«منظمة شنغهاي للتعاون» تسعى إلى تعزيز العلاقات والتوسع

شي يحذر من «الثورات الملونة» وبوتين يشكر دعم قادتها له في مواجهة «فاغنر»

تغطية إخبارية لقمة شنغهاي الافتراضية على شاشة ضخمة في بكين، الثلاثاء (رويترز)
تغطية إخبارية لقمة شنغهاي الافتراضية على شاشة ضخمة في بكين، الثلاثاء (رويترز)
TT

«منظمة شنغهاي للتعاون» تسعى إلى تعزيز العلاقات والتوسع

تغطية إخبارية لقمة شنغهاي الافتراضية على شاشة ضخمة في بكين، الثلاثاء (رويترز)
تغطية إخبارية لقمة شنغهاي الافتراضية على شاشة ضخمة في بكين، الثلاثاء (رويترز)

سعى قادة الصين والهند وروسيا وباكستان، الثلاثاء، إلى تعزيز العلاقات والتعاون داخل منظمة شنغهاي للتعاون، وذلك في إطار مساعي توسيع نطاق المنظمة السياسية والأمنية ومواجهة النفوذ الغربي في المنطقة.

وحضّ الرئيس الصيني، شي جيبينغ، قادة روسيا وإيران ودول منضوية في منظمة شنغهاي للتعاون على توثيق عرى علاقاتهم، فيما شكر فلاديمير بوتين بلدان هذا التكتل على دعمها موسكو خلال تمرد مجموعة فاغنر.

وأقرت المنظمة، خلال قمة افتراضية بضيافة الهند، التي تتولى رئاستها الدورية، انضمام إيران رسمياً كعضو كامل، ما يرفع عدد أعضائها إلى 9 أعضاء.

ودعا شي دول المنظمة إلى «بذل الجهود لحفظ السلام الإقليمي وضمان الأمن المشترك»، و«انتهاج الطريق الصحيحة وتعزيز تضامنهم وثقتهم المشتركة». وشدد على أن «تحقيق السلام الإقليمي والاستقرار على المدى الطويل هو مسؤولياتنا المشتركة».

بوتين يوقع على وثائق خلال مشاركته في القمة الافتراضية، الثلاثاء (إ.ب.أ)

وتخللت القمة كلمة لبوتين، هي الأولى له أمام لقاء خارجي منذ التمرد المسلح لمجموعة فاغنر على القيادة العسكرية الروسية الشهر الماضي.

وشكر بوتين لقادة المنظمة «دعمهم» له في مواجهة التمرد الذي استمر لنحو 24 ساعة، ويعد من أخطر الأزمات الداخلية التي واجهتها روسيا في عهده. وقال: «أتوجه بالشكر إلى زملائي في دول منظمة شنغهاي للتعاون الذين أبدوا دعمهم لخطوات القيادة الروسية لحماية النظام الدستوري وحياة المواطنين وأمنهم».

وشهدت العلاقات بين بكين وموسكو تقارباً في أعقاب اندلاع حرب أوكرانيا.

وزار شي موسكو في مارس (آذار)، مقدّماً دعماً رمزياً لبوتين في مواجهة الدول الغربية.

واتخذت الصين رسمياً موقفاً محايداً، لكنها امتنعت عن إدانة التدخل العسكري الروسي خلافاً لغالبية القوى العظمى، ما قوبل بانتقاد من دول الغرب التي دعمت أوكرانيا بالأسلحة، وفرضت على موسكو عقوبات اقتصادية، دفعت الأخيرة إلى تعزيز علاقاتها مع دول آسيوية.

وأكد بوتين أن «روسيا تقاوم بثبات وستواصل المقاومة في مواجهة الضغوط الخارجية؛ العقوبات والاستفزازات».

الصين تعارض «الحمائية»

وتعهد شي جينبينغ مواصلة الصين «المضي في الطريق الصحيحة للعولمة الاقتصادية، ومعارضة الحمائية والعقوبات الأحادية وتوسيع مفاهيم الأمن القومي»، في ما يبدو إشارة ضمنية إلى إجراءات تقييدية اتخذتها واشنطن حيال بكين في مجالات تجارية، أبرزها التقنيات الحديثة.

ومنظمة شنغهاي للتعاون التي أنشئت في 2001، تتخذ من بكين مقراً رسمياً. وقمتها الحالية المنعقدة عبر تقنية الفيديو، هي بضيافة الهند التي تتولى راهناً الرئاسة الدورية للمنظمة.

وأقرت القمة عضوية إيران الكاملة رسمياً، لتنضم إلى روسيا والصين وكازاخستان وطاجيكستان وقرغيزستان وأوزبكستان والهند وباكستان.

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال مشاركته بقمة شنغهاي الافتراضية (أ.ب)

وكانت إيران عضواً مراقباً في المنظمة منذ 2005، وفشلت آخر محاولة لانضمامها إليها في 2020 نتيجة رفض طاجيكستان حينها. لكن الدول الأعضاء عادت ووافقت في سبتمبر (أيلول) 2021 على التحاق طهران.

وأتى الانضمام الكامل في وقت تجري الجمهورية الإسلامية تحركات دبلوماسية في مختلف الاتجاهات للتخفيف من التوترات والقيود الغربية عليها.

وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمام القمة إن العضوية الكاملة لبلاده «ستعزز الأمن الجماعي... توسيع العلاقات والتواصل وتعزيز الوحدة».

وشهدت القمة إطلاق مسار انضمام بيلاروسيا حليفة روسيا إلى المنظمة.

ويثير انضمام إيران إلى المنظمة مخاوف غربية من تشكّل حلف يضم «الصين وروسيا وباكستان والجمهورية الإسلامية، أي تكتل من دول معادية للغرب في توجهها»، وفق ما قال الأستاذ في جامعة كينغز كولدج، هارش في. بانت.

وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية: «إذا تشكّل محور كهذا، فسيكون بمعزل عن منظمة شنغهاي للتعاون، لأن دول آسيا الوسطى مثل الهند لا تنظر إلى منظمة شنغهاي للتعاون على أنها مناهضة للغرب».

رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف خلال مشاركته بقمة شنغهاي الافتراضية (رويترز)

وشدد الرئيس الصيني على دور دول المنظمة بمواجهة «الثورات الملونة» واحتمال اندلاع «حرب باردة جديدة».

وقال شي: «علينا أن نكون يقظين للغاية حيال إثارة القوى الخارجية حرباً باردة جديدة، وخلق مواجهة في المنطقة، وأن نعارض بحزم تدخل أي دولة في الشؤون الداخلية (للدول الأخرى) وإثارة ثورة ملونة لأي سبب كان»، وفق الإعلام الرسمي الصيني.

قلق حيال أفغانستان

وعكس قادة مخاوفهم من الوضع الأمني في أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي وعودة «حركة طالبان» المتطرفة إلى الحكم.

ودعا رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف إلى إعادة تقييم «طارئة» للانخراط الدولي مع سلطات كابول.

في المقابل، حذّر نظيره الهندي ناريندرا مودي من أن أفغانستان قد تصبح قاعدة «لنشر عدم الاستقرار».

على صعيد آخر، وجّه مودي انتقادات مبطنة إلى باكستان، الخصم التاريخي لبلاده. وقال: «تلجأ بعض الدول إلى الإرهاب العابر للحدود كأداة في سياساتها، (تمنح) ملجأ للإرهابيين».

وتسعى الهند إلى موازنة دقيقة على الجبهة الدبلوماسية، إذ تنفرد بالعضوية في منظمة شنغهاي للتعاون، التي تعدّ الصين أبرز أركانها، وفي الوقت نفسه مجموعة «كواد» التي تضم الولايات المتحدة واليابان وأستراليا، وتهدف بشكل رئيسي إلى مواجهة نفوذ بكين.

وزار مودي واشنطن الشهر الماضي حيث حظي باستقبال حافل من قبل الرئيس الأميركي جو بايدن.

في المقابل، ترتبط الهند مع روسيا بعلاقات وثيقة، خصوصاً في المجال العسكري والتسليح، وقد امتنعت عن إدانة غزو أوكرانيا. لكن مودي يكرّر استعداد بلاده للقيام بما في وسعها لإحلال السلام ووضع حدّ للنزاع.


مقالات ذات صلة

بريطانيا تصدر عقوبات جديدة على صلة بـ«فاغنر» الروسية

أوروبا بريطانيا تفرض 46 عقوبة جديدة على روسيا بما في ذلك على مواطنين لديهم صلات بمجموعة فاغنر (رويترز)

بريطانيا تصدر عقوبات جديدة على صلة بـ«فاغنر» الروسية

قالت الحكومة البريطانية، اليوم (الخميس)، إنها فرضت 46 عقوبة جديدة على روسيا بما في ذلك على مواطنين على صلة بمجموعة فاغنر العسكرية الروسية، وفق «رويترز».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

الجزائر تطالب بعقوبات ضد مالي بعد هجوم شنته فوق أراضيها

طالبت الجزائر بإنزال عقوبات دولية على الحكومة المالية، بعد الهجوم الذي شنّه الجيش المالي على مواقع للطوارق المعارضين في بلدة تقع على الحدود مع الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا عناصر من القوات التركية تتولى تدريب قوات ليبية (وزارة الدفاع التركية)

​تقارير أممية تكشف عن تورط تركيا في انتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا

كشفت تقارير للأمم المتحدة عن تورط شركة «سادات للاستشارات الدفاعية الدولية» التركية في انتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا وتجنيد آلاف المرتزقة السوريين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

قتلى وجرحى في هجوم للجيش المالي على مواقع للطوارق قرب بلدة جزائرية

القصف يدلّ على تصاعد التوتر منذ أن قرّر الحاكم العسكري في باماكو إلغاء «اتفاق السلام»، مطالباً الجزائر بـ«التوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لمالي».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
خاص معمّر القذافي (رويترز)

خاص «تركة القذافي»... ليبيا منقسمة وعملية سياسية ميتة

تغيَّرت ليبيا كثيراً منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي عام 2011. فشل الليبيون في إقامة نظام جديد أفضل منه. ولكن من هم المتنافسون على تركة القذافي؟

كميل الطويل (لندن)

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
TT

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)

قال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إن التواصل الدبلوماسي السابق بين بيونغ يانغ وواشنطن أكد عداء الولايات المتحدة «الثابت» تجاه بلاده، وفق ما ذكرت وكالة الإعلام الرسمية الكورية الشمالية الجمعة، قبل عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض قريبا، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وخلال ولايته الأولى، التقى ترمب وكيم ثلاث مرات لكنّ واشنطن فشلت في إحراز تقدم كبير في الجهود الرامية إلى نزع الأسلحة النووية في كوريا الشمالية.

ومنذ انهيار القمة الثانية بين كيم وترمب في هانوي عام 2019، تخلّت كوريا الشمالية عن الدبلوماسية وكثّفت جهودها لتطوير الأسلحة ورفضت العروض الأميركية لإجراء محادثات.

وخلال تحدّثه الخميس في معرض دفاعي لبعض أقوى أنظمة الأسلحة في كوريا الشمالية، لم يذكر كيم ترمب بالاسم، لكن آخر محادثات رفيعة المستوى مع الولايات المتحدة جرت تحت إدارته.

وقال كيم وفق وكالة الأنباء المركزية الكورية: «ذهبنا إلى أبعد ما يمكن مع الولايات المتحدة كمفاوضين، وما أصبحنا متأكدين منه هو عدم وجود رغبة لدى القوة العظمى في التعايش»، وأضاف أنه بدلا من ذلك، أدركت بيونغ يانغ موقف واشنطن وهو «سياسة عدائية ثابتة تجاه كوريا الشمالية».

وأظهرت صور نشرتها وكالة الأنباء المركزية الكورية ما يبدو أنه صواريخ باليستية عابرة للقارات وصواريخ فرط صوتية وراجمات صواريخ وطائرات مسيّرة في المعرض.

وذكرت الوكالة أن المعرض يضم «أحدث منتجات بيونغ يانغ لمجموعة الدفاع الوطني العلمية والتكنولوجية لكوريا الديمقراطية مع الأسلحة الاستراتيجية والتكتيكية التي تم تحديثها وتطويرها مجددا».

وقال كيم أيضا في كلمته إن شبه الجزيرة الكورية لم يسبق أن واجهت وضعا كالذي تواجهه راهنا و«قد يؤدي إلى أكثر الحروب النووية تدميرا».

وفي الأشهر الأخيرة، عززت كوريا الشمالية علاقاتها العسكرية مع موسكو، فيما قالت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إن بيونغ يانغ أرسلت آلاف الجنود إلى روسيا لدعمها في حربها ضد أوكرانيا.

خلال لقاء سابق بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون (أ.ف.ب)

زعيمان «في الحب»

بعد أشهر من القمة التاريخية الأولى بين كيم وترمب في سنغافورة في يونيو (حزيران) 2018، قال الرئيس الأميركي وقتها خلال تجمع لمناصريه إنه والرئيس الكوري الشمالي وقعا «في الحب».

وكشف كتاب صدر في عام 2020 أن كيم استخدم الإطراء والنثر المنمق وتوجه إلى ترمب مستخدما تعبير «سُموّك» في الرسائل التي تبادلها مع الرئيس السابق.

لكنّ قمتهما الثانية في عام 2019 انهارت على خلفية تخفيف العقوبات وما سيكون على بيونغ يانغ التخلي عنه في المقابل.

وفي يوليو (تموز) من العام الحالي، قال ترمب متحدثا عن كيم: «أعتقد أنه يفتقدني»، و«من الجيد أن أنسجم مع شخص لديه الكثير من الأسلحة النووية».

وفي تعليق صدر في الشهر ذاته، قالت كوريا الشمالية إنه رغم أن ترمب حاول أن يعكس «العلاقات الشخصية الخاصة» بين رئيسَي البلدين، فإنه «لم يحقق أي تغيير إيجابي جوهري».