (د.ب.أ)
جنود يجمعون نفايات أرسلتها كوريا الشمالية عن طريق بالونات حلقت عبر الحدود (د.ب.أ)

وصباح الأحد نحو الساعة 10:00 رصد جيش كوريا الجنوبية تحليق ما بين 20 إلى 50 منطاداً في الساعة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ووصلت المناطيد إلى المقاطعات الشمالية في كوريا الجنوبية، بما في ذلك العاصمة سيول ومنطقة جيونغجي المجاورة التي يسكنها نحو نصف سكان الجنوب.

وعدّت كوريا الجنوبية أن تصرف كوريا الشمالية يتعارض مع اتفاقية الهدنة التي وضعت حداً للأعمال العدائية بين الكوريتين في عام 1953 وإن «لم يتم العثور على أيّ مواد خطيرة» في المناطيد. ودعت هيئة الأركان المشتركة السكان إلى تجنّب «أيّ تماس» مع هذه النفايات. وأضافت: «تقوم قواتنا العسكرية بإجراء عمليات مراقبة واستطلاع لمواقع إطلاق المناطيد وتتعقّبها عبر الاستطلاع الجوي كما تجمع النفايات المتساقطة، مع إعطاء الأولوية للسلامة العامة».

أفلام أميركية وأغان... مواد ممنوعة

«ذاكرة تخزين من أجل الحرية»، هذا هو الاسم الذي يطلقه مجموعة من النشطاء الكوريين الجنوبيين والكوريين الشماليين المنشقين على حملة يطالبون فيها الأشخاص حول العالم بالتبرع بأي ذاكرة تخزين «فلاش» لا يستخدمونها أو أصبحت قديمة حتى يتم إرسالها إلى كوريا الشمالية.

نشطاء كوريون شماليون منشقون يستعدون لإطلاق بالونات تحمل منشورات عبر الحدود إلى كوريا الشمالية (أ.ب)
نشطاء كوريون شماليون منشقون يستعدون لإطلاق بالونات تحمل منشورات عبر الحدود إلى كوريا الشمالية (أ.ب)

ولأن كوريا الشمالية دولة منغلقة بشكل كبير على نفسها وليست مرتبطة بالإنترنت العالمي وليس لدى أفرادها وصول للمواد المتاحة عبر الشبكة العنكبوتية لباقي سكان العالم، يسعى النشطاء في هذه الحملة وحملات أخرى إلى إرسال وتهريب المئات من قطع الذاكرة «فلاش درايف» محملة بمواد تعدّ ممنوعة في كوريا الشمالية مثل أفلام هوليوود، والمسلسلات الكورية الجنوبية، وأغاني البوب الكورية، ونسخ من موسوعة «ويكيبيديا» باللغة الكورية، وحتى أخبار عن ملفات مختلفة حول العالم.

ونقلت «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) عن منشقين كوريين شماليين قولهم إن هناك طلبا على المواد القادمة من العالم الخارجي في كوريا الشمالية، وأصبحوا يفضلون ذاكرة التخزين «فلاش» بدلا من أقراص «دي في دي».

وتضيف «بي بي سي» أن مجموعات من المنشقين تعمل على تهريب هذه المواد أحيانا عن طريق البالونات وأحيانا عن طريق طائرات مسيرة صغيرة، رغم خطورة هذه النشاطات.


مقالات ذات صلة

الهند تغلق مجالها الجوي أمام الطائرات الباكستانية

آسيا عنصر من قوات شبه عسكرية هندية في سرينغار (د.ب.أ)

الهند تغلق مجالها الجوي أمام الطائرات الباكستانية

أعلنت حكومة الهند، اليوم الأربعاء، إغلاق المجال الجوي للبلاد أمام شركات الطيران الباكستانية، بعد أيام من قرار باكستان منع شركات الطيران الهندية من مجالها الجوي.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
آسيا دوريات للجيش الهندي في طريقها إلى هاباتنار في منطقة أنانتناغ جنوب كشمير 29 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

باكستان تستعد لضربة هندية «وشيكة»

قالت باكستان، اليوم الأربعاء، إنها تلقت «معلومات استخباراتية موثوقة» تفيد بأن الهند تخطط لضربة عسكرية لباكستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
آسيا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي (رويترز)

الهند تمنح الجيش «حرية التحرك» للرد على اعتداء كشمير

أعطى رئيس الوزراء ناريندرا مودي الجيش الهندي «حرية التحرك» للرد على هجوم وقع في كشمير، الأسبوع الماضي، وفقاً لمصدر حكومي رفيع، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
آسيا دفع الهجوم البلدين المتجاورين إلى تبادل فرض عقوبات دبلوماسية وتهديدات بالحرب (أ.ف.ب)

تجهيز ملاجئ في كشمير الباكستانية تحسباً لأي أعمال عدائية

في شاكوتي، قرب خط المراقبة الذي يقسم كشمير إلى قسمين، خرج رجال بواسطة سلم من تحت الأرض كون هذه البلدة الباكستانية التي كانت في مرمى تبادل النيران تنظف الملاجئ.

«الشرق الأوسط» (شاكوتي (باكستان))
آسيا أفراد من القوات شبه العسكرية الهندية خلال دورية على طول ضفاف بحيرة دال في سريناغار يوم 28 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

وزير الدفاع الباكستاني: التوغل العسكري الهندي بات وشيكاً

قال وزير الدفاع الباكستاني، خواجة محمد آصف، إن التوغل العسكري من جانب الهند المجاورة بات وشيكاً بعد هجوم مسلح على سياح في كشمير الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

روسيا لتطوير تعاون أمني مع «طالبان» في مواجهة الإرهاب

موسكو استقبلت وفوداً من حركة «طالبان» على مدار السنوات الماضية (وزارة الخارجية الروسية-أرشيف)
موسكو استقبلت وفوداً من حركة «طالبان» على مدار السنوات الماضية (وزارة الخارجية الروسية-أرشيف)
TT
20

روسيا لتطوير تعاون أمني مع «طالبان» في مواجهة الإرهاب

موسكو استقبلت وفوداً من حركة «طالبان» على مدار السنوات الماضية (وزارة الخارجية الروسية-أرشيف)
موسكو استقبلت وفوداً من حركة «طالبان» على مدار السنوات الماضية (وزارة الخارجية الروسية-أرشيف)

أعلنت موسكو استعدادها لتقديم كل أشكال المساعدة اللازمة لحركة «طالبان» لتعزيز قدراتها في مواجهة الإرهاب. وبعد مرور شهر واحد على شطب الحركة من قوائم الإرهاب الروسية، بدا أن الكرملين يستعد لإقامة علاقات تحالف مع أعداء الأمس.

جنود روس في مركبة مدرعة تسير على طول شارع تفرسكايا باتجاه الساحة الحمراء لحضور بروفة للعرض العسكري ليوم النصر في موسكو (أ.ب)
جنود روس في مركبة مدرعة تسير على طول شارع تفرسكايا باتجاه الساحة الحمراء لحضور بروفة للعرض العسكري ليوم النصر في موسكو (أ.ب)

وتحدث المبعوث الرئاسي الخاص إلى أفغانستان زامير كابولوف عن تعاون «ضد عدو مشترك» والسعي إلى بناء «شراكة كاملة». وقال كابولوف في حديث لوكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية إن روسيا مستعدة لمساعدة «طالبان» في مكافحة الإرهاب في أفغانستان، من خلال تعاون بين الهياكل والمؤسسات المتخصصة.

مسؤولون من «طالبان» تابعون لوزارة الصحة العامة يحضرون مؤتمراً صحافياً لنور جلال جلالي وزير الصحة العامة في «طالبان» بكابل... أفغانستان 30 أبريل 2025 (إ.ب.أ)
مسؤولون من «طالبان» تابعون لوزارة الصحة العامة يحضرون مؤتمراً صحافياً لنور جلال جلالي وزير الصحة العامة في «طالبان» بكابل... أفغانستان 30 أبريل 2025 (إ.ب.أ)

ورأى أن قرار المحكمة العليا في الاتحاد الروسي تعليق الحظر الذي ظل مفروضا لسنوات على نشاط حركة «طالبان»، أزال عمليا «كل العقبات أمام إقامة شراكة كاملة مع السلطات الأفغانية الحالية، بما في ذلك في إطار مواجهة مشتركة للتهديدات الإرهابية».

وأوضح الدبلوماسي الروسي أن بلاده «ترى وتقدر الجهود التي تبذلها حركة (طالبان) في مكافحة الجناح الأفغاني لتنظيم (داعش - ولاية خراسان)». وزاد أن «هذا التنظيم الإرهابي يتبنى آيديولوجية الجهاد العالمي المتطرفة. وهذه الجماعة عدو مشترك لروسيا وأفغانستان، وسنقدم كل مساعدة ممكنة للسلطات الأفغانية من خلال المؤسسات المتخصصة».

نور جلال جلالي (يسار) وزير الصحة العامة في «طالبان» يجلس مع محمد نعيم الله أيوبي المدير العام لوكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية وشرفات زمان أمرخيل المتحدث باسم وزارة الصحة العامة خلال مؤتمر صحافي في كابل (إ.ب.أ)
نور جلال جلالي (يسار) وزير الصحة العامة في «طالبان» يجلس مع محمد نعيم الله أيوبي المدير العام لوكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية وشرفات زمان أمرخيل المتحدث باسم وزارة الصحة العامة خلال مؤتمر صحافي في كابل (إ.ب.أ)

وكانت المحكمة الروسية العليا رفعت الشهر الماضي حركة «طالبان» من قوائم الإرهاب، ما يعني تلقائيا رفع الحظر المفروض على أنشطة الحركة في البلاد.

واللافت أن موسكو برغم الحظر السابق كانت قد طورت علاقات وثيقة مع الحركة واستقبلت وفودها عدة مرات للمشاركة في اجتماعات إقليمية وثنائية.

ووقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نهاية العام الماضي، قانونا ينص على إمكانية تعليق الحظر مؤقتا على أنشطة منظمات مدرجة في القائمة الموحدة للتنظيمات الإرهابية، ما منح الاتصالات مع «طالبان» أساسا قانونيا ومهد لإصدار قرار المحكمة العليا.

وكان لافتا أن «طالبان» أوفدت ممثلا عنها إلى الجلسة الحاسمة للمحكمة العليا الشهر الماضي، ودافع محامي الحركة عن موقفها أمام ممثلي مكتب الادعاء العام ووزارة العدل الروسية.

وقد وافقت المحكمة الروسية العليا في الجلسة التي جرت خلف أبواب مغلقة، على التماس المدعي العام تعليق الحظر المفروض على أنشطة «طالبان» في روسيا.

وكما أشارت الخدمة الصحافية لمكتب المدعي العام فإن الأساس القانوني للاستئناف أمام المحكمة كان التعديلات التي أجريت في نهاية العام الماضي على قانون الإجراءات الإدارية والقانون الفيدرالي «بشأن مكافحة الإرهاب».

وتجيز هذه التعديلات التي وقعها بوتين في مرسوم رئاسي خاص، تعليق حظر أي منظمة إرهابية حال توقف الأنشطة التي تهدف إلى الترويج للإرهاب وتبريره ودعمه أو ارتكاب جرائم إرهابية ضد مصالح روسيا. وبالنظر إلى بيانات الجهات المختصة، تأكدت هذه الظروف في جلسة المحكمة، التي خلصت إلى أن الدعوى التي رفعها المدعي العام الروسي كانت مبررة. وأعلنت أن «تنفيذ القرار سيتم فورا».

أعلنت المحكمة العليا في روسيا يوم 17 أبريل 2025 أنها صادقت على رفع حركة «طالبان» من قائمة المنظمات الإرهابية في خطوة تعكس مرونة المفهوم الروسي للإرهاب (متداولة)
أعلنت المحكمة العليا في روسيا يوم 17 أبريل 2025 أنها صادقت على رفع حركة «طالبان» من قائمة المنظمات الإرهابية في خطوة تعكس مرونة المفهوم الروسي للإرهاب (متداولة)

وبالإضافة إلى عدد من الأسباب السياسية التي دفعت موسكو إلى تعزيز التقارب مع «طالبان» بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، شكلت الهواجس الأمنية ومواجهة روسيا عددا من الهجمات الإرهابية من جانب تنظيمات متشددة دافعا قويا لتسريع عملية التقارب مع الحركة، خصوصا أن بعض التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم «داعش خراسان» تتخذ من أراضي أفغانستان ومناطق مجاورة في جمهوريات آسيا الوسطى السوفياتية السابقة منطلقا لتخطيط وشن هجمات داخل روسيا.

ووقع أعنف هذه الهجمات وأكثرها دموية في مارس (آذار) 2024 عندما هاجم مسلحون تابعون لتنظيم «داعش خراسان» مركزا ضخما للتسوق والترفيه بالقرب من موسكو. وأسفر إطلاق نار كثيف بالأسلحة الرشاشة وتنفيذ عدة تفجيرات عن مقتل نحو 150 شخصا، وإصابة عدد مماثل في أسوأ ضربة أمنية للسلطات الروسية منذ سنوات.

وأكد مدير جهاز الأمن الفيدرالي الروسي ألكسندر بورتنيكوف، في وقت لاحق، أن التحقيقات أظهرت أن تنظيم «داعش خراسان» جند المهاجمين وقدم إليهم الأسلحة ووسائل النقل اللازمة.

وأضاف بورتنيكوف، في كلمة خلال اجتماع مجلس رؤساء الأجهزة الأمنية والهيئات المختصة في بلدان رابطة الدول المستقلة: «بات معروفا بشكل يقيني أن المشرفين على تجنيد منفذي هجوم كروكوس الإرهابي قرب موسكو، كانوا أعضاء في تنظيم ولاية خراسان وعملوا وسط الجالية الطاجيكية في روسيا عبر الإنترنت، أثناء وجودهم فعليا في أفغانستان».

ولفتت أوساط أمنية روسية إلى أن تزايد نشاط هذا التنظيم في روسيا خلال السنوات الأخيرة، حوله إلى العدو المشترك رقم واحد لكل من روسيا وحركة «طالبان» ودفع بين أسباب أخرى إلى تنشيط وتائر تعزيز التعاون الأمني مع الحركة.