غارات في الحديدة مع نهاية الأسبوع الأول من حملة ترمب ضد الحوثيين

وزير يمني حذّر من تنامي الدعم الإيراني للجماعة

دخان يتصاعد جراء ضربات أميركية استهدفت الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
دخان يتصاعد جراء ضربات أميركية استهدفت الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT
20

غارات في الحديدة مع نهاية الأسبوع الأول من حملة ترمب ضد الحوثيين

دخان يتصاعد جراء ضربات أميركية استهدفت الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
دخان يتصاعد جراء ضربات أميركية استهدفت الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

فيما حذّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني من خطورة تنامي الدعم الإيراني للجماعة الحوثية، مع تدفق موالين لطهران إلى صنعاء، واصل الجيش الأميركي، الجمعة، حملته التي أمر بها ترمب ضد الجماعة مستهدفاً في ختام الأسبوع الأول من الحملة مواقع في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر.

ومع توعد الجيش الأميركي باستمرار الحملة دون سقف زمني، لم تتحدث الجماعة الحوثية عن طبيعة الأهداف المقصوفة بـ6 غارات في منطقة الفازة التابعة لمديرية التحيتا، إلا أن تكهنات تشير إلى استهداف مخابئ للصواريخ والمسيّرات ومراكز للقيادة.

وجاءت الضربات غداة غارات كانت استهدفت، مساء الخميس، منطقة الكثيب في مدينة الحديدة، وأخرى ضربت موقعاً في مديرية زبيد في المحافظة نفسها، إلى جانب غارات استهدفت مديرية الصفراء في محافظة صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويوم الخميس، كانت الجماعة قد تبنّت إطلاق صاروخين باليستيين باتجاه إسرائيل، وأعلنت الأخيرة اعتراضهما دون أضرار، وذلك بعد صاروخ ثالث كانت الجماعة أطلقته الثلاثاء الماضي، منذ عودتها للتصعيد عقب عودة العمليات الإسرائيلية في غزة، وتعثر تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمر جيش بلاده بشنّ حملة ضد الحوثيين وتوعدهم بـ«القوة المميتة»، قبل أن يعزز تلك التصريحات بالتهديد بـ«القضاء عليهم تماماً»، في سياق سعي إدارته لتأمين الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن.

وخلال أول يوم من الضربات التي استهدفت صنعاء، و6 محافظات أخرى، السبت الماضي، أقرّت الجماعة الحوثية باستقبال أكثر من 40 غارة، وادّعت سقوط العشرات من المدنيين بين قتيل وجريح، في حين قال مسؤولون أميركيون إن الضربات شملت قادة أساسيين في الجماعة المدعومة من إيران.

تصعيد مستمر

رداً على الحملة الأميركية وانهيار وقف النار بين إسرائيل وحركة «حماس»، توعد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بالتصعيد إلى «أعلى المستويات» باتجاه إسرائيل، وزعمت جماعته أنها هاجمت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع الحربية المرافقة لها 5 مرات خلال أسبوع بالصواريخ والمسيرات، دون أن يعلن الجيش الأميركي عن أي آثار لهذه الهجمات.

ومع استئناف الجماعة الحوثية هجماتها باتجاه إسرائيل، على الرغم من عدم فاعليتها على مستوى التأثير القتالي، يتخوف اليمنيون من عودة تل أبيب إلى ضرباتها الانتقامية ضد المنشآت الحيوية الخاضعة للجماعة، كما حدث خلال 5 موجات سابقة ابتداء من يونيو (حزيران) الماضي.

صواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
صواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

ويزعم الحوثيون أن تصعيدهم البحري والإقليمي هو من أجْل مناصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تبنوا منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 حتى هدنة غزة بين إسرائيل وحركة «حماس» مهاجمة 211 سفينة.

وأطلقت الجماعة خلال 14 شهراً نحو 200 صاروخ وطائرة مُسيَّرة باتجاه إسرائيل، دون أن تكون لها نتائج عسكرية مؤثرة، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

وشنّت إسرائيل 5 موجات من ضرباتها الجوية، ابتداء من 20 يونيو الماضي رداً على الهجمات الحوثية، مستهدفة بنية تحتية، بما فيها ميناءا الحديدة ورأس عيسى على البحر الأحمر، وخزانات للوقود ومطار صنعاء، وكان آخر هذه الغارات في 10 يناير (كانون الثاني) الماضي.

وأدّت هجمات الحوثيين البحرية إلى غرق سفينتين، وقرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، ومقتل 4 بحارة، في حين استقبلوا نحو ألف غارة أميركية وبريطانية منذ 12 يناير 2024 حتى سريان الهدنة في غزة، دون أن يؤدي ذلك إلى وقف هجماتهم التي تقول واشنطن إنها مدعومة من إيران.

تحذير يمني

على وقع هذه التطورات، حذّر معمر الإرياني، وهو وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، مما وصفه بـ«تصعيد إيراني خطير» على خلفية وصول قيادات من «الحشد الشعبي» العراقي، و«حزب الله» اللبناني، وخبراء إيرانيين إلى العاصمة المختطفة صنعاء، تحت غطاء «المؤتمر الثالث لفلسطين» بهدف تعزيز التنسيق بين قيادات ما يسمى «محور المقاومة».

وقال الإرياني إن هذا التصعيد «يكشف بوضوح نوايا إيران في تصعيد الأوضاع في اليمن، وتحويل الأراضي اليمنية إلى منصة لتصفية الحسابات الإقليمية وتهديد المصالح الدولية، في تحدٍّ سافر للقرارات الدولية، واستمرار لمشروعها التخريبي في المنطقة والعالم»، وفق تعبيره.

مقاتلة أميركية تنطلق من على متن الحاملة «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (رويترز)
مقاتلة أميركية تنطلق من على متن الحاملة «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (رويترز)

واتهم الوزير اليمني إيران بأنها تدفع بمزيد من الأسلحة والخبراء العسكريين إلى صنعاء، مستفيدة من مطار صنعاء والمنافذ البحرية التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية لتغذية الحرب.

وجدّد الوزير التحذير من تنامي الدعم المباشر من إيران والميليشيات التابعة لها لتعزيز العمليات العسكرية للحوثيين، وتحويل اليمن إلى ساحة صراع إقليمية وخط إمداد جديد لما يُعرف بـ«محور المقاومة».

وأضاف الإرياني، في تصريح رسمي، الجمعة، القول إن «التوسع العسكري الإيراني في اليمن لا يهدد أمن البلد فحسب، بل يشكل خطراً مباشراً على أمن المنطقة والملاحة الدولية، فالحوثيون ليسوا سوى أداة إيرانية لضرب استقرار المنطقة وفرض أجندة طهران في البحر الأحمر وباب المندب».

ودعا الوزير اليمني إلى اتخاذ إجراءات صارمة لمنع تحول اليمن إلى نقطة ارتكاز عسكرية لإيران وحلفائها، وذلك عبر منع سفر قادة الحوثيين وحظر دخول عناصر «الحشد الشعبي» والخبراء الإيرانيين واللبنانيين إلى بلاده، وتشديد الرقابة على الرحلات الجوية والمنافذ البحرية، وفرض رقابة دولية على مطار صنعاء، لمنع استغلاله كمعبر عسكري بدلاً من منفذ إنساني.


مقالات ذات صلة

ألغام الحوثيين تقتل وتصيب 6400 يمني خلال 8 سنوات

العالم العربي تقديرات يمنية بأن الحوثيين زرعوا أكثر من مليوني لغم (سبأ)

ألغام الحوثيين تقتل وتصيب 6400 يمني خلال 8 سنوات

وثَّقت شبكة يمنية حقوقية مقتل 2316 مدنياً وإصابة 4115 آخرين، بينهم نساء وأطفال؛ نتيجة الألغام التي زرعها الحوثيون خلال 8 سنوات.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عناصر في الحديدة اليمنية يعاينون الأضرار إثر غارة أميركية على موقع خاضع للحوثيين (أ.ف.ب)

ترمب يكشف عن ضربة واحدة قتلت عشرات الحوثيين في الحديدة

مع تراجع كثافة الغارات الأميركية ضد الحوثيين في مستهل الأسبوع الرابع، كشف ترمب عن واحدة من أقسى الضربات الجوية التي قتلت عشرات من عناصر الجماعة في الحديدة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (أ.ف.ب)

تقديرات أميركية باستمرار حملة ترمب ضد الحوثيين 6 أشهر

وسط تقديرات أميركية باستمرار الحملة التي أطلقها الرئيس دونالد ترمب ضد الحوثيين 6 أشهر، تواصلتْ الضربات في نهاية أسبوعها الثالث على معقل الجماعة الرئيسي في صعدة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي قادة الصف الأول للحوثيين اختفوا من صنعاء وانقطع التواصل معهم (إعلام حوثي)

حوثيّو الصف الأول يختفون من صنعاء هلعاً من ضربات ترمب

اختفى كبار قادة الجماعة الحوثية من الصف الأول عن الظهور العام في صنعاء وقطعوا وسائل التواصل المعتادة هلعاً من الضربات الأميركية التي أمر بها الرئيس دونالد ترمب

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مؤيدون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

العقوبات الأميركية تبدأ تجفيف أهم الموارد المالية للحوثيين

سيفقد الحوثيون ابتداء من اليوم (الجمعة) واحداً من أهم مواردهم المالية مع سريان قرار الولايات المتحدة منع استيراد المشتقات النفطية عبر المواني التي يسيطرون عليها

محمد ناصر (تعز)

العقوبات الأميركية تبدأ تجفيف أهم الموارد المالية للحوثيين

مؤيدون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مؤيدون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT
20

العقوبات الأميركية تبدأ تجفيف أهم الموارد المالية للحوثيين

مؤيدون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مؤيدون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

سيفقد الحوثيون ابتداء من اليوم (الجمعة) واحداً من أهم مواردهم المالية مع سريان قرار الولايات المتحدة منع استيراد المشتقات النفطية عبر المواني التي يسيطرون عليها على ساحل البحر الأحمر، وهي الموارد التي تقدر بنحو مليار دولار، مضافاً إليها عائدات بيع النفط الذي يحصلون عليه بشكل غير قانوني، والذي يُهرّب من دول تخضع للحظر الأميركي.

وأكدت مصادر حكومية يمنية وأخرى اقتصادية لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كانت تحصل على شحنات من النفط وغاز الطهي بشكل غير قانوني من دول تخضع للحظر الأميركي، عن طريق تزوير وثائق بلد المنشأ لهذه المنتجات.

وكان ذلك - بحسب المصادر - يوفر للجماعة مئات الملايين من الدولارات، إلى جانب توفير الوقود المطلوب للمعارك والأجهزة الأمنية وغيرها، فضلاً عن الرسوم التي يتم تحصيلها على شكل رسوم جمركية وضرائب على هذه المنتجات.

ووفق ما ذكرته «مبادرة استعادة الأموال المنهوبة»، وهي مبادرة يمنية، فإن الحوثيين حصلوا على 789 مليون دولار من عائدات الرسوم الضريبية والجمركية في مواني «الحديدة، والصليف، ورأس عيسى» بين مايو (أيار) 2023 ويونيو (حزيران) 2024 من المشتقات النفطية والسلع الأخرى.

مواني البحر الأحمر استخدمها الحوثيون في تهريب الأسلحة وتمويل حربهم (إعلام محلي)
مواني البحر الأحمر استخدمها الحوثيون في تهريب الأسلحة وتمويل حربهم (إعلام محلي)

وبينت المبادرة أن المبلغ المُحصّل من رسوم استيراد البنزين بلغ 332.6 مليون دولار، و173.9 مليون دولار على رسوم استيراد الديزل، و95.7 مليون دولار على استيراد غاز الطهي.

وثائق مزوّرة

كان فريق خبراء مجلس الأمن الدولي أكد في آخر تقرير له أن شبكات الحوثيين تستخدم وثائق مزوّرة مثل شهادات بلدان المنشأ، وتلجأ إلى المناقلة بين السفن، وتنشر سفناً تقوم بوقف تشغيل النظام الآلي لتحديد هوية السفن بانتظام أثناء رحلات التهريب لتجنب الكشف عن المواني التي تزورها هذه السفن، والطرق التي تسلكها، أو لتجنب عمليات التفتيش التي تقوم بها آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش.

وذكر التقرير أن الحوثيين يعتمدون على وسائل غير قانونية لتوليد موارد مالية لدعم أنشطتهم العسكرية، بما في ذلك استغلال قطاع الاتصالات وتهريب النفط.

عشرات الآلاف من الموظفين العموميين حُرموا من رواتبهم في منافذ سيطرة الحوثيين (إعلام محلي)
عشرات الآلاف من الموظفين العموميين حُرموا من رواتبهم في منافذ سيطرة الحوثيين (إعلام محلي)

ووفق تقرير سابق للفريق، فقد زادت الواردات النفطية إلى مواني الحديدة في أعقاب الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة في 2 أبريل (نيسان) 2022، وذكر أنه حتى نهاية ذلك العام وصلت لميناء الحديدة 69 ناقلة نفطية تحمل 1.810.498 طناً من المشتقات النفطية، مقارنة بـ585.069 طناً من مشتقات النفط تم استيرادها على متن 30 سفينة خلال عام 2021.

وأوضح التقرير أن هذا الارتفاع نتجت عنه عائدات ضريبية للحوثي بلغت أكثر من نصف مليار دولار خلال الأشهر التسعة من عام 2022 فقط. وقال إن الجماعة لم تستخدم هذه العائدات في دفع مرتبات الموظفين الحكوميين، خارقة بذلك بنود اتفاقية استوكهولم.

وذكر التقرير أنه على الرغم من جني الحوثيين للعائدات الضريبية النفطية، فإنهم مستمرون في تحصيل غير مشروع للرسوم من خلال شبكتهم من التجار، بل يذهبون إلى حد خلق نقص مصطنع أحياناً في إمدادات الوقود، من أجل خلق فرص للتجار التابعين لهم لبيع الوقود في السوق السوداء والحصول على أسعار ورسوم غير مشروعة.

شريان تهريب

تؤكد السلطات اليمنية بشكل دائم أن مواني الحديدة الثلاثة أصبحت شرياناً رئيسياً لتهريب الأسلحة وتمويل الأنشطة المسلحة للحوثيين، ودفع رواتب مقاتليهم، وتجنيد المزيد من الفقراء. كما أن الجبايات على واردات المواني أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية بنسبة وصلت إلى 40 في المائة.

وتوقعت المصادر الاقتصادية اليمنية أن تتسع السوق السوداء في مناطق سيطرة الحوثيين مع سريان القرار الأميركي، وتحول استيراد الوقود إلى المواني الخاضعة لسلطة الحكومة المعترف بها دولياً.

من آثار قصف أميركي استهدف موقعاً للحوثيين في الحديدة (أ.ف.ب)
من آثار قصف أميركي استهدف موقعاً للحوثيين في الحديدة (أ.ف.ب)

وإلى جانب هذه العائدات التي ستخسرها الجماعة، هناك مئات الملايين من الدولارات كانت تحصل عليها الجماعة مقابل احتكار تقديم الخدمات اللوجستية للمنظمات الأممية والدولية العاملة في قطاع الإغاثة، من خلال سيطرتها على تصاريح العمل في هذا القطاع، أو من خلال استخدام قدرات الدولة اليمنية التي استولت عليها لهذا الغرض.

وتوقع خبراء ماليون أن تحقق الحكومة الشرعية إيرادات سنوية تتجاوز مبلغ 570 مليون دولار نتيجة منع الحوثيين من استيراد المشتقات النفطية والغاز عبر مواني الحديدة.

وتتمثل هذه الإيرادات - وفق الخبراء - في 250 مليون دولار قيمة غاز الطهي الذي يتم إنتاجه في مدينة مأرب، والذي سيتم بيعه لمناطق سيطرة الحوثيين، و320 مليون دولار حجم الرسوم الجمركية السنوية من استيراد المشتقات النفطية عبر مواني «الشرعية»، والتي ستكون مخصصة لتلك المناطق.

وبحسب المصادر الاقتصادية اليمنية، فإن كمية الغاز والمشتقات النفطية المستوردة عبر ميناء الحديدة في 2024، بلغت نحو 400 ألف طن من غاز الطهي، ونحو 3 ملايين طن من المشتقات النفطية.