هل ستقاتل «طالبان باكستان» «داعش خراسان»... أم تتعاون معه؟

تنظيم إرهابي مسلح يقف عند مفترق طرق

عرض خاص لقوات «كوماندوز الخدمات الخاصة» التابعة للجيش الباكستاني (وزارة الدفاع الباكستانية)
عرض خاص لقوات «كوماندوز الخدمات الخاصة» التابعة للجيش الباكستاني (وزارة الدفاع الباكستانية)
TT

هل ستقاتل «طالبان باكستان» «داعش خراسان»... أم تتعاون معه؟

عرض خاص لقوات «كوماندوز الخدمات الخاصة» التابعة للجيش الباكستاني (وزارة الدفاع الباكستانية)
عرض خاص لقوات «كوماندوز الخدمات الخاصة» التابعة للجيش الباكستاني (وزارة الدفاع الباكستانية)

يبدو أن «طالبان الباكستانية»، بوصفها تنظيماً إرهابياً مسلحاً، تقف عند مفترق طرق، حيث يتعين عليها اتخاذ قرار ما إذا كانت ستتعاون مع «داعش خراسان» ضد الجيش الباكستاني وحركة «طالبان الأفغانية» أم ستتصارع مع «داعش خراسان».

وزير خارجية حكومة «طالبان» مولوي أمير خان متقي يتحدث أمام الجمهور خلال اجتماع مع المبعوثين الإقليميين في كابل يوم 29 يناير 2024 (إ.ب.أ)

يُقال إن قادة حركة «طالبان باكستان» نقلوا إلى حكومة «طالبان أفغانستان» تحذيرهم بأنه في حالة تعرضهم للضغوط داخل أفغانستان وإذا اضطروا إلى تخفيف هجماتهم على قوات الأمن الباكستانية في مناطق الحدود الباكستانية ـ الأفغانية، فقد يحدث انشقاق واسع النطاق في صفوفها لينضم بعض عناصرها الى «داعش خراسان».

مسؤولو أمن باكستانيون يقفون للحراسة خارج محكمة بيشاور العليا في بيشاور يوم 1 يناير 2024 (إ.ب.أ)

«داعش خراسان» أسستها «طالبان»

نشأ «داعش خراسان» بوصفه تنظيماً في باكستان وأفغانستان عام 2014 على أيدي أعضاء سابقين في حركة «طالبان الباكستانية» وحركة «طالبان الأفغانية» ممن جذبتهم أفكار «داعش» الأكثر تطرفاً ونهجه الإرهابي في سوريا والعراق.

في هذا السياق، قال الدكتور خرام إقبال، الخبير الأمني والأستاذ في جامعة الدفاع الوطني بإسلام آباد: «ليست الآيديولوجيا فقط هي التي تفسر تقاعس حركة (طالبان الأفغانية) عن اتخاذ إجراء ضد حركة (طالبان الباكستانية)، فبعض القطاعات داخل (طالبان الأفغانية) تخشى أن يؤدي استخدام القوة ضد (طالبان الباكستانية) إلى دفع الآلاف من مقاتلي الأخيرة إلى صفوف (داعش خراسان)».

جنود من الجيش الباكستاني خارج المستشفى حيث نُقل أفراد الشرطة الذين أصيبوا عندما اقتحم مسلحون مركزاً للشرطة في تشودوان خارج دير إسماعيل خان الحدودية (أ.ب.أ)

«طالبان الأفغانية» قد تواجه معارضة داخلية

ويرى بعض المراقبين الباكستانيين أن حركة «طالبان الأفغانية» قد تواجه معارضة داخلية في صفوفها في مثل هذا الوضع، وقال خبير باكستاني: «قد تواجه حركة (طالبان الأفغانية) انتزاعاً للشرعية منها بين صفوفها وقواعدها في مثل هذا الوضع».

وقد يتسبب تطور آخر في ضغوط جديدة على حركة «طالبان الباكستانية»، حيث أفاد باحثون باكستانيون في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، بأنه في تطور حديث في المشهد المعقد للإرهاب في أفغانستان، انتقد «داعش خراسان» علناً حركة «طالبان الباكستانية» وخصها بمقاطع فيديو، مما يمثل خروجاً كبيراً عن نهج «داعش خراسان» السابق الذي دأب على انتقاد «طالبان الأفغانية» وفي بعض الأحيان «جمعية علماء الإسلام» (جماعة إسلامية سياسية باكستانية).

السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان «داعش خراسان» الآن يرى في حركة «طالبان الباكستانية» تهديداً. يعتقد بعض المراقبين أن «داعش خراسان» بدأ يعدّ حركة «طالبان الباكستانية» جزءاً لا يتجزأ من حركة «طالبان الأفغانية». ومع وجود كل من «داعش خراسان» و«طالبان الباكستانية» في ولايتي ننكرهار وكونار في أفغانستان، معقلي «داعش خراسان» سابقاً، فإن هناك إمكانية لحدوث موجة من الاقتتال الداخلي بين الجماعتين. وهنا يثار السؤال الحاسم: هل ستقدم حركة «طالبان الأفغانية» دعماً لحركة «طالبان الباكستانية» في صراع محتمل ضد «داعش خراسان»؟

تكثيف الأمن عند نقطة تفتيش حيث كُثفت الإجراءات قبل العام الجديد في كويتا بباكستان يوم 26 ديسمبر 2023 (إ.ب.أ)

ويتساءل محللون حول السبب وراء إثارة حملة «داعش خراسان» الدعائية ضد «طالبان الباكستانية»؟ هل هي نتيجة صراع على تجنيد المقاتلين من الفئات الاجتماعية التي تلتزم تقليدياً بحركة «طالبان الباكستانية»؟ ليست هناك إجابة نهائية في هذه القضية.

من جانبها؛ لا تقل حركة «طالبان الباكستانية» عدوانية تجاه «داعش خراسان»، حيث أشار تقرير المراقبة الأخير من مجلس الأمن الدولي رقم «33» إلى تكليف «طالبان الأفغانية» حركة «طالبان الباكستانية» مهام اغتيال المنشقين المنضمين إلى صفوف «داعش خراسان».

أحد أفراد الأمن الباكستانيين يفحص الأشخاص والمركبات عند نقطة تفتيش بعد تكثيف الإجراءات الأمنية بعد الهجمات القاتلة التي شنها مسلحون واستهدفت الجنود والشرطة الباكستانيين في بيشاور (إ.ب.أ)

يشكل وجود «داعش خراسان» والجماعات الإرهابية الأخرى على الأراضي الأفغانية تهديداً كبيراً للأمن الإقليمي، حيث تعدّ الدول المجاورة أهدافاً مباشرة لهجماتها. تشمل الأمثلة الحديثة هجمات «داعش خراسان» وحركة «طالبان الباكستانية» في باكستان، حيث استهدفت قوات الأمن والمدنيين الباكستانيين قبل يوم الاقتراع الأخير وفي أثنائه. ونفذ «داعش خراسان» هجمات في منطقتي بشين وقلعة سيف الله في بلوشستان، استهدفت مكاتب حملة المرشحين، مما أسفر عن مقتل أكثر من 25 شخصاً. وفي الوقت نفسه، استهدفت حركة «طالبان الباكستانية» الشرطة الباكستانية في منطقة دير إسماعيل خان، ما أدى إلى مقتل رجال شرطة.

في غضون ذلك، أفادت قوات الأمن الباكستانية بنجاح عملياتها ضد أهداف «داعش خراسان» عالية القيمة، والتي تتمتع بروابط في أفغانستان. يذكر أنه تم القضاء على سرت غول؛ القائد البارز في «داعش خراسان» الذي ظهر في مقاطع الفيديو الخاصة بهم على الأراضي الأفغانية وهو يقتل مسؤولين أمنيين أفغاناً، على يد قوات الأمن الباكستانية في منطقة قبلية. كذلك أفادت قوات الأمن الباكستانية بتنفيذ «داعش خراسان» عملية أخرى تمثلت في القضاء على أبو حمزة الخراساني في بلوشستان، والذي يُقال إنه عاد إلى ولاية قلعة سيف الله بعد قضاء سنوات في ولاية زابل الأفغانية.

مقاتل من حركة «طالبان الباكستانية» يحمل قاذفة صواريخ على كتفه في مكان ما بالمناطق الحدودية الباكستانية - الأفغانية (أرشيفية - متداولة)

يذكر أن حركة «طالبان الأفغانية» تبذل جهوداً لإبعاد حركة «طالبان الباكستانية» عن «داعش خراسان» بعد أن نشبت توترات بين المجموعتين بشأن تجنيد المقاتلين بين عامي 2015 - 2016.

من جانبها، تشارك «طالبان الأفغانية» في حملة عسكرية كاملة ضد مقاتلي «داعش خراسان» في أفغانستان. ويقول كثير من الخبراء العسكريين إن حركة «طالبان الأفغانية» نجحت إلى حد كبير في سحق تنظيم «داعش خراسان» تنظيمياً على الأراضي الأفغانية.

مقاتلون من «طالبان الباكستانية» في مكان ما بالمناطق الحدودية الباكستانية - الأفغانية (أرشيفية - متداولة)

ويعتقد مراقبون باكستانيون أنه أياً كانت نتيجة هذا الوضع، فإن قوات الأمن الباكستانية ستضطر إلى قتال التنظيمين الإرهابيين لإعادة الأمور إلى طبيعتها على أراضيها.


مقالات ذات صلة

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا القاتل النرويجي أندرس بيرينغ بريفيك (إ.ب.أ)

«سفاح النرويج» يطلب الإفراج المشروط للمرة الثانية

مَثُل القاتل النرويجي، أندرس بيرينغ بريفيك، الذي قتل 77 شخصاً في حادث تفجير وإطلاق نار عشوائي عام 2011، أمام المحكمة، الثلاثاء، لحضور جلسة استماع بشأن إطلاق

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التقى حليفه دولت بهشلي الخميس الماضي وسط تأكيدات عن خلافات بينهما (الرئاسة التركية)

حليف إردوغان استبعد الخلاف معه... وهاجم مَن يخدمون «أولاد بايدن» بالتبني

أشعل رئيس حزب «الحركة القومية»، شريك حزب «العدالة والتنمية» في «تحالف الشعب»، جدلاً جديداً حول حلّ المشكلة الكردية في تركيا، ونفى وجود أي خلاف مع الرئيس إردوغان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

ميانمار في مقدمة الدول الأكثر تضرراً من الألغام المضادة للأفراد

مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
TT

ميانمار في مقدمة الدول الأكثر تضرراً من الألغام المضادة للأفراد

مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)

تصدرت ميانمار خلال عام 2023 قائمة الدول التي تسببت فيها الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة في أكبر عدد من الوفيات والإصابات، وسط زيادة في عدد الضحايا في شتى أنحاء العالم، على ما كشف مرصد الألغام الأرضية، الأربعاء.

تسببت الألغام ومخلفات الحرب من المتفجرات في مقتل أو إصابة ما لا يقل عن 5.757 شخصاً في العام الفائت (مقارنة بـ4.710 ضحايا في عام 2022)، 84 في المائة من بينهم من المدنيين، في نحو خمسين دولة، وفقاً للتقرير السنوي للمنظمة.

وتشمل الحصيلة التي ارتفعت بنسبة 20 في المائة خلال عام واحد، 1983 قتيلاً و3663 جريحاً، يضاف إليهم 111 ضحية أخرى، لا تشير إحصائيات التقرير إلى ما إذا كانوا قد نجوا أم لا.

كما تسببت الألغام المضادة للأفراد وحدها في سقوط 833 ضحية، مقارنة بـ628 في عام 2022.

وتأتي ميانمار في المركز الأول من حيث ضحايا الألغام والقنابل غير المنفجرة (1003)، متقدمة على سوريا (933) التي تصدرت الترتيب خلال السنوات الثلاث الماضية، ثم أفغانستان (651) وأوكرانيا (580)، بحسب ما جاء في التقرير.

وتم زرع العبوات الناسفة في كامل الأراضي في ميانمار التي شهدت عقوداً من الاشتباكات بين الجيش والجماعات المتمردة العرقية.

وازدادت أعمال العنف إثر الانقلاب العسكري في فبراير (شباط) 2021 ضد حكومة أونغ سان سو تشي، ما تسبب في ظهور عشرات الجماعات الجديدة المعادية للمجلس العسكري العائد إلى السلطة.

لم توقّع ميانمار على اتفاقية أوتاوا بشأن حظر وإزالة الألغام المضادة للأفراد، والتي انضمت إليها 164 دولة ومنطقة.

ويشير يشوا موسر بوانغسوان، الذي عمل على إعداد التقرير، إلى أن العدد الإجمالي للضحايا قد يكون أعلى بكثير مما تم الإعلان عنه؛ لأن جمع البيانات الميدانية يعد أمراً مستحيلاً؛ بسبب الاشتباكات، فضلاً عن وجود قيود أخرى.

وأوضح خلال مؤتمر صحافي في بانكوك: «لا يوجد نظام مراقبة طبي في البلاد يمكنه تقديم بيانات رسمية بأي شكل من الأشكال».

وأضاف: «نحن نعلم استناداً إلى الأدلة التي لم يتم التحقق منها أنها هائلة».

ويشير التقرير إلى «زيادة كبيرة» في استخدام الألغام المضادة للأفراد من قبل الجيش في ميانمار، لا سيما بالقرب من أعمدة الهواتف المحمولة وخطوط الأنابيب، والبنية التحتية».

وتقول المجموعة التي أعدت التقرير إنها عثرت على أدلة تثبت أن قوات المجلس العسكري واصلت استخدام المدنيين «لإرشاد» الجنود إلى المناطق الملغومة، على الرغم من أن القانون الدولي يجرّم هذا السلوك.

ويُتهم الجيش في ميانمار بانتظام من قبل القنصليات الغربية والمدافعين عن حقوق الإنسان بارتكاب فظائع وجرائم حرب.

وصادر معارضو المجلس العسكري الألغام «في كل شهر بين يناير (كانون الثاني) 2022 وسبتمبر (أيلول) 2024، في جميع أنحاء البلاد تقريباً»، بحسب التقرير الذي يستند إلى دراسة للصور الفوتوغرافية.

وقالت منظمة «اليونيسيف» في أبريل (نيسان) إن «كل الأطراف» استخدمت الألغام الأرضية «دون تمييز».

وأكدت جماعات متمردة أيضاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنها تزرع ألغاماً.

ومرصد الألغام الأرضية هو القسم البحثي للحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية (ICBL)، وهي شبكة من المنظمات غير الحكومية.

والألغام المضادة للأفراد هي أجهزة متفجرة تستمر في قتل وتشويه الناس بعد فترة طويلة من انتهاء الصراعات والحروب.

وهي مدفونة أو مخبأة في الأرض، وتنفجر عندما يقترب منها شخص ما أو يلامسها.

وعدّت الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية، الأربعاء، قرار الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا «بالألغام المضادة للأفراد غير الدائمة» المجهزة بجهاز تدمير ذاتي أو إبطال ذاتي، لتعزيز دفاعات كييف ضد الغزو الروسي، «كارثياً».

وأوضحت المنظمة، في بيان: «يجب على أوكرانيا أن تعلن بوضوح أنها لا تستطيع قبول هذه الأسلحة ولن تقبلها».