سكان صنعاء يحمّلون الحوثيين مسؤولية استدعاء الغارات الأميركية

وصفوا الضربات بأنها الأعنف من سابقاتها

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)
دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)
TT
20

سكان صنعاء يحمّلون الحوثيين مسؤولية استدعاء الغارات الأميركية

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)
دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

أثارت الضربات الأميركية على العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، موجة سخط واسعة بين سكان المدينة؛ حيث أجمعوا على تحميل قادة الجماعة الحوثية مسؤولية مساعيها لإشعال فتيل حرب جديدة، واستدعائها لهذه الغارات، مع تجاهلها المستمر للمخاطر المحدقة بملايين السكان أمنياً ومعيشياً.

ووصف السكان في صنعاء الغارات الأخيرة على مناطق مدينتهم بأنها الأشد والأعنف من سابقاتها من الضربات الإسرائيلية والغربية، موضحين أنها أثارت حالةً من الرعب غير المسبوق، وألحقت أضراراً كبيرة بعدد من المساكن القريبة من المواقع المستهدَفة، التابعة للحوثيين.

وأبدى أسامة، وهو مالك محل ملابس بصنعاء تخوفه من عدم الوصول إلى أي اتفاق فيما تبقَّى من أيام شهر رمضان يُفضي إلى وقف فوري للتصعيد الحوثي ضد الملاحة الدولية، وإيقاف الضربات على صنعاء وبقية المدن.

وأوضح مالك المتجر لـ«الشرق الأوسط»، أن الغارات على صنعاء كانت «مخيفة»، وأشاعت حالة رعب بين السكان، وأرغمت كثيراً منهم، لا سيما النساء، على الامتناع عن الخروج للأسواق لشراء مستلزمات عيد الفطر.

الغارات الأميركية حوَّلت ليل صنعاء إلى نهار (إعلام محلي)
الغارات الأميركية حوَّلت ليل صنعاء إلى نهار (إعلام محلي)

واضطر أسامة - وهو موظف حكومي سابق أقصته الجماعة من عمله في إحدى المؤسسات قبل أشهر عدة - إلى بيع ما تبقى من حُلي زوجته وتأسيس مشروع متواضع، لكنه يُبدي خشيته من استمرار التصعيد الحوثي الذي قد يقود إلى توسُّع واشتداد الغارات على صنعاء، وتأثير ذلك سلباً على تجارته من الملابس.

وعقب كل غارة أميركية على صنعاء خلال الأسبوع الماضي تكاد تخلو الشوارع من المارة بما فيها تلك الواقعة إلى شمال المدينة ووسطها، حيث يُسارِع السكان للعودة إلى منازلهم خشية حصول أي مكروه لهم أو لذويهم؛ بسبب الضربات.

نزوح ومعاناة

مع تكثيف الطيران الأميركي غاراته الجوية على منطقة الجراف التابعة لمديرية الثورة شمال صنعاء، اضطر عبد الله، وهو أحد سكان حارة الربعين بحي الجراف الغربي، إلى النزوح إلى منزل أحد أقربائه في جنوب صنعاء؛ حِفاظاً على سلامة عائلته.

ويحكي عبد الله لـ«الشرق الأوسط»، عن حالة رعب غير مسبوقة عاشها مع أفراد عائلته على مدى الأيام القليلة الماضية وقبيل النزوح من الحارة إثر الغارات الأميركية المتوالية على المناطق القريبة منهم في الجراف؛ حيث تعدّ المنطقة مركزاً للموالين للحوثيين.

وقال: «إن حارات القيوم، والبلسة، والمؤيد، والنوبة، وبير زيد، وعرهب، وغيرها في الجراف الغربي والشرقي بصنعاء باتت حالياً شبه خالية من السكان، بعد أن لجأ كثير منهم للنزوح الإجباري إلى مناطق عدة أكثر أمناً بصنعاء وخارجها».

مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

وأضاف أن الجماعة الانقلابية مارست مختلف الضغوط عليهم لإرغامهم على البقاء في منازلهم حتى يكونوا عرضةً لأي استهداف قادم؛ بغية استثمار ذلك إنسانياً على مستويى الداخل والخارج.

ويعاني سكان صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، من صعوبة العيش، وغياب أبسط الخدمات، وغلاء الأسعار، وانقطاع الرواتب، وتدهور الحالتين الأمنية والاقتصادية، وتفشي البطالة، واستمرار سياسات الفساد والتجويع.

من جهته يحمّل جمال وهو أحد سكان حي عصر في صنعاء قادة الجماعة الحوثية كامل المسؤولية لما تَعرَّض له وأفراد عائلته من حالة فزع ورعب شديدة، وتَعرُّض زجاج منزله للتهشيم جراء غارة أميركية، وصفها بـ«العنيفة» استهدفت منطقة فج عطان القريبة من الحي الذي يقع فيه منزله.

وأكد جمال وجود حالة سخط بين سكان الحي لجهة استدعاء الانقلابيين الحوثيين لهذه الغارات وما سبقتها من ضربات إسرائيلية وأميركية وبريطانية. وقال إنه يأمل في أن يتم الضغط بأي طريقة على قادة الجماعة لإجبارهم على وقف التصعيد الذي قد يجر البلد إلى مزيد من الفوضى.

وكانت الولايات المتحدة أطلقت، الأسبوع الماضي، حملةً جديدةً ضد الحوثيين أمر بها الرئيس ترمب، استهدفت صنعاء و7 محافظات أخرى، وطاولت لأول مرة حي الجراف شمال صنعاء الذي يعدّ معقلاً رئيسياً للجماعة الحوثية.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يرصد إطلاق صاروخ من اليمن

شؤون إقليمية منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية المضادة للصواريخ تعترض صاروخاً أُطلق باتجاه إسرائيل (رويترز - أرشيفية)

الجيش الإسرائيلي يرصد إطلاق صاروخ من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم الجمعة، إنه رصد إطلاق صاروخ من جهة اليمن نحو إسرائيل، وإن أنظمة الدفاع الجوي تعمل على اعتراضه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي لهب ودخان يتصاعد في ليل صنعاء إثر غارات أميركية على موقع مفترض للحوثيين (إ.ب.أ)

أميركا تكثّف ضرباتها على الحوثيين ووزير دفاعها يتوعّد إيران

ركزت الولايات المتحدة ضرباتها، الخميس، على تحصينات الحوثيين في صعدة والجوف، في حين توعد وزير دفاعها إيران لجهة دعمها لهجمات الجماعة

علي ربيع (عدن)
العالم العربي حوثيون على متن دورية أثناء اعتقالهم تجاراً وأصحاب مهن في صنعاء (الشرق الأوسط)

​مقاطعة البضائع الأميركية... ذريعة حوثية لابتزاز التجار

دهم الحوثيون جملة من المحال التجارية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء ومدن أخرى بهدف فرض مزيد من الإتاوات بالقوة تحت ذريعة مقاطعة البضائع الأميركية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي اللواء سلطان العرادة خلال استقباله رئيس وأعضاء التكتل الوطني للأحزاب (سبأ)

العرادة يدعو إلى تجاوز أخطاء الأمس ومواجهة الحوثيين

دعا نائب الرئيس اليمني المكونات والأحزاب السياسية إلى رأب الصدع وتجاوز أخطاء الأمس، والتركيز على الحاضر والمستقبل لتعزيز الجبهة الداخلية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي صورة نشرتها القيادة المركزية الأميركية للشرق الأوسط (سنتكوم) على منصة «إكس» في 28 أبريل 2025 تظهر طائرات أميركية تستعد لشن هجمات على الحوثيين (القيادة المركزية الأميركية)

البنتاغون: الجيش الأميركي استهدف أكثر من ألف موقع في اليمن منذ منتصف مارس

استهدف الجيش الأميركي منذ منتصف مارس (آذار) أكثر من ألف موقع في اليمن حيث تشنّ واشنطن ضربات جويّة ضدّ الحوثيين، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

​مقاطعة البضائع الأميركية... ذريعة حوثية لابتزاز التجار

حوثيون على متن دورية أثناء اعتقالهم تجاراً وأصحاب مهن في صنعاء (الشرق الأوسط)
حوثيون على متن دورية أثناء اعتقالهم تجاراً وأصحاب مهن في صنعاء (الشرق الأوسط)
TT
20

​مقاطعة البضائع الأميركية... ذريعة حوثية لابتزاز التجار

حوثيون على متن دورية أثناء اعتقالهم تجاراً وأصحاب مهن في صنعاء (الشرق الأوسط)
حوثيون على متن دورية أثناء اعتقالهم تجاراً وأصحاب مهن في صنعاء (الشرق الأوسط)

دهمت الجماعة الحوثية عدداً من الشركات والمحلات التجارية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء ومدن أخرى، بهدف فرض مزيد من الإتاوات بالقوة، تحت ذريعة مقاطعة البضائع الأميركية.

واشتكى تجار ورجال أعمال في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار المضايقات الحوثية لهم، وأفادوا بأن مندوبين برفقة مسلحين يتبعون وزارة التجارة في حكومة الانقلاب اقتحموا العشرات من الشركات والمحال التجارية بمناطق متفرقة بصنعاء بغية الابتزاز، وتحت ذريعة مقاطعة المنتجات والسلع الأميركية.

وكشف تجار في مناطق باب اليمن والتحرير وشميلة والزبيري وشارع الستين بصنعاء، عن قيام عناصر الجماعة أثناء عملية الدهم بتفتيش المستودعات وحصر البضائع بغية الاستيلاء عليها بالقوة بزعم أنها سلع تخضع لقرار المقاطعة.

وأوضحوا أن مندوبي الجماعة خيروهم بين دفع إتاوات بوصفها غرامة تأديبية أو مصادرة كميات السلع والبضائع التي كان التجار أعادوا تخزينها خوفاً من مصادرتها.

عنصر حوثي في صنعاء يجمع التبرعات لصالح «حزب الله» اللبناني (إكس)
عنصر حوثي في صنعاء يجمع التبرعات لصالح «حزب الله» اللبناني (إكس)

وكان رئيس مجلس الحكم الحوثي الانقلابي مهدي المشاط، أعلن قبل أيام عن قرار يقضي بمنع دخول وتداول المنتجات الأميركية في مناطق سيطرة الجماعة، مع منح مهلة للتجار تبلغ ثلاثة أشهر لتنفيذ القرار، مع التهديد باتخاذ «عقوبات صارمة» بحق المخالفين.

وفي حين لم تصدر وزارة التجارة الخاضعة للجماعة أي قوائم تتعلق بالبضائع والمنتجات الخارجية التي شملها قرار المقاطعة، يتخوف التجار في صنعاء من تصاعد حملات النهب والابتزاز ضدهم وفق الذريعة نفسها، مرجحين أن يؤدي القرار الحوثي إلى مزيد من التهاوي للاقتصاد الذي يعاني أصلاً من الانهيار المستمر، حيث يعتمد غالبيتهم على الاستيراد لتلبية الاحتياجات الأساسية.

حملة تعسف

يتحدث خالد، وهو مالك مول تجاري بصنعاء تعرض للدهم الحوثي، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن عناصر الجماعة قاموا باقتحام أحد المخازن التابعة له في شارع الستين لغرض الاستيلاء على كميات من المنتجات والسلع المتنوعة كان التاجر قد امتنع عن بيعها وألقاها بذلك المخزن استجابة لدعوة المقاطعة.

ولدى محاولة التاجر إقناع مندوبي الجماعة بأن هذه المنتجات لم تعد معروضة للبيع لكونها وضعت في المخازن، فرض الحوثيون غرامة مالية عليه تقدر بنحو 150 ألف ريال يمني (الدولار يساوي نحو 530 ريالاً يمنياً بمناطق الحوثيين) بذريعة عدم التزامه بتصريفها في الأشهر السابقة.

الضربات الأميركية دمرت مستودعات الوقود في ميناء رأس عيسى النفطي الخاضع للحوثيين (رويترز)
الضربات الأميركية دمرت مستودعات الوقود في ميناء رأس عيسى النفطي الخاضع للحوثيين (رويترز)

ويتهم التاجر الجماعة الحوثية بالسعي مُجدداً لابتزاز التجار وفرض جبايات بالقوة دعماً للمجهود الحربي، تحت عدة أسماء غير قانونية.

ويعاني القطاع الخاص اليمني، بما فيه القطاعان التجاري والصناعي، منذ أكثر من 10 أعوام أعقبت الانقلاب الحوثي والحرب، من سلسلة حملات تعسف ونهب وإغلاق ومصادرة وفرض جبايات مالية غير قانونية.

أسوأ الاقتصادات

يأتي التعسف الحوثي ضد التجار في وقت أظهرت فيه شركة «براند فيجين» المعنية برصد العلامات التجارية، بحسب تقرير حديث - أن اليمن ضمن قائمة أسوأ ثمانية اقتصادات في العالم في عام 2025، واحتل اليمن - وفق القائمة - المرتبة الثانية.

باعة يتعرضون للابتزاز من قبل مسلحي الجماعة الحوثية (فيسبوك)
باعة يتعرضون للابتزاز من قبل مسلحي الجماعة الحوثية (فيسبوك)

ودمّر الانقلاب والحرب الحوثية كل القطاعات في اليمن، ما أدى إلى حالات ركود متكررة، حيث شهد اليمن بالفترة بين 2015 و2023 انخفاضاً بنسبة 54 في المائة بنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، ما ترك غالبية اليمنيين في حالات فقر متفاوتة، وفق ما ذكره البنك الدولي.

وسبق أن شنت جماعة الحوثيين في أوقات سابقة حملات ابتزاز على عدد من الشركات والمحلات التجارية في صنعاء ومدن أخرى بذريعة مقاطعة المنتجات الأميركية، حيث تسعى الجماعة من خلال ذلك إلى تضييق الخناق على ما تبقى من التجار الذين يعملون في البلاد لإحلال طبقة جديدة من التجار التابعين لها مكانهم.