أميركا تدرس تخصيص 500 مليون دولار لـ«مؤسسة غزة الإنسانية»

يحمل فلسطينيون صناديق وأكياساً تحتوي على مساعدات غذائية وإنسانية قدمتها «مؤسسة غزة الإنسانية» وهي منظمة مدعومة من الولايات المتحدة ووافقت عليها إسرائيل في رفح (أ.ب)
يحمل فلسطينيون صناديق وأكياساً تحتوي على مساعدات غذائية وإنسانية قدمتها «مؤسسة غزة الإنسانية» وهي منظمة مدعومة من الولايات المتحدة ووافقت عليها إسرائيل في رفح (أ.ب)
TT

أميركا تدرس تخصيص 500 مليون دولار لـ«مؤسسة غزة الإنسانية»

يحمل فلسطينيون صناديق وأكياساً تحتوي على مساعدات غذائية وإنسانية قدمتها «مؤسسة غزة الإنسانية» وهي منظمة مدعومة من الولايات المتحدة ووافقت عليها إسرائيل في رفح (أ.ب)
يحمل فلسطينيون صناديق وأكياساً تحتوي على مساعدات غذائية وإنسانية قدمتها «مؤسسة غزة الإنسانية» وهي منظمة مدعومة من الولايات المتحدة ووافقت عليها إسرائيل في رفح (أ.ب)

كشف مصدران مطلعان ومسؤولان أميركيان سابقان أن وزارة الخارجية الأميركية تدرس منح 500 مليون دولار للمؤسسة الجديدة التي تقدم المساعدات لقطاع غزة الذي مزقته الحرب، وهي خطوة من شأنها أن تورط الولايات المتحدة بشكل أعمق في جهود المساعدات المثيرة للجدل التي شابها العنف والفوضى، وفق «رويترز».

وذكر المصدران والمسؤولان السابقان، الذين طلبوا جميعا عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية الأمر، أن الأموال المخصصة لـ«مؤسسة غزة الإنسانية» ستأتي من «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية»، التي يجري دمجها في وزارة الخارجية الأميركية.

وقال المصدران إن الخطة واجهت مقاومة من بعض المسؤولين الأميركيين القلقين بسبب إطلاق النار على فلسطينيين بالقرب من مواقع توزيع المساعدات الذي أسفر عن سقوط قتلى وكفاءة «مؤسسة غزة الإنسانية».

وبدأت «مؤسسة غزة الإنسانية»، التي تعرضت لانتقادات شديدة من قبل المنظمات الإنسانية بما في ذلك الأمم المتحدة، بسبب ما تردد عن افتقارها للحيادية، في توزيع المساعدات الأسبوع الماضي وسط تحذيرات من أن معظم سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة معرضون لخطر المجاعة بعد حصار إسرائيلي استمر 11 أسبوعا على المساعدات تم رفعه في 19 مايو (أيار) عندما سُمح باستئناف عمليات التسليم المحدودة.

وشهدت المؤسسة استقالة مديرها واضطرت إلى وقف توزيع المساعدات مرتين هذا الأسبوع بعد أن تزاحمت الحشود على مراكز التوزيع التابعة لها.

ولم ترد وزارة الخارجية و«مؤسسة غزة الإنسانية» حتى الآن على طلبات التعليق.

ولم يتسن لـ«رويترز» تحديد الجهة التي تمول في الوقت الراهن عمليات مؤسسة غزة الإنسانية التي بدأت في قطاع غزة الأسبوع الماضي. وتستخدم «مؤسسة غزة الإنسانية» شركات أمنية ولوجيستية أميركية خاصة لنقل المساعدات إلى غزة لتوزيعها في ما يسمى بمواقع التوزيع الآمنة.

وذكرت وكالة «رويترز» الخميس أن شركة «ماكنالي كابيتال»، وهي شركة استثمار خاصة ومقرها شيكاغو لديها «مصلحة اقتصادية» في شركة المقاولات الأميركية الربحية التي تشرف على الخدمات اللوجيستية والأمنية لمراكز توزيع المساعدات التابعة لـ«مؤسسة غزة الإنسانية» في القطاع.

يحمل فلسطينيون صناديق وأكياساً تحتوي على مساعدات غذائية وإنسانية قدمتها «مؤسسة غزة الإنسانية» وهي منظمة مدعومة من الولايات المتحدة ووافقت عليها إسرائيل في رفح (أ.ب)

وفي حين تقول إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وإسرائيل إنهما لا تمولان عملية «مؤسسة غزة الإنسانية»، إلا أن كلتيهما تضغط على الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية للعمل معها.

وبحسب ما أشارت الولايات المتحدة وإسرائيل فإن المساعدات التي توزعها شبكة مساعدات تابعة للأمم المتحدة منذ فترة طويلة تم تحويلها إلى حركة «حماس» التي نفت ذلك.

وتم تفكيك «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية»، وهو ما أدى إلى إلغاء حوالي 80 في المائة من برامجها وأصبح العاملون بها مهددين بفقد وظائفهم في إطار حملة ترمب لمواءمة السياسة الخارجية الأميركية مع أجندته «أميركا أولا».

وقال مصدر مطلع ومسؤول كبير سابق إن اقتراح منح مبلغ 500 مليون دولار لـ«مؤسسة غزة الإنسانية» حظي بتأييد نائب مدير «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» القائم بالأعمال كين جاكسون، الذي ساعد في الإشراف على تفكيك الوكالة.

ولفت المصدر إلى أن إسرائيل طلبت هذه الأموال لتأمين عمليات «مؤسسة غزة الإنسانية» لمدة 180 يوما.

وقال المصدران إن بعض المسؤولين الأميركيين لديهم مخاوف بشأن الخطة بسبب الاكتظاظ الذي أثر على مراكز توزيع المساعدات التي تشرف عليها «مؤسسة غزة الإنسانية» والعنف في المناطق المجاورة.

وذكرت المصادر أن هؤلاء المسؤولين يريدون أيضا أن تشارك منظمات غير حكومية معروفة ذات خبرة في إدارة عمليات الإغاثة في غزة وأماكن أخرى في العملية إذا وافقت وزارة الخارجية الأميركية على تمويل «مؤسسة غزة الإنسانية»، وهو موقف من المرجح أن تعارضه إسرائيل.

إلى ذلك، أكد مسؤولون في مستشفيات غزة أن أكثر من 80 شخصا قُتلوا بالرصاص وأصيب المئات بالقرب من نقاط التوزيع التابعة لـ«مؤسسة غزة الإنسانية» في الفترة ما بين الأول والثالث من يونيو (حزيران).

ومنذ إطلاق عمليتها، افتتحت «مؤسسة غزة الإنسانية» ثلاثة مراكز، لكن خلال اليومين الماضيين لم يعمل منها سوى مركزين فقط.


مقالات ذات صلة

رغم انحسار التفاؤل... المقترح المدعوم من أميركا لوقف النار في غزة قيد النقاش

المشرق العربي جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب) play-circle

رغم انحسار التفاؤل... المقترح المدعوم من أميركا لوقف النار في غزة قيد النقاش

يشارك مفاوضون من إسرائيل وحركة «حماس» في أحدث جولة من محادثات وقف إطلاق النار، ويناقشون اقتراحاً مدعوماً من الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي طفلة فلسطينية تنتظر الحصول على غذاء في مدينة غزة (أ.ب)

الـ«أونروا»: واحد من كل 10 أطفال في غزة يعاني سوء التغذية

قالت الـ«أونروا»، الثلاثاء، إن طفلاً من كل 10 يخضعون للفحص في العيادات التي تشغلها في غزة يعاني سوء التغذية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي مشهد لأنقاض في مدينة رفح في غزة (رويترز) play-circle

إسرائيل: خلاف بين الحكومة والجيش بشأن «المدينة الإنسانية» للفلسطينيين

وقع خلاف بين الحكومة الإسرائيلية والجيش حول تكلفة وتأثير ما عُرف باسم «المدينة الإنسانية» للفلسطينيين في جنوب غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي نازحون فلسطينيون يفرّون من جباليا بعد أن أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء بمدينة غزة يونيو الماضي (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي يطالب سكان مدينة غزة وجباليا بالإخلاء الفوري جنوباً باتجاه المواصي

طالب الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين المقيمين في مدينة غزة وجباليا شمال القطاع بإخلاء منازلهم بشكل فوري مع تزايد حدة القتال بالمنطقة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
أوروبا كالاس خلال حديثها مع الصحافيين لدى وصولها إلى اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل اليوم (أ.ب)

كالاس: الاتحاد الأوروبي «قريب جداً» من فرض عقوبات جديدة على روسيا

أعربت الممثلة العليا لشؤون السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، الثلاثاء، عن أملها أن يتخذ التكتل قراراً بفرض حزمة عقوبات جديدة على روسيا «قريباً».

«الشرق الأوسط» (بروكسل )

مصر تنتظر تدخلاً أميركياً جاداً لحل نزاع «السد الإثيوبي»

الرئيس ترمب والأمين العام لـ«الناتو» روته في البيت الأبيض الاثنين (إ.ب.أ)
الرئيس ترمب والأمين العام لـ«الناتو» روته في البيت الأبيض الاثنين (إ.ب.أ)
TT

مصر تنتظر تدخلاً أميركياً جاداً لحل نزاع «السد الإثيوبي»

الرئيس ترمب والأمين العام لـ«الناتو» روته في البيت الأبيض الاثنين (إ.ب.أ)
الرئيس ترمب والأمين العام لـ«الناتو» روته في البيت الأبيض الاثنين (إ.ب.أ)

رداً على حديث الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عن أن الولايات المتحدة ستتدخل لحل نزاع «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا، قال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»: «ننتظر تحركاً أميركياً جاداً، فالرئيس الأميركي الذي كرر حديثه عن حل القضية، بالفعل قادر على ذلك».

وقال ترمب، الاثنين، خلال لقائه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته بالبيت الأبيض، إن الولايات المتحدة تعمل على حل مشكلة «سد النهضة» الإثيوبي، مؤكداً أن بلاده «ستحلّ هذه المشكلة بسرعة كبيرة».

وأضاف ترمب: «عملنا على ملف مصر مع جارتها المجاورة، وهي دولة كانت جارة جيدة وصديقة لنا، لكنها قامت ببناء سد أغلق تدفّق المياه إلى ما يُعرف بنهر النيل»، مشيراً إلى أن السد يمثل «مشكلة كبيرة».

الرئيس ترمب والأمين العام لـ«الناتو» روته في البيت الأبيض الاثنين (إ.ب.أ)

وكرر الرئيس الأميركي حديثه عن أن بلاده هي من موّلت بناء السد، وأضاف: «لا أعلم لماذا لم يحلّوا المشكلة قبل أن يبنوا السد. لكن من الجميل أن يكون هناك ماء في نهر النيل. فهو مصدر مهم للغاية للدخل والحياة. إنه شريان الحياة بالنسبة لمصر. وأخذ ذلك بعيداً أمر لا يُصدق». وأكد الرئيس الأميركي أن بلاده «تُبرم صفقات جيدة»، وأنها ستعمل على حل هذه المسألة.

وأكد المصدر المصري أن بلاده «تراقب تصريحات ترمب بشأن هذه القضية، وماذا يمكن أن يقدمه»، مشيراً إلى «عدم توصل الإدارة الأميركية حتى الآن إلى إجراء مفاوضات حول الأمر».

آبي أحمد أعلن اكتمال سد النهضة والاستعداد لتدشينه رسمياً في سبتمبر المقبل (صفحته على «فيسبوك»)

عضو مجلس النواب المصري (البرلمان) الإعلامي مصطفى بكري قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «ترمب كشف أن الإدارة الأميركية هي المتورطة في تمويل سد النهضة، وهذا أمر مثير للدهشة وإن كنا نتوقعه، لكن أن تكون الولايات المتحدة متورطة إلى هذه الدرجة، ثم تزعم أنها تسعى لحل المشكلة قبل ذلك في الاجتماعات التي تمت بواشنطن خلال ولاية ترمب الأولى، وتعجر عن إلزام إثيوبيا بالاتفاق الذي تم التوصل إليه وقتها، فهذا أمر يدعو إلى الدهشة أيضاً».

وأضاف: «ترمب يقول إنه مستعد لحل الأزمة، فالكرة في ملعبه الآن، والأزمة يجب أن تحل بشكل عادل بما يحفظ لمصر حقوقها المائية التاريخية المحددة بـ55.5 مليار متر مكعب سنوياً، فهل يستطيع ترمب تحقيق ذلك؟ أتمنى أن يفعل خصوصاً بعدما كشف أن الولايات المتحدة متورطة في بناء سد النهضة».

واستضافت واشنطن خلال ولاية ترمب الأولى، جولة مفاوضات عام 2020، بمشاركة البنك الدولي، ورغم التقدم الذي شهدته المفاوضات بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، فإنها لم تصل إلى اتفاق نهائي، بسبب رفض الجانب الإثيوبي التوقيع على مشروع الاتفاق الذي جرى التوصل إليه وقتها، حيث اتهمت إثيوبيا أميركا بـ«الانحياز».

الخبير المصري في الشأن الأفريقي الدكتور رأفت محمود يرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «حديث ترمب يوائم عقليته القائمة على منطق الصفقات، وربما يريد إنجاز هذا الملف في إطار صفقة يراها من وجهة نظره ترضي جميع الأطراف، وهي تقوم على أن تستجيب إثيوبيا لمطالب مصر فيما يتعلق بسد النهضة، مقابل ألا تعرقل القاهرة الطموح الإثيوبي المتجدد في الوصول إلى البحر الأحمر وبناء أسطولها البحري».

وتابع: «ربما كذلك تأتي أيضاً في إطار مقايضة مصر للقبول بوجهة النظر الأميركية - الإسرائيلية فيما يتعلق بحل قضية غزة وقبول مسألة التهجير، مقابل حل قضية سد النهضة، وكذلك وقف التقارب المصري مع إيران، والأمر في النهاية يتوقف على ما ستقرره القيادة السياسية المصرية، وما ستقبل به».

وخلال تصريحاته، الاثنين، قال ترمب أيضاً: «قدمت عرضاً جيداً لم يقدمه أحد من قبل لإحلال السلام في غزة، ولم نتوصل إلى اتفاق بعد»، في إشارة إلى مقترحه بتهجير الفلسطينيين من غزة، وتحويلها لمنتجع سياحي عالمي، وهو ما رفضته مصر بشدة وكذلك الدول العربية، كما واجه المقترح انتقادات أوروبية ودولية.

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على هامش القمة الأفريقية - الروسية في 2019 حيث أكد آبي أحمد التزام إثيوبيا بعدم إلحاق الضرر بمصر من خلال مشروع سد النهضة (الرئاسة المصرية)

إشارة ترمب إلى هذا المقترح الآن بالتزامن مع حديثه عن حل قضية «سد النهضة»، جعل البعض يراها مقايضة لمصر لتقبل بتهجير الفلسطينيين، لكن عضو مجلس النواب مصطفى بكري قال: «إذا كان يعني ذلك، فهو مقايضة سخيفة وغير مقبولة، مصر لا تربط بين حقها المائي التاريخي وحقها في الدفاع عن أمنها القومي برفض قبول تهجير الفلسطينيين إليها، أو تصفية القضية الفلسطينية».

وتلك ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها ترمب عن تمويل بلاده لـ«سد النهضة»، حيث خرج الشهر الماضي بتصريح مثير للجدل على منصة التواصل الاجتماعي «تروث سوشيال»، قال فيه إن «الولايات المتحدة مولت بشكل غبي (سد النهضة) الذي بنته إثيوبيا على النيل الأزرق، وأثار أزمة دبلوماسية حادة مع مصر»، ما أثار تساؤلات حول ما يُمكن أن تقوم به واشنطن لحل تلك الأزمة التي تهدد بتصعيد في المنطقة.

وكان لافتاً أنه بعد تصريح ترمب بأسبوعين فقط، أعلنت أديس أبابا اكتمال مشروع «سد النهضة»، وأنها تستعد لتدشينه رسمياً في سبتمبر (أيلول) المقبل، ما أثار توترات مع دول الجوار، خصوصاً مصر التي ترى إثيوبيا تريد فرض الأمر الواقع دون التوصل إلى اتفاق.

واحتجت مصر والسودان على مشروع «السد» باعتباره يهدد إمداداتهما من مياه النيل، وطالبا إثيوبيا مراراً بوقف عمليات الملء بانتظار التوصل إلى اتفاق ثلاثي حول أساليب التشغيل.