في إطار حراك متصاعد بشأن الانتخابات في الصومال العام المقبل، تشكل تكتل سياسي جديد يستهدف المشاركة بها، مقابل تحالفين سياسيين معارضين تأسسا وسط أزمة سياسية تتسارع وتيرتها منذ بداية العام.
التكتل الجديد «اتحاد الهيبة الوطنية» يترأسه رئيس الوزراء الأسبق عبدي فارح شردون، الذي اختير مرشحاً للتكتل في سباق الرئاسة 2026.
ويشتد الجدال داخل الصومال حول الانتخابات المباشرة المرتقبة في البلاد العام المقبل، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968.
وكانت انتخابات غير مباشرة قد جرت عام 2000، واعتمدت بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، والتي جرى العمل بها بعد انقلابات وحروب أهلية، وفي ظل سيطرة 4 عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وجاء الإعلان عن تكتل «اتحاد الهيبة الوطنية» في ختام سلسلة مشاورات عقدها زعماء سياسيون واختاروا فيها شردون رئيساً له. وبحسب الموقع الإخباري «الصومال الجديد»، يضم التكتل سياسيين بارزين منهم وزير الأمن القومي السابق عبد الكريم حسين جوليد، ووزير الأشغال العامة السابق عبدي آدم هوسو.
تحالفان معارضان
يأتي هذا بعد نحو شهر من تشكيل «مجلس مستقبل الصومال»، وبعد 6 أشهر من تأسيس «منتدى إنقاذ الصومال»، وكلاهما معارض للرئيس حسن شيخ محمود.
و«مجلس مستقبل الصومال» أعلن عنه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قادة المعارضة الصومالية، ومنهم رئيس الوزراء الأسبق حسن علي خيري إلى جانب رئيسي ولايتي بونتلاند سعيد عبد الله ديني، وغوبالاند أحمد محمد إسلام (مدوبي)، وذلك في ختام اجتماع بالعاصمة الكينية نيروبي أعقب مناقشات مكثفة حول القضايا الراهنة في الصومال.
وفي 31 مايو (أيار) الماضي، وفي أعقاب مؤتمر موسَّع عقدته المعارضة في العاصمة مقديشو استمر 4 أيام، تشكل «منتدى الإنقاذ الصومالي» على أيدي معارضين للرئيس شيخ محمود وحزبه الجديد «العدالة والتضامن».
وضم «المنتدى» شخصيات عامة مثل الرئيس الأسبق شيخ شريف شيخ أحمد الذي اختير زعيماً له، قبل أن يشهد انسحابات عديدة من بعض مؤسسيه عقب التوصل في أغسطس (آب) إلى توافقات مع الحكومة الفيدرالية بشأن خوض الانتخابات.
ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية علي محمود كلني أن التحالف الجديد يضم نخبة من الكوادر السياسية وقادة يمتلكون نفوذاً وتأثيراً واسعاً في المشهد السياسي، خاصة في العاصمة مقديشو، ما يجعله محط أنظار المراقبين والمهتمين بالشأن العام.
وحتى الآن، يصعب التنبؤ بحجم التأثير السياسي الذي يمكن أن يتركه هذا التحالف أو الدور الذي قد يلعبه في الانتخابات الوطنية المنتظرة مطلع عام 2026.
وقال كلني إن التحالف يمثل محاولة جديدة لإعادة ترتيب الصفوف في مواجهة الحزب الحاكم، لكنه أيضاً يواجه اختبار البقاء في بيئة سياسية تتسم بالتقلبات والتحالفات قصيرة العمر.
خلافات متصاعدة
على مدار نحو عام، تصاعدت الأزمة السياسية على نحو لافت، وكانت العودة لاستكمال الدستور المؤقت الذي يعود إلى 2012 الشرارة الأبرز لزيادة الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وغوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.
فالجانبان رفضا تعديلات أجريت في مارس (آذار) 2024، ومهّدت لتغيير نظام الحكم من «البرلماني» إلى «الرئاسي»، وإقرار الذهاب لانتخابات مباشرة لأول مرة منذ أكثر من نصف قرن. كما شددا في بيانات وتصريحات، آنذاك، على أهمية «استكمال الدستور وليس تعديله، والعودة عن ذلك المسار».
واشتدت الخلافات بين الرئيس الصومالي والمعارضة، بعد تأسيس حسن شيخ محمود في 13 مايو الماضي «حزب العدالة والتضامن»، وتسميته مرشحاً له في الانتخابات المباشرة المقبلة، وتلا ذلك إصدار 15 شخصية سياسية بارزة في الصومال بياناً دعوا فيه إلى عقد مشاورات عاجلة لإنقاذ البلاد.
وبعد سلسلة حوارات أطلقها حسن شيخ محمود ولم تستجب لها أغلب المعارضة، أطلقت ولايتا بونتلاند وغوبالاند، في بيان أوائل سبتمبر (أيلول) الماضي، دعوة للحوار مع الحكومة الفيدرالية، في حين دعا «منتدى الإنقاذ» لاحتجاجات بالعاصمة مقديشو، أواخر الشهر ذاته، وسط تحذيرات الحكومة من إتمامها واحتمال اعتبارها «تخريبية».
ولم يُنهِ لقاء حاسم بين الرئيس حسن شيخ محمود ورئيس ولاية غوبالاند أحمد مدوبي، في أكتوبر الماضي هذه الخلافات التي استمرت أكثر من عام، في وقت صعّد فيه «منتدى الإنقاذ»، المقرب من زعيم الإقليم، تحركاته في مقديشو، متمسكاً بالدعوة إلى تنظيم احتجاجات.
وفي ظل تلك الخلافات السياسية ونتائجها، يعتقد الخبير في الشؤون الصومالية والأفريقية كلني أن أمام التحالف مسارين: «التمكن من الحفاظ على تماسكه حتى الانتخابات المقبلة، أو أنه سيلحق بسابقيه إلى مشهد الانقسامات»، مشيراً إلى أن هذا «سيبقى مرهوناً بقدرة قادته على تجاوز الخلافات وبناء مشروع سياسي وطني حقيقي».









