منظمات أممية تحذر من وضع حرج للأمن الغذائي في اليمن

ملايين الأشخاص في كفاح لتوفير وجبتهم التالية

أكثر من 20 مليون يمني بحاجة إلى نوع من المساعدة الإنسانية وفق بيانات الأمم المتحدة (إ.ب.أ)
أكثر من 20 مليون يمني بحاجة إلى نوع من المساعدة الإنسانية وفق بيانات الأمم المتحدة (إ.ب.أ)
TT

منظمات أممية تحذر من وضع حرج للأمن الغذائي في اليمن

أكثر من 20 مليون يمني بحاجة إلى نوع من المساعدة الإنسانية وفق بيانات الأمم المتحدة (إ.ب.أ)
أكثر من 20 مليون يمني بحاجة إلى نوع من المساعدة الإنسانية وفق بيانات الأمم المتحدة (إ.ب.أ)

أطلقت ثلاث منظمات أممية تحذيراً من تفاقم حالة انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، متوقعة أن يتدهور هذا الوضع حتى مطلع العام المقبل مع تراجع مستوى تمويل خطة الاستجابة الإنسانية والجفاف.

وجاءت التحذيرات في بيان وزعته في عدن كل من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، وبرنامج الأغذية العالمي، واليونيسف، حيث أكدت الوكالات الأممية الثلاث أن السكان في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية يعانون من وضعٍ حرج.

وذكر البيان أن ما يقرب من نصف السكان في تلك المناطق اليمنية يعانون من انعدامٍ حادٍّ في الأمن الغذائي، ويكافحون جاهدين لتوفير وجبتهم التالية.

وأظهر آخر تحديث جزئي للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي صورةً قاتمة للمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، إذ أوضح أنه بين مايو (أيار) الماضي وأغسطس (آب) المقبل يواجه نحو 4.95 مليون شخص انعدام أمن غذائي.

370 ألف يمني انضموا إلى قائمة الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد (الأمم المتحدة)

وأوضحت البيانات الأممية أن ذلك يعني الوصول إلى مستوى الأزمة، أو ما هو أسوأ (المرحلة 3+ من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي)، بما في ذلك 1.5 مليون شخص في حالة طوارئ (المرحلة 4)، كما أنه يمثل زيادة قدرها 370 ألف شخص يعانون من انعدام أمن غذائي حاد مقارنةً بالفترة من نوفمبر (تشرين الأول) عام 2024 إلى فبراير (شباط) عام 2025.

ووفق التقرير المشترك، فإنه وبالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن يتدهور الوضع أكثر خلال الفترة من سبتمبر (أيلول) وحتى فبراير المقبل، إذ قد ينضم 420 ألف شخص إلى المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أو ما هو أسوأ، إذا لم تُقدَّم مساعدات عاجلة، ومستدامة.

ونبّهت الوكالات الأممية الثلاث إلى أن هذا من شأنه أن يرفع العدد الإجمالي للأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في تلك المحافظات إلى 5.38 مليون شخص، أي أكثر من نصف السكان.

أزمات متداخلة

أكدت الوكالات الأممية في اليمن أن الأزمات المتداخلة المتعددة لا تزال تُفاقم انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك التدهور الاقتصادي المستمر، وانخفاض قيمة العملة في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة، والصراع، والظواهر الجوية الشديدة بشكل متزايد.

وقالت إنه من المتوقع أن يُفاقم الأزمة تأخر موسم الزراعة، مع احتمالية حدوث فيضانات في يوليو (تموز) المقبل، وانتشار أمراض النبات والثروة الحيوانية، وخاصة الجراد الصحراوي، وذلك سيزيد الضغوط على الوضع الهش أصلاً.

2.5 مليون طفل في اليمن يعانون من سوء التغذية الحاد (الأمم المتحدة)

وأوضحت الوكالات الإنسانية الأممية أنها تعمل على إعادة تحديد أولويات جهودها الإنسانية في اليمن، واستهداف المناطق عالية الخطورة من خلال التدخلات المتكاملة في قطاعات الأمن الغذائي والتغذية والمياه والصرف الصحي والصحة والحماية، لتعظيم التأثير المنقذ للحياة.

وقال سيمون هوليما، نائب مدير برنامج الأغذية العالمي في اليمن: «إن تزايد عدد الأشخاص الذين لا يعرفون من أين ستأتي وجبتهم التالية أمرٌ مقلق للغاية، في وقتٍ نواجه فيه تحدياتٍ تمويليةً غير مسبوقة». وأضاف: «نحتاج إلى دعمٍ فوري لضمان استمرارنا في خدمة الأسر الأكثر ضعفاً التي لا تجد ملاذاً آخر».

ودعت الوكالات الأممية الثلاث بشكل عاجل إلى تقديم مساعدات إنسانية، ودعم سبل العيش بشكل مستدام، وعلى نطاق واسع، لمنع المجتمعات من الوقوع في انعدام الأمن الغذائي بشكل أعمق، وضمان الوصول إلى الخدمات الأساسية، وتوليد الفرص الاقتصادية، وسبل العيش.

الحاجة لدعم عاجل

من جهته، يؤكد حسين جادين، ممثل منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) في اليمن، أن الوضع «حرج»، ويتطلب تدخلاً عاجلاً، وأن الزراعة هي مفتاح إنهاء أزمة انعدام الأمن الغذائي في البلاد.

وعلاوة على ذلك، يقول المسؤول الأممي إن تأخر هطول الأمطار وقلة هطولها في أبريل (نيسان) الماضي ألقيا بظلالهما على موسم الزراعة الحالي، مما يهدد سبل العيش الزراعية الهشة أصلاً وتوافر الغذاء.

قلة هطول الأمطار في اليمن تهدد سبل العيش وتوفير الغذاء (الأمم المتحدة)

وأضاف أنه يمكن بتوفير دعم عاجل تنشيط الإنتاج الغذائي المحلي، وحماية سبل العيش، والانتقال من الأزمة إلى بناء القدرة على الصمود بما يضمن الكفاءة والفعالية.

وبحسب البيانات الأممية، فإن النازحين داخلياً، والأسر الريفية ذات الدخل المنخفض، والأطفال، معرضون للخطر بشكل خاص، ويواجهون ضعفاً متزايداً بسبب تخفيضات التمويل، وتراجع فرص كسب العيش، وتقليص آليات التكيُّف.

وفي السياق نفسه، أكد بيتر هوكينز، ممثل اليونيسف، أن «نحو 2.4 مليون طفل دون سن الخامسة و1.5 مليون امرأة حامل ومرضع يعانون من سوء التغذية الحاد في اليمن، مما يزيد من خطر إصابتهم بالأمراض، وتأخر النمو، والوفاة».

وذكر هوكينز أن بيانات التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي تشير إلى مزيد من التدهور في 5 من أصل 17 منطقة معيشية على الأقل في مناطق الحكومة اليمنية، لذا تعمل اليونيسف وشركاؤها على اتخاذ التدابير اللازمة لتوسيع نطاق التدخلات التي يجب أن تكون مستدامة إذا كان المراد التغلب على الأزمة.


مقالات ذات صلة

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

العالم العربي مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

اتفاق مسقط لتبادل نحو 2900 محتجز ينعش آمال اليمنيين بإنهاء معاناة الأسرى وسط تفاؤل حذر ومطالب بضمانات أممية لتنفيذ «الكل مقابل الكل»

«الشرق الأوسط» (الرياض - صنعاء)
العالم العربي لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)

الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «خروج سلس وعاجل» لـ«الانتقالي»

يرسم البيان السعودي مسار التهدئة شرق اليمن، داعياً لانسحاب قوات «الانتقالي» من حضرموت والمهرة، وسط ترحيب رئاسي وحكومي وإجماع حزبي ضد التصعيد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
وفد سعودي زار حضرموت ضمن مساعي التهدئة وخفض التوتر (سبأ)

حضرموت تتمسك بالشرعية وتحذر من تكلفة «التحركات الأحادية»

جددت سلطة حضرموت دعمها الكامل للشرعية، محذّرة من التحركات العسكرية الأحادية، ومؤكدة أن أمن المحافظة، والحوار السياسي هما السبيل للاستقرار، والتنمية

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

جدّد العليمي رفضه القاطع لأي محاولات لتفكيك الدولة اليمنية أو فرض وقائع أحادية خارج المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية مؤكداً حماية المركز القانوني للدولة

«الشرق الأوسط» (جدة)
خاص نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)

خاص «اتفاق مسقط» لتبادل المحتجزين اختبار جديد لمصداقية الحوثيين

يُشكّل الاتفاق الذي أبرمته الحكومة اليمنية في مسقط مع الحوثيين لتبادل 2900 محتجز من الطرفين اختباراً جديداً لمدى مصداقية الجماعة في إغلاق هذا الملف الإنساني

محمد ناصر (تعز)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.