الحوثيون يُمهدون لاستئناف قصف السفن

بحجة محاصرة إسرائيل بحرياً نصرة للفلسطينيين في غزة

زوارق القطر تسحب سفينة يونانية تعرضت لهجوم حوثي العام الماضي (رويترز)
زوارق القطر تسحب سفينة يونانية تعرضت لهجوم حوثي العام الماضي (رويترز)
TT

الحوثيون يُمهدون لاستئناف قصف السفن

زوارق القطر تسحب سفينة يونانية تعرضت لهجوم حوثي العام الماضي (رويترز)
زوارق القطر تسحب سفينة يونانية تعرضت لهجوم حوثي العام الماضي (رويترز)

بالتوازي مع وعيد الحوثيين في اليمن باستمرار هجماتهم بالصواريخ والمسيّرات تجاه تل أبيب، اتخذت الجماعة قراراً يمهد للعودة إلى مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن بحجة محاصرة إسرائيل بحرياً.

وعلى الرغم من تعهّد الجماعة المدعومة من إيران بوقف هجماتها البحرية ضد السفن الأميركية مقابل توقف حملة ترمب الجوية، التي استمرت نحو 8 أسابيع، فإنها استمرت في إطلاق الصواريخ والمسيّرات تجاه إسرائيل، ضمن ما تقول إنه مساندة للفلسطينيين في غزة.

وإضافة إلى مزاعم الجماعة بأنها باتت تفرض حظراً جوياً على مطار بن غوريون الدولي، أصدرت، الثلاثاء، عبر ما تُسميه «مركز تنسيق العمليات الإنسانية» قراراً بفرض حظر شامل على حركة الملاحة البحرية من ميناء حيفا وإليه.

وأوضح بيان للمركز الذي أنشأه الحوثيون قبل أشهر للتنسيق مع شركات الملاحة، أن قرار الحظر على السفن يشمل منع التحميل من ميناء حيفا أو التفريغ فيه، سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن ضمن ذلك النقل من سفينة لأخرى، ابتداءً من 20 مايو (أيار) الحالي.

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد للجماعة في صنعاء (أ.ف.ب)

وادّعى المركز الحوثي أنه قام بمخاطبة شركات الشحن بشأن المخاطر العالية التي ستتعرض لها السفن المتجهة من ميناء حيفا وإليه، بما في ذلك «مخاطر التعرض للعقوبات، التي قد تشمل أساطيل الشركات المنتهكة لقرار الحظر، فضلاً عن المتعاملين معها».

ودعا البيان شركات الشحن إلى التأكد من عدم وجود أي رحلات مباشرة للسفن إلى ميناء حيفا، وكذا التأكد من عدم وجود علاقة مباشرة أو غير مباشرة أو عن طريق طرف ثالث بأي معاملة تنتهك قرار الحظر، كون وجود أي سفن متجهة إلى ميناء حيفا أو لها علاقة غير مباشرة بذلك سيُعرض الشركة وأسطولها للعقوبات.

ومع المخاوف من عودة الجماعة لمهاجمة السفن التجارية، قال البيان إن أي شركة ستتعامل مع ميناء حيفا سيكون أسطولها محظوراً من عبور البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي، وأنها ستتعرض للاستهداف في أي مكان تطوله قوات الجماعة.

وكان المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، قد أعلن مساء الاثنين عمّا وصفه بفرض حظر بحري على ميناء حيفا ردّاً على التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة.

تهديد فعلي أم خطوة دعائية؟

ويرى مراقبون أن القرار الحوثي بفرض حصار بحري على ميناء حيفا الإسرائيلي «خطوة دعائية» لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع، بسبب بُعد المسافة، ومحدودية تأثير الصواريخ والمسيّرات التي تطلقها الجماعة، إلا أنهم لا يستبعدون أن تستهدف الجماعة مجدداً السفن في البحر الأحمر وباب المندب تحت مزاعم صلتها بإسرائيل.

وسبق أن هاجمت الجماعة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 نحو 100 سفينة، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أطلقت أكثر من 200 صاروخ ومسيّرة باتجاه إسرائيل حتى 19 يناير (كانون الثاني) الماضي.

جانب من الدمار إثر الغارات الإسرائيلية على ميناء الحديدة الخاضع للحوثيين (أ.ف.ب)

ولم تُحقق هجمات الحوثيين أي نتائج مؤثرة على إسرائيل، باستثناء مقتل شخص بطائرة مسيّرة ضربت شقة في تل أبيب في 19 يوليو (تموز) 2024.

ومنذ انهيار الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس»، عادت الجماعة للهجمات الجوية وأطلقت ابتداءً من 17 مارس (آذار) الماضي نحو 25 صاروخاً باتجاه إسرائيل، والعديد من الطائرات المسيّرة.

وكان أخطر هذه الهجمات الأخيرة انفجار أحد الصواريخ قرب مطار بن غوريون في 4 مايو (أيار) الحالي، محدثاً حفرة ضخمة، بعد أن فشلت الدفاعات الجوية في اعتراضه.

الغارات الإسرائيلية دمرت مطار صنعاء الخاضع للحوثيين (أ.ف.ب)

وفتح هذا الهجوم المجال لإسرائيل لتشن المزيد من الضربات الانتقامية التي دمرت بها ميناء الحديدة ومطار صنعاء ومصنعي أسمنت ومحطات كهرباء، قبل أن تشن الجمعة الماضي، الموجة الثامنة من هذه الضربات الانتقامية على ميناءي الحديدة والصليف.

وتوعَّدت إسرائيل باستمرار ضرباتها، وهددت على لسان وزير دفاعها بتصفية زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أسوة بما حدث مع زعيم «حزب الله» حسن نصر الله وقادة حركة «حماس».

ومن المرجح أن تستمر تل أبيب من وقت لآخر في ضرب المنشآت الخاضعة للحوثيين ردّاً على الهجمات، لكن يستبعد المراقبون للشأن اليمني أن تكون الضربات ذات تأثير حاسم على بنية الجماعة وقادتها وأسلحتها بسبب البُعد الجغرافي.


مقالات ذات صلة

وقف النار بين إيران وإسرائيل يعفي الحوثيين من التصعيد ضد أميركا

العالم العربي عناصر حوثيون يحرقون علمي أميركا وإسرائيل في سياق تضامن الجماعة مع إيران (إ.ب.أ)

وقف النار بين إيران وإسرائيل يعفي الحوثيين من التصعيد ضد أميركا

من المتوقع أن يعفي وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل الجماعة الحوثية في اليمن من تنفيذ تهديدها بالعودة إلى مهاجمة السفن الأميركية في البحر الأحمر.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أكثر من 20 مليون يمني بحاجة إلى نوع من المساعدة الإنسانية وفق بيانات الأمم المتحدة (إ.ب.أ)

منظمات أممية تحذر من وضع حرج للأمن الغذائي في اليمن

أطلقت ثلاث منظمات أممية تحذيراً من تفاقم حالة انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وتوقعت أن يتدهور هذا الوضع حتى مطلع العام المقبل.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي المهاجرون إلى اليمن يتعرضون للابتزاز وسوء المعاملة وفق الأمم المتحدة (إعلام محلي)

اليمن يطلب حلولاً مستدامة للهجرة غير الشرعية من القرن الأفريقي

طلبت الحكومة اليمنية من الأمم المتحدة المساعدة في استقبال المهاجرين وإنشاء مواقع لاستقبالهم ونبّهت إلى المخاطر الأمنية المرتبطة بوجود أعداد كبيرة منهم دون توثيق

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي العليمي دعا لنبذ الخلافات بين المكونات السياسية والتركيز على ملف الاقتصاد والخدمات (سبأ)

العليمي يشدد على «تصفير الخلافات» بين المكونات اليمنية

شدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي على ضرورة توحيد الصف الوطني و«تصفير الخلافات» بين المكونات السياسية لمواجهة التحديات المتفاقمة

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحركة النسائية في عدن تقود الاحتجاجات لتحسين الأوضاع المعيشية (إعلام محلي)

نقص الخدمات وتهاوي العملة يؤرقان الحكومة اليمنية

وسط استياء شعبي، تعاني الحكومة اليمنية من معضلة نقص الخدمات وتهاوي سعر العملة المحلية، بالتزامن مع عدم القدرة على ضبط انتظام صرف الرواتب الشهرية للموظفين.

محمد ناصر (تعز)

وقف النار بين إيران وإسرائيل يعفي الحوثيين من التصعيد ضد أميركا

عناصر حوثيون يحرقون علمي أميركا وإسرائيل في سياق تضامن الجماعة مع إيران (إ.ب.أ)
عناصر حوثيون يحرقون علمي أميركا وإسرائيل في سياق تضامن الجماعة مع إيران (إ.ب.أ)
TT

وقف النار بين إيران وإسرائيل يعفي الحوثيين من التصعيد ضد أميركا

عناصر حوثيون يحرقون علمي أميركا وإسرائيل في سياق تضامن الجماعة مع إيران (إ.ب.أ)
عناصر حوثيون يحرقون علمي أميركا وإسرائيل في سياق تضامن الجماعة مع إيران (إ.ب.أ)

لم تُعلّق الجماعة الحوثية على الفور بخصوص دخول وقف النار بين إسرائيل وإيران حيّز التنفيذ، الثلاثاء، غير أن ذلك سيعفيها من تنفيذ تهديداتها بالعودة إلى مهاجمة السفن الأميركية في البحر الأحمر، في سياق ما وصفته سابقاً بالرد على قصف واشنطن لمفاعلات إيران النووية.

وإذ يُرتقب أن تلتقط الجماعة خطاب طهران المعلن «تحقيق الانتصار» على إسرائيل، كما هو حال بقية أذرع إيران في المنطقة، يتوقع مراقبون أن تواصل الجماعة إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه تل أبيب، في سياق ما تقول إنه مناصرة للفلسطينيين في غزة.

وكانت الجماعة أعلنت، عقب الهجوم الإسرائيلي على إيران في 13 يونيو (حزيران)، أنها ستساند طهران بكل ما تستطيع، لكنها لم تتبنَّ سوى مرة واحدة عملية إطلاق صواريخ، ما عكس محدودية قدراتها مقارنة بعشرات الصواريخ الإيرانية.

ومع دخول الولايات المتحدة على الخط وقيام قاذفاتها الشبحية، الأحد الماضي، بقصف المفاعلات النووية الإيرانية الثلاثة، كانت الجماعة الحوثية قد أعلنت استعدادها للعودة إلى مهاجمة السفن الأميركية في البحر الأحمر ضمن ما قالت إنه «مساندة لإيران»، إلا أن هذا التهديد بقي ضمن بيانات خطابية دون تنفيذ فعلي.

لوحات جدارية رسمها الحوثيون في صنعاء للمرشد الإيراني وقادته العسكريين (إ.ب.أ)

وتعهدت الجماعة المدعومة من إيران، في 6 مايو (أيار) الماضي، بعدم مهاجمة السفن الأميركية، عقب تلقيها أكثر من 1700 ضربة جوية وبحرية، وذلك إثر اتفاق توسّطت فيه سلطنة عمان، مقابل وقف الحملة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 15 مارس (آذار) الماضي.

واكتفى الحوثيون، منذ ذلك الوقت، بإطلاق الصواريخ من وقت لآخر باتجاه إسرائيل، معلنين نيتهم فرض حظر جوي على مطار بن غوريون. وفي المقابل، استهدفت إسرائيل مطار صنعاء الخاضع للجماعة وأخرجته عن الخدمة، كما دمّرت معظم أرصفة موانئ الحديدة الثلاثة، إلى جانب أربع طائرات مدنية ومصنعَي أسمنت وثلاث محطات كهرباء.

استمرار التصعيد

وسط هذه التطورات الإقليمية التي تُوّجت بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بضغط أميركي، يرى مراقبون للشأن اليمني أن الجماعة الحوثية ستواصل تصعيدها باتجاه تل أبيب، غير أن ذلك قد يمنح إسرائيل هامشاً لتكثيف ضرباتها على مناطق سيطرة الجماعة، بالنظر إليها كآخر التهديدات بعد تحييد «حزب الله» اللبناني والميليشيات العراقية ونظام بشار الأسد في سوريا، فضلاً عن إنهاك قدرات النظام الإيراني نفسه خلال المواجهة التي استمرت اثني عشر يوماً.

وقبيل الضربة الأميركية على المفاعلات النووية الإيرانية، كان المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع قد صرّح، في بيان متلفز، بأن جماعته «لن تسكت على أي هجوم أميركي مساند لإسرائيل ضد إيران».

مجسم طائرة مسيرة وهمية نصبها الحوثيون في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

وأضاف سريع أن جماعته «تتابع وترصد كل التحركات في المنطقة، ومنها التحركات المعادية»، مؤكداً أنها «ستتخذ ما يلزم من إجراءات دفاعية مشروعة»، وفق تعبيره.

من جهته، نقل الإعلام الحوثي عن مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى للجماعة، قوله إن جماعته «ستتصدى وتواجه أي مشاركة في العدوان على إيران بكل الطرق المشروعة»، حسب تعبيره.

ووفق تقارير يمنية ودولية، يوجد العشرات من الخبراء الإيرانيين ومن «حزب الله» اللبناني في مناطق سيطرة الجماعة، حيث يشرفون على تركيب الصواريخ وإطلاقها، إضافة إلى تدريب المقاتلين.

وتؤكد الجماعة أنها لن توقف هجماتها إلا بإنهاء الحصار المفروض على غزة وإدخال المساعدات الإنسانية، في حين تقول الحكومة اليمنية إن تلك الهجمات لم تخدم القضية الفلسطينية، بل استُخدمت مبرراً لاستدعاء الضربات الإسرائيلية التي ألحقت أضراراً كبيرة بالبنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة، عبر أكثر من عشر موجات جوية انتقامية.

ومنذ انخراط الحوثيين في الصراع الإقليمي والهجمات البحرية ابتداءً من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، توقفت مساعي السلام التي تقودها الأمم المتحدة بين الحكومة اليمنية والجماعة المدعومة من إيران، وسط استمرار حالة التهدئة الهشة بين الطرفين.