الحوثيون يستهدفون 1500 متسول في صنعاء ببرامج «التطييف»

وسط اتساع رقعة الفقر وانقطاع سبل العيش وتوقف الرواتب

فقراء يمنيون يقفون في طوابير طويلة للحصول على مساعدات (تويتر)
فقراء يمنيون يقفون في طوابير طويلة للحصول على مساعدات (تويتر)
TT
20

الحوثيون يستهدفون 1500 متسول في صنعاء ببرامج «التطييف»

فقراء يمنيون يقفون في طوابير طويلة للحصول على مساعدات (تويتر)
فقراء يمنيون يقفون في طوابير طويلة للحصول على مساعدات (تويتر)

وجّهت الميليشيات الحوثية في اليمن، بوصلة انتهاكاتها واستهدافها بـ«التطييف» إلى فئة المتسولين والمشردين، الذين باتت تعج بهم مناطق سيطرتها، وذلك عبر تجميعهم في مراكز استهداف «صيفية» تعتزم الجماعة فتحها بغية استقطابهم، والزج بهم إلى الجبهات.

تزامن ذلك مع تأكيد اختصاصيين يمنيين ازدياد أعداد المتسولين في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الميليشيات، حيث باتت الظاهرة من أكثر الظواهر الاجتماعية توسعاً وانتشاراً بتلك المناطق؛ بسبب شدة الجوع والفقر الناتجَين عن حكم الميليشيات، وانقطاع سبل العيش وتوقف صرف الرواتب.

وفي حين لم تستثنِ الجماعة أي فئة أو شريحة مجتمعية إلا أجبرتها على المشاركة في المعسكرات الصيفية هذا العام، كشفت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، انتهاء الميليشيات من استعداداتها لاستقطاب 1500 متسول بمراكزها بناءً على تعليمات زعيمها.

متسولون أخضعتهم الجماعة لدروس تعبوية في صنعاء (إعلام حوثي)
متسولون أخضعتهم الجماعة لدروس تعبوية في صنعاء (إعلام حوثي)

واتخذت الجماعة - حسب المصادر - في إطار تحركاتها تلك، حزمة إجراءات وتدابير استهدافية ضد المتسولين المعدمين في صنعاء وغيرها، تحت مزاعم تخصيص برامج «لمعالجة ظاهرة التسول».

وقالت المصادر إن الجماعة أقرت القيام بتحركات ميدانية للجان شُكّلت من قطاعي التعليم الفني والداخلية بحكومة الانقلاب، رفقة مسلحين وعربات تستهدف مئات الفقراء والمعوزين بشوارع العاصمة اليمنية ومدن أخرى.

وتهدف الخطة الحوثية - وفق المصادر - إلى استهداف جموع المتسولين لاحتجازهم، ومن ثم تجميعهم في مراكز «صيفية» لإخضاعهم لدورات طائفية وعسكرية.

لقاء عقدته الميليشيات لإعداد برامج تستهدف المتسولين (إعلام حوثي)
لقاء عقدته الميليشيات لإعداد برامج تستهدف المتسولين (إعلام حوثي)

وبفعل تصاعد أعداد المتسولين بشوارع العاصمة وغيرها نتيجة انقطاع الرواتب وشدة الفقر وشح الأعمال وفقدان الوظائف الحكومية والخاصة، وجدت الجماعة الحوثية في هذه الفئة مدخلاً لرفد جبهاتها بعناصر جدد، وللحصول على مزيد من الأموال التي توظفها لمصلحة مشرفيها ومجهودها الحربي وأتباعها الطائفيين.

وأفصحت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» عما سمته «توقيع كل من وزارة التعليم الفني والتدريب المهني وبرنامج مكافحة التسول الخاضع للجماعة في صنعاء على اتفاقية بدء تأهيل 1440 متسولاً في المعاهد التابعة للوزارة الحوثية، وتحت إشراف ما يسمى (برنامج معالجة التسول)».

وتنص الاتفاقية، التي وقّعتها أطراف حوثية بتمويل من هيئتي الزكاة والأوقاف الحوثيتين، المستحدثة بعيداً عن المنظمات المحلية أو الدولية المعنية، على ما يسمى «إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي للمتسولين بعد تجميعهم واستيعابهم في مراكز إيواء، ومن ثم إخضاعهم لسلسلة برامج تستمر فترة 6 أشهر»، على حد قولها.

وفي غضون ذلك، أبدى متسولون في شوارع بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، تخوفهم الكبير من استهدافهم على أيدي لجان الحوثيين، وقالوا إن الميليشيات أجبرتهم خلال السنوات الماضية على دفع نسبة 20 في المائة مما يجمعونه يومياً من أموال لصالحها، مقابل السماح لهم بالاستمرار في التسول.

إضافة إلى ذلك، أرجعت مصادر حقوقية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أسباب لجوء الجماعة لاستهداف المتسولين؛ لتعويض النقص البشري في جبهاتها، ومدها بمقاتلين جدد، من جهة، ولإيجاد ذريعة تبرر لها إغلاق أكثر من 79 معهداً فنياً ومهنياً حكومياً بمناطق سيطرتها لقطع الطريق أمام آلاف الطلبة من مختلف الأعمار، كي لا يلتحقوا بها خلال العطلة الصيفية.

ويأتي الاستهداف الانقلابي للمتسولين في وقت لم تعد فيه ظاهرة التسوّل في العاصمة صنعاء ومناطق أخرى تحت سيطرة الميليشيات، أمراً خارجاً عن المألوف بعد سنوات من الانقلاب، بل أصبحت مشهداً عادياً أن يطلب منكَ الناس المساعدة، من كلِّ الفئات والطبقات والأعمار.

صورة تظهر متسولين في أحد شوارع صنعاء (إعلام حوثي)
صورة تظهر متسولين في أحد شوارع صنعاء (إعلام حوثي)

ولم تكن هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها الجماعة آلاف المتسولين في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها، حيث سبق لها أن نفذت بسنوات ماضية، مخططات عدة طالت المتسولين بالاستغلال والاستقطاب والتجنيد، بناءً على توجيهات من زعيمها.

وكانت الميليشيات، المدعومة من طهران، قد عملت على مدى 9 أعوام ماضية، على إفقار اليمنيين بشكل متعمد بإيقافها الرواتب، ونهبها موارد البلاد، وتوجيه الأموال لإثراء أفرادها، وتمويل موازنتها العسكرية لقتل اليمنيين؛ ما تسبب في اتساع دائرة الفقر إلى أزيد من 80 في المائة من السكان، مقارنة بنسب ما قبل الانقلاب.

وفي دراسة أُجريت في 2013 شملت 8 محافظات يمنية، كشفت أن العدد الكلي للمتسولين في صنعاء يقدر بنحو 30 ألف طفل وطفلة، جميعهم دون سن الـ18، إلا أن دراسات أخرى صدرت في 2017 بيّنت أن عدد المتسولين ارتفع بشكل مخيف ليصل إلى أكثر من 1.5 مليون متسول ومتسولة.

كما قدر أكاديميون اختصاصيون في قضايا السكان، في تصريحات سابقة، أعداد المتسولين في صنعاء فقط، حتى مايو (أيار) من عام 2019، بأكثر من 200 ألف متسول، بين ذكور وإناث، من مختلف الأعمار، مقارنة بنحو 30 ألف متسول قبل الانقلاب الحوثي في 2014.



لماذا تحفّظ العراق وتونس على فقرات في بيان «القمة العربية» الختامي؟

القادة العرب ورؤساء الوفود المشاركون في القمة الطارئة (الرئاسة المصرية)
القادة العرب ورؤساء الوفود المشاركون في القمة الطارئة (الرئاسة المصرية)
TT
20

لماذا تحفّظ العراق وتونس على فقرات في بيان «القمة العربية» الختامي؟

القادة العرب ورؤساء الوفود المشاركون في القمة الطارئة (الرئاسة المصرية)
القادة العرب ورؤساء الوفود المشاركون في القمة الطارئة (الرئاسة المصرية)

رغم الإجماع العربي حول مخرجات القمة العربية الطارئة في مصر (قمة فلسطين)، أثارت تحفظات من العراق وتونس على بعض «فقرات البيان الختامي»، لا سيما المتعلقة بمسألة «حل الدولتين»، تساؤلات حول مدى تأثيرها على «التوافق العربي» بشأن القضية الفلسطينية.

ولا تعني التحفظات العراقية والتونسية رفضاً للإجماع العربي الذي أكده البيان الختامي للقمة، وفق المتحدث باسم الجامعة العربية، المستشار جمال رشدي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف بغداد وتونس تقليدي، وجرى تسجيله في بيانات سابقة، وفق مبادئ الدولتين الحاكمة للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية».

واعتمدت القمة العربية الطارئة، التي استضافتها القاهرة الثلاثاء، «خطة إعادة إعمار وتنمية قطاع غزة، المقدمة من مصر لتكون خطة عربية جامعة»، كما أكدت «الموقف العربي القاطع الرافض لدعوات تهجير الفلسطينيين».

وأعلن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في ختام فعاليات القمة، اعتماد البيان الختامي، الذي تضمن 23 بنداً، لدعم القضية الفلسطينية، من بينها «تكثيف التعاون مع القوى الدولية والإقليمية للتوصل لحل عادل وشامل، على أساس إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وحل الدولتين، وبما يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ذات سيادة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».

وسجل البيان الختامي تحفظات تونسية عراقية على بعض العبارات، وأشار إلى أن «تونس تؤيد ما جاء في بيان القاهرة، باستثناء ما ورد فيه من إشارات إلى حل الدولتين وحدود 4 يونيو 1967، والقدس الشرقية»، وأعاد البيان ذلك إلى «موقف تونس الثابت الداعم لحق الشعب الفلسطيني في استرجاع حقوقه، وإقامة دولته المستقلة على كامل الأراضي الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشريف».

ولم يختلف الموقف كثيراً بشأن العراق، إذ نوّه إلى تسجيل بغداد تحفظها على عبارات «حدود يونيو 1967»، وأيضاً «حل الدولتين، والقدس الشرقية»، بالإضافة لأي عبارة تشير صراحة أو ضمناً إلى «الكيان الإسرائيلي، بعدّه دولة»، وأوضح البيان أن تلك العبارات «لا تتماشى مع القوانين العراقية النافذة، التي تقضي بحق العودة للشعب الفلسطيني وإقامة دولته، وعاصمتها القدس الشريف».

وسبق أن سجل العراق وتونس التحفظات ذاتها في بيانات عربية سابقة، وفق المتحدث باسم الجامعة العربية، المستشار جمال رشدي، وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «البلدين يسجلان هذا التحفظ في أي بيان عربي تُذكر فيه مسألة حل الدولتين».

ولا يؤثر موقف بغداد وتونس هذا على «الإجماع العربي»، وفق رشدي، مشيراً إلى أنها «تحفظات تطرح بشكل تقليدي للتعبير عن مواقف الدولتين بشأن المبادئ العامة الحاكمة للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية»، وقال إن «هذه المواقف لا تعبر عن حالة رفض للموقف العربي الحالي».

ويؤكد متحدث الجامعة العربية أن بيان القاهرة أكد مواقف عربية قاطعة، أهمها «رفض دعوات تهجير الفلسطينيين»، إلى جانب «طرح رؤية جامعة لإعادة الإعمار في قطاع غزة، سيتم حشد الدعم الدولي والإقليمي لها».

وسبق أن سجل العراق وتونس التحفظ على بيانات تتعلق بمواقف عربية من القضية الفلسطينية، كان آخرها «بيان القمة العربية - الإسلامية» الطارئة التي عقدت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والخاصة بمناقشة التصعيد على قطاع غزة.

وتتسق التحفظات العراقية مع قوانين داخلية تدعم حق الشعب الفلسطيني في العودة، وإقامة دولته على كامل الأراضي الفلسطينية، وفق أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، طارق الزبيدي، ودلل على ذلك بـ«تشريع الجنسية والتجنس العراقي الذي يمنح للفلسطيني حق اللجوء والإقامة، دون حق التجنس»، مشيراً إلى أن ذلك يأتي «من منطلق منح حق العودة الكاملة للفلسطينيين والتشجيع عليها، ورفض التهجير».

ولا يعني التحفظ العراقي رفضاً للقرار العربي، وفق الزبيدي، وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «تسجيل بغداد لموقفها يدعم الموقف العربي، ولا ينتقص منه»، وقال إن «العراق يرى أن مشروع حل الدولتين لن يحل الصراع بشكل جذري مع الجانب الإسرائيلي».

وشدد الرئيس العراقي، عبد اللطيف رشيد، على «حق الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم ومناطقهم الأصلية، في الأراضي الفلسطينية»، ودعا في كلمته بالقمة إلى ضرورة «إنهاء الجانب الإسرائيلي الوضع غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة»، إلى جانب رفض بلاده «أي محاولات لمصادرة الأراضي الفلسطينية، وتهجير سكانها».

ولا يختلف في ذلك المحلل السياسي التونسي محمد بوعود، عاداً التحفظ التونسي «اختلافاً جزئياً وليس جوهرياً»، مشيراً إلى أن «تونس تدعم الخطة العربية، وستتعاون في تنفيذها».

وينطلق التحفظ التونسي من رؤية الرئيس التونسي قيس سعيد الداعية إلى «تحرير أرض فلسطين كاملة من النهر إلى البحر، وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف»، وفق بوعود، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الرؤية تتبناها تونس منذ تولي الرئيس التونسي السلطة عام 2019، وتحرص على تسجيلها في مشاريع البيانات العربية المتعلقة بالقضية الفلسطينية».

وترأس وزير الخارجية التونسي، محمد علي النفطي، وفد بلاده في القمة العربية، وأكد في كلمته موقف بلاده الثابت «الداعم لنضال الشعب الفلسطيني، لاسترجاع حقوقه، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على كامل أرض فلسطين، وعاصمتها القدس الشريف».