«هدنة غزة»: هل يُمكن للوسطاء إعادة الاتفاق إلى مساره؟

مصر تطالب بإتاحة الفرصة لاستكمال جهود الحل... وقطر تدعو للحوار

عائلات فلسطينية تغادر القطاع الشرقي من قطاع غزة على الحدود مع إسرائيل عقب غارات جوية (أ.ف.ب)
عائلات فلسطينية تغادر القطاع الشرقي من قطاع غزة على الحدود مع إسرائيل عقب غارات جوية (أ.ف.ب)
TT
20

«هدنة غزة»: هل يُمكن للوسطاء إعادة الاتفاق إلى مساره؟

عائلات فلسطينية تغادر القطاع الشرقي من قطاع غزة على الحدود مع إسرائيل عقب غارات جوية (أ.ف.ب)
عائلات فلسطينية تغادر القطاع الشرقي من قطاع غزة على الحدود مع إسرائيل عقب غارات جوية (أ.ف.ب)

فيما عدّه مراقبون «انهياراً بمسار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة»، فاجأ قصف إسرائيلي واسع، القطاع، مع مرور أكثر من أسبوعين من انتهاء المرحلة الأولى من الهدنة، وفشل محادثات تمديدها، مع تمسك حركة «حماس» بالذهاب لنظيرتها الثانية ورفض حكومة بنيامين نتنياهو.

مصر التي استضافت آخر محادثات مع وفد إسرائيلي بالقاهرة، الأحد، أدانت القصف، ودعت لوقفه وإتاحة الفرصة لاستكمال الوسطاء جهودهم للوصول إلى وقف دائم لإطلاق نار بالقطاع، فيما دعت قطر إلى حوار فوري.

ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن العودة للاتفاق «ممكنة لكن بشروط»؛ منها تجنب واشنطن الانحراف عن مسار الوساطة والانحياز لإسرائيل في ضربتها الجديدة، خشية توسع الصراع بالمنطقة مجدداً، والذهاب لاتفاق مرحلي لوقف مؤقت لإطلاق النار.

وبينما تحدثت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، كارولين ليفيت، التي تعد بلادها أحد أطراف الوساطة، عن أن إسرائيل تشاورت مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن غاراتها على غزة، الثلاثاء، دعا الوسيطان المصري والقطري لـ«حوار وتهدئة»، وأكدا «إدانتهما تلك الغارات».

وأكدت مصر، في بيان لوزارة الخارجية، أن الغارات «تشكل انتهاكاً صارخاً لاتفاق وقف إطلاق النار، وتصعيداً خطيراً ينذر بعواقب وخيمة على استقرار المنطقة»، مطالبة الأطراف بضبط النفس، وإتاحة الفرصة للوسطاء لاستكمال جهودهم للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار.

فلسطينيون يحملون جثةً انتُشلت من بين أنقاض منزل دمرته غارات إسرائيلية في حي الشجاعية شرق غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون جثةً انتُشلت من بين أنقاض منزل دمرته غارات إسرائيلية في حي الشجاعية شرق غزة (أ.ف.ب)

كما عدت قطر، في بيان لـ«الخارجية»، «استئناف الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة تحدياً سافراً للإرادة الدولية الداعمة للسلام، بما في ذلك اتفاق وقف إطلاق النار»، مؤكدة «الحاجة الماسة إلى استئناف الحوار من أجل تنفيذ مراحل اتفاق وقف إطلاق النار وصولاً إلى إنهاء الحرب على قطاع غزة».

الخبير العسكري والاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، يرى أن «مصر تجري اتصالات بكافة الأطراف منذ استئناف الحرب، وتسعى لوقف إطلاق النار وإعادة المحادثات لمسارها الصحيح»، مشيراً إلى إمكانية العودة لذلك المسار حسب الضغط الذي سيمارس على الأطراف، خاصة أنه لا حرب تنتهي إلا بمفاوضات واتصالات، واعتبر أن الضوء الأخضر الأميركي لإسرائيل محاولة لزيادة تلك الضغوط على «حماس».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن مصر وقطر تحاولان إنقاذ الاتفاق منذ اللحظات الأولى من استئناف القتال، وتسعيان للعودة للهدنة، وهذا ممكن شريطة عدم الانحياز من واشنطن لإسرائيل؛ وإلا فالمنطقة ستزداد اضطراباتها، مشيراً إلى أن «انقلاب الإدارة الأميركية على الاتفاق يعني أننا إزاء مساعٍ لتعديل الاتفاق الحالي وصعوبات ستواجه استئناف المفاوضات حالياً».

في المقابل، قال الناطق باسم «حماس»، عبد اللطيف القانوع، الثلاثاء، إن الحركة تعمل مع الوسطاء من أجل لجم العدوان الإسرائيلي، مشدداً على أنها «حريصة على استكمال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار ووقف شلال الدم».

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة خلال وقت سابق (إ.ب.أ)
إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة خلال وقت سابق (إ.ب.أ)

وبعد الغارات التي خلفت مئات القتلى والمصابين، أمر الجيش الإسرائيلي السكان بإخلاء شرق غزة والتوجه نحو وسط القطاع، ونقلت شبكة «سي إن إن» الأميركية عن مسؤول إسرائيلي قوله إن الهجوم على غزة قد يتوقف إذا وافقت حركة «حماس» على اتفاق لإطلاق سراح مزيد من المحتجزين، لافتاً إلى أن الغارات «هي المرحلة الأولى في سلسلة عمليات عسكرية تصعيدية تهدف إلى الضغط على (حماس) للإفراج عن المزيد من الرهائن».

فيما صرح مصدر مسؤول في حركة «حماس»، بأن أحد الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة قُتل، وأُصيب آخران، فجر الثلاثاء. ونقلت وكالة «معا» الفلسطينية عن المصدر قوله إن الحادثة وقعت نتيجة الغارات الإسرائيلية على القطاع، بينما اتهمت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين، في بيان، الحكومة الإسرائيلية بالتخلي عن حياة المحتجزين في غزة عقب تجدد الهجمات الإسرائيلية على القطاع.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني أن «حماس» تلقت ضربات قاسية مع استئناف الحرب، ولن تقبل بوقف إطلاق نار دون ضمانات حقيقية لأن ذلك سيشكل خطراً كبيراً على تنفيذ الاتفاق ذاته، وبالتالي لن ترفع الراية، مشدداً على أن نتنياهو يدرك أنه لا سبيل لإعادة أسراه إلا بالتهدئة، وبالتالي الأقرب أننا نرى ضغوطاً بالتصعيد العسكري للذهاب لوقف مؤقت لإطلاق النار مقابل أسرى.

ويرجح فرج أن «الوسطاء أمام ساعات حاسمة نحو بدء مفاوضات جديدة لوقف مؤقت لإطلاق النار بناء على زيادة عدد الرهائن»، متوقعاً أن «حماس» ستكون مجبرة تحت الوضع الإنساني الصعب في غزة والغارات والخسائر أن تذهب لاتفاق مرحلي جديد.


مقالات ذات صلة

غزة: مقتل 921 شخصاً منذ استئناف الضربات الإسرائيلية

المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون وسط المباني المدمرة في غزة (أ.ب)

غزة: مقتل 921 شخصاً منذ استئناف الضربات الإسرائيلية

أفادت وسائل إعلام فلسطينية اليوم (السبت) بمقتل اثنين وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلي استهدف خيمة تؤوي نازحين في مدينة خان يونس.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي علم فلسطين يرفرف وسط أنقاض المباني في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«محادثات الدوحة»... جهود مكثفة لإنهاء عقبات استئناف «هدنة غزة»

جهود مكثفة للوسطاء خلال محادثات جديدة في الدوحة للتوصل لهدنة بقطاع غزة في عيد الفطر الوشيك، وسط تعويل من «حماس» على انفراجة «قريبة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية مصلون في الجمعة الأخيرة من رمضان بحرم المسجد الأقصى في القدس (إ.ب.أ)

تحذير من خطورة إجراءات إسرائيلية لتقويض مؤسسات السلطة

حذّرت وزارة الخارجية والمغتربين، من خطورة سياسة وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي التي تستهدف تقويض مؤسسات دولة فلسطين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا إسرائيل منعت دخول المساعدات إلى قطاع غزة في شهر رمضان (أ.ف.ب)

استمرار فتح معبر رفح من الجانب المصري لاستقبال «جرحى غزة»

قال مصدر مسؤول بميناء رفح البري بمحافظة شمال سيناء إن «الجانب المصري من معبر رفح مفتوح، الجمعة، ولليوم الحادي عشر على التوالي، في انتظار وصول المصابين والجرحى».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي 
فلسطينيون يطالبون بإنهاء الحرب ويرفعون شعارات مناهضة لـ«حماس» أمس في بيت لاهيا شمال غزة (رويترز)

غزة... الاحتجاجات تتوسع ضد «حماس»

لليوم الثاني على التوالي توسعت، أمس، الاحتجاجات في غزة وردد مشاركون فيها هتافات ضد حركة «حماس»، وطالبوا بإنهاء الحرب.

«الشرق الأوسط» (غزة)

الحوثيون يضايقون السكان بتقليل سرعة الإنترنت

مبنى المؤسسة العامة للاتصالات الخاضع لسيطرة الحوثيين بصنعاء (فيسبوك)
مبنى المؤسسة العامة للاتصالات الخاضع لسيطرة الحوثيين بصنعاء (فيسبوك)
TT
20

الحوثيون يضايقون السكان بتقليل سرعة الإنترنت

مبنى المؤسسة العامة للاتصالات الخاضع لسيطرة الحوثيين بصنعاء (فيسبوك)
مبنى المؤسسة العامة للاتصالات الخاضع لسيطرة الحوثيين بصنعاء (فيسبوك)

قامت الجماعة الحوثية منذ أيام بتخفيض سرعة الإنترنت والاتصالات في العاصمة المختطفة صنعاء وبقية المدن تحت سيطرتها، ضمن سعيها لعزل اليمنيين عن العالم، وإبعادهم عن صورة ما يحدث حالياً من تداعيات الضربات الأميركية التي تستهدف قادة الجماعة، ومخازن الأسلحة المحصنة.

وكشفت مصادر عاملة في وزارة الاتصالات بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن صدور تعليمات من قيادات في الجماعة إلى شركة «تيليمن» للاتصالات بإضعاف خدمة الإنترنت والاتصالات إلى أقصى حد.

واستبقت الجماعة هذا الإجراء بشن حملة ملاحقة وخطف واسعة استهدفت السكان، بمن فيهم الناشطون والإعلاميون في صنعاء وصعدة ومدن أخرى، بعد أن وجهت لهم تهماً مُتعددة، منها تأييد الغارات الأميركية، والسعي للحصول على معلومات عن مخازن الأسلحة وأماكن وجود زعيمها عبد الملك الحوثي.

ووفق المصادر، فإن الانقلابيين لم يكتفوا بتقليل سرعات الإنترنت وإضعاف خدمة الاتصالات وحسب، بل يسعون إلى حجب عدد من تطبيقات الاتصالات بجميع مناطق سيطرتهم.

الحوثيون مستمرون منذ الانقلاب في استغلال قطاع الاتصالات اليمني (فيسبوك)
الحوثيون مستمرون منذ الانقلاب في استغلال قطاع الاتصالات اليمني (فيسبوك)

وأطلقت الجماعة في الأيام الأخيرة حملة ترهيب للسكان، مع التهديد بإغلاق عدد من مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف، بذريعة منع تصوير أي مواقع في أثناء حدوث الغارات أو بعدها، والقيام بنشرها على تلك المنصات.

ويتزامن ذلك مع تشديد الجماعة من عمليات الرقابة على ملايين المستخدمين لخدمة الإنترنت، واستهداف عدد من الشبكات المحلية بذريعة قطع الطريق عمن تصفهم بـ«العملاء»، وهم ممن ينتقدون بشدة الاستدعاء الحوثي للضربات الأميركية، والتصعيد المستمر للجماعة ضد الملاحة الدولية.

شكاوى المستخدمين

اشتكى عدد من مستخدمي الإنترنت والاتصالات بصنعاء ومدن أخرى لـ«الشرق الأوسط»، من رداءة غير مسبوقة هذه الأيام في الخدمة، خصوصاً بعد الفترة التي أعقبت شن الضربات الأميركية على تجمعات الحوثيين. مؤكدين أن الخدمة لا تزال في تراجع كبير كل يوم، خصوصاً في أوقات الذروة، أي من الساعة الرابعة وحتى الثانية عشرة مساءً بتوقيت اليمن.

ويتحدَّث أحمد، وهو اسم مستعار لناشط إعلامي بصنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن معاناته نتيجة بطء الإنترنت الذي جعله غير قادر على التواصل مع زملائه وبعض أقاربه، ولا حتى تصفح المواقع الإخبارية ومنصات التواصل للاطلاع على ما يخص التصعيد الحوثي.

ويتهم الناشط الإعلامي الجماعة التي تتحكم في قطاع الاتصالات بتعمد انتهاج مثل تلك الممارسات بغية حرمان شرائح المجتمع، بمن فيهم الناشطون والإعلاميون، من خدمة الاتصال والإنترنت.

يمنيون يعبرون بالقرب من موقع تعرَّض للقصف الأميركي في صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون يعبرون بالقرب من موقع تعرَّض للقصف الأميركي في صنعاء (إ.ب.أ)

ويؤكد مستخدم آخر للخدمة من إب لـ«الشرق الأوسط»، أن التعليمات الأخيرة للجماعة تندرج في سياق إجراءاتها المشددة التي تفرضها لتضييق الخناق على سكان المحافظة وبقية المدن، موضحاً أن ذلك سيحرم شرائح واسعة من السكان من خدمة الإنترنت والاتصال.

ومنذ اجتياح صنعاء ومدن أخرى بقوة السلاح، يواصل الانقلابيون استغلال هذا القطاع الحيوي وتسخيره لدعم مناسباتهم ذات المنحى الطائفي، وتمويل عملياتهم العسكرية، وفي مراقبة المكالمات، وتحديد الإحداثيات لاستهداف المدنيين بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيَّرة.

وتتحكم الجماعة الحوثية منذ سبتمبر (أيلول) 2014، في خدمة الإنترنت بسيطرتها على شركة «تيليمن» المزود الوحيد للخدمة في اليمن؛ حيث تحصل جميع شركات الهاتف النقال في اليمن على الخدمة من الشركة الحكومية.