الحوثيون يتخبَّطون أمنياً عقب انكشاف مخابئهم للطيران الأميركي

حملات اعتقال وتقييد الإنترنت وتهديد بالإعدامات

عمليات أميركية على مدار الساعة ضد الحوثيين (الجيش الأميركي)
عمليات أميركية على مدار الساعة ضد الحوثيين (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون يتخبَّطون أمنياً عقب انكشاف مخابئهم للطيران الأميركي

عمليات أميركية على مدار الساعة ضد الحوثيين (الجيش الأميركي)
عمليات أميركية على مدار الساعة ضد الحوثيين (الجيش الأميركي)

مع مرور نحو ستة أسابيع على بدء الضربات الأميركية الجديدة على مواقع الحوثيين ومخابئهم، أظهرت تصرفات الجماعة حالة من التخبط الأمني التي تعيشها بعد تمكن المقاتلات من استهداف أماكن اختباء بعض القيادات ومواقع للقيادة والسيطرة.

ودفعت حالة التخبط الأمني الجماعة إلى اعتقال العشرات من السكان وتقييد استخدام الإنترنت، بخاصة في صعدة حيث معقلها الرئيسي، ومع ذلك تتحدث عن أن خسائرها لم تتجاوز واحداً في المائة.

وتوعد مهدي المشاط، رئيس مجلس حكم مناطق سيطرة الحوثيين، من مخبأ أسفل أحد الجبال، مَنْ وصفهم بالخونة والعملاء من المتعاونين مع الولايات المتحدة، وهدَّد بإجراءات عقابية صارمة تصل حد الإعدام في حق المتهمين بإرسال إحداثيات مواقع الحوثيين إلى الولايات المتحدة.

وبالتزامن مع هذه التهديدات، كثَّفت مخابرات الجماعة الحوثية من حملة الاعتقالات التي طالت نحو 100 شخص حتى الآن، بخاصة بعد تمكن المقاتلات الأميركية من استهداف مواقع كانت قيادات من الجماعة تختبئ فيها.

يمنيون يشيّعون قتلى غارة أميركية على ميناء راس عيسى في الحديدة الاثنين (أ.ف.ب)

وعلى الرغم من قول بعض المصادر المطلعة إن بعض القيادات غادروا تلك المواقع قبل وقت قصير من استهدافها، أكدت المصادر تمكن المقاتلات الأميركية من تدمير مخازن سرية للأسلحة ومواقع القيادة والسيطرة واصطياد عدد من القادة.

وذكرت مصادر وثيقة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين فوجئوا بدقة الضربات الأميركية وانكشاف جزء من مخابئهم السرية ومراكز القيادة ومخازن للأسلحة، التي كانت قد أُنشئت بسرية تامة على مدى سنوات وبإشراف من خبراء في «الحرس الثوري» الإيراني وآخرين من «حزب الله» اللبناني.

وأكدت المصادر أن هذه التطورات دفعت بالجماعة إلى اعتقال العشرات من السكان في صنعاء خلال اليومين الماضيين، بتهمة العمالة مع الولايات المتحدة وإرسال إحداثيات الأماكن.

تقييد الإنترنت

في إطار تخبط الجماعة الحوثية، لم توقف حملة الاعتقالات التي امتدت من صنعاء إلى صعدة والحديدة المقاتلات الأميركية عن ملاحقة القيادات والمخابئ السرية التي يتم تغييرها بين فترة وأخرى؛ ولهذا عادت مخابرات الجماعة لتقييد استخدام الإنترنت داخل المحافظات الخاضعة لسيطرتها، بحجة أن الولايات المتحدة تخترق هذه الشبكة لتحديد أهدافها.

وأوضحت المصادر أن الجماعة سبق وأن أوقفت خدمة الإنترنت «فور جي» في محافظة صعدة؛ حتى لا تُستخدم في تحديد مواقعهم أو اختراق أجهزة الكمبيوتر التي يستخدمونها، كما كلّفت مسؤولي الأحياء ومراكز الشرطة في كل المحافظات مراقبة المحال التجارية والمباني التي أُلزمت بوضع كاميرات مراقبة؛ للتأكد من أن الملاك لا يربطون تلك الكاميرات بأجهزة الهاتف المحمول، لأنها ستكون سهلة الاختراق من الجانب الأميركي وتحديد مواقع الضربات الجوية وتحركات العناصر القيادية.

صورة ضوئية لتعليمات حوثية لتقييد أنشطة تقديم خدمات الإنترنت

وعقب الضربات الأخيرة، أمرت الجماعة - بحسب المصادر - بمنع استحداث شبكات محلية لتقديم خدمة الإنترنت للسكان، حيث تعمل شركات ومحال عدة في تقديم هذه الخدمة لمعظم السكان في البلاد؛ لأنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف إدخالها مباشرة إلى منازلهم.

كما منعت الجماعة تحديث أي شبكة قديمة، وسط مخاوف من أن يساعد ذلك الجيش الأميركي في تحديد تحركات القيادات أو الحصول على معلومات عن المواقع التي استُهدفت أو أماكن إخفاء الأسلحة من خلال المحادثات التي تتم داخل الشبكة العنكبوتية.

وبحسب روايات سكان في صنعاء، فإن المقاتلات الأميركية استهدفت منازل كان قادة من الحوثيين يستخدمونها، لكن ما عرفوه أن هؤلاء غادروها قبل وقت قصير من استهدافها، وقد قُتل أفراد الحراسة الذين تُركوا فيها.

تشديد الرقابة

ذكر سكان في صنعاء أن الجماعة كلّفت مسؤولي الأحياء وما يُسمون الحرس الليلي ومكاتب المخابرات في الأحياء مراقبة تحركات السكان وأحاديثهم وأنشطتهم على مواقع التواصل الاجتماعي لتحديد من يعتقدون أنهم «خونة».

وذكرت هذه الرواية أن الجماعة أوعزت لعناصرها بتكوين صداقات مع السكان والاشتراك معهم في مجموعات تطبيق «واتساب»، أو تبادل الرسائل معهم عبر هذا التطبيق لمعرفة توجهاتهم؛ حتى تتمكن من ملاحقتهم.

وتعدى الأمر، وفق المصادر - إلى تكليف عناصر نسائية تعمل مع أجهزة المخابرات المتعددة التي شكَّلها الحوثيون بإقامة علاقات مع الأشخاص الذين يشكّون في ولائهم لمعرفة أنشطتهم أو مواقفهم.

القيادي في «حزب الله» أبو صالح سرور عندما كان يقاتل إلى جانب الحوثيين (إعلام حوثي)

وذكرت المصادر أن الجماعة باتت تعيش حالة من الرعب والشك في جميع السكان ما لم يكونوا من المنحدرين من سلالتها أو من محافظة صعدة معقلهم الرئيسي، وأنهم يتنقلون من مكان إلى آخر خشية الإبلاغ عن مواقعهم، واضطروا إلى التنكر والاختباء في أحياء غير تلك التي كانوا يتمركزون فيها من قبل مثل حي الجراف.

وتعبيراً عن حالة الذعر التي تعيشها الجماعة، طلب ناشطوها من النائب العام التابع لهم سرعة محاكمة المعتقلين على ذمة اتهامهم بنشر فيديوهات وأخبار عن المواقع التي استهدفتها المقاتلات الأميركية، بعد أن وصفوهم بأنهم «عملاء وخونة» ينشطون في خلايا تقدم «للعدو الأميركي - الإسرائيلي» إحداثيات وصوراً وفيديوهات.

وأقرّ ناشطو الجماعة بأن أجهزتهم الأمنية اعتقلت عدداً من الأشخاص، وقالوا إن ضرورات الردع تتطلب سرعة إحالة ملفات المعتقلين إلى المحاكمة العاجلة، وإنزال أقصى عقوبة بحقهم.


مقالات ذات صلة

هجمات الحوثيين تجاه إسرائيل تتصاعد وسط مخاوف من ردّ انتقامي

العالم العربي صاروخ باليستي أطلقت الجماعة الحوثية الكثير من نوعه باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

هجمات الحوثيين تجاه إسرائيل تتصاعد وسط مخاوف من ردّ انتقامي

وسط اتهامات للجماعة الحوثية بالتعتيم على مقتل وجرح عشرات المدنيين في صنعاء، إثر انفجار مستودع للصواريخ والمتفجرات، صعّدت الجماعة من هجماتها باتجاه إسرائيل.

علي ربيع (صنعاء)
العالم العربي غالبية أطفال النازحين في اليمن يلجأون إلى العمل للمساعدة في توفير المعيشة (إ.ب.أ)

اليمن: توقع أممي بتدهور حاد في الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة

توقعت تقارير أممية أن تشهد أزمة انعدام الأمن الغذائي الحاد في اليمن تدهوراً إضافياً خلال الأشهر الأربعة المقبلة مع استمرار العوامل المسببة لها وانخفاض المساعدات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ملايين اليمنيين يعانون الجوع ويُجبَر الآلاف منهم على التظاهر مع الحوثيين (إعلام محلي)

كيف استفاد الحوثيون من القبضة الأمنية لنظام الأسد؟

استنسخ الحوثيون القبضة الأمنية لنظام الأسد وتلقوا تدريبات في دمشق على القمع والإدارة والسيطرة على المؤسسات والاقتصاد، وتسهيلات للمرور إلى لبنان وإيران

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي اعتراض صاروخ قال الجيش الإسرائيلي إنه أُطلق من اليمن شوهد من مدينة عسقلان (رويترز)

إسرائيل تعترض باليستيين حوثيين والجماعة تهدد بالمزيد

تبنت الجماعة الحوثية الخميس إطلاق صاروخين باليستيين وطائرتين مسيّرتين باتجاه إسرائيل وتوعدت بالمزيد في سياق ما تقول إنه مساندة للفلسطينيين

علي ربيع (عدن)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

العليمي يهاجم الحوثيين في ذكرى «الوحدة» ويضع 3 شروط لبناء الدولة

اغتنم رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي الذكرى 35 لقيام الوحدة بين شمال البلاد وجنوبها لمهاجمة الحوثيين بِعَدّ مشروعهم الخطر الوجودي الأكبر.

«الشرق الأوسط» (عدن)

وفاة 13 سودانياً جوعاً بمعسكر للاجئين في تشاد

سودانيون فرُّوا من دارفور إلى أدري في تشاد (أرشيفية - رويترز)
سودانيون فرُّوا من دارفور إلى أدري في تشاد (أرشيفية - رويترز)
TT

وفاة 13 سودانياً جوعاً بمعسكر للاجئين في تشاد

سودانيون فرُّوا من دارفور إلى أدري في تشاد (أرشيفية - رويترز)
سودانيون فرُّوا من دارفور إلى أدري في تشاد (أرشيفية - رويترز)

أعلنت شبكة أطباء السودان اليوم (السبت) وفاة 13 شخصاً بالجوع بمعسكر قاقا للاجئين السودانيين بتشاد خلال الأسبوع الماضي.

وقالت شبكة أطباء السودان، في بيان نشرته على صفحتها بموقع «فيسبوك» اليوم: «يعاني اللاجئون السودانيون بمعسكر قاقا بتشاد من أوضاع إنسانية كارثية بسبب نقص الغذاء والدواء، مع تفشي الأمراض بسبب تجاهل المنظمات الدولية والإنسانية للاجئين بالمعسكر، وعدم توفير الغذاء الكافي لهم، حيث توفي 13 شخصاً بسبب الجوع خلال الأسبوع الماضي، الأمر الذي يهدد مصير الآلاف من السودانيين بالمعسكر».

وناشدت الشبكة المنظمات الأممية والدولية القيام بدورها في توفير الغذاء العاجل للاجئين السودانيين بمعسكر قاقا الذي يؤوي 21 ألف لاجئ سوداني، ووقف عمليات النزوح مرة أخرى للمجهول بحثاً عن الغذاء والدواء.

وعبرت الشبكة عن بالغ أسفها لتردي أوضاع اللاجئين السودانيين بدولة تشاد، وتأسف للتجاهل الدولي للمهجرين السودانيين، مؤكدة أن ما يحدث هو فضح للمنظمات التي تقدم أعذاراً، خاصة بالمعابر، لإيصال المساعدات في ظل معاناة الآلاف من السودانيين بالمعسكرات بدولة تشاد.