تُكثف مصر اتصالاتها وتحركاتها، الإقليمية والدولية، بهدف حشد الدعم الدولي، لإعادة إعمار قطاع غزة، والعمل على «تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار» داخل القطاع، وبما يضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم دون «تهجير».
واستضافت القاهرة عدداً من الاجتماعات مع مسؤولين عرب، هذا الأسبوع، إلى جانب اتصالات لوزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مسؤولين أوروبيين ودوليين وأمميين، أكد خلالها «أهمية استدامة وتثبيت وتنفيذ مراحل وقف إطلاق النار الثلاث في قطاع غزة، وضرورة بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه».
وتسعى مصر، لتنسيق جهود إعادة الإعمار واستكمال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، بالتعاون مع الدول العربية، وشركائها الدوليين، لمواجهة دعوات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وفق مراقبين وخبراء سياسيين، أشاروا إلى أن «تثبيت الهدنة أولوية لوقف نزيف الدم الفلسطيني، مع دفع جهود توفير الخدمات الأساسية لضمان بقاء الفلسطينيين بأرضهم».
وأعلنت هيئة الاستعلامات المصرية، مساء الاثنين، دخول 222 شاحنة مساعدات إلى معبري العوجة وكرم أبو سالم، تمهيداً لدخولها قطاع غزة حتى الآن، بالإضافة إلى 24 شاحنة وقود. كما وصل إلى معبر رفح من الجانب المصري 23 مصاباً، ومعهم 24 مرافقاً.
وقبل نحو أسبوع، طالب الرئيس الأميركي، مصر والأردن، لاستقبال فلسطينيين من غزة، لكن القاهرة وعمان أعلنتا رفضهما المقترح. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن «تهجير الفلسطينيين، ظلم لن تشارك فيه بلاده».
أحدث التحركات المصرية، كانت لقاءات وزير الخارجية بدر عبد العاطي، خلال زيارته للبحرين الاثنين، حيث ناقش مع العاهل البحريني، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، مستجدات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، ونفاذ المساعدات الإنسانية، وأشار إلى «أهمية التنسيق العربي المتواصل بشأن قضايا المنطقة»، حسب الخارجية المصرية.
واستبق عبد العاطي زيارته للبحرين، باتصال هاتفي مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، وحسب إفادة للخارجية المصرية، دعا عبد العاطي الاتحاد الأوروبي «لمواصلة دعم الجهد الإنساني، بغزة، ومضاعفة المساعدات الإغاثية، والتعاون لبدء مشروعات وبرامج التعافي المبكر وإعادة الإعمار، بصورة تضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم».
واعتبر دور الاتحاد الأوروبي «محورياً، في الفترة المقبلة، باعتباره أكبر الأطراف المانحة للسلطة الفلسطينية»، حسب الخارجية المصرية.
وفي السياق، أجرى عبد العاطي مشاورات «هاتفية»، مع المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بشأن «الدور الأميركي في ضمان تنفيذ وقف إطلاق النار، وإيجاد تسوية نهائية للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي»، مشيراً إلى أهمية «البناء على نتائج الاتصال بين الرئيسين الأميركي والمصري، أخيراً لتحقيق السلام الدائم».
وتلقى السيسي اتصالاً من ترمب، السبت، وقالت الرئاسة المصرية إنه «شهد حواراً إيجابياً»، وأكد «أهمية استمرار تنفيذ وقف إطلاق النار في غزة، وضرورة التوصل إلى سلام دائم في المنطقة».
وتستهدف الجهود المصرية التصدي لمخططات تهجير الفلسطينيين، وفق رئيس «الهيئة الدولية لدعم فلسطين»، صلاح عبد العاطي، مشيراً إلى أن «التحركات المصرية تسير في ثلاثة مسارات، أولها ضمان إنفاذ المساعدات بشكل كافٍ، والعمل على وقف نهائي لإطلاق النار»، إلى جانب «حشد المجتمع الدولي لتنفيذ مقاربة حل الدولتين».
ويرى عبد العاطي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «القاهرة تدفع نحو جهود إعادة الإعمار كرد عملي لدعوات التهجير»، مشيراً إلى أن «التحركات الدبلوماسية المصرية تستهدف حشد الدعم العربي والدولي والأممي، لتحقيق استقرار دائم بقطاع غزة».
واستضافت القاهرة، السبت، اجتماعاً وزارياً عربياً، ضم وزراء خارجية مصر والسعودية والأردن والإمارات وقطر، بجانب أمين عام الجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، وأكد الاجتماع «رفض مخطط التهجير»، إلى جانب «تضافر جهود المجتمع الدولي، لتنفيذ عملية إعادة الإعمار بقطاع غزة، في أسرع وقت، بما يضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم»، حسب الخارجية المصرية.
وتمتلك مصر القدرات اللوجستية لتدشين مرحلة إعادة الإعمار في غزة، وفق أستاذ العلاقات الدولية، أسامة شعث، مشيراً إلى أن «أهمية الدور المصري، لاستعادة مقومات الحياة مرة أخرى في القطاع، تنطلق من العامل الجغرافي، بعدّها المعبر الوحيد للشعب الفلسطيني حالياً»، إلى جانب «خبراتها وقدراتها في مشروعات البنية التحتية والتنمية».
ويعتقد شعث، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «مطلب وقف إطلاق النار الدائم من الأولويات التي تسعى لها مصر، لوقف نزيف الدم الفلسطيني»، إلى جانب «دفع عملية عودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال القطاع مرة أخرى»، معتبراً أن هذه الخطوة «ضرورية ومهمة، لمواجهة دعوات التهجير، والتأكيد على تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه».