مصر تُكذّب مزاعم إسرائيل حول فتح معبر رفح للخروج فقط

اشتباكات في جنوب القطاع بين مقاتلي «حماس» وجيش الاحتلال

فلسطينيون أمام معبر رفح من جهة قطاع غزة في نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)
فلسطينيون أمام معبر رفح من جهة قطاع غزة في نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

مصر تُكذّب مزاعم إسرائيل حول فتح معبر رفح للخروج فقط

فلسطينيون أمام معبر رفح من جهة قطاع غزة في نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)
فلسطينيون أمام معبر رفح من جهة قطاع غزة في نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

كذّبت مصر مزاعم إسرائيلية حول الاتفاق على فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني الذي يقع تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي لخروج سكان قطاع غزة فقط، في وقت فاجأ مقاتلو كتائب «القسام» التابعة لـ«حماس» جيش الاحتلال في مدينة رفح بهجوم نفذه 3 مسلحين أطلقوا صواريخ مضادة للدبابات على القوات الإسرائيلية.

ونقلت وسائل إعلام عبرية أن الحادث بدأ عندما خرجت مجموعة من 3 مقاتلين من نفق في رفح، وأطلقت صواريخ مضادة للدبابات على القوات الإسرائيلية التي ردّت بنيران من طائرات هليكوبتر حربية.

وجاء الهجوم بعد أيام من تأكيدات إسرائيلية أنها تمكنت من القضاء على 40 من مسلحي «حماس» في أنفاق رفح، والقبض على آخرين.

وأفادت القناة «14» العبرية بأن الاشتباكات أسفرت عن «مقتل اثنين من المهاجمين، بينما لاذ الثالث بالفرار إلى نفق، بعدما ألصق عبوة ناسفة بسيارة عسكرية».

وكانت جبهة رفح أيضاً محوراً لخلاف مصري-إسرائيلي حول غلق معبر رفح، بعد مزاعم نقلتها وسائل إعلام عبرية أن المعبر سيفتح لخروج الفلسطينيين فقط، بينما ردت القاهرة بأن أي توافق سيكون للخروج، والدخول أيضاً.

زعم إسرائيلي وتكذيب مصري

وزعم مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في بيان الأربعاء على حساباته عبر منصات التواصل أنه «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وبتوجيه من المستوى السياسي، سيفتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر».

وأضاف: «خروج السكان سيتم عبر معبر رفح بالتنسيق مع مصر، وبعد موافقة أمنية إسرائيلية، وتحت إشراف بعثة الاتحاد الأوروبي، على غرار الآلية التي عملت في يناير (كانون الثاني) 2025».

https://www.facebook.com/COGAT.ARABIC/posts/%D9%86%D8%AD%D9%8A%D8%B7%D9%83%D9%85-%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7-%D8%A3%D9%86%D9%87-%D9%88%D9%81%D9%82%D9%8B%D8%A7-%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A5%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B1-%D9%88%D8%AA%D9%88%D8%AC%D9%8A%D9%87%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%88%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A-%D8%B3%D9%8A%D9%81%D8%AA%D8%AA%D8%AD-%D9%85%D8%B9%D8%A8/1176545477919478/

وكذّبت مصر، الأربعاء، التنسيق مع إسرائيل لفتح معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة لخروج الفلسطينيين فقط.

ونقلت هيئة الاستعلامات المصرية، الأربعاء، عن مصدر مصري مسؤول نفياً لما تداولته بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية عن التنسيق لفتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة للخروج من غزة. وأكد المصدر ذاته أنه «إذا تم التوافق على فتح معبر رفح فسيكون العبور منه في الاتجاهين للدخول، والخروج من القطاع طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام».

ونقلت القناة «12» الإخبارية الإسرائيلية الأربعاء عن مسؤول إسرائيلي قوله إن «إسرائيل تفتح معابر غزة للسماح لسكانها بمغادرة القطاع، وإن لم يقبل المصريون استقبالهم، فهذه مشكلتهم».

وكان من المقرر فتح معبر رفح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي بدأ سريانه في 10 أكتوبر الماضي.

غير أن إسرائيل أبقت معبر رفح مغلقاً في كلا الاتجاهين منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، قائلة إن «على «حماس» الالتزام بالاتفاق لإعادة جميع الرهائن الذين لا يزالون في غزة، الأحياء منهم، والقتلى».

وأعادت «حماس» جميع الرهائن الأحياء، وعددهم 20، مقابل نحو ألفي معتقل فلسطيني وسجين مدان، لكن لا يزال هناك رفات رهينتين في غزة، وهما شرطي إسرائيلي، وعامل زراعي تايلاندي، وقالت حركة «الجهاد الإسلامي»، الأربعاء، إنها تبحث مع الصليب الأحمر عن إحدى الجثتين المتبقيتين للرهينتين.

«تباين مفتعل لتنفيذ التهجير»

هذا التباين الجديد بين مصر وإسرائيل يراه الأمين العام لمركز الفارابي للدراسات السياسية والعربية، الدكتور مختار غباشي، «مفتعلاً من الجانب الإسرائيلي لتنفيذ أهدافه في التهجير، ورفع سقف مطالبه في أي تفاوض مقبل بشأن فتح المعبر الملزم بإتمامه وفق اتفاق غزة»، مشيراً إلى أن «هذه التباينات ستبقى مستمرة، وتؤثر على فتح المعبر لحين وجود تفاهمات مستقبلية».

وأكد أن حكومة نتنياهو «تفتعل أزمات، وتحاول التشويش على الجهد المصري، وإرباكه، وتصدير أزمات الداخل التي تعيشها الحكومة إلى الخارج».

صورة جوية تظهر فلسطينيين نازحين يعودون إلى مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن «ما تريده إسرائيل من خروج الفلسطينيين دون عودتهم سيبقى مرفوضاً مصرياً، لأنه عودة لمحاولات التهجير المرفوضة»، مشيراً إلى أن «إسرائيل لا تريد التقدم خطوة للأمام، وتعطل ذلك المسار بطرح هي تعلم أنه سيرفض مسبقاً، وسيزيد التباينات، والتوتر مع مصر».

جهد دولي

ولا تزال مصر تتمسك بأهمية استمرار اتفاق غزة، وأكد وزير الخارجية بدر عبد العاطي، في لقاء ببرلين مع رئيس البرلمان الألماني جوليا كلوكنر، أهمية دعم المجتمع الدولي لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة، وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية، والدفع نحو تحقيق تسوية سياسية دائمة وعادلة للقضية الفلسطينية، وبدء خطوات التعافي المبكر، وإعادة الإعمار.

ومنذ مايو (أيار) 2024، تحتل إسرائيل الجانب الفلسطيني من معبر رفح، بينما ذكر المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، خلال مؤتمر صحافي، الثلاثاء، أن أكثر من 16 ألفاً و500 مريض فلسطيني لا يزالون بحاجة إلى رعاية منقذة للحياة خارج القطاع.

رجل فلسطيني يحمل طفلاً مصاباً في مستشفى العودة بمخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ويرى غباشي أن التحركات المصرية في الخارج «تعبير عن قلق مشروع من المناورات الإسرائيلية، والخروقات المستمرة في غزة، ومحاولة جلب ضمانات من المجتمع الدولي لتثبيت وقف إطلاق النار».

ويؤكد الرقب أنه «ليس أمام مصر سوى الاستمرار في جهودها الحثيثة نحو تثبيت اتفاق غزة، وقطع الطريق أمام ذرائع إسرائيل، مع دفع واشنطن لممارسة ضغوط عليها للاستجابة، والانتقال للمرحلة الثانية المعنية بترتيبات أمنية، وإدارية مهمة في مسار السلام، والاستقرار بالمنطقة».

تسليم جثة وتصعيد ميداني

ميدانياً، سلمت فصائل فلسطينية، مساء الأربعاء، جثة مختطف آخر لديها لم يتحدد بعد إذا كانت لإسرائيلي، أو لعامل أجنبي، وذلك بعد يوم من تسليم متعلقات لآخر تبين من الفحوصات التي أجرتها إسرائيل أنها ليست لأي مختطف.

وأعلنت «كتائب القسام» أنها سلمت مع «سرايا القدس» الجناح المسلح لـ«الجهاد الإسلامي» الجثة إلى فريق من «الصليب الأحمر»، وأكدت الحكومة الإسرائيلية تسلمها.

وانتشلت الجثة من بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، في منطقة بالقرب من الخط الأصفر، وذلك بعد أيام من البحث المكثف عنها، حيث تم خلال عملية البحث التنسيق لدخول عناصر مسلحة من الجناحين العسكريين إلى جانب فريق من الصليب الأحمر، وفريق هندسي.

وفي حال تأكيد إسرائيل، بعد الفحص الجيني، أن الجثة لأحد المختطفين، ستتبقى داخل القطاع جثة واحدة، في منطقة ما بين حيي الشجاعية والزيتون شرق غزة، وقد بُحث عنها عدة مرات في منطقة تقع تحت السيطرة الإسرائيلية؛ إلا أنه لم يُعثر عليها.

وتتبقى لدى الفصائل الفلسطينية في غزة جثتان؛ الأولى للإسرائيلي ران غفيلي، والثانية للتايلاندي سوتيساك رينتالاك.

ورجحت مصادر من «الجهاد الإسلامي» تحدثت إلى «الشرق الأوسط» أن «الجثة تعود للعامل التايلاندي»، لكن المصادر من «حماس» لم تؤكد ذلك، مشيرةً إلى أنها «ستنتظر نتائج الفحص الطبي الذي سيجري لدى الاحتلال الإسرائيلي، لأنه يملك قدرات أكبر قادرة على تحديد ذلك».

ووفق رصد «الشرق الأوسط»، فإن هذه رابع عملية تسليم مشتركة تجري بين الجناحين المسلحين لحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، خلال مرحلة تبادل الجثث الحالية، خاصةً أن تلك الجثث الأربع كانت لدى «سرايا القدس».

وتصاعدت الخروقات الإسرائيلية في غزة، والتي أدت، الأربعاء، إلى مقتل فلسطينيين بإطلاق نيران من مسيرات في حي الزيتون جنوب مدينة غزة، بينما أصيب آخرون نتيجة خروقات مماثلة في مناطق متفرقة من القطاع، وسط قصف جوي، ومدفعي، وعمليات نسف كبيرة نفذت على جانبي الخط الأصفر.

وارتفع عدد القتلى الفلسطينيين منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر الماضي إلى 363 شخصاً، ما يرفع عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر2023 إلى 70 ألفاً و119.


مقالات ذات صلة

5 نقاط أساسية عن معبر رفح بين غزة ومصر

المشرق العربي شاحنة محملة بمواد غذائية تنتظر في الجانب المصري الحصول على تصريح إسرائيلي لدخول قطاع غزة عبر معبر رفح في 27 يوليو 2025 (أ.ف.ب)

5 نقاط أساسية عن معبر رفح بين غزة ومصر

أبدت مصر وقطر وست دول أخرى، الجمعة، قلقها حيال إعلان إسرائيل نيتها فتح معبر رفح في اتجاه واحد للسماح حصراً بخروج سكان غزة إلى مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

عدَّت مصر التصريحات الإسرائيلية الأخيرة عن فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني لخروج سكان قطاع غزة فقط، دون الدخول، عودة لمخطط التهجير المرفوض لديها.

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي معبر رفح الحدودي بين مصر والأراضي الفلسطينية (أرشيفية - رويترز) play-circle

إسرائيل تعلن عزمها فتح معبر رفح للفلسطينيين بالخروج من غزة... ومصر تنفي التنسيق

 أعلنت إسرائيل أنها ستفتح معبر رفح في الأيام المقبلة للسماح للفلسطينيين بالخروج من غزة إلى مصر، فيما نفت المخابرات المصرية التنسيق مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي خيام مؤقتة للنازحين الفلسطينيين في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ب) play-circle

«رفح الخضراء» و«غزة جديدة»... ماذا ينتظر القطاع الفلسطيني؟

قفزت أسماء جديدة، مثل «رفح الخضراء» و«غزة جديدة»، إلى ملف القطاع الفلسطيني، في وقت يتعثر فيه الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار.

نظير مجلي (تل أبيب)
العالم العربي مؤتمر صحافي بالقاهرة لوزير الخارجية المصري ومفوضة الأزمات الأوروبية (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بتفعيل الآليات الأوروبية الداعمة للشعب الفلسطيني

أعرب وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي عن تطلعه لمشاركة فاعلة من قبل دول الاتحاد الأوروبي في تمويل إعادة إعمار قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

العليمي يطلب تدخل تحالف دعم الشرعية عسكرياً لحماية حضرموت

العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
TT

العليمي يطلب تدخل تحالف دعم الشرعية عسكرياً لحماية حضرموت

العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)

توالت التطورات الميدانية والسياسية في المحافظات الشرقية من اليمن، على وقع التصعيد العسكري الذي ينفذه المجلس الانتقالي الجنوبي، ما دفع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى طلب تحالف دعم الشرعية في اليمن للتدخل عسكرياً لحماية حضرموت.

وتقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس الانتقالي الداعي للانفصال عن شمال اليمن يستغل الظروف الناجمة عن وساطة التهدئة السعودية - الإماراتية للتوسع عسكرياً، على الرغم من أن الوساطة مستمرة، وهدفها إنهاء الصراع سلماً من خلال انسحاب قوات المجلس الانتقالي من حضرموت والمهرة، وعودتها إلى معسكراتها خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطة المحلية.

وفي هذا السياق، صرّح مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، رشاد العليمي، أُطلع، إلى جانب عدد من أعضاء المجلس وأعضاء مجلس الدفاع الوطني، على مجمل الأوضاع في محافظة حضرموت، بما في ذلك العمليات العسكرية التي وصفها بـ«العدائية» التي نفذها المجلس الانتقالي خلال الساعات الأخيرة، وما رافقتها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين.

العليمي طلب تدخلاً عسكرياً من تحالف دعم الشرعية لحماية حضرموت (سبأ)

واعتبر المصدر أن هذا التصعيد، المستمر منذ مطلع الشهر الحالي، يمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض، فضلاً عن كونه تقويضاً مباشراً لجهود الوساطة التي تقودها السعودية والإمارات، بالتنسيق مع المجتمع الدولي، بهدف خفض التصعيد وانسحاب قوات المجلس الانتقالي من محافظتي حضرموت والمهرة.

وبناءً على هذه التطورات، تقدم العليمي - وفق المصدر الحكومي - بطلب رسمي إلى قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، لاتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين في محافظة حضرموت، ومساندة القوات المسلحة اليمنية في فرض التهدئة، وحماية جهود الوساطة السعودية - الإماراتية، مجدداً دعوته لقيادة المجلس الانتقالي إلى تغليب المصلحة العامة ووحدة الصف، والامتناع عن مزيد من التصعيد غير المبرر.

المجلس الانتقالي الجنوبي اتخذ إجراءات عسكرية أحادية في حضرموت والمهرة (إ.ب.أ)

وفي السياق ذاته، قالت المصادر الرسمية اليمنية إن العليمي رأس اجتماعاً طارئاً لمجلس الدفاع الوطني، بحضور 3 من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، ورئيسي مجلسي النواب والشورى، ورئيس الحكومة، وقيادات عسكرية وأمنية، إلى جانب محافظ حضرموت، لمناقشة تداعيات الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي، وانعكاساتها الخطيرة على الأمن الوطني والإقليمي.

واطلع الاجتماع - بحسب الإعلام الرسمي - على تقارير ميدانية بشأن الانتهاكات التي طالت المدنيين في حضرموت والمهرة، وصولاً إلى الهجمات الأخيرة في وادي نحب، التي عدّها المجلس «مخالفة صريحة» لجهود التهدئة، وتمرداً على مؤسسات الدولة الشرعية.

وأكّد مجلس الدفاع الوطني دعمه الكامل للوساطة التي تقودها السعودية، مشدداً على ضرورة عودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطات المحلية، وفق ترتيبات منظمة وتحت إشراف التحالف.

تحذير من العواقب

على وقع هذه التطورات، كانت السعودية أعادت رسم خطوط التهدئة شرق اليمن، عبر بيان واضح صادر عن وزارة الخارجية، شدّد على رفض التحركات العسكرية الأحادية، والمطالبة بعودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الموقف تُرجم ميدانياً بتوجيه ضربة جوية تحذيرية في حضرموت، حملت رسالة مباشرة بعدم السماح بفرض وقائع جديدة بالقوة.

وأوضحت المصادر أن الضربة جاءت في إطار الردع الوقائي، محذرة من أن أي تصعيد إضافي سيقابل بإجراءات أكثر صرامة، في مؤشر على انتقال الرياض من سياسة الاحتواء السياسي إلى ضبط ميداني حاسم لحماية الاستقرار.

من جهته، أصدر المجلس الانتقالي بياناً حاول فيه تبرير تحركاته، معتبراً أنها جاءت استجابة لـ«دعوات شعبية»، ومعلناً انفتاحه على التنسيق مع السعودية، رغم وصفه الضربة الجوية بأنها «مستغربة».

ويرى مراقبون أن أي تنسيق محتمل لن يكون مقبولاً إقليمياً ما لم يبدأ بإنهاء التصعيد، وخروج القوات، وتسليم المعسكرات، والعودة إلى طاولة الحوار، دون فرض الأمر الواقع بالقوة.

منطق الوهم

يحذر سياسيون يمنيون من أن تعنت المجلس الانتقالي وإصراره على عسكرة حضرموت، رغم الجهود الصادقة التي تبذلها السعودية والإمارات، يلحق ضرراً فادحاً بالقضية الجنوبية العادلة نفسها، عبر اختزالها في المدرعات والنقاط العسكرية، بدل تحويلها إلى مشروع سياسي قابل للحياة.

ويستدعي هذا السلوك مقارنات إقليمية مؤلمة، أبرزها تجربة حميدتي وميليشيات الجنجويد في السودان، التي اعتمدت السلاح والإرهاب لتنفيذ أجندات خارجية، وكانت النتيجة خراب المدن وانهيار الدولة. كما يستحضر نموذج جنوب السودان، الذي وُلد من رحم الصراع المسلح، لينتهي إلى دولة منهارة وصراعات داخلية مفتوحة.

رغم إقرار اليمنيين بعدالة القضية الجنوبية فإن المجلس الانتقالي يحاول أن يستغلها للتصعيد شرقاً (أ.ب)

ويؤكد خبراء أن المجتمع الدولي لا يعترف إلا بالدول والمؤسسات، لا بالميليشيات، وأن تجربة «أرض الصومال» مثال واضح على عزلة المشاريع التي تُفرض بالقوة، مهما طال أمدها. كما أن فشل محاولات انفصال كتالونيا عن إسبانيا يبرهن أن العالم لا يشرعن الانفصال الأحادي خارج الدولة والدستور.

ويجمع محللون على أن حضرموت أكبر من أن تكون غنيمة لميليشيا مناطقية (إشارة إلى هيمنة مناطق بعينها على قرار المجلس الانتقالي)، وأعمق من أن تُدار بالعنف والسلاح، وأن أي محاولة لجرّها إلى الفوضى تمثل جريمة بحق مكاسب الجنوب وفرصه السياسية.

ويرى مراقبون أن عسكرة حضرموت خطوة غير عقلانية، تعكس إصراراً على فرض الأمر الواقع بأدوات الترهيب ذاتها، التي يدّعي المجلس الانتقالي محاربتها، في تحدٍّ صريح لرغبات المجتمع الدولي الداعية إلى ضبط النفس، والحفاظ على استقرار الجنوب واليمن عموماً.

وكان البيان السعودي شدّد على أن معالجة القضية الجنوبية العادلة لا تكون عبر القوة، بل من خلال حوار سياسي شامل، ضمن المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة، بما يحفظ وحدة اليمن ومركزه القانوني، ويمنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى مسار يهدد جهود السلام.


تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع بالمرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط مخاوف وتحذيرات مصرية، من عرقلة ذلك المسار المرتقب أن يدخل حيز التنفيذ بعد أقل من أسبوع في يناير (كانون الثاني) المقبل.

ذلك الموقف المصري، الرافض لتجزئة الإعمار أو تقسيم قطاع غزة أو وضع شروط إسرائيلية بشأن قوات الاستقرار في القطاع، يحمل رسائل مهمة للضغط على إسرائيل قبل لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، وتوقعوا أن تضغط واشنطن لبدء المرحلة الثانية في ضوء تلك الرسائل المصرية.

وأعلن وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول، في تصريحات، الجمعة، أن ألمانيا لن تشارك في المستقبل المنظور في قوة دولية للاستقرار في غزة ضمن خطة السلام الخاصة بالقطاع المتوقع أن تنتشر الشهر المقبل.

هذه الخطوة تعزز مخاوف مصرية، تحدث بها رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، متهماً نتنياهو بأنه «يحاول إعادة صياغة المرحلة الثانية وحصرها في مطلب نزع سلاح المقاومة، وهو ما لا ينص عليه الاتفاق، وتدركه الولايات المتحدة جيداً»، مشيراً إلى مساعٍ إسرائيلية لإقحام قوة حفظ الاستقرار في أدوار لا تتعلق بتكليفها، مثل نزع السلاح، وهو أمر لن توافق عليه الدول المشاركة.

وأكد رشوان، الخميس، وفق ما أوردت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، أن «محاولات نتنياهو قد تؤدي إلى تأجيل أو إبطاء التنفيذ، لكنها لن تنجح في إيقاف المرحلة الثانية»، مشيراً إلى أن «نتنياهو يسعى بكل السبل لتجنب الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ودفع واشنطن إلى مواجهة مع طهران، بما قد يعيد إشعال غزة ويُفشل المرحلة الثانية من الاتفاق».

والخميس، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي، لافتاً إلى أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية - الإيرانية.

أمين عام «مركز الفارابى للدراسات السياسية»، الدكتور مختار غباشي، قال إن التصريحات المصرية واضحة وصريحة، وتحمل رسائل للكيان الإسرائيلي وواشنطن قبل الزيارة المرتقبة، مؤكداً أن الغضب المصري عندما يصل لهذه المرحلة من الرسائل المباشرة، تضع واشنطن في حساباتها الوصول لنقطة تقارب بين القاهرة وتل أبيب.

وأكد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن التصريحات المصرية تحمل في طياتها رسائل ومخاوف حقيقية من ترسيخ إسرائيلي للوضع القائم من منظور أمني وليس سياسياً، على أمل أن تتحرك واشنطن بجدية لوضع نهاية له.

منازل مدمرة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا يتوقف الموقف المصري عند مجرد المخاوف، بل يحمل تحذيرات واضحة، وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الخميس، في مقابلة مع التلفزيون المصري، إن «هناك خطين أحمرين في غزة، الخط الأحمر الأول يتمثل في عدم الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، هذا مستحيل، المنطقتان تشكلان وحدة واحدة لا تتجزأ للدولة الفلسطينية القادمة، والخط الأحمر الثاني عدم تقسيم قطاع غزة».

وأضاف أن «الكلام اللغو الذي يقال عن وجود تقسيم القطاع إلى مناطق حمراء وخضراء أو أن الأماكن التي تقع تحت سيطرة إسرائيل مباشرة تأكل وتشرب وترى إعماراً، بينما الـ90 في المائة من الفلسطينيين الموجودين في الغرب تحت دعاوى أن (حماس) موجودة لا يأكلون ولا يشربون، هذا عبث ولن يتم ولن يتم التوافق عليه».

وفي ضوء ذلك، شدد مختار غباشي على أن مصر عندما تعلن خطوطاً حمراء، فهذا حد فاصل، وثمة مخالفات على أرض الواقع غير مقبولة، للقاهرة، مشيراً إلى أن القاهرة تتعمد هذه الرسائل في هذا التوقيت على أمل أن تعزز مسار الوسطاء نحو بدء المرحلة الثانية قريباً، خاصة أنه «إذا أرادت واشنطن فعلت ما تريد، خصوصاً إن كان الأمر يتعلق بضغط على الكيان لوقف مساراته المعرقلة للاتفاق».

وذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم»، الخميس، أن لقاء نتنياهو وترمب المرتقب سيختتم ببيان عن التقدم المحرز نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة.

وأكد رشوان أن جميع الشواهد تؤكد أن الإدارة الأميركية حسمت موقفها من بدء المرحلة الثانية مطلع يناير المقبل، لافتاً إلى أن استقبال ترمب لرئيس الوزراء الإسرائيلي في 29 ديسمبر الحالي يرجح أن يكون إشارة الانطلاق الفعلية للمرحلة الثانية دون لبس.

ويتوقع نزار نزال أن يحاول نتنياهو في مقابلة ترمب، تمرير سردية بقاء إسرائيل في الخط الأصفر وتقسيم غزة وبدء الإعمار في الجزء الذي يقع تحت سيطرتها، موضحاً: «لكن الرسائل المصرية التحذيرية خطوة استباقية لتفادي أي عراقيل جديدة أو تناغم أميركي إسرائيلي يعطل مسار الاتفاق».


ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
TT

ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)

فيما أعاد البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية رسم المسار المطلوب للتهدئة، شرق اليمن، إذ شدد على وقف التحركات العسكرية الأحادية، مع المطالبة بعودة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي إلى مواقعها السابقة خارج حضرموت والمهرة، أكدت الرياض موقفها ميدانياً عبر توجيه ضربة جوية تحذيرية، وفق ما أكدته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

وأوضحت المصادر أن الضربة جاءت لإيصال رسالة مفادها عدم السماح بفرض وقائع جديدة بالقوة أو تجاوز الأطر المؤسسية التي تحكم الملف الأمني في المحافظات الشرقية، محذرةً من أن أي تصعيد إضافي سيقابل بإجراءات أشد صرامة.

الخارجية السعودية كانت وصفت تحركات «الانتقالي» بأنها أحادية وأضرت بمسار التهدئة، داعيةً إلى خروج عاجل ومنظم للقوات وتسليم المعسكرات تحت إشراف التحالف وبالتنسيق مع مجلس القيادة الرئاسي والسلطات المحلية.

من جهته، أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي بياناً، الجمعة، حاول فيه تبرير تحركاته العسكرية، معتبراً أنها جاءت استجابةً لـ«دعوات شعبية جنوبية» لمواجهة التهديدات الإرهابية وقطع خطوط تهريب الحوثيين.

وأكد «الانتقالي»، في بيانه، أنه منفتح على أي تنسيق أو ترتيبات مع السعودية، معتبراً الضربة الجوية «قصفاً مستغرباً» لا يخدم مسارات التفاهم.

وقال مراقبون لـ«الشرق الأوسط» إن التنسيق والترتيبات سيكون مرحباً بهما من قبل السعودية إذا كانت تصب في إنهاء التصعيد وخروج قوات «الانتقالي الجنوبي» واستلام قوات «درع الوطن» الجنوبية والسلطة المحلية المعسكرات والأمن في محافظتي حضرموت والمهرة. والجلوس للتشاور والحوار من دون الحاجة لاستخدام القوة.

ويتوقع مراقبون أن تؤدي الضربة التحذيرية إلى توصيل رسالة واضحة بأن الرياض قد تضطر للانتقال من سياسة الاحتواء الهادئ إلى فرض خطوط حمر لمنع أي تصعيد بالقوة.

وتشير مصادر «الشرق الأوسط» إلى أن أي تسوية مستقبلية ستقوم على عودة الأوضاع إلى ما قبل التصعيد، مدخلاً أساسياً للحفاظ على وحدة الصف اليمني، ومنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى مسار يهدد جهود السلام.

كان البيان السعودي أكد على دعم الرياض الكامل لوحدة اليمن وأمنه واستقراره، مشدداً على أن معالجة القضية الجنوبية العادلة لا تتم عبر القوة، بل من خلال حوار سياسي شامل، ضمن المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة.

وكشف البيان عن تنسيق سعودي - إماراتي لإرسال فريق عسكري مشترك إلى عدن، لوضع آلية لإعادة انتشار القوات ومنع تكرار التصعيد، في خطوة عدها مراقبون انتقالاً من التحذير السياسي إلى الضبط التنفيذي الميداني.