بكين تحذر من تحالفات «شبيهة بالأطلسي» في آسيا والمحيط الهادئ

بوادر إيجابية لاستئناف الحوار الأميركي - الصيني

وزير الدفاع الصيني لي شانغفو خلال مؤتمر حول الأمن في سنغافورة (أ.ب)
وزير الدفاع الصيني لي شانغفو خلال مؤتمر حول الأمن في سنغافورة (أ.ب)
TT

بكين تحذر من تحالفات «شبيهة بالأطلسي» في آسيا والمحيط الهادئ

وزير الدفاع الصيني لي شانغفو خلال مؤتمر حول الأمن في سنغافورة (أ.ب)
وزير الدفاع الصيني لي شانغفو خلال مؤتمر حول الأمن في سنغافورة (أ.ب)

حذر وزير الدفاع الصيني لي شانغفو، الأحد، من إقامة تحالفات عسكرية «شبيهة بحلف شمال الأطلسي» في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مؤكداً أن ذلك سيغرق المنطقة في «دوامة» من النزاعات. وجاءت تصريحات الوزير الصيني غداة اتهام البحرية الأميركية سفينة صينية بالقيام بتحركات «خطيرة» حول مدمرة أميركية كانت تبحر مع سفينة كندية في مضيق تايوان.

وخلال مؤتمر حول الأمن ينظم في إطار حوار «شانغري-لا» بسنغافورة، قال شانغفو إن «المحاولات الهادفة إلى تعزيز (تحالفات) شبيهة بحلف شمال الأطلسي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، هي وسيلة لاختطاف دول المنطقة وتضخيم النزاعات والمواجهات». وحذَّر من أن ذلك «لن يؤدي سوى إلى إغراق منطقة آسيا والمحيط الهادئ في دوامة من النزاعات والصراعات»، كما نقلت عنه وكالة «الصحافة الفرنسية».

وتأتي تصريحات شانغفو في إطار انتقادات توجّهها الصين منذ فترة طويلة لجهود واشنطن في تعزيز التحالفات والشراكات بالمنطقة، بهدف مواجهة نفوذ بكين المتزايد. والولايات المتحدة عضو في مجموعة «أوكوس» التي تضم أستراليا وبريطانيا، وهي عضو في مجموعة «كواد» التي تضم اليابان والهند وأستراليا.

وزير الدفاع الأميركي يتوسط نظيريه الياباني والأسترالي في 3 يونيو (إ.ب.أ)

وأكد الوزير الصيني أن «منطقة آسيا والمحيط الهادئ اليوم تحتاج إلى تعاون مفتوح وشامل، وليس إلى تكتلات في زمر صغيرة». وأضاف: «لا يمكن إنكار أنه في حال حدوث نزاع أو مواجهة بين الصين والولايات المتحدة، فإن ذلك سيتسبب في ألم لا يطاق للعالم».

حادث تايوان

كان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، قد أكد، السبت، في المؤتمر نفسه، أن الحوار بين الولايات المتحدة والصين «ضروري»، وسيتيح تجنّب حسابات خاطئة قد تؤدي إلى نزاع. وقال أوستن: «كلما تحدثنا أكثر أمكننا تجنب سوء الفهم وسوء التقدير، الذي قد يؤدي إلى أزمة أو نزاع».

مدمرتان أميركية وكندية تبحران في بحر الصين الجنوبي في 30 مايو (رويترز)

واتهمت البحرية الأميركية سفينة صينية بالقيام بتحركات «خطيرة» حول مدمرة أميركية في مضيق تايوان، بعد أقل من عشرة أيام على وقوع حادث جوي بين البلدين في المنطقة. ووقع هذا الحادث عندما كانت السفينة «يو إس إس تشونغ هون»، وهي مدمّرة من نوع «إيجيس» تابعة للأسطول الأميركي في المحيط الهادئ، تبحر إلى جانب السفينة الكندية «إتش إم سي إس مونتريال» في مضيق تايوان الذي يبلغ عرضه 180 كيلومتراً، ويفصل الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي عن الصين القارية. وتعبر السفن الأميركية باستمرار مضيق تايوان؛ لكن نادراً ما ترافقها سفن تابعة للحلفاء. ويعود آخر مرور لسفن أميركية وكندية معاً إلى سبتمبر (أيلول) الماضي. وتثير هذه التحركات غضب الصين التي تعتبر تايوان جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، وتؤكد أنها تمتلك حقوقاً سيادية في المضيق.

ووصف أوستن الحادث بـ«الخطير جداً»، وقال للصحافيين: «أدعو القيادة (الصينية) إلى القيام بالأمور الصحيحة، من أجل كبح هذا النوع من السلوك؛ لأنني أعتقد أنه قد تقع حوادث قد تتسبب في خروج الأمور عن السيطرة».

جلسة وزير الدفاع الأميركي خلال حوار «شانغري-لا» في 3 يونيو (رويترز)

في المقابل، أكّد شانغفو أن المسؤولية تقع على عاتق الولايات المتحدة، لسحب حضورها العسكري بعيداً عن المناطق القريبة من الصين. وقال الوزير الصيني إن «طائراتنا العسكرية والسفن الحربية لن تذهب أبداً قرب المجال الجوي أو المياه الإقليمية التابعة لدول أخرى، للانخراط فيما تسمى الهيمنة الملاحية». وأضاف أن «أفضل شيء سيكون لو قامت جميع الدول بالامتناع عن التجول، خصوصاً بطائراتها وسفنها الحربية، في المجال الجوي والمياه الإقليمية التابعة لدولة أخرى».

بوادر إيجابية

وتصافح أوستن ونظيره الصيني لي شانغفو، وتحدثا لفترة وجيزة للمرة الأولى خلال حفل العشاء الافتتاحي لمؤتمر «شانغري-لا» الجمعة. وكانت الولايات المتحدة قد دعت شانغفو للقاء أوستن على هامش المؤتمر؛ لكن بكين رفضت ذلك.

وزير الدفاع الصيني يتفقد برفقة نظيره السنغافوري حرس الشرف في سنغافورة في 1 يونيو (أ.ب)

وأكّد مسؤول دفاعي أميركي كبير، الأحد، للصحافيين، أن بلاده طلبت أيضاً عقد اجتماعات على مستوى أدنى؛ لكن الصين لم ترد. وفرضت الإدارة الأميركية في 2018 عقوبات على شانغفو الذي أصبح وزيراً للدفاع في مارس (آذار) الماضي. وقال عضو في الوفد الصيني لوكالة «الصحافة الفرنسية» إن رفع العقوبات شرط مسبق لأي لقاء.

رغم ذلك، هناك بوادر لتحسن الحوار بين البلدين. فقد زار مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أيه) ويليام بيرنز، بكين في مايو (أيار)، كما أعلن مسؤول أميركي الجمعة، بينما يتجه دانيال كريتنبرينك، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ إلى الصين، في زيارة نادرة هذا الأسبوع. وكان أوستن قد أكد في خطابه، السبت، على أهمية شراكات واشنطن الواسعة في المنطقة؛ مشيراً إلى أن «شراكات الولايات المتحدة تقرب المنطقة بعضها من بعض، للمساعدة في إبقائها حرة ومفتوحة وآمنة».


مقالات ذات صلة

بايدن لإخراج الفلسطينيين من «الجحيم»... ومنع الحرب الشاملة في المنطقة

المشرق العربي بايدن يُحيّي الحضور في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الثلاثاء (أ.ف.ب)

بايدن لإخراج الفلسطينيين من «الجحيم»... ومنع الحرب الشاملة في المنطقة

دعا الرئيس الأميركي جو بايدن، بافتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى وقف ما سمّاه «الجحيم» الذي يعانيه الفلسطينيون، ومنع اتساع حرب غزة في اتجاه لبنان.

علي بردى (نيويورك)
أوروبا مقاتلة «إف - 16» (أ.ب)

إردوغان يطالب واشنطن برفع عقوبات تعوق مشتريات دفاعية

طالب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان برفع عقوبات أميركية تعرقل تنفيذ بعض المشتريات الدفاعية لبلاده.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان متحدثاً أمام أعضاء «اللجنة التوجيهية التركية - الأميركية» في نيويورك ليل الأحد - الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان: العقوبات الدفاعية الأميركية ضد تركيا تقوض الثقة بين بلدينا

انتقد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، العقوبات والقيود الأميركية على الصناعات الدفاعية في بلاده لاقتنائها منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس400».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتفقّد مصنعاً أميركياً للذخيرة في ساكرامنتو (بنسلفانيا) الأحد (رويترز)

​الكرملين يدرس خيارات الغرب حيال «خطة زيلينسكي للنصر»

يواصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الاثنين زيارته إلى الولايات المتحدة حيث يعرض على نظيره الأميركي جو بايدن والكونغرس «خطة النصر».

رائد جبر (موسكو)
شؤون إقليمية من مشاركة وزير الخارجية التركي في اجتماعات مجموعة بريكس بروسيا يونيو الماضي (الخارجية التركية)

تركيا ترجع اهتمامها بـ«بريكس» لفشل مساعي انضمامها للاتحاد الأوروبي

أرجعت تركيا مساعي انضمامها لمجموعة «بريكس» إلى فشل مسار عضويتها في الاتحاد الأوروبي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مقتل 46 شخصاً غرقاً خلال مهرجان ديني هندوسي بالهند

مشاركون بمهرجان ديني هندوسي قضوا غرقاً خلال طقوس غطس داخل أنهر وبحيرات ارتفع منسوب المياه فيها جراء الفيضانات (أ.ف.ب)
مشاركون بمهرجان ديني هندوسي قضوا غرقاً خلال طقوس غطس داخل أنهر وبحيرات ارتفع منسوب المياه فيها جراء الفيضانات (أ.ف.ب)
TT

مقتل 46 شخصاً غرقاً خلال مهرجان ديني هندوسي بالهند

مشاركون بمهرجان ديني هندوسي قضوا غرقاً خلال طقوس غطس داخل أنهر وبحيرات ارتفع منسوب المياه فيها جراء الفيضانات (أ.ف.ب)
مشاركون بمهرجان ديني هندوسي قضوا غرقاً خلال طقوس غطس داخل أنهر وبحيرات ارتفع منسوب المياه فيها جراء الفيضانات (أ.ف.ب)

قضى 46 شخصاً على الأقل؛ ومعظمهم أطفال (37 طفلاً)، غرقاً خلال مشاركتهم في مهرجان ديني بشرق الهند، على ما أفاد به مسؤول حكومي محلي «وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم الخميس.

وأوضح المسؤول في «هيئة إدارة الكوارث»، بولاية بهار، أن المشاركين في المهرجان قضوا في حوادث غرق متفرقة بالولاية، خلال المشاركة في طقوس تقوم على الغطس في أنهر وبحيرات ارتفع منسوب المياه فيها جراء فيضانات وقعت في المدة الأخيرة.

وقال المسؤول؛ الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن «هؤلاء الناس تجاهلوا الارتفاع الخطر في منسوب الأنهر والمسطحات المائية عندما غطسوا للاحتفال» بالمهرجان.

وقعت سلسلة حوادث الغرق يومي الثلاثاء والأربعاء في 15 منطقة بولاية بهار، بمناسبة «مهرجان جيتيا بارف» الهندوسي الذي تشارك فيه الأمهات من أجل رفاه أطفالهن.

ويقام «مهرجان جيتيا بارف» الديني على مدى أيام عدة، كما يُحتفل به أيضاً في ولايتي أوتار برادش وجارخاند المجاورتين، وفي أجزاء من نيبال.

وأعلنت ولاية بهار عن تخصيص تعويضات لعائلات الضحايا، وفق مسؤولين حكوميين.

والعام الماضي، ذكرت وسائل إعلام محلية أن 22 شخصاً غرقوا خلال 24 ساعة في بهار، معظمهم أثناء الاحتفال بالمهرجان نفسه.

وتعدّ الحوادث المميتة أمراً شائعاً خلال المهرجانات الدينية الكبرى في الهند، خصوصاً تلك التي يشارك فيها الملايين.

وقُتل ما لا يقل عن 116 شخصاً في يوليو (تموز) الماضي خلال تجمع ديني هندوسي بولاية أوتار برادش، في أسوأ مأساة من نوعها منذ أكثر من عقد.

وتتعرض الهند لأمطار غزيرة وفيضانات مباغتة كل عام خلال موسم الرياح والأمطار الموسمية من يونيو (حزيران) إلى سبتمبر (أيلول).

ويعدّ موسم الرياح حيوياً للزراعة وللملايين الذين يتعيشون من الزراعة، ولكنه يلحق أيضاً دماراً واسعاً بسبب الانهيارات الأرضية والفيضانات التي يتسبب فيها، وتؤدي إلى مقتل مئات الأشخاص في جميع أنحاء جنوب آسيا.

ولقي أكثر من 200 شخص حتفهم بولاية كيرالا جنوب الهند في يوليو الماضي، عندما تسببت الأمطار الموسمية الغزيرة في حدوث انهيارات أرضية، أدت إلى طمر مزارع شاي تحت أطنان من التراب والصخور.

ويقول الخبراء إن التغير المناخي يؤدي إلى ازدياد الظواهر الجوية القصوى في جميع أنحاء العالم، فيما يؤدي بناء السدود وقطع أشجار الغابات ومشروعات التنمية في الهند إلى تفاقم الخسائر البشرية.

وأشارت دراسة أجراها «معهد بوتسدام» عام 2021 إلى أن الرياح الموسمية أصبحت منذ منتصف القرن العشرين أشد تقلباً وقوة.