سريلانكيون يسعون للفرار من بلاد تعصف بها أزمة اقتصادية

سريلانكي يعد نقودا في كولومبو بسريلانكا (رويترز)
سريلانكي يعد نقودا في كولومبو بسريلانكا (رويترز)
TT

سريلانكيون يسعون للفرار من بلاد تعصف بها أزمة اقتصادية

سريلانكي يعد نقودا في كولومبو بسريلانكا (رويترز)
سريلانكي يعد نقودا في كولومبو بسريلانكا (رويترز)

يصطف سريلانكيون في طوابير هذا العام في مسعى للحصول على وثائق سفر تتيح لهم الفرار من بلادهم التي تعاني من أزمة اقتصادية بعد أن وقفوا في صفوف انتظار طويلة للحصول على الطعام والوقود العام الماضي.

وقف غايان جايواردينا (43 عاما) عند مكتب حكومي ينتظر إصدار جواز سفر لطفلته الرضيعة.

وقال المسؤول في خدمة العملاء، لوكالة الصحافة الفرنسية، «الوضع لا يتحسن»، مؤكدا: «كل ما يبدو طبيعيا هو سراب».

وأضاف: «عندما نفكر في الأمر من وجهة نظر أطفالنا، فإنه من الأفضل المغادرة، نرغب في أن نهاجر إلى دولة مثل نيوزيلندا».

تخلفت سريلانكا عن سداد ديونها الخارجية البالغة 46 مليار دولار في أبريل (نيسان) 2022، وعانى المواطنون أشهرا من نقص المواد الغذائية والوقود والأدوية.

أعضاء اتحاد العاملين في المجال الصحي بسريلانكا يتظاهرون اعتراضا على الأزمة الاقتصادية (إ.ب.أ)

فجرت الأزمة الاقتصادية العام الماضي اضطرابات مدنية استمرت أشهرا وأطاحت بالرئيس آنذاك جوتابايا راجاباكسا.

ورفع خلفه رانيل ويكرمسينغه الضرائب وألغى الدعم السخي للطاقة ورفع الأسعار بشكل حاد لزيادة إيرادات الدولة، في إجراءين لم يحظيا بقبول شعبي.

وتراجعت حدة الأزمة مع إبرام الحكومة خطة إنقاذ بقيمة 2.9 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي في مارس (آذار)، لكن الكثير في البلاد ليسوا متفائلين.

نحاول المغادرة

يفكر مادورانجا (38 عاما) وهو مهندس برمجيات في الهجرة إلى أستراليا بسبب تكاليف المعيشة المرتفعة والضرائب.

وقال: «التكاليف ترتفع، ترتفع كل يوم ولكن الراتب ما زال على حاله»، موضحا: «الشركات لا تقوم بزيادة الرواتب ولهذا نحاول المغادرة».

في مكتب التوظيف الخارجي الذي يتعين على السريلانكيين التسجيل فيه قبل توليهم وظائف خارج البلاد، قفزت الأعداد من 122 ألف شخص في عام 2021، لتصل إلى رقم قياسي بلغ 311 ألفاً العام الماضي. في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، سجل المكتب نحو 122 ألف شخص غادروا البلاد، وهو العدد نفسه في عام 2021 بالكامل.

بينما يعتقد مسؤولون أن آخرين غادروا بتأشيرات سياحية بحثا عن عمل في الشرق الأوسط وأماكن أخرى في آسيا.

والعام الماضي، تضاعف عدد الأشخاص الذين تقدموا بطلبات للحصول على وثائق سفر من أكثر من 382 ألف شخص في عام 2021، عندما حقق الاقتصاد نموا بقيمة 3.3%، ليسجل رقما قياسيا في عام 2022 يصل إلى 911 ألف شخص، عند انكماش الاقتصاد بقيمة 7.8%.

وتقول دائرة الهجرة إنه حتى مايو (أيار) هذا العام، تم إصدار 433 ألف وثيقة سفر. ودشن نظام عبر الإنترنت في يونيو (حزيران) الماضي للتعامل مع الطلب المتزايد، لكن يجب على أولئك الذين يسعون بشكل عاجل الحصول على جوازات سفر التقدم شخصياً.

قدم داميثا هيتيهامو (51 عاما) لتجديد جواز سفره، ويقول: «كان رقمي 976 وأعتقد أن هناك نحو 500 شخص ينتظرون بعدي». وتابع: «لم أتوقع رؤية هذا العدد من الناس لأجل هذه الخدمة التي تستغرق يوما واحدا».

هجرة الأدمغة

لعقود، قامت سريلانكا بتصدير العمالة، حيث وفرت عمالا مهرة وغير مهرة خاصة لدول الخليج. لكن تأثير هجرة الأدمغة يبدو ملموسا بشكل أكبر.

وتمتلئ الصحف بتقارير عن نقص في الأيدي العاملة من أطباء وممرضين ومهندسين وغيرهم من العمال المهرة بسبب مغادرة الكثيرين منهم.

وأعلن قطاع الصناعة في سريلانكا وهو أكبر المشغلين في البلاد أنه يقوم بخسارة عمال مهرة بمعدل عال للغاية.

ويؤكد نيسانكا ويجيتراني الأمين العام لغرفة صناعة البناء وجود ما قال إنه «هجرة واسعة النطاق لعمال البناء» مشيرا إلى أن الخسائر «على جميع المستويات» ولكنها «أسوأ في الفئات المهنية».

وخلال الركود الذي رافقه تضخم مفرط العام الماضي، ألغيت نحو 200 ألف وظيفة في قطاع البناء، بينما يتطلع الكثير من الذين يزالون يعملون إلى فرصة للمغادرة.

محاسب سريلانكي متقاعد في انتظار إعداد زوجته للطعام (أ.ف.ب)

وأكد ويجيتراني: «عندما تواصلت مع شركة استشارية واحدة كان لديها 70 متخصصاً في هذا المكتب، والآن انخفض عددهم إلى 15».

وبالنسبة للانثا بيريرا (43 عاما) الذي يعمل في مجال التأمين فإن راتبه لم يعد يكفيه مع زوجته واثنين من الأطفال.

وقال: «بعد حملة التظاهر العام الماضي، ارتحنا قليلا. ولكن هذا ليس كافيا وأخطط للذهاب إلى دولة أوروبية». ويقول معهد «إدفوكاتا» الاقتصادي للأبحاث إن عمال الطبقة الوسطى يبحثون عن عمل في الخارج هربا من الفقر في بلادهم.

وأكد مدير المعهد دهاناناث فرناندو أن «الناس الأكثر فقرا قللوا وجبات الطعام» بينما «تحاول الطبقات الوسطى الهجرة».


مقالات ذات صلة

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

الاقتصاد جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، إنه يتوقع مخرجات مهمة من مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر الذي ينعقد في السعودية.

لمياء نبيل (القاهرة)
الاقتصاد عامل في مصنع «رافو» الذي يزوِّد وزارة الدفاع الفرنسية وشركات الطيران المدني الكبرى بالمعدات (رويترز)

فرنسا تقترح يوم عمل مجانياً سنوياً لتمويل الموازنة المثقلة بالديون

تواجه موازنة فرنسا الوطنية أزمة خانقة دفعت المشرعين إلى اقتراح قانون يُلزم الفرنسيين العمل 7 ساعات إضافية كل عام دون أجر، وهي ما تعادل يوم عمل كاملاً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد جانب من توقيع الاتفاقية في تونس (الصندوق)

تمويل كويتي بـ32 مليون دولار لتطوير الخطوط الحديدية لنقل الفوسفات في تونس

وقَّع الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، الخميس، اتفاقية قرض مع حكومة الجمهورية التونسية بمبلغ 10 ملايين دينار كويتي (32 مليون دولار).

«الشرق الأوسط» (تونس)
الاقتصاد البنك المركزي التركي

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

أبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة عند 50 في المائة دون تغيير، للشهر الثامن، مدفوعاً بعدم ظهور مؤشرات على تراجع قوي في الاتجاه الأساسي للتضخم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد أشخاص يعبرون الطريق في شينجوكو، طوكيو (رويترز)

اليابان تخطط لإنفاق 90 مليار دولار في حزمة تحفيزية جديدة

تفكر اليابان في إنفاق 13.9 تريليون ين (89.7 مليار دولار) من حسابها العام لتمويل حزمة تحفيزية جديدة تهدف إلى التخفيف من تأثير ارتفاع الأسعار على الأسر.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )

ميانمار في مقدمة الدول الأكثر تضرراً من الألغام المضادة للأفراد

مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
TT

ميانمار في مقدمة الدول الأكثر تضرراً من الألغام المضادة للأفراد

مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)

تصدرت ميانمار خلال عام 2023 قائمة الدول التي تسببت فيها الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة في أكبر عدد من الوفيات والإصابات، وسط زيادة في عدد الضحايا في شتى أنحاء العالم، على ما كشف مرصد الألغام الأرضية، الأربعاء.

تسببت الألغام ومخلفات الحرب من المتفجرات في مقتل أو إصابة ما لا يقل عن 5.757 شخصاً في العام الفائت (مقارنة بـ4.710 ضحايا في عام 2022)، 84 في المائة من بينهم من المدنيين، في نحو خمسين دولة، وفقاً للتقرير السنوي للمنظمة.

وتشمل الحصيلة التي ارتفعت بنسبة 20 في المائة خلال عام واحد، 1983 قتيلاً و3663 جريحاً، يضاف إليهم 111 ضحية أخرى، لا تشير إحصائيات التقرير إلى ما إذا كانوا قد نجوا أم لا.

كما تسببت الألغام المضادة للأفراد وحدها في سقوط 833 ضحية، مقارنة بـ628 في عام 2022.

وتأتي ميانمار في المركز الأول من حيث ضحايا الألغام والقنابل غير المنفجرة (1003)، متقدمة على سوريا (933) التي تصدرت الترتيب خلال السنوات الثلاث الماضية، ثم أفغانستان (651) وأوكرانيا (580)، بحسب ما جاء في التقرير.

وتم زرع العبوات الناسفة في كامل الأراضي في ميانمار التي شهدت عقوداً من الاشتباكات بين الجيش والجماعات المتمردة العرقية.

وازدادت أعمال العنف إثر الانقلاب العسكري في فبراير (شباط) 2021 ضد حكومة أونغ سان سو تشي، ما تسبب في ظهور عشرات الجماعات الجديدة المعادية للمجلس العسكري العائد إلى السلطة.

لم توقّع ميانمار على اتفاقية أوتاوا بشأن حظر وإزالة الألغام المضادة للأفراد، والتي انضمت إليها 164 دولة ومنطقة.

ويشير يشوا موسر بوانغسوان، الذي عمل على إعداد التقرير، إلى أن العدد الإجمالي للضحايا قد يكون أعلى بكثير مما تم الإعلان عنه؛ لأن جمع البيانات الميدانية يعد أمراً مستحيلاً؛ بسبب الاشتباكات، فضلاً عن وجود قيود أخرى.

وأوضح خلال مؤتمر صحافي في بانكوك: «لا يوجد نظام مراقبة طبي في البلاد يمكنه تقديم بيانات رسمية بأي شكل من الأشكال».

وأضاف: «نحن نعلم استناداً إلى الأدلة التي لم يتم التحقق منها أنها هائلة».

ويشير التقرير إلى «زيادة كبيرة» في استخدام الألغام المضادة للأفراد من قبل الجيش في ميانمار، لا سيما بالقرب من أعمدة الهواتف المحمولة وخطوط الأنابيب، والبنية التحتية».

وتقول المجموعة التي أعدت التقرير إنها عثرت على أدلة تثبت أن قوات المجلس العسكري واصلت استخدام المدنيين «لإرشاد» الجنود إلى المناطق الملغومة، على الرغم من أن القانون الدولي يجرّم هذا السلوك.

ويُتهم الجيش في ميانمار بانتظام من قبل القنصليات الغربية والمدافعين عن حقوق الإنسان بارتكاب فظائع وجرائم حرب.

وصادر معارضو المجلس العسكري الألغام «في كل شهر بين يناير (كانون الثاني) 2022 وسبتمبر (أيلول) 2024، في جميع أنحاء البلاد تقريباً»، بحسب التقرير الذي يستند إلى دراسة للصور الفوتوغرافية.

وقالت منظمة «اليونيسيف» في أبريل (نيسان) إن «كل الأطراف» استخدمت الألغام الأرضية «دون تمييز».

وأكدت جماعات متمردة أيضاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنها تزرع ألغاماً.

ومرصد الألغام الأرضية هو القسم البحثي للحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية (ICBL)، وهي شبكة من المنظمات غير الحكومية.

والألغام المضادة للأفراد هي أجهزة متفجرة تستمر في قتل وتشويه الناس بعد فترة طويلة من انتهاء الصراعات والحروب.

وهي مدفونة أو مخبأة في الأرض، وتنفجر عندما يقترب منها شخص ما أو يلامسها.

وعدّت الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية، الأربعاء، قرار الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا «بالألغام المضادة للأفراد غير الدائمة» المجهزة بجهاز تدمير ذاتي أو إبطال ذاتي، لتعزيز دفاعات كييف ضد الغزو الروسي، «كارثياً».

وأوضحت المنظمة، في بيان: «يجب على أوكرانيا أن تعلن بوضوح أنها لا تستطيع قبول هذه الأسلحة ولن تقبلها».