انقلابيو اليمن يُخضِعون المتسولات في صنعاء للتعبئة الطائفية

يمنيات يمتهن التسول يفترشن درجات جسر مشاة في صنعاء  (الشرق الأوسط)
يمنيات يمتهن التسول يفترشن درجات جسر مشاة في صنعاء (الشرق الأوسط)
TT
20

انقلابيو اليمن يُخضِعون المتسولات في صنعاء للتعبئة الطائفية

يمنيات يمتهن التسول يفترشن درجات جسر مشاة في صنعاء  (الشرق الأوسط)
يمنيات يمتهن التسول يفترشن درجات جسر مشاة في صنعاء (الشرق الأوسط)

أخضعت جماعة الحوثيين، في الأيام الأخيرة، عشرات المتسولات والمشردات في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لتلقي برامج ودروس تعبوية ذات طابع طائفي، في سياق الحملة الشاملة التي تستهدف بها الجماعة جميع فئات المجتمع في مناطق سيطرتها.

وبحسب مصادر مطلعة في صنعاء، أرغمت الجماعة الحوثية نحو 70 امرأة وفتاة من فئة المتسولين والمشردين في صنعاء على تلقي أنشطة ودروس تعبوية لمدة 15 يوماً، تحت إشراف ما يُسمى «البرنامج الوطني لمعالجة التسول» الخاضع لها، و«مؤسسة بنيان» وهي ذراع استخباراتية في هيئة منظمة إنسانية يُديرها القيادي الحوثي محمد المداني.

واستبقت الجماعة الحوثية عملية التعبئة بشن حملة تعقُّب وملاحقة شملت العشرات من المتسولات في شوارع وأسواق صنعاء بهدف تجميعهن في أماكن مُخصصة، حتى يسهُل عليها تلقينهن برامج التطييف.

تأتي هذه الخطوة الحوثية في ظل تزايد أعداد المتسولين في صنعاء وبقية مدن سيطرة الجماعة، حيث تعج معظم شوارع وأسواق ومساجد صنعاء ومدن أخرى بحشود من المتسولين (أغلبيتهم من النساء والفتيات) بسبب انعدام سبل العيش وفقدان المعيل وانقطاع المرتبات وتردي الخدمات واتساع رقعة الجوع والفقر.

أسر يمنية في صنعاء تلجأ لتأمين وجبات طعام من المخلفات (الشرق الأوسط)
أسر يمنية في صنعاء تلجأ لتأمين وجبات طعام من المخلفات (الشرق الأوسط)

ووسط حالة استياء ورفض واسعة للسلوك الحوثي، يؤكد سكان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة تستغل فئة المتسولين تارة باستهدافهم بالتعبئة الطائفية وأخرى بنهب جزء من أموالهم التي يتحصلون عليها من الناس كصدقات مقابل السماح لهم بمواصلة التسوُّل.

وتتجاهل الجماعة الحوثية (بحسب السكان) المسؤوليات المنوطة بها من قبيل إيجاد حلول ومعالجات حقيقية تحِد من ظاهرة التسول وتُخفِّف من انتشارها؛ خصوصاً بعد أن باتت الظاهرة باتساع مستمر في مناطق سيطرتها.

تعبئة قسرية

اشتكت متسولات في صنعاء شاركن قسرياً ببرامج تعبئة حوثية، لـ«الشرق الأوسط»، من تعرضهن المباغت للملاحَقة من قبل لجان حوثية، ثم إلزامهن بعد تجميعهن بأماكن خاصة بضواحي صنعاء على تلقي برامج ودروس تروج لأفكار الجماعة، وليس لها أي علاقة بمعاناتهن وصراعهن المرير مع التسول والتشرد، لمدة 15 يوماً.

وتحدثت عاتكة، وهي متسوِّلة في صنعاء وأم لطفلين عن قيام جماعة الحوثيين بخداعها مع أُخريات بزعم المشاركة في برامج اقتصادية تُقدم لهن الدعم المادي والعيني، قبل أن يتم إرغامهن على تلقي برامج ودروس طائفية لا تسمن ولا تغني من جوع، على حد تعبيرها.

وكانت عاتكة، التي اضطرت للتسول بعد اختفاء زوجها منذ نحو 3 أعوام، تطمح لأن تقوم جماعة الحوثي عبر برنامجها بتوفير ولو الحد الأدنى من الدعم والحماية لها ولأطفالها من التسول والتشرد.

شوارع صنعاء تكتظ بآلاف المتسولين بعضهم من الموظفين المقطوعة رواتبهم (الشرق الأوسط)
شوارع صنعاء تكتظ بآلاف المتسولين بعضهم من الموظفين المقطوعة رواتبهم (الشرق الأوسط)

وتفاجأت المرأة بتركيز الجماعة الحوثية على التلقين الطائفي للمشاركات وتمجيد زعيمها، مع حضهن على التبرع بجزء من الأموال التي يحصلن عليها لقاء عملهن في امتهان التسول، وفق قولها.

وسبق للانقلابيين الحوثيين أن أجبروا خلال سنوات ماضية متسولين من الجنسين في صنعاء ومدن أخرى على دفع نسبة 20 في المائة مما يجمعونه يومياً من أموال لصالحها، مقابل السماح لهم بالاستمرار في التسول.

ويؤكد مختصون اجتماعيون في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن أغلبية المحافظات والمدن تحت سيطرة الحوثيين تشهد توسعاً وانتشاراً ملحوظاً لظاهرة التسول، وأرجعوا ذلك إلى الوضع المعيشي والإنساني البائس الذي وصل إليه السكان نتيجة انقطاع سبل العيش وتوقف صرف الرواتب التي أدت إلى تزايد أعداد الأسر الفقيرة وفقدان آلاف الأسر لمصادر عيشها.


مقالات ذات صلة

اليمن يعلن إعادة فتح سفارته في دمشق... وينتظر من إيران «بادرة حُسن نية»

المشرق العربي مسؤولو الخارجية اليمنية والسورية خلال مراسم رفع العلم بمقر السفارة اليمنية في دمشق (سبأ)

اليمن يعلن إعادة فتح سفارته في دمشق... وينتظر من إيران «بادرة حُسن نية»

أكدت وزارة الخارجية اليمنية إعادة فتح أبواب سفارتها في العاصمة السورية دمشق، الأحد، وممارسة مهامها بشكل رسمي بعد أن سيطرت الميليشيات الحوثية الإرهابية عليها…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي تصاعد دخان وألسنة لهب إثر غارات أميركية على ميناء رأس عيسى النفطي الخاضع للحوثيين في اليمن (رويترز)

الحوثيون يزعمون إصابة 3 بحارة روس جراء الضربات الأميركية

وسط تحذيرات يمنية لعمال ميناء رأس عيسى من العودة للعمل تحت إكراه الحوثيين، زعمت الجماعة المدعومة من إيران إصابة 3 بحارة روس جراء ضربات أميركية على الميناء.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي عنصران حوثيان يقفان على آثار إحدى الغارات الأميركية في صنعاء (أ.ف.ب)

يمنيون ينزحون جراء تصاعد القمع الحوثي والغارات الأميركية

دفع تدهور الأوضاع المعيشية وحملات الاعتقال الحوثية والضربات الأميركية المكثفة، سكاناً في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إلى ترك منازلهم والنزوح القسري.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي نقص التمويل فاقم من انعدام الأمن الغذائي في مخيمات النزوح (إعلام حكومي)

تقرير أممي: 33 % من اليمنيين النازحين داخلياً يعانون الجوع

أفادت بيانات أممية أن نحو ثُلث النازحين داخلياً في اليمن يعانون من الجوع المعتدل والحاد وفقاً للمقاييس العالمية، وأن انعدام الأمن الغذائي وصل إلى 74 في المائة.

محمد ناصر (تعز)
الخليج مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات تستعد للإقلاع لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

حملة ترمب على الحوثيين تستهل أسبوعها السابع بـ30 ضربة

اعترضت إسرائيل صاروخاً تبناه الحوثيون، فيما وسعت حملة ترمب ضد الجماعة المدعومة من إيران ضرباتها إلى مناطق جديدة منفذة نحو 30 غارة في مستهل الأسبوع السابع.

علي ربيع (عدن)

الحوثيون يزعمون إصابة 3 بحارة روس جراء الضربات الأميركية

تصاعد دخان وألسنة لهب إثر غارات أميركية على ميناء رأس عيسى النفطي الخاضع للحوثيين في اليمن (رويترز)
تصاعد دخان وألسنة لهب إثر غارات أميركية على ميناء رأس عيسى النفطي الخاضع للحوثيين في اليمن (رويترز)
TT
20

الحوثيون يزعمون إصابة 3 بحارة روس جراء الضربات الأميركية

تصاعد دخان وألسنة لهب إثر غارات أميركية على ميناء رأس عيسى النفطي الخاضع للحوثيين في اليمن (رويترز)
تصاعد دخان وألسنة لهب إثر غارات أميركية على ميناء رأس عيسى النفطي الخاضع للحوثيين في اليمن (رويترز)

وسط تحذيرات يمنية حكومية لعمال وموظفي ميناء رأس عيسى النفطي شمال محافظة الحديدة الساحلية، من العودة للعمل تحت إكراه الحوثيين، زعمت الجماعة المدعومة من إيران إصابة 3 بحارة روس جراء غارات أميركية حينما كانوا على متن سفينة تحاول إفراغ شحنة من الوقود، الجمعة الماضي.

وكانت الولايات المتحدة قد حظرت وصول شحنات الوقود إلى موانئ سيطرة الحوثيين بموجب العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة ابتداءً من الخامس من أبريل (نيسان) الحالي، قبل أن تقوم بتدمير ميناء رأس عيسى النفطي قبل أكثر من 10 أيام.

وشدد الجيش الأميركي على عدم وصول شحنات الوقود إلى موانئ سيطرة الجماعة، في سياق سعي واشنطن إلى تجفيف موارد الجماعة المالية التي تستخدمها في التعبئة العسكرية، وشن الهجمات.

وعلى الرغم من سقوط أكثر من 80 قتيلاً ونحو 200 جريح جراء الغارات الأميركية فإن الجماعة الحوثية لا تزال تحاول تفريغ شحنات الوقود وإجبار العمال للعودة إلى العمل، وهو ما دفع الجيش الأميركي، الجمعة، إلى شن 4 غارات على الأقل بهدف عرقلة المساعي الحوثية.

الضربات الأميركية دمرت مستودعات الوقود في ميناء رأس عيسى النفطي الخاضع للحوثيين (رويترز)
الضربات الأميركية دمرت مستودعات الوقود في ميناء رأس عيسى النفطي الخاضع للحوثيين (رويترز)

ووفق وزير خارجية الجماعة الحوثية في حكومتها الانقلابية جمال عامر، استهدفت الغارات الأخيرة سفينة كانت رابضة في لسان ميناء رأس عيسى لمنعها من تفريغ شحنة نفط؛ ما أدى إلى إصابة 3 بحارة من الجنسية الروسية بإصابات مختلفة، طبقاً لادعائه.

وأورد القيادي الحوثي أسماء البحارة الثلاثة خلال منشور على «فيسبوك» وهم: رومان كاشبور، وإيغور كوازيشينكو، وأرتيم فانين، وقال إن عناصر جماعته تدخلوا لإنقاذ البحارة الثلاثة ونقلهم للعلاج.

‏ولم يعلق الجيش الأميركي على الحادثة، كما لم يَصْدُر على الفور أي تعليق من قبل السلطات الروسية.

ومن المتوقع أن يؤدي حظر دخول الوقود إلى موانئ سيطرة الحوثيين إلى أزمة، بعد استنفاد المخزون الحالي الذي يقدِّره مراقبون اقتصاديون بنحو مليون طن، تكفي 5 أشهر.

تحذير حكومي

وفي ظل عدم اكتراث الحوثيين لحياة المدنيين والعمال جراء الضربات الأميركية، دعا وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني جميع الموظفين والعاملين في ميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة إلى عدم الانصياع للضغوط الحوثية بهدف إجبارهم على العودة للعمل في ظروف محفوفة بالمخاطر، في ظل محاولاتها استئناف عمليات تفريغ الوقود بصورة غير قانونية.

وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية معمر الإرياني (سبأ)
وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية معمر الإرياني (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح صحافي إن هذه المحاولات تكشف مجدداً مدى استخفاف ميليشيات الحوثي الإرهابية بحياة المدنيين الأبرياء، واستمرارها في استغلالهم واستخدامهم دروعاً بشرية، والمتاجرة بمآسيهم لتحقيق أهدافها الإرهابية، خدمة لأجندة إيران التدميرية وأطماعها التوسعية في المنطقة.

وحذر الإرياني من أن أي كارثة إنسانية قد تنجم عن هذه التصرفات التي وصفها بـ«الإجرامية» تتحمل الجماعة الحوثية كامل المسؤولية عن تبعاتها.

وجدد دعوته لجميع العاملين في الميناء إلى حماية أنفسهم، والامتناع عن المشاركة في أي أنشطة غير قانونية ربما تعرض حياتهم للخطر، وعدم منح الميليشيات فرصة لاستغلالهم في تنفيذ مخططاتها الخبيثة، حسب قوله.