مصر: مطالبات تعديل نظام الانتخابات البرلمانية تصطدم بـ«ضيق الوقت»

سياسيون رجّحوا الإبقاء على الوضع الحالي لقرب الاستحقاق

مجلس النواب المصري (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)
مجلس النواب المصري (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)
TT

مصر: مطالبات تعديل نظام الانتخابات البرلمانية تصطدم بـ«ضيق الوقت»

مجلس النواب المصري (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)
مجلس النواب المصري (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)

على الرغم من توافق عدد من القوى السياسية المصرية على ضرورة إدخال تعديلات على قوانين الانتخابات البرلمانية، وصيغة النظام الانتخابي، فإن تلك المطالب «تصطدم بضيق الوقت»، مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي نهاية العام، مما رجّح الإبقاء على نظام الانتخابات «المختلط» القائم حالياً.

ومن المقرر إجراء انتخابات مجلسَي النواب والشيوخ قبل نهاية العام الحالي، وفقاً لنصوص الدستور التي تقضي بإجراء الانتخابات قبل 60 يوماً من انتهاء مدة المجلسَيْن الحالية، وهو ما يعني الدعوة إلى انتخابات «الشيوخ» في أغسطس (آب) المقبل، يلي ذلك إجراء انتخابات النواب، في نوفمبر (تشرين الثاني)، قبل نهاية فترة المجلس الحالي، في يناير (كانون الثاني) 2026.

ووفق القانون تُجرى انتخابات المجلسَيْن بنظام مختلط، بواقع 50 في المائة بالنظام الفردي، و50 في المائة بنظام القوائم المغلقة المطلقة، مع أحقية الأحزاب والمستقلين في الترشح بكليهما معاً. غير أن أحزاباً وقوى سياسية تطالب بتعديله، وجرت بالفعل مناقشة عدد من المقترحات بشأنها في جلسات «الحوار الوطني».

مجلس الشيوخ المصري (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)

وتواصل الحكومة المصرية استعداداتها للانتخابات، وفق وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، المستشار محمود فوزي، الذي أشار في إفادة للوزارة الأسبوع الماضي، إلى أن «الهيئة الوطنية للانتخابات جاهزة لإدارة العملية الانتخابية، بصفتها الجهة المنوط بها تحديد مواعيد تفصيلية للانتخابات».

وفي أغسطس (آب) عام 2023، ناقش «الحوار الوطني» الذي يضم شخصيات عامة وحزبية، إمكانية تعديل النظام الانتخابي، ومع صعوبة التوصل إلى نظام بديل يحظى بتوافق القوى السياسية، أرسل «مجلس الحوار» توصيات إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بـ3 مقترحات للنظام الانتخابي.

وتتضمّن المقترحات الإبقاء على الوضع الحالي، أو إقرار نظام القائمة النسبية بنسبة 100 في المائة، في 15 دائرة انتخابية، على ألا يقل عدد مقاعد كل دائرة عن 40 مقعداً، في حين دعا المقترح الثالث إلى تطبيق نظام مختلط، يجمع بين القوائم المغلقة والمطلقة، والقوائم النسبية، والنظام الفردي، بنسب متباينة.

ويرى سياسيون أن ضيق الوقت قد يُصعّب عملية تعديل قانون الانتخابات. يقول رئيس حزب «العدل» المصري، عبد المنعم إمام، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «اقتراب موعد الاستحقاق قد يدفع الحكومة إلى إجراءات الانتخابات بالنظام الحالي»، مشيراً إلى أن «هذا الخيار إحدى توصيات الحوار الوطني، ولا يحتاج إلى تعديل تشريعي»، وقال إن «حزبه بدأ في ترتيبات الانتخابات، لاختيار المرشحين الذين سيخوضون المنافسة ضمن قوائمه، وفق النظام الحالي».

ويرى نائب رئيس حزب «المؤتمر»، رضا فرحات، أن «أي تغيير في نظام الانتخاب حالياً سيسبّب ارتباكاً للأحزاب»، وقال: «الأرجح، اعتماد النظام الحالي، بسبب اقتراب الاستحقاق»، مشيراً إلى أن «غالبية الأحزاب بدأت ترتيب قوائمها وتحالفاتها، على أساس قانون الانتخابات الحالي».

ويرجح فرحات، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، «إعلان أكثر من تحالف حزبي، لخوض انتخابات البرلمان المقبلة، بعد زيادة عدد الأحزاب المشهرة بمصر مؤخراً»، إلى جانب «تحالف الأحزاب السياسية الذي يمتلك الأغلبية البرلمانية في المجلس الحالي».

وإلى جانب 87 حزباً مشهراً في مصر، أعلنت لجنة شؤون الأحزاب المصرية (لجنة قضائية)، موافقتها على تأسيس حزبي «الوعي» الذي يضم سياسيين ونشطاء، و«الجبهة الوطنية» الذي يضم مسؤولين سابقين وبرلمانيين ونقابيين، وأعلن الأخير عن تشكيل «أكبر تحالف سياسي» لخوض الانتخابات المقبلة.

ويستبعد عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، عماد الدين حسين، (الأمين العام المساعد للإعلام بحزب «الجبهة الوطنية»)، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، «إجراء مناقشات جديدة داخل (الحوار الوطني) بشأن القانون، نظراً إلى اقتراب موعد الاستحقاق».

وعلى الرغم من أن رئيس حزب «الشعب الديمقراطي» في مصر، خالد فؤاد، يعتقد أن مناقشة قوانين الانتخابات «ستكون أولوية لدى البرلمان خلال الفترة المقبلة»، غير أنه رجح «الإبقاء على النظام الحالي لضيق الوقت»، مشيراً إلى أن «التعديلات قد تكون على عدد مقاعد البرلمان، وتقسيم الدوائر الانتخابية، وفق التوزيع النسبي للسكان»، دون تغيير نظام الانتخابات.

ومن المقرر أن يستأنف مجلس النواب المصري جلساته العامة، في 13 أبريل (نيسان) الحالي.

وأوضح فؤاد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «زيادة عدد السكان تفرض إعادة النظر في تقسيم الدوائر الانتخابية»، وقال: «تحالفات الأحزاب وإعداد قوائمها الانتخابية مرتبط بشكل أساسي، بحدود الدوائر التي سينافسون فيها».

ويبلغ عدد أعضاء مجلس النواب المنتخبين 568 عضواً، وفقاً لنصوص الدستور المصري، في حين يُجرى انتخاب 200 عضو بمجلس الشيوخ، من أصل 300 عضو، على أن يتمّ تعيين الباقي من قِبل رئيس الجمهورية.

ويرى نائب رئيس حزب «المؤتمر» أنه كان من تحديات زيادة مقاعد مجلس النواب «ضيق قاعة مجلس النواب في مقره التاريخي بوسط القاهرة»، وقال إن «هذه الإشكالية تمّ تجاوزها بافتتاح مقر جديد للبرلمان في العاصمة الإدارية يستوعب نحو 1000 عضو».

بينما يعتقد رئيس حزب «العدل»، أن زيادة مقاعد البرلمان «لن تفيد المجلس»، مشيراً إلى أنه «يرى ضرورة تخفيض العدد وليس زيادته، لضمان الفاعلية البرلمانية»، وقال: «أداء البرلمان ليست له علاقة بنسب تمثيل السكان، لكن الأهم، القدرة على ممارسة دور تشريعي ورقابي فاعل».


مقالات ذات صلة

البرلمان المصري يناقش تعديل قوانين الانتخابات عشية إجرائها

شمال افريقيا جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (مجلس النواب المصري)

البرلمان المصري يناقش تعديل قوانين الانتخابات عشية إجرائها

يستعد مجلس النواب المصري لمناقشة تعديل قوانين الانتخابات قبيل أشهر قليلة من الاستحقاق الانتخابي، وسط ترقب من جانب القوى السياسية والحزبية لمضمون التعديلات.

عصام فضل (القاهرة)
العالم العربي أحزاب مصرية معارضة نظَّمت مؤتمراً تحت عنوان «لا لطرد المستأجرين» لرفض مشروع قانون حكومي لتعديل «الإيجار القديم» (الحركة المدنية)

حراك لافت للأحزاب المصرية مع اقتراب الانتخابات البرلمانية

تشهد الساحة الحزبية في مصر حراكاً لافتاً قبل أشهر من الانتخابات البرلمانية المرتقبة نهاية العام الحالي، مدفوعة بتعديلات حكومية لقوانين حيوية أثارت جدلاً.

رحاب عليوة (القاهرة)
العالم العربي لجنة برلمانية مصرية تناقش الآراء حول مشروع القانون الذي قدمته الحكومة حول الإيجار القديم (مجلس النواب)

مصر: معارضة واسعة لمشروع قانون «الإيجار القديم» تفتح الباب لتعديله

يواجه مشروع قانون «الإيجار القديم»، المقترح من الحكومة المصرية، معارضة واسعة داخل مجلس النواب المصري، ومطالبات بضرورة إعادة النظر في مواد رئيسية به.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي حي المطرية الشعبي بالقاهرة (الشرق الأوسط)

قلق لدى قاطني «الإيجار القديم» في مصر مع تعديلات قانونية مرتقبة

منذ أقدمت الحكومة المصرية على تعديل مشروع قانون «الإيجار القديم»، استجابةً لحكم المحكمة الدستورية، يعيش كثيرون ممن هم تحت طائلة القانون القديم في قلق مستمر.

رحاب عليوة (القاهرة)
العالم العربي وزير الأوقاف المصري يشهد مناقشة مشروع قانون تنظيم الإفتاء أمام لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب (دار الإفتاء)

صلاحيات الفتوى تفجر جدلاً دينياً وتشريعياً في مصر

فجّرت صلاحيات الفتوى جدلاً دينياً وتشريعياً في مصر تزامناً مع موافقة لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس النواب (البرلمان) من حيث المبدأ على مشروع قانون.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إسرائيل تعترض باليستيين حوثيين والجماعة تهدد بالمزيد

اعتراض صاروخ قال الجيش الإسرائيلي إنه أُطلق من اليمن شوهد من مدينة عسقلان (رويترز)
اعتراض صاروخ قال الجيش الإسرائيلي إنه أُطلق من اليمن شوهد من مدينة عسقلان (رويترز)
TT

إسرائيل تعترض باليستيين حوثيين والجماعة تهدد بالمزيد

اعتراض صاروخ قال الجيش الإسرائيلي إنه أُطلق من اليمن شوهد من مدينة عسقلان (رويترز)
اعتراض صاروخ قال الجيش الإسرائيلي إنه أُطلق من اليمن شوهد من مدينة عسقلان (رويترز)

فيما أبلغ سكان في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء عن دوي انفجارات وتصاعد الدخان بموقعين على الأقل قرب مطار المدينة، تبنت الجماعة الحوثية، الخميس، إطلاق صاروخين باليستيين وطائرتين مسيّرتين باتجاه إسرائيل، وتوعدت بالمزيد في سياق ما تقول إنه مساندة للفلسطينيين في غزة.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخين لم يشر إلى الطائرتين المسيرتين، وسط مخاوف يمنية من موجة تاسعة من الغارات الانتقامية رداً على هذه الهجمات.

وقال يحيى سريع المتحدث العسكري باسم الحوثيين في بيانين منفصلين، الخميس، إن جماعته استهدفت في المرة الأولى مطار بن غوريون في تل أبيب بصاروخٍ باليستي اسمه «ذو الفقار».

وزعم المتحدث الحوثي أن العملية حققت هدفها، وأدت إلى هروب الإسرائيليين إلى الملاجئ، وأوقفت حركة المطار قرابة ساعة، كما زعم مهاجمة هدفين في تل أبيب وحيفا بطائرتين مسيرتين.

نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي «القبة الحديدية» اعترض مقذوفاً فوق مدينة نابلس بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

وفي البيان الثاني، قال سريع إن جماعته استهدفت المطار نفسه بصاروخ باليستي فرط صوتي أدى إلى توقف حركة المطار والدخول إلى الملاجئ، متوعداً بمزيد من الهجمات حتى توقف إسرائيل حربها على غزة، وتسمح بدخول المساعدات.

من جهته، أفاد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي أفيخاي أدرعي باعتراض صاروخين أطلقا من اليمن في عمليتين منفصلتين، مشيراً إلى تفعيل صفارات الإنذار في عدد من المناطق الإسرائيلية، دون الحديث عن أي أضرار.

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الحوثيين لا تفيد الفلسطينيين في غزة، بقدر ما تستدعي إسرائيل لشن ضربات تدمر ما بقي من المنشآت الحيوية والبنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

انفجارات غامضة

بالتزامن مع الهجمات الحوثية الجديدة باتجاه إسرائيل سمع السكان في صنعاء دوي انفجارات قوية في الأنحاء القريبة من المطار، كما شاهدوا أعمدة من الدخان تتصاعد من أماكن الانفجارات.

ومع الاعتقاد للوهلة الأولى أن هذه الانفجارات ناجمة عن ضربات إسرائيلية جديدة، لم تتطرق الجماعة الحوثية إلى الأمر، كما لم تتبن أي جهة تنفيذ أي ضربات، وهو ما يرجح فرضية أن تكون الانفجارات ناجمة عن عمليات إطلاق فاشلة لصواريخ أو مسيّرات مفخخة.

انفجار في صنعاء يعتقد أنه جراء عملية فاشلة لإطلاق صاروخ حوثي (إكس)

وسبق أن هاجمت الجماعة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 نحو 100 سفينة، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أطلقت أكثر من 200 صاروخ ومسيّرة باتجاه إسرائيل حتى 19 يناير (كانون الثاني) الماضي.

ولم تحقق هجمات الحوثيين أي نتائج مؤثرة على إسرائيل، باستثناء مقتل شخص بطائرة مسيّرة ضربت شقته في تل أبيب 19 يوليو (تموز) 2024.

ومنذ انهيار الهدنة بين إسرائيل و«حركة حماس»، عادت الجماعة للهجمات الجوية، وأطلقت ابتداء من 17 مارس (آذار) الماضي نحو 27 صاروخاً باتجاه إسرائيل وطائرات مسيرة كثيرة.

وكان أخطر هذه الهجمات الأخيرة انفجار أحد الصواريخ قرب مطار بن غوريون في 4 مايو (أيار) الحالي، محدثاً حفرة ضخمة بعد أن فشلت الدفاعات الجوية في اعتراضه.

حطام طائرة مدنية في مطار صنعاء إثر ضربات إسرائيلية انتقامية رداً على هجمات الحوثيين (أ.ف.ب)

وفتح هذا الهجوم المجال لإسرائيل لشن ضربات انتقامية كثيرة دمرت بها ميناء الحديدة ومطار صنعاء ومصنعي أسمنت ومحطات كهرباء، قبل أن تشن الجمعة الماضي، الموجة الثامنة من هذه الضربات الانتقامية على الحديدة والصليف.

وتوّعدت إسرائيل باستمرار ضرباتها، وهددت على لسان وزير دفاعها بتصفية زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أسوة بما حدث مع زعيم «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله، وقادة «حركة حماس».

ومن المرجح أن تستمر تل أبيب من وقت لآخر في ضرب المنشآت الخاضعة للحوثيين رداً على الهجمات، لكن يستبعد المراقبون للشأن اليمني أن تكون الضربات ذات تأثير حاسم على بنية الجماعة وقادتها وأسلحتها بسبب البُعد الجغرافي.